أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سميح مسعود - مآّذننا وأبراج كنائسهم















المزيد.....

مآّذننا وأبراج كنائسهم


سميح مسعود

الحوار المتمدن-العدد: 2897 - 2010 / 1 / 23 - 23:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تابعت باهتمام بالغ ردود فعل الاستفتاء السويسري الذي جرى مؤخرا وتم على اساسه حظر بناء الماّذن الجديدة في سويسرا... وجدت سلسلة طويلة من المداخلات تشكلت على هيئة تعليقات وبيانات ومقالات في الصحف والمواقع الالكترونية ، تنوعت في رؤاها ، كماارتكزت على مضامين ومعطيات كثيرة .

ثمة مداخلات عارضت الاستفتاء وقرار حذر بناء الماّذن الجديدة ، صدرت بصفة عامة عن شخصيات ودول ومنظمات اسلامية ، إرتكزت على احكا م ومواقف جاهزة في نقد الاخر ، دون النظر الى الحقائق المفجعة في مجال حرية الاديان في كثيرمن الدول العربية والاسلامية ، بما في ذلك منع بناء الكنائس ، ومنع إظهاركل ما يتصل بالاديان الاخرى من تجليات مادية ومعرفية وروحية .

و في اطار هذه المداخلات إستوقفني البيان الذي أصدره الأمين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي ، واعرب فيه عن " خيبة امله وقلقه إزاء نتيجة الاستفتاء " واكد في هذا الشان ان "الحظر يعد نموذجا جديدا يجسد مشاعر العداء المتنامي ضد الاسلام والمسلمين في اوروبا من قبل جماعات اليمين المتطرف العنصرية والمعادية للمهاجرين وللاجانب ، والتي تقف في وجه المواقف الانسانية الحكيمة والمنطقية والقيم العالمية ."

وهكذا يمكن القول ان الامين العام قد أكد في بيانه على ان 57.5 % من الشعب السويسري (الذين أيدوا الاستفتاء وقرار الحظر) عناصر متطرفة معادية للاسلام والمسلمين وللمواقف الانسانية ... ومثل هذه النتيجة تتكرر بما لُبس فيه في بيانات شجب وتنديد اخرى كثيرة ، تصف الاستفتاء كمؤشر على " الكراهية " و "الاستفزاز " و "اللاتسامح " ويعكس " كراهية شديدة للاسلام " و " انتهاكا لمبادئ التعايش والتسامح الديني " ... وتتسع دائرة النقد في هذا السياق لتشمل اوروبا وكل الدول الغربية لانها تعمل على تشويه المضامين الروحية للاسلام .

ثمة نبرة عالية مشبعة بمواقف الشجب والتنديد وجدتها ايضا في بيان لمفتي الديار المصرية وصف فيه القرار السويسري بانه " استفزازي " واسنكر تمريره ، واعتبره " هجوما ليس على حرية الاعتقاد فحسب بل إهانة ايضا للمسلمين داخل سويسرا وفي كل انحاء العالم ، ويمثل خرقا للدستور السويسري والمعاهدة الاوروبية لحقوق الانسان ولحرية الديانات والتسامح" ، وطالب باستخدام الحوار والاليات القانونية والدستورية لمواجهة قرار حظر بناء ّالماذن الجديدة في سويسرا .

وفي ضوء حديث المفتي عن الحوار " والاليات القانونية " وحقوق الانسان ، أتمنى عليه ان يدافع بوضوح وجرأة عن حقوق الانسان المسلم المنقوصة في الدول الاسلامية قبل كيله الاتهامات الى سويسرا ، وان يقف في وجه شيوخ السلاطين الذين يشاركون في اغلب الدول العربية والاسلامية في ارساء الاستبداد والفساد والقمع وانتهاك حقوق الانسان ، وتوجيه الاغراض والمصالح والمقاصد بما يحلو للحكام ، ويفتعلون قضايا جانبية مع الدول الاجنبية لالهاء المسلمين وابعادهم عن المطالبة بحقوقهم الضائعة .

كما أسمح لنفسي بمناسبة دفاعه عن التسامح وحرية الاديان في سويسرا، بان أذكره بالقيود المفروضة في بلده على بناء وترميم كنائس الاقباط منذ ايام الحكم العثماني ، بموجب قانون يسمى بالخط الهمايوني ، لم يفرض كما يعلم باستفتاء شعبي بل بفرمان عثماني عالي اصدره السلطان عبد المجيد خان سنة 1856 ، وما زال ساري المفعول حتى الان ، و السؤال الواجب طرحه : لماذا لا يطالب المفتي باسقاط هذا الفرمان الذي فيه ما فيه من إذلال لاخوة له في الوطن ، ويعمل على اصدار قانون موحد لدور العبادة (المسجد والكنيسة معا ) لإصلاح حالنا ، ولكي نعطي سويسرا مثالا جيدا عن التسامح الديني قبل توجيه النقد لها وكيل الاتهامات لممارساتها ضد المسلمين .

و تدفعني هذه الكلمات ايضا الى تذكير المفتي وغيره من الشيوخ ، بما يسمى بالعهدة العمرية ، بحثا عن الفرق ، بين زمن مضى ، وزمن الضياع الذي نعيشه الان ، وهي تعتبر واحدة من اهم واقدم الوثائق في تنظيم العلاقة بين الاديان ، وقد أعطى فيها عمر بن الخطاب الأمان لاهل بيت المقدس " أعطاهم أمانا لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم ..... لا يكرهون على دينهم ، ولا يضار أحد منهم ... "

وبمناسبة ذكر القدس في هذا السياق اتساءل الان هنا : ماذا فعل المفتي وامين عام منظمة المؤتمر الاسلامي للقدس، وماذا فعل لها كل الذين استنكروا حظر بناء الماذن الجديدة في سويسرا ؟

الواضح انها لا تحرك ساكنا لشيوخ السلاطين ، مع ان تهويدها جار على قدم وساق ، وكل ما فيها مهان ، الدين والانسان ، في وقت تحرض فيه وسائل الاعلام الاسرائيلية بشكل صريح وواضح وبحملات يومية متواصلة على هدم المسجد الاقصى وبناء الهيكل الثالث فوق انقاضه .

