|
الله جعلوه لصاً
سامى لبيب
الحوار المتمدن-العدد: 2895 - 2010 / 1 / 21 - 00:43
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لم توجد فكرة تم إستغلالها بخبث وإحتيال بقدر فكرة الله !!..فقد تعامل معها الإنسان دائماً كإسقاط لكل رغباته وشهواته وممرراً فى الوقت ذاته لكل نزواته وقبحه الخجول من خلالها!!.
هالنى وأنا صغير فكرة الله الداعى للسلب والنهب ..!! أتذكر جيداً مساء ليلة شتوية عندما جمعنا أبى ليسرد علينا قصص من العهد القديم ليحكيها بطريقته العفوية فى السرد مما كان يعطيها نكهة خاصة لا تخلو من الإثارة والمتعة . أتذكر فى هذه الليلة عندما سرد علينا قصة خروج بنى إسرائيل من مصر وتخطيطهم لهذا الخروج ودعوة الله الصريحة لهم فى أن يسرق كل يهودى ويهودية سيده وسيدته ناهبين أموالهم وذهبهم ومقتنياتهم قبل رحيلهم من أرض مصر.
" وأعطى نعمة لهذا الشعب في عيون المصريين . فيكون حينما تمضون أنكم لا تمضون فارغين . بل تطلب كل امرأة من جارتها ومن نزيلة بيتها أمتعة فضة وأمتعة ذهب وثياباً وتضعونها على بنيكم وبناتكم فتسلبون المصريين " سفـر الخـروج (3 : 21 – 22) " وفعل بنو إسرائيل بحسب قول موسى . طلبوا من المصريين أمتعة فضة وأمتعة ذهب وثياباً . وأعطى الرب نعمة للشعب في عيون المصريين حتى أعاروهم . فسلبوا المصريين " سفـر الخـروج (12 : 35 – 36)
إندهشت من فكرة الله الداعى للسرقة والنهب ..وهو الذى قال فى وصاياه العشرة لا تسرق .. فأين ذهبت هذه الوصية .؟!! وإندهشت من فكرة أن الله أعطى نعمة للشعب فى عيون المصريين ..أى سهل ويسر عملية السلب والنهب .!! الله فى كل قصص العهد القديم يحث اليهود على الدخول فى معارك مع الأقوام الأخرى مع توصية دائمة بنهب ممتلكاتهم وبهائمهم وحميرهم مع نساءهم .!! ..فأين ذهبت وصية لا تسرق .!! .
كان مبعث إستنكارى أيضاً هى صورة الغدر والخيانة التى مارسها اليهود ضد أجدادى من المصريين فتثير حنقى وغضبى ..علاوة على تناقضها مع تحريم السرقة والتى لا أجد فيها أى مجال للإستثناء أو التفاوض .
ماهذا ؟!!!
لم أجد أى مبرر يحاول أن يخفف من وطأة هذا الفعل الفاضح فى نفسى ..بل على العكس وجدت مسلسل طويل من الدعوة للنهب من قبل الله فى كل الحروب التى خاضها شعب إسرائيل . فالله يدعوهم دائماً إلى الإستيلاء على أموال وممتلكات الغير بعد دحرهم ونحرهم ..وأن الغنائم كانت دائما تتم بتوصيات إلهية بأن يستأثر بها شعبه من أفواه وبطون الشعوب المغلوبة التى تقع تحت قبضتهم .
أردت أن أوقع أبى فى مطب لا يخلو من الخبث والدهاء ..فبدون سابق تمهيد ألقيت فى وجهه سؤالاً .. أبى : لو حاربنا إسرائيل وإنتصرنا عليها هل يحق لنا أن نسرق أموالهم وملابسهم ودراجاتهم وسياراتهم ؟. إستنكر أبى هذا القول بشدة وقال لى : السرقة حرام ومن يسرق يكون مصيره بحيرة النار والكبريت . ولكن يا أبى اليهود سرقوا المصريين زمان أيام موسى وفرعون . لم يجد الوالد مخرجاً منطقياً للخروج من هذه الإشكالية إلا بالقول أنها أيام ولت وكان لها نظامها وطبيعتها الخاصة .
لم يخطأ أبى فى هذه الفكرة التى تحاول أن تنقذ النص التاريخى المفعم بكل عنف ووحشية , سوى أن يعتبرها أيام ولت وأن مثل هكذا أفعال إنسجمت مع وقع زمانها ومكانها .
والحقيقة أننا عندما نغسل عقولنا وعيوننا نستطيع أن نفهم المشهد صحيحاً صريحاً وليس مقلوباً ..نستطيع أن نفهم الحدث ببساطة شديدة عندما ننزع عنه هالات القداسة التى يتحصن بها . هى رغبات وسياسات وأطماع قبائل كانت لا تستنكف أن تحارب شعوب أخرى فتقهرها وتحلل لنفسها أن تنهب أموالها وذهبها وبهائمها ونساءها تحت إسم الغنيمة التى حللها الله . لا تتورع هذه السياسات الإستعمارية الإستغلالية فى أن تلبس أفكارها الهمجية البربرية رداءاً مقدساً يسمح لأتباعها بممارسة فعلهم الهمجى برغبة وتلذذ وبضمير ميت . فلم يكن سرقة اليهود للمصريين قبل خروجهم بعيدة عن نزوات و أطماع أرادت أن تنطلق ولم تجد خجلاً قى أن تلتحف بنص تبدعه ليمرر أفعالها الإجرامية .
