أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهند عبد الحميد - القرضاوي عالم دين ام رجل سياسة؟















المزيد.....

القرضاوي عالم دين ام رجل سياسة؟


مهند عبد الحميد

الحوار المتمدن-العدد: 2894 - 2010 / 1 / 20 - 12:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



العامل الديني في فلسطين له دور أكثر حساسية وأهمية من أي مكان آخر، فهذا البلد له تاريخ عريق في التعدد والتعايش الديني الطوعي وكان يقدم كنموذج ايجابي وبنّاء في الـمنطقة. ويمكن القول إن وحدة الشعب الفلسطيني التاريخية والـمميزة ارتكزت إلى تعدد ديني وتعدد سياسي وثقافي. كانت الحركة السياسية الـمتعددة الـمشارب والـمواقف تختلف وتحل خلافاتها بأساليب ديمقراطية حقاً. وكانت الـمؤسسة الدينية تتدخل ايجابا بما يعزز الوحدة والتضامن وبما يحول الخلاف إلى قضية ثانوية. فلـم يكن مصادفة ان يكون مفتي فلسطين هو رئيس الحركة الوطنية. ولـم يكن مصادفة ان اكبر تنظيمين في الثورة بعد فتح (الجبهتان الشعبية والديمقراطية) كانا بقيادة زعماء ينتمون للديانة الـمسيحية، ويحظيان بثقة وبشعبية كبيرتين. مرات قليلة طغى فيها الخلاف الداخلي على الصراع مع الانتداب والتغلغل الاستيطاني، فكانت التصفيات العشوائية الـمبنية على فتوى مرتجلة (غير رسمية) "للخيانة أو الوطنية" أدت هذه الفتاوى إلى إضعاف الصمود والتماسك الوطني، وساهم هذا الوضع الناشز بشكل أو بآخر في مفاقمة النكبة التي حلت بالشعب.
تعلـمنا أن التدخل الديني كان في معظم الاحيان وطوال الـمراحل السابقة يعزز الوحدة والصمود والتماسك الوطني ويحافظ على النسيج الـمجتمعي قوياً في مواجهة الانتداب والاحتلال والاخطار الخارجية. وقد جسد العامل الديني طابعاً سلـمياً متسامحاً في صفوف الشعب، وكان محفزاً للنضال الوطني ضد الـمعتدين في الخارج. لـم يُخَوِّنْ رجال الدين أحداّ إلا كاستثناء، ولـم يُكفروا أحدا. تجربة الشيخ عز الدين القسام كانت نموذجاً استلهمه متدينون وعلـمانيون ويساريون على حد سواء. اليساريون كانوا أول من استعاد الشيخ عز الدين القسام وقدموا العناصر الـمضيئة في تجربته. وعندما امتنع الإخوان الـمسلـمون عن الـمشاركة في مقاومة الاحتلال خلال عشرين عاماً، لـم يُخَوّنوا ولـم يُبتزوا من الثورة. بل حاولت التنظيمات والقيادة احتضانهم وجذبهم للـمقاومة ودعمهم بمختلف الأشكال رغم خطابهم الاستفزازي.

فتاوى الشيخ يوسف القرضاوي في الشأن الفلسطيني اخرجتنا ويا للاسف الشديد عن الـمألوف، وكانت نتيجتها انقساماً في الرأي عزز الانقسام في الواقع. كنا نحتاج إلى عكس ذلك في مثل هذا الوقت العصيب. يعلـم الجميع أن الشيخ القرضاوي شخصية عامةً ومؤثرةً، فهو رئيس اتحاد العلـماء الـمسلـمين، وقد تحول من خلال فضائية الجزيرة إلى سلطة دينية ناطقة باسم الإسلام السياسي (مدرسة الإخوان الـمسلـمين)، وتربطه علاقة وثيقة مع دول وحكومات عربية في مقدمتها دولة قطر يقدم لها الفتاوى السياسية والاجتماعية. لكنه يتوجه الآن بفتاويه للتأثير في الكتلة الأكبر من الشعوب العربية، توطئة لتعميم السلطات الدينية (الإسلام السياسي) في عموم الـمنطقة.
إفتاءات الشيخ القرضاوي في الشأن الفلسطيني منسجمة مع تمثيله السياسي. هذا الافتاء اغضب الاتجاه الاكبر، وعلى الاقل إذا أردنا التوقف عند لحظة الانتخابات قبل اربع سنوات، فإنه يكون قد أغضب نصف الـمنتخبين الفلسطينيين. وذلك عندما قال: "إن رئيس السلطة يستحق الرجم في مكة إذا أيد حرب الصهاينة على غزة، ووافق على تأجيل تقرير غولدستون". لقد خلط الشيخ بين تهمة خطيرة تستدعي الـمساءلة والـمحاسبة والحكم وبين إصدار حكم بناء على تهمة مصدرها اتجاه سياسي (حماس) ينتمي إليه او يؤيده الشيخ في مجمل مواقفه. او كما قال وحيد عبد الـمجيد: "اندفع الشيخ في اتجاه الـمزيد من تديين السياسة وتسييس الدين وتكريس الـميل إلى إحلال الفتوى محل الرأي أو الـموقف في القضايا العامة". وهذا يطرح سؤالا من نوع هل وظيفة الافتاء الديني هي دعم مواقف سياسية معينة لاتجاه معين ؟ والدخول في حرب طاحنة مع اتجاه آخر؟
اثناء أحداث غزة الدامية، والتي سحقت فيها حركة حماس جماعة سلفية مسلحة (تنظيم أنصار الله)، جاءت فتوى الشيخ القرضاوي: (حماس معها الحق لأنها حاولت أن تثني (جند أنصار الله) عن مقاتلة إخوانهم، لكنهم رفضوا، فاضطرت حماس لاستخدام القوة". لـم يعترض على اسلوب الحسم العسكري ولا على الدماء التي اهرقت ولا على قصف مسجد ابن تيمية بقذائف الهاون... وانتهاكات عديدة أخرى وثقتها منظمات حقوق الانسان. لا يمكن النظر إلى هذا الافتاء إلا كموقف سياسي منحاز إلى طرف ضد آخر. وطالـما ان الافتاء الديني محكوم بالخلفية السياسية فمن الـمنطقي ان تضيق قاعدته اكثر فأكثر حتى في إطار الإسلام السياسي.
ومن أهم الفتاوى التي قدمها مؤخرا الشيخ القرضاوي تحريمه الجدار الذي تقيمه مصر على حدود قطاع غزة، قال: "ان مواصلة بناء الجدار عمل محرّم شرعاً ومخالف لأواصر الأخوة والجوار"، وطالب السلطات الـمصرية بأن تنأى بنفسها عن هذا العمل الـمحرّم شرعاً". هذا الـموقف دفع مؤسسة الازهر لتقديم فتوى نقيضة ادت إلى احتدام الخلاف الديني بين تحريم وتحليل، والاخطر من ذلك قادت الفتوى إلى تأجيج الخلاف بين حماس ومن يؤيدها في صفوف الشعب الفلسطيني وبين مصر. وجرى تحويل قضية الحصار ومسؤولية دولة الاحتلال عن الدمار والـموت والتجويع، إلى قضية خلاف مصري فلسطيني تضعف الشعب الفلسطيني.
وللشيخ القرضاوي فتاوى عديدة، كانت محل اختلاف في صفوف الـمسلـمين. كالفتوى الرافضة للاحتفالات بأعياد الـميلاد في العواصم العربية والإسلامية معتبراً إياها "حرام وعيب". علـما ان الذين يقومون بالاحتفالات هم مواطنون يعتنقون الديانة الـمسيحية، ويشاركهم في هذه الاعياد الـمسلـمون تضامنا واحتراما وتجسيدا للوحدة الوطنية، بمثل ما يشارك الـمسيحيون اخوانهم الـمسلـمون في أعيادهم وبمثل ما يحتفل الـمسلـمون بأعيادهم الإسلامية في باريس ولندن ونيويورك وغيرها. فلسطين برمتها تحتفل بعيد الـميلاد مع الـمواطنين الـمسيحيين الفلسطينيين. فهل هذا حرام وعيب؟؟
والحديث عن خطر شيعي ايراني حقيقي يتهدد مصر "فتوى أجج بها الشيخ القرضاوي الـمذهبية في طول وعرض الـمنطقة" واعاد إلى الاذهان وجود "فرقة ناجية ووقوع كل الفرق الأخرى في البدع والضلالات".
مواقف القرضاوي التي دمجت الفتوى بالرأي، جعلته عرضة للنقاش والاعتراض، وحولته من عالـم دين روحي متسام إلى رجل سياسي له مواقف متناقضة وربما مزدوجة. فهو لا يستطيع الافتاء ضد القواعد العسكرية التي ينطلق منها العدوان ضد شعوب عربية وإسلامية. ولا يستطيع الافتاء ضد تحميل رأس الـمال العربي أعباء الكارثة الاقتصادية الدولية. ولا تحريم استقبال دول عربية لـمتهمين بارتكاب جرائم حرب ومطلوبين للعدالة، لا يقدم فتاوى تطالب بتحريم فتح مكاتب تمثيل وسفارات وتبادل تجاري مع دولة محتلة. إن هذه الـمواقف تضع علامة سؤال حول السياسة الوسطية الـمعتدلة البعيدة عن التطرف والغلو واللا تسامح التي ينتمي إليها الشيخ القرضاوي من جهة، وتضع علامة سؤال حول انحيازه لـمقاومة الشعوب من جهة أخرى.



#مهند_عبد_الحميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مكانة الدولة في الفكر السياسي الفلسطيني
- قمة بدون قاعدة....!
- الحريم.. صراع العقل والجسد
- انفصالنا عن الرموز
- جورج حبش.. حي في ذاكرتنا
- غزة الأبية.. تستحق محاسبة الذات
- فيلم مغارة ماريا..ثورة ضد المسكوت عنه
- استعادة عرفات رمزا ...
- نوستالجيا باب الحارة
- مؤتمران وخريف واحد
- إذا فشل انابوليس..هل نملك خيارا آخر؟
- إذا فشل انابوليس ..هل نملك خيارا آخر؟
- الملك الاسد وصناعة الكراهية
- إنقلاب أسود
- أجمل الزهور لتانيا رينهارت
- معركة الحجاب
- السيكولوجية الفلسطينية
- الجندي الذهبي
- الترابي بين نارين
- الحريات العامة ..مخاوف ومحاذير


المزيد.....




- بالأسماء.. 48 دول توقع على بيان إدانة هجوم إيران على إسرائيل ...
- عم بايدن وأكلة لحوم البشر.. تصريح للرئيس الأمريكي يثير تفاعل ...
- افتتاح مخبأ موسوليني من زمن الحرب الثانية أمام الجمهور في رو ...
- حاولت الاحتيال على بنك.. برازيلية تصطحب عمها المتوفى إلى مصر ...
- قمة الاتحاد الأوروبي: قادة التكتل يتوعدون طهران بمزيد من الع ...
- الحرب في غزة| قصف مستمر على القطاع وانسحاب من النصيرات وتصعي ...
- قبل أيام فقط كانت الأجواء صيفية... والآن عادت الثلوج لتغطي أ ...
- النزاع بين إيران وإسرائيل - من الذي يمكنه أن يؤثر على موقف ط ...
- وزير الخارجية الإسرائيلي يشيد بقرار الاتحاد الأوروبي فرض عقو ...
- فيضانات روسيا تغمر المزيد من الأراضي والمنازل (فيديو)


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهند عبد الحميد - القرضاوي عالم دين ام رجل سياسة؟