أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحمة حجة - نسيان أم ذاكرة، ماذا تريد مستغانمي؟














المزيد.....

نسيان أم ذاكرة، ماذا تريد مستغانمي؟


رحمة حجة

الحوار المتمدن-العدد: 2898 - 2010 / 1 / 25 - 09:09
المحور: الادب والفن
    


و إذا التأم جرح جد بالتذكار جرح
فتعلم كيف تنسى و تعلم كيف تمحو

إبراهيم ناجي

يظهر هذين البيتين من الشعر في بدايات "نسيان" للكاتبة أحلام مستغانمي، فهي تأخذنا في "كورس" دراسي تعلمنا فيه كيف ننسى (و لكن ليس كأي أستاذ) مذكرة على طول طريق الكتاب بإجابة سؤال: لماذا نريد أن ننسى؟ و ما هي النتائج الجميلة جرّاء ذلك و العواقب الوخيمة في الابتعاد عن ذلك التي قد تصاب بها المرأة المستلقية على عتبة أحلامها مع رجل تركها لينهش الزمن لحمها، فتحاول البقاء مستعينة بفتات الذكريات و الأشياء التي خلفها لها الحبيب، انتظارا لأن يعود.

نرى أحلام و نسمعها في هذا الكتاب كما لم نعهدها من قبل بالنسبة لمن قرأ ثلاثيتها الشهيرة(من الذاكرة إلى العابر)، فلها صوت أقرب إلى القارئة، و كأنهما تتحدثان أثناء استماعهما إلى الراديو إلى جانب كأس شاي، و قرب الكاتب لهذه الدرجة تفوق منه رغبة في التأثير و أملا في التغيير أو التثبيت، و لكن، هل تنجح أحلام بإقناع المرأة العربية بالنسيان؟

يبدأ كل فصل في الكتاب باقتباس تجتهد في نفيه و إعادة ترتيبه بالشكل الذي يلائم النسيان، متدرجة بقصة(كنموذج) بين ثنايا الفصول و تقلبات الورق، مستكملة دور المعلم و المرشد النفسي، لتعرض في الفصول الأخيرة قصصا (ترويها بطريقة مختصرة) لنساء دمرهن الحب والبقاء بين مشانق الذاكرة، مستكملة قصة صديقتها التي عانت معها لتساعدها على نسيان رجل أفقدها كل شيء حتى فقدت حبها للحياة و احتضنت الاختفاء عن عيون الناس.

قادتني أحلام في كتابها هذا لأخوض مظاهرة نسائية ضد أولئك الرجال الذين يتركوننا على أعتاب ذكريات بخسوا علينا في الإخلاص لنا، مددجة أيدينا و عقولنا باقتباساتها الهجومية في آن و الموجهة إليه في آن آخر داعية إياه للتفكير، أكيدة بأن الرجل يقرأها إلى جانب كثير من النساء اللاتي أغراهن التفكير بالفكرة بالرغم من استهلال الكتاب بأنه موجه للنساء فقط ، و هذا أسلوب معروف في الخطاب، حيث تمثل دعوة غير معلنة للرجل لقراءتها، فأحلام لا يهمها نسيان المرأة للرجل بقدر ما يهمها أن لا تختار المرأة النسيان، أي كأنها تريد خطوات استباقية لتجنب العوارض الجانبية للفقدان، حين تغرس في عقل الرجل أفكارا تقوي بها المرأة و إحداثيات للمرأة تقرب الأول منها، و تجعله يفكر ألف مرة قبل أن يتركها على حافة قدرية.

تجتهد الكاتبة في النفي و الإيجاب، و إيداع البراهين و الدلائل التي تحث على الانسياق معها في جو النسيان، في حديث مباشر مع القارئة، مستخدمة أسلوب الترغيب و الترهيب كمنحى خطابي لإقناع المرأة بفضائل أن تنسى و عواقب ألا تنسى، لكن ما يثير الإرباك في الكتاب هو النموذجين من قصص النسيان لصديقتيها، اللتين عاد حبيبيهما إليهما في النهاية، فكأن مستغانمي بنت جدارا من زجاج لا يمتلك خاصية الصمود أمام حجر، فكيف يصمد أمام الرصاص الذي يفاجئها في غمرة انشغالها في الجهاد للنسيان، فالحب و الحنين في الذاكرة كان أقوى بكثير من محاولاتها العنيفة في قمع الذاكرة و تسليط سوط النسيان عليها، و هي ذاتها تعترف في الكتاب بأن الذاكرة أقوى من أن نلجمها بحبل النسيان، لكن مع ذلك يظل أملها مغدقا في تحديه، حتى تحاور "الحبيب العائد" لصديقتها، فيغلبها بالكلام.. و يفيض بها الكيل من صديقتها التي نسيت موضوع النسيان لمجرد أول كلمة رقيقة عاد بها من هجرها، و لكن أحلام لا تستسلم، أما تبريرها لما فعلته صديقتها و تفعله الكثير من النساء، فهو غباؤهن، فهي ما فتئت تنعت أولئك النساء القابعات في بركان الذاكرة بالغباء و الحمق (تقول: كفى بربك حمقا) تستفز فيه مشاعر القارئات حينا و تدعوهن للضحك أحيانا أخرى، فالأسلوب الساخر ميزة الكتاب، و لكنها سخرية ممعنة في الإجحاف، و المستدرك هنا هو أن الغاية من نعت الغباء الذي ألقته على النساء، أنها لم تفشل لضعف فكرتها أو لسذاجة ما تدعو إليه، فهي تؤكد صوابية طريقتها في الإقناع، لكن المشكلة هي "غباء" المرأة!!

و لكن.. نعود إلى سؤال طرحته سابقا، هل نجحت مستغانمي في إقناع المرأة العربية بالنسيان؟؟
لا يكمن الجواب بنعم أو لا، و لكن في النتيجة المستخلصة من الكتاب، التي أدرجها لكم على نقاط:

- المرأة لا تنسى لأنها تريد محو الرجل من حياتها بل لملاقاة حب أجمل(رجل آخر)
- النماذج القوية في القصة لنساء مغدورات لم تنته بتغلب المرأة على الذاكرة(الانتقائية في العرض)
- الكتاب ليس للمرأة بقدر ما هو مرشد للرجل للحفاظ على قلبها
- إدراج و إبراز اقتباسات لصالح الذاكرة ليس عبثا.. إنها قصدية محكمة
- أخيرا... الكتاب ليس دعوة للنسيان، إنه دعوة للذاكرة لكن بطريقة مختلفة

أما خاتمة الكتاب فهو فصل عنونته ب "حلوا عني" إذ أنها ملت من "الغباء"، و أنهت الصفحات بقصائد كانت آخر عباراتها:

أبدًا لن تنساني
أبدًا لن تنسى
أبدٌ من الندم ينتظرك
من أضاعني قضى وحيدًا كحصان
لا مربط بعدي لقلبھ

ما دامت تذكره بالنسيان، فهي لم تنسه، و ما دام حديثها موجها إليه فذاكرتها ما زالت مشغولة ببعض منه، فالمرأة تنسى الرجل فقط حين لا تكتب له أو عنه، أو حين لا تذكره في ثنايا حديثها لا أن تتجنب ذكره... و كل نسيان و أنتم بخير.



#رحمة_حجة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحمة حجة - نسيان أم ذاكرة، ماذا تريد مستغانمي؟