أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - حانة لو يأتيها النبيذ احتفاء بالجسد و النبيذ و الموت














المزيد.....

حانة لو يأتيها النبيذ احتفاء بالجسد و النبيذ و الموت


مصطفى لغتيري

الحوار المتمدن-العدد: 2897 - 2010 / 1 / 23 - 01:34
المحور: الادب والفن
    




دوما يفاجئنا الشعر بقدرته اللامتناهية على الإبهار ، فكلما اعتقدنا أن بحيرته قد جف ماؤها ، و تجارته قد بارت بضاعتها، فاجأنا -من حيث ندري أو لا ندري- شاعر أو شاعرة ، بزنابق من الشعر، تتبرعم في رياض ديوان جديد، يسكرنا عبيره المتضوع من الحروف و الكلمات و الصور الشعرية البديعة.

والحقيقة أنني رغم اطلاعي السابق على بعض قصائد الشاعرة علية الإدريسي البوزيدي منجمة في الجرائد و على صفحات المواقع الالكترونية ، فإن اطلاعي على هذه القصائد مجتمعة بين دفتي ديوان " حانة ..لو يأتيها النبيذ.." قد ترك في الذهن و النفس أثرا بالغا، جعلني مع كل قراءة جديدة له ، أقف بكثير من الاحترام لهذا الصوت الشعري ، الذي فاجأني بقوة قصائده و عذوبتها اللافتة ..و حين تجاوزت مرحلة الانبهار ، و عزمت على البحث الموضوعي عن سر جمال هذا الديوان ، أثارني حضور ثلاثية قوية تنتظم النصوص و تخلق فيما بينها تناسقا ، ينهل من معين منسجم و متكامل ، يشهد على ذلك المفردات و العبارات و الإيقاع و الصور الشعرية ، و يمكن أن أحدد هذه الثلاثية في الموت و الجسد و النبيذ ، و من الطبيعي أن أتساءل حينها عن العلاقة التي تجمع بين هذه الأقانيم الثلاثة ، وتلك وظيفة التأويل التي يمكن تأجيلها إلى حين ، أو لأتركها للقارئ المنشغل بالدلالة البعيدة و القريبة للكلمات، فأكتفي برصد هذه الثلاثية ، لعل ذلك يشفي بعض الغليل.

-الموت

لقد شغل الموت الإنسان منذ القدم ، فهذا المعطى الأزلي أرق فكر الإنسان منذ أن تشكل وعيه ، فسبب له شقاء مستمرا، باعتباره واقعا لا مفر منه ، فلا غرابة إذن أن تكون الإبداعات الأولى للإنسان منشغلة بالموت ، وقد تجلى ذلك في ملحمة جلجامش الغارقة في القدم. و قد سارت شاعرتنا على نفس المنوال ، إذ كان الموت محرضا لها على الغوص عميقا في بحيرة الشعر ، علها تجد الخلاص ، حتى انها جعلت من لفظة الموت لازمة في إحدى قصائدها ، بينما تقول الشاعرة في قصيدة أخرى:

بين أركان الربى الموت يتوقف
و يأبى الزحف
و تضيف في قصيدة أخرى
لا تحزن
على المآسي
و لا تدمع
على المصائب..
ستزهو
بالذين حلوا و تاهوا
في المساء..
ثم ستلقي بالكأس
للأموات العائدين.
- الجسد
إن علاقة المرأة بجسدها علاقة ملتبسة ، ويكتنفها الكثير من الغموض ، فقد عانى هذا الجسد على مر العصور- من الحظر ، إذ فرضت المجتمعات على المرأة أن تخفيه ، وتتوجس منه خيفة ، فهو الفاكهة المشتهاة ، التي ما إن يملكها الرجل حتى يتفنن في إخفائها عن الآخرين بشتى الوسائل ، وبمرور الزمن اندمجت المرأة في لعبة الرجل ، و أضحت أكثر حرص منه على إخفاء جسدها ، الذي يشكل - في الآن ذاته- قوتها و ضعفها. ، لكن مع الثورة الحديثة تحررت المرأة نسبيا من سطوة الرجل ، فأخذ صوتها يرتفع تدريجيا ، غير خجلة من جسدها ، بل أضحت تفتخر به و تكشفه ، وتتحدث عنه دون وجل ، تقول الشاعرة:أفك أزرار قميصي
في الطابق الأرضي
و على السرير
مثل الماء
أجلس على لغة صدئة
و في مقطع آخر تقول بما يشبه الاندهاش:
قالوا
أو تتعرين
قلت
لا أتعرى
ولكن
علي أن أصنع مملكة
للحنين..
و تصل الشاعرة بالكشف إلى حوده الأقصى ، فتنشد:
تمرغ أنوثتها
كتيس هائج
فتسفرعن فخذيها الجميلين
الغليظين
-النبيذإن لفظة النبيذ أو ما يوحي إليها من قريب أو من بعيد تكتسح قصائد الديوان من بدايته حتى نهايته ، و لم يسلم من ذلك حتى العنوان ، و دون أن أتعسف في التأويل، سأكتفي بذكر بعض مفردات الحقل الدلالي للنبيذ المهيمنة على قصائد الديوان:
حانة- معتقة- كأس - خمر - مخمور -نشوى - عذبا - عطشى - القنينة- الماء- الثلج - أشرب -جرعة...
و لا اخفي إعجابي و اندهاشي من هذا الحضور اللافت للنبيذ في القصائد ، خاصة و الأمر يتعلق بشاعرة . حضور يضاهي ما جادت به قرائح الشعراء، خاصة القدامى منهم وعلى رأسهم أبو نواس، تقول الشاعرة:
هكذا يلاقي الكأس فصوله
فليشرب كل واحد منكم
كأسا
أو فلينسحب..
و إذا كانت هذه الثلاثية المشار إليها في هذه القراءة العاشقة قد منحت القصائد لمسة فنية مثيرة ، فإن الصوغ الشعري ،أقصد أسلوب الكتابة لم يتوان في إبراز قوة القصائد و جمالها ، و أذكر من ذلك الصور الشعرية المتناثرة على امتداد الديوان ، و منها
- تنتعل الأنخاب
في حافة الفراش
-الضجر يختبئ
تحت الشراشف
-لتضاء البسمات المنحوتة
بنوارس الرغبة.
- في ملامح الزهو الذائبة
و إذا كان الختام مسكا كما يشاع ، فإن الختام شعرا قد يضاهي المسك أو يفوقه. فلنرتشف - مع الشاعرة- مدام هذا المقطع الجميل: كانت السماء
رذاذا
ينساب كذاكرة
تتأوه بين خصر
و خصر
كواد
يراجع
الصدى
حين فقد أصدقائي
وجوههم في المرآة.



#مصطفى_لغتيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -حب .. و بطاقة تعريف- للقاص عبد السميع بنصابر جواز مرور نحو ...
- بين الأدب والتاريخ*
- استثمار اليومي ضمان لأصالة الكاتب
- الحوار المتمدن صرح حضاري شامخ
- ملامح السخرية في المجموعة القصصية -الخلفية - للعربي بنجلون.*
- رسالة مفتوحة إلى الشاعر حسن نجمي
- هل -بيداغوجيا الكفايات - طريقة ملتوية لتطبيق شبكة التنقيط؟
- حنان كوتاري تنقش اسمها بالحناء في مدونة القصة المغربية
- بلاغة الغموض في - أشرب و ميض الحبر - للقاص اسماعيل البويحياو ...
- ليلة إفريقية رواية جديدة للكاتب مصطفى لغتيري
- رواية -عائشة القديسة- أو الوجه الآخر لمجتمع يصارع الانفصام
- حوار مع مصطفى لغتيري حول الرواية المغربية
- حضور الذات حقيقة و مجازا في ديوان - بقايا إنسان- لكريمة دليا ...
- وقع امتداده.. و رحل- مجموعة قصصية جديدة للقاصة السعدية باحدة
- أنماط الرواية العربية الجديدة
- على أعتاب المكاشفة
- رسائل إلى أديب ناشئ
- الإبداع القصصي عند يوسف إدريس
- أنطولوجيا القصة المغربية
- تسونامي - قصص قصيرة جدا - الكتاب كاملا-


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - حانة لو يأتيها النبيذ احتفاء بالجسد و النبيذ و الموت