أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد العزيز الحيدر - إشكاليات النمط الآسيوي للإنتاج(المجتمع العراقي انموذجاً)















المزيد.....


إشكاليات النمط الآسيوي للإنتاج(المجتمع العراقي انموذجاً)


عبد العزيز الحيدر

الحوار المتمدن-العدد: 2894 - 2010 / 1 / 20 - 09:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لقد كان وما يزال لما يعرف اصطلاحا بالنمط الآسيوي للإنتاج دور أساسي كبير وخطير في جملة من المسائل الأساسية والحيوية في هيكلية البناء الاجتماعي في الكثير من المجتمعات الآسيوية وبصورة خاصة المجتمعات الإسلامية الشرقية التكوين ذات التركيبات المثولجيةسياسيا وفكريا , وتكاد تكون بلادنا , بلاد وادي الرافدين أن تكون من أكثر بلدان هذه المجموعة تأثرا بهذا النمط الإنتاجي , وسأحاول هنا الاقتراب من هذه المسالة وأسبابها ثم تأثير النمط الآسيوي للإنتاج على تاريخ العراق وعلى تكويناته الاجتماعية والاقتصادية وعلى أنماط الحكم فيه في محاولة جديده وشاملة للمسألة مما يوفر أرضيه من نوع أو آخر للاقتراب من أساسيات الحل لجملة من المسائل الاجتماعية المعاصرة في المجتمع العراقي .
ماهية النمط :
الأنماط الانتاجيه ,هي هياكل بنائيه متكاملة تغطي مرحلة زمنية واسعة ولمجموعه من المجتمعات وتمثل مرحلة حضاريه كاملة, وللنمط الإنتاجي الواحد بناء اقتصادي تحتي يتمثل في الوسائل والآلات وتقنيات العمل ,وجوهره ألارتكازي هو الملكية وطبيعتها , ومجموعه من البناءات العلوية الملازمة للنمط وهي التكوين الاجتماعي من ناحية الطبقات وعلاقات الطبقات فيما بينها وهو ما يعرف بعلاقات الإنتاج وبالتالي نوع وشكل الدولة ونوع التشريعات وأشكال الآداب والفنون الملازمة للنمط والمعبرة عن مصالح الطبقات الاجتماعية المختلفة المتولدة عنه , ولم تكن الأنماط الانتاجيه وليده الأهواء والرغبات بل هي وليده لأنماط الفكر والفلسفة والأديان في المجتمعات البشرية , ووليده طبيعيه لأنواع الصراعات التاريخية بين المجتمعات . وفي المجتمع الواحد أيضا .
للأنماط الانتاجيه على اعتبارها مراحل للتطور المدني والحضاري للبشرية جذور عميقة في البنية العقلية للمراحل التاريخية للمجتمعات المختلفة ومن هنا نحصل على فهم واضح لأسباب شيوع هذا النمط الإنتاجي أو ذاك في هذا المجتمع أو ذاك وفي تلك الفترة أو سواها دوناً عن أنماط أخرى قد لا يكون المجتمع مؤهلا او متطورا لدرجة كافية للانتقال اليها.
أنواع الأنماط الانتاجيه :
يمكن تقسيم الأنماط الانتاجيه من ناحية طبيعة العمل إلى أنماط ثلاث , بشكل عام ,وتاريخيا فان المجتمع البشري قد شهد النمط الرعوي ’ثم النمط الزراعي ’ وأخيرا النمط الصناعي . ولكل نمط من هذه الأنماط وسائل إنتاجيه تختلف عن الأخرى ولها بالتالي قوانين وأعراف وحكومات وتشريعات تناسب طبيعة الإنتاج وطبيعة الصراعات على الملكية ’أي طبيعة الاستحواذ على غالبيه المنفعة المتولدة عن العمل , واليه التحكم في العمل ,واليه التوزيع للأدوار الاجتماعية,
ففي حين كان النمط الرعوي نمطا بدائيا يعتمد في جوهره على الاستحواذ على الأرض المليئة بالأعشاب والماء ويعتمد على تربيه الحيوانات الاليفه للاستفادة من منتجاتها المختلفة , فان النمط الزراعي تحول إلى استغلال الأرض للزراعة والاستفادة من المنتجات الزراعية المختلفة وتطور المجتمع بالتالي عن النمط السابق في وفره الإنتاج للمنفعة , وتطورت وتغير ت طبيعة الطبقات ووسائل الحكم والعادات والتقاليد , من ثم القوانين النافذة , أما النمط الصناعي فقد وفر وبلا شك وسائل جديدة أكثر تطورا للمعيشة والحياة وجلب معه وضمن مستلزمات قيامه جمله من التقاليد والأعراف ,والتشريعات , والمشاكل , والتعقيدات تتناسب مع أهميه ما أحدثه في الحياة البشرية من تطورات , حيث ولدت معها الصراعات الكبيرة نسبيا عن سابقاتها من الأنماط حيث أصبحت دائرة الصراع تشمل كل الأرض وحيث ما كان بحثا عن المواد الاوليه , والأسواق , والأيدي العاملة , مما تولد معه ظواهر كالاستعمار والامبريالية والشركات متعددة الجنسية ناهيك عن الحروب الكبيرة والخطيرة وهذه المرحلة تحمل في أحشاءها بوادر التشاؤم بنفس القدر مما تحمل من بوادر الخير والمنفعة للبشرية.
أما الأنماط من ناحية الملكية , فيمكن تقسيمها إلى ملكيه مشا عيه حيث الملكية كانت فيها عامه ولم تكن تخصصية وهو ما لازم المجتمعات البدائية المعتمدة على الصيد أساسا أو تلك التي كانت معتمدة على جمع الثمار والجذور , ثم هناك النمط الجماعي للملكية ,حيث تختص جماعة من البشر ( القبيلة أو العشيرة ) بملكية قطعة معينه من الأرض استولت عليها في زمن ما وباشرت باستغلالها لغرض الرعي في المجتمعات الرعوية ثم النمط ( المنسي ) والأكثر شيوعا في المجتمعات الآسيوي والاسلاميه فيما تلا ذلك وهو الملكية ألا لهيه حيث لا امتلاك للأرض لأي أحد سوى الله وأولياء الأمور (نواب الله في حكم الناس ) ( ويمكن تسميه هذا النمط بالنمط الثيوقراطي) حيث يلازم هذا النمط من الإنتاج والملكية الانظمه الثيوقراطيه التي تعتبر نفسها المالكة للسلطتين الدينية والدنيوية ثم يأتي النمط الآخر للملكية ,حيث الملكية العائلية (البارونية ) حيث تملك الأسر الحاكمة كميات كبيرة من الأرض ويقوم الملك بتوزيع أجزاء منها لمن يرغب وبحسب خدماته للتاج وخاصة في الحروب وفترات قمع الفتن والاضطرابات الداخلية وهو ما تولد عنه عصر الإقطاع حيث كان العاملون في الأرض يعتبرون جزاءً من الأرض وهم ملك لمالك الأرض , المقطوعة له من قبل الملك . ومع تحول المجتمعات من المرحلة الزراعية إلى المرحلة الصناعية تغيرت موضوعه الملكية إلى الملكية الرأسمالية حيث لم تعد الأرض لوحدها موضوع الملك وإنما الآلات والمكائن أي وسائل الإنتاج الأخرى , أما ملكيه الأرض فقد تطورت هي الأخرى إلى الملكية الاستعمارية , حيث استولت الدول والشعوب الأقوى تسلحا بالمعارف ووسائل القتال ووسائل الصناعة المبهرة بعد الثورة الصناعية في أوربا استولت على دول وممالك كبيره وكثيرة في آسيا وأفريقيا أرضا وسكانا, وقد افرز هذا النمط بما يحمله من عناصر الظلم والقهر الاجتماعي والغربة الانسانيه الخانقة سواء للمجتمعات التي عاشت في ظلها أو التي اكتوت بأطماعها التوسعية الاستحواذية , أفرزت الحاجة إلى نمط آخر من الانتاجيه وهو نمط الإنتاج الاشتراكي الذي طبق في بعض مجتمعات أوربا واسيا خلال القرن العشرين والذي عرف بالمجتمع الاشتراكي , الطامح في الأساس إلى نمط آخر من الإنتاج والملكية وهو النمط الشيوعي حيث الملكية لوسائل الإنتاج والمؤسسات للدولة والمنافع من كل حسب إنتاجه ولكل حسب احتياجه , وقد واجه هذا النمط من البناء مشاكل أدت به إلى الانهيار جراء صراعه الحاد مع النمط الرأسمالي , أما النمط المؤمل له السيادة لاحقا إذا كتب للبشرية النجاة والاستمرار على ظهر هذا الكوكب فسيكون بلا شك النمط الاممى للملكية ,حيث تكون فيه الملكية عامه لكل البشرية في حين تكون إدارتها من قبل شركات ذات طابع دولي وهذا ما توحي به أفكار العولمة والسوق الحرة والليبرالية الاقتصادية والديمقراطية السياسية .
نبذه عن تاريخ أنماط الإنتاج في وادي الرافدين :
لاشك أن الإنسان في وادي الرافدين قد مارس الرعي والزراعة ولذلك فانه قد مر بالأنماط الملائمة لهذه الأنماط, فقد كانت الملكية مشاعة في فجر التاريخ على عهود الصيد وجمع الثمار, ولكن سرعان ما نشأت أولى المدائن والحضارات على الأرض في هذا الوادي ومنها انطلق الفجر الأول للتاريخ وبدأت الكتابة , وقبلها الزراعة , ثم بدأت بواكير الصناعة اليدوية أي باختصار مجتمع المدينة ومجتمع الدولة, والملك الذي هو الإله في نفس الوقت أي مالك المدينة وأطرافها والذي بمعونة الآلهة الكبار في السماء يوسع دائرة ملكه بالقوة والحروب ويضم أليه المدن والممالك الأخرى المجاورة , , هذا الملك المالك يسانده في الحكم والملكية طبقه الكهان , وكبار رجال الدين .هذا في المدن , وهو كما نلاحظ يمثل بشكل نموذجي جذور النمط الآسيوي للإنتاج... أما خارج أسوار المدن وفي الأماكن البعيدة عن مقدرة الملك على غزوها فكانت القبائل الحرة تتشكل معتمدة على تربيه الحيوانات ومنتقلة من مكان ألي آخر حيث ما تكون الأعشاب كثيرة والمياه وفيرة , والأرض مصدر الإنتاج هو ملك للعشيرة كلها بالرغم من أن الكبار في العشيرة والسادة فيه لهم حق التصرف والرعي في أوفرها ماءا وأكثرها عشبا وهو كما نلاحظ النمط الجماعي من الملكية , هذه هي جذور الملكية في وادي الرافدين ,,وهو مشابه للأنماط التي انتشرت في أصقاع عدة من آسيا , إن الجذور الفكرية لهذه الأنماط تكمن في العقلية الشرقية الأولى التي كانت تعتمد في ثقافتها الاساسيه على الاسطوره و الأناشيد الدينية والتراتيل والادعيه وتمجد الآلهة والملك وتخلدهما بالملاحم والأساطير ,ولم تكن تعير اهتماما للفلسفة, والمسرح , والتصنيف العلمي , كما هو الحال في الجهة الغربية , شرق أوربا وجنوبها في بلاد الإغريق والتي أنتجت سبلها الفكرية تلك عن أنماط أخرى مغايرة مع استمرار الزمن وتطور الوعي ووسائل الإنتاج وعلاقاته الملازمة لها .
هذه النمطية في الملكية والتي وجد ألان بأنها كانت من اكبر العوامل المعيقة للنمو والتطور سواء كان نموا في الزراعة أو قدرة على التحول إلى الصناعة ,هذه النمطية ( الثيوقراطيه ).( النمط الآسيوي للإنتاج ) استمر طوال التاريخ القديم بالرغم من تعاقب الأجيال والأديان والدول والامبروطوريات العربية أو الإسلامية , لم يطرأ عليه أية تطورات جوهرية تذكر وإنما تغيرت المسميات ووسائل ألا داره وأسماء الموظفين وكان هذا هو الحال إلى سنين قليلة من أواخر الحكم العثماني حيث بوشر بالتسجيل والتدوين للممتلكات ومنها الأراضي وكانت المحصلة إن الغالبية من الأرض هي أميريه وملك للدولة أي السلطان الذي هو ولي أمر المسلمين ولا توجد لحد الآن سوى نسبة لا يعتد بها من الأراضي الانتاجيه (الزراعية ) مسجله لدى الدولة على اعتبارها ملكا صرفا للأفراد هذا النمط من الملكية أعاق بلا شك نمو الرأسمال بشكل صحيح فبقي رأس المال يراوح في مكانه في التجارة بمختلف أصنافها ومنها تجاره العقارات وارضي السكن (وهي محصورة في المدن ) هذا النمط من العيش المعتمد على التجارة , والمتعطل زراعيا ناهيك عن تعطله في الصناعة لاعتماد الثانية على الأولى كمصدر للمواد الاوليه مع تخلف رأس المال واستهلاكه في حلقات التجارة والدورة السريعة قصيرة النفس في السوق هذا النمط لازمه وكان من ضرورات ديمومته جملة من علاقات الإنتاج ( أي العلاقات الاجتماعية عموما ) هذه العلاقات فرضت قوانين محددة وفرضت سلوكيات , أفرزت أخلاقيات كذلك وفرضت قيم ,واعتبارات , وعادات تلائم استمرارها
, وهي في معظمها , قوانين , وأعراف , تقاليد تنزع في جوهرها إلى الخضوع المطلق للحاكم لأنه ولي الملك والنعمه , وتخلق في نفس الوقت سلاطين(ووعاظ للسلاطين) وحكام وملوك ورؤساء وشيوخ ووزراء متسلطين وجبابرة وقساة يخضعون المجتمع وقوانينه وأعرافه وتقاليده إلى أرادتهم الحرة والغير مسؤولة طالما هم أصحاب الأرض, وهم بالتالي مالكون للمملكة أو الدولة أو الولاية أو حتى الجمهورية . وبالتالي فان أي تمرد ضد الدولة إما يواجه بأقسى العنف أو تلجا الغالبية المسحوقة إلى طلب النجدة من أحد الغزاة وفي حاله استمرار أيه انتفاضه سكانية فإنها لابد وان تتصاحب بأعمال مروعة من القتل والانتقام وإعمال مماثلة من السلب والنهب كإفرازات للكبت( وكراهة الحاكم) وممارسه الحياة بعبودية وذل لفترات طويلة , والمجتمع في غالبيته يقر ذلك اعتقادا منه بأنها ردود أفعال طبيعيه . من هنا تبدءا دراسة المجتمع العراقي, مجتمع تاريخه متوقف تماما ... ذو قيم وأعراف وتقاليد مرت عليها آلاف السنين... وشوه فكره ومنطقه في السنين الأخيرة بشكل خاص .
العراق في العصور الحديثة :
كانت الدولة العثمانية مثل الدول الاسلاميه السابقة لها يخضع نظامها الإنتاجي والاجتماعي بالتبعية للنمط الآسيوي من الإنتاج وهو النمط الذي أشرنا إلى تأثيراته القاتلة في إيقاف أيه حركه للتطور الاجتماعي والفكري في زمن كانت الحضارة والمدنية, متمثلة في الثورة الصناعية, والثورة الفكرية والسياسية الملازمة للنهوض (الثورة الفرنسية ), وحركات الاصطلاح الديني , والقضاء على سلطه البابوية , ونشوء الدول القومية الموحدة ثم نهوض الطبقة الثورية الجديدة الطبقة البرجوازية الناهضة ثم الاستكشافات الجغرافية والتوسع في البحار والمحيطات , كان كل ذلك تطورا لا يمكن تصوره في فترة قصيرة من عمر الزمن الذي كان متوقفا تماما على أبواب السلاطين وأبواب المساجد والجوامع أمرهم الواجب الطاعة بمقتضى الشرع والدين ) والعالم حينها كان يتحرك ويغلي بالتطور والابتكار و الإنتاج المتنوع والوفير للخيرات التي لم يكن يحلم بها حتى الملوك والاباطره في الأزمان السالفة غير البعيدة وشعوب الامبروطوريه العثمانية , الرجل المريض ) كما كان يسمى علنا في أوربا الناهضة القوية المتجددة بانتقالتها التاريخية إلى عصر النهضة, والصناعة , عصر ازدهار الآداب والفنون كذلك .( ألم تنفتح أبواب الأرض وتتدفق خبراتها على الشعوب ألا وربيه) ففي حين كانت الغالبية العظمى من المجتمع تعاني من الفقر والعوز وهي لا تعي حتى فقرها وعوزها ذلك لأنه كان من المحرمات المطلقة الشكوى من الفقر والعوز والحاجه , لان الدين يكاد يمنع مثل هذه الشكوى .فالشكوى لغير الله مذلة , ونقيصة في العرف الاجتماعي والديني ولم تكن سوى نسبه قليلة من إفراد المجتمع تتمتع بالثراء والجاه ولكنها لم تكن متميزة بالتقاليد والعادات التي تميز الطبقات الراقية في المجتمعات الأوربية سواء في البلاطات الملكية أو في البيوتات الارستقراطية ... اللهم إلى بعض التقاليد التي تخص الزواج بين العائلات الثرية. ومما كان يزيد هذا التلاحم وعدم التمايز الطبقي في الأساس هو النمط الإنتاجي للمجتمع , فالصناعة كانت شبه معدومة وتتركز على الأنماط الحرفية الاستهلاكية ولغاية دخول القوات البريطانية الى العراق لم يكن في العراق سوى عدد محدود من معامل كبس التمور ومعمل واحد للغزل والنسيج وبعض معامل الدباغة والتي كانت تعمل اعتمادا على الإنسان وليس الإله.
وكانت الثروة الأساسية في المدن تدور في مجال التجارة فقط بشقيها الداخلي والخارجي وفي مجال بيع وشراء العقارات وهو ما انعكس في الكثير من تقاليد وعادات وأساليب التربية في المجتمع, وهو مما له الأثر الممتد لحد ألان في المجتمع العراقي حيث يعتبر الحصول على الربح وبأية طريقه شطارة ,والشطارة كانت المحور الأخلاقي المحرك للتجارة أما وسيله الإثراء إلى جانب الوجاهة والسلطة والمركز الاجتماعي فكان العمل في دواوين الحكومة حيث إلى جانب الراتب المضمون كان الوقوع على منافذ للاستيلاء على المال العام من خلال مظاهر الرشوة والعمولة وإعطاء الصفة الحقانية والرسمية على ما هو غير حق ولا عادل, وهذه الوسيلة للإثراء تستند على الجذر الأخلاقي ذاته للتجارة, وزادت وتركزت في المجتمع العراقي مع تركز الحكومات وتوسع الإدارات وخاصة في العهود الجمهورية المتاخره, والمحصلة ان أساس الإثراء في المجتمع العراقي كله قائم ويقوم على سرقه المال العام بطريقه أو أخرى, طالما أن المال العام يمثل كل الثروة في المجتمع قي ظل النمط الأسيوي للