أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير قوطرش - لم أرزق ولداً














المزيد.....

لم أرزق ولداً


زهير قوطرش

الحوار المتمدن-العدد: 2897 - 2010 / 1 / 24 - 20:19
المحور: الادب والفن
    



تقدمت الممرضة وهي تبتسم ,ثم اقتربت منه قائلةً ...مبروكٌ عليك الولد , زوجتك وابنك المولود صحتهم عال العال.
بدون شعور فتح يديه ليضم الممرضة إلى صدره من شدة الفرح,وهو يردد الحمد لله .لكنه تراجع واكتفى بشكره لها على هذه الخبرية السارة.سألها هل أستطيع رؤيتهم ,أجابته , الآن لا يمكنك ...فزوجتك بعد العملية القيصيرية ما زالت متعبة , واعتقد أنها نائمة الآن ...يمكنك رؤيتهما ...بعد ثلاث ساعات من الآن على الأقل.
أراد أن يستغل هذا الوقت المتبقي على لقائهما في إعلام الأهل والأصدقاء والمقربين ,بالخبر المفرح ...رزقت ولداً.
من شدة فرحته لم يستطع انتظار المصعد استخدم درج المبنى ,ونزل من الطابق الرابع وكأنه يطير في الهواء.وما أن خرج إلى الشارع ,توقف ونظر الى من حوله ,ودفعته رغبة بأن يقف في وسط الشارع ليصرخ بأعلى صوته ,يا ناس هنئوني رزقت ولداً....نظر بوجوه المارة ,وكأنها كانت على غير عادتها ...الكل يبتسم ,و كانت تعلوا الوجوه فرحة عارمة ...قال في نفسه ,وهل علم هؤلاء بأنني رزقت ولداً حتى يفرحوا لفرحي....لأن الفرحة الشخصية إذا اتسعت دائرة المشاركة الإنسانية فيها ازدادت وكبرت ,وإذا ازدادت المشاركة الإنسانية للحزن الشخصي تقلص وخفت حدته ووقعه المؤلم على الإنسان.
اتجه بسرعة الى سيارته ,فتح باب السيارة ,وقبل تشغيلها ,تذكر أنه عليه أن يخبر الجميع بقدوم ولي العهد ....تناول الموبايل ,وكتب رسالة مختصرة ,رزقت ولداً.....أرسلها إلى كل عنوان موجود في ذاكرة الهاتف. ثم أدار مقود السيارة متجهاً الى مكان عمله ,فأصدقائه وصديقاته ينتظرونه على أحر من الجمر لأنه وعدهم بحفلة عارمة إذا رزق بولد.
فور وصوله إلى مركز عمله ,فتح أبواب المكاتب بالتتابع من بداية الممر ,كلما فتح باباً,أعلم من المكتب بابتسامة عريضة ,رزقت ولداً....وبعد أن انتهى من إخبار الجميع وتقبل التهاني ..دخل مكتبه ,وهو يعد الثواني علّها تمر الساعات الثلاث بسرعة ,ليعود الى دار التوليد ,ويقبل زوجته وأبنه ,يريد أن يضمه ويضمها الى صدره ...يريد أن يحقق رغبة قوية تلبسته بعد أن أعلمته زوجته بأنها حامل ... يريد أن يحمل طفله ويرفعه فوق رأسه ,كما كان يشاهد في الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية.
طلب فنجان قهوة من عامل البوفية ,ورجاه أن يوزع القهوة على حسابه لكل العاملين معه في الدائرة .وأكرمه بمبلغ من المال ,فرفع العامل يديه الى السماء راجياً الله عز وجل أن يديم على ابنه الصحة وأن يتربى في دلاله.
جلس إلى كرسيه خلف الطاولة ,ووضع الموبايل أمامه وهو ينظر الى الوقت يستعجله ,ويرشف بين الحين والأخر رشفة من فنجان القهوة.
رن جرس الهاتف المحمول ,رفعه بسرعة دون أن ينظر إلى رقم المتصل....وإذ بصوت الممرضة على الطرف الأخر.... لم يتمالك نفسه .سألها هل يمكنني زيارتهم الآن ....صمتت الممرضة ..وبصوت حزين ...قالت له ....العمر لك...جمدت الكلمات على شفتيه ...وكأن العالم الواسع الجميل الذي رآه قبل ساعتين قد تقلص واصفرت ألوانه..وخانته قواه ,ليسأل من الذي انتقل الى رحمة الله زوجتي أم ابني....لم تتركه الممرضة طويلاً في صراعه النفسي... فأخبرته أن ولده ...ولِدَ بعاهة في القلب...حاول الأطباء جهدهم علاجه...لكن مع كل أسف ....لم تسعفهم الأقدار...ومات...
وضع الموبايل على الطاولة ,وارتمى على مقعده ,وذرف دمعتين ,وصمت بحزن عميق ...وكأن شيئاً من جسده قد فارقه إلى الأبد. تناول الموبايل من جديد ....وعدل الرسالة التي أرسلها ....وكتب لم أرزق ولداً....وأرسلها للجميع.



#زهير_قوطرش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بين غزة وهايتي
- أغرب وأطرف الأخبار لعام 2009
- المقارنات العبثية. العلمانية الغربية , والعلمانية الاستبدادي ...
- رسالة إلى أخي و صديقي الفلسطيني في المنفى د. نضال الصالح
- لا بديل للأنظمة الإستبدادية
- الإيمان والتجربة الشخصية
- الدانوب الأزرق
- قتل الأقباط ونفاق الأمة
- الإسلام بين الأبيض والأسود
- أدب السجون
- العقل الجمعي والآبائية (صدام على سطح القمر)
- مقتل الأبرياء الأقباط
- لماذا هذه العداوة بين المسلمين ,وبين بعض المسلمين والمسيحيين ...
- الدين أفيون الشعوب
- رد على مقالة الدكتور نضال الصالح (الجنس بين العيب والحرام... ...
- لا أكراه في الدين


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير قوطرش - لم أرزق ولداً