وفي بيان اصدره مؤخرا في هذا الشأن أمين عام الهيئة الاسلامية المسيحية في القدس ، إتهم وسائل الاعلام الاسرائيلية " بتهييج اكثر من عشرين منظمة يهودية متطرفة تتسابق للنيل من الاقصى صباحا ومساء ، ترى ان هدم الاقصى بمثابة العمل الديني والوطني الاول ، الذي تحرص كل منظمة من هذه المنظمات على ان تكون صاحبة السبق في تحقيقه ".

وأشار نفس هذا البيان إلى " ان الايام والشهور القادمة ستكون الأسوأ على المدينة المقدسة ، وطالب بعدم الاستهانة بهذه التحريضات والتهديدات التي باتت تتزايد يوما بعد يوم في حق الاقصى والقدس ، وحول الهوية العربية بصورة عامة . "

للأسف انه رغم خطورة المخطط الاستيطاني الهادف للسيطرة الكاملة على مدينة القدس ونزع هويتها العربية والاسلامية التاريخية ، ورغم ان المسجد الاقصى في خطر حقيقي اكثر من اي وقت مضى ، وهو الان على وشك الانهيار الفعلي ، بسبب الحفريات المتواصلة التي تتم تحت أساساته ، فان مواقف المسلمين نحو ه تتصف بالتخاذل والاهمال والصمت ، ولم تقدم الحكومات الاسلامية شيئا ملموسا لحمايته ، وتركت اهل القدس بمفردهم يتصدون بصدورهم للجرافة والبندقية الاسرائيلة ، في وقت يواجه فيه قرار حظر بناء الماذن الجديدة في سويسرا موجة إدانات واسعة ، علما بان القرار السويسري ، لايمس الحرية الدينية ، ولا ينتهك فريضة اسلامية وهناك مراجع كثيرة تؤكد صدق ما أقول ، أختار منها ما جاء في بيان اصدره المركز العالمي للقران الكريم في موقعه الالكتروني إستنكارا للحملة الموجهة ضد سويسرا .

يبدأ هذا البيان بالتأكيد على " ان الصلاة في الاسلام تجوز في اي مكان بدون الحاجة الى بناء مسجد ... وان إقامة الماّذن ليس تشريعا اسلاميا ... وأن المسجد الذي أقامه رسول الاسلام في المدينة كان في غاية البساطة ، مجرد حيطان وسقف بسيط ومفروش بالحصى ، وان عمر بن الخطاب استنكر تجصيص وتزيين المساجد ، ولكن حينما عرف العرب المسلمون الترف قلدوا النموذج المسيحي في إقامة الكنائس ، فاضافوا ماّذن للمساجد تحاكي في الشكل ابراج الكنائس وتنافسها في الزخرفة والطول ..."

ويضيف البييان ايضا " سويسرا تعتنق الديموقراطية المباشرة ، وبالديموقراطية المباشرة قررت ما قررته ، والاعتراض هنا مرفوض ليس لأنه تدخل في قرار شعب أخر جاء بالطريق الديموقراطي ، ولكن لانه قرار لا يمس الحرية الدينية ، ولا ينتهك فريضة اسلامية ، و يكفي ان في سويسرا المسيحية يتمتع المسلمون بحرية دينية يحسدهم عليها المسلمون في بلادهم الاصلية ، في سويسرا يستطيع المسلم ان يشتري كنيسة ويحولها الى مسجد ، ولكن لا يستطيع القبطي المصري إصلاح دورة مياه في كنيسته الأيلة للسقوط إلا بعد موافقة رئيس الجمهورية او من ينوب مكانه . "

واذا كان الامر كذلك ، أليس من الغرابة شن حملات نقد ضد سويسرا لما تقرره على ارضها بينما يتم السكوت على حقوق القبطي المنقوصة في بلده ؟ ثم أليس من الغرابة التباكي على ماّذن سويسرا ، و التشبث في الوقت نفسه بقدرتنا الفائقة على تجويع سكان غزة ، وتعويق وصول المساعدات اليهم ؟ ... ولماذا يسكت أئمة المساجد عن إقامة جدار فولاذي بطول عدة كيلومترات على حدود غزة لمنع إمداد سكانها بما يلزمهم من ضرورات البقاء وهم اخوة الدين والقومية والهوية ؟ ولماذا يخالف شيخ الازهر الثوابت الاسلامية ويصدر فتوى تؤيد بناء النظام المصري لجدار الظلم والعار ؟

ولماذا في الوقت الذي وقفت فيه الحكومة المصرية في وجه قافلة شريان الحياة والنشطاء الذين رافقوها من الاوروبيين وغيرهم ، فتحت ابواب حدود مصرلمواطنين اسرائيليين ومنتمين للديانة اليهودية من دول اخرى ، وسهلت دخولهم للاحتفال بمولد المدعو ابو حصيرة عند ضريحه في احدى القرى المصرية ، وقد تصادف هذا الحدث زمنيا مع تداعيات أزمة قافلة شريان الحياة ؟

إنها مجرد أسئلة لا أكثر للتذكير بحقيقة واقعنا المرير ، وهناك اسئلة اخرى كثيرة .



#سميح_مسعود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سميح مسعود - مآّذننا وأبراج كنائسهم