مارس الإسلام أيضاً نفس المنهجية فى جعل الله يكون لصاً يحلل الغنائم ونهب الشعوب الأخرى ولا يقتصر الأمر على سرقة الأرض بل يتعداه إلى سرقة ما فوق الأرض وهو الإنسان ..فبعد أن تطفأ الحروب لهيبها سيكون هناك العبيد والإماء والجوارى بجوار الأرض والبهائم ...ليخيل لى أن الإسلام هو إبن شرعى للتوارة فى المنحى والتوجه نحو التوسع والتمدد ..وفى إعتقادى ويقينى الشخصى أن الإثنين ما جاءا إلا لهذا الهدف وحسب .
إذن ففكرة الله تم تطويعها لتخدم مطامع وأحقاد ورغبات أرادت أن تنطلق وتتحقق ولم تجد فى فكرة الإله إلا غطاءاً يجعلها تحقق كل نزواتها وجموحها بحماس لا ينطفئ وبعزيمة لا تكل وبهمجية لا تكبح . الإنسان خلق فكرة الله حتى يمرر بها كل جموحه وشهواته ومطامعه , ورسم فكرة الله كما يريد ويتمنى ..فجعلها فكرة تطفى السعادة والهدوء على كل أفعاله الشريرة والدنيئة .
نحن ندرك بفهمنا الواعى بأن هذه المعتقدات ماهى إلا تاريخ الإنسان القديم بكل ظروفه الزمانية والمكانية ..وبكل بداءته وبداوته , وليس هناك مشكلة أو عداوة لهكذا إدراك وتاريخ . ولكن المشكلة تكون عندما يتم إعطاء هذا التراث صفة المقدس بكل هالاته وحصونه ليبعده عن مقصلة النقد والتقييم . عندما يتم إعتبار النهب والسرقة ضد الأخر عملاً مقبولاً ومباركاً من الإله . عندما يقوم المهوسون وصاحبى الرغبات الوحشية والعنصرية فى محاولة إسقاط النص على الواقع وإقحامه فى حياتنا ..هنا تكون المشكلة والخطورة .
ومن هنا نجد أن هذا التراث الموغل فى التخلف والهمجية أصبح أمامنا له أنياب وأظافر .
#سامى_لبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من رحم اللذة والألم جاءت الفكرة .
-
إنهم يشوهون أطفالنا .
-
إنهم يغتالون عقول أطفالنا .
-
الماء لا يجرى فى النهر مرتين .
-
تأملات حول يوم القيامة .
-
-الكنيسة إتحرقت والقسيس مات- ..ألف باء كراهية .
-
وهم الحرية .
-
مذبحة نجع حمادى هو الكرسى الذى يتم ركله .
-
أجسادنا ليس ملكية خاصة .. هو قطاع عام !!
-
عزرائيل الصراصير والبراغيث .
-
اللذة والألم والإله .
-
أريد أعيش كإنسان ..ذاك أفضل جداً (3)
-
ممنونون ..شاكرون ..محظوظون ..مهللون .
-
الدين عندما ينتهك إنسانيتنا . (1)
-
أريد أعيش كإنسان ..ذاك أفضل جداً (2)
-
قراءة فى العنف والإنسان والإله .
-
عيون وراء نقاب .
-
أريد أعيش كإنسان ..ذاك أفضل جداً .(1)
-
موت السؤال .
-
المربع المتبقى للفكرة .
المزيد.....
-
كاتب يهودي: المجتمع اليهودي بأمريكا منقسم بسبب حرب الإبادة ا
...
-
بايدن: ايران تريد تدمير إسرائيل ولن نسمح بمحو الدولة اليهودي
...
-
أستراليا: الشرطة تعتبر عملية طعن أسقف الكنيسة الأشورية -عملا
...
-
لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن
...
-
المتطرف -بن غفير- يعد خطة لتغيير الوضع القائم بالمسجد الأقصى
...
-
فيديو/المقاومة الإسلامية تستهدف قاعدة ميرون -الاسرئيلية- با
...
-
-شبيبة التلال- مجموعات شبابية يهودية تهاجم الفلسطينيين وتسلب
...
-
المقاومة الإسلامية تستهدف مقر قيادة الفرقة 91 الصهيونية في ث
...
-
الخطارات.. نظام ري قبل الإسلام لا يزال يقاوم الاندثار
-
الشيخ قاسم: المقاومة الإسلامية فرضت قواعدها باستخدام الحد ال
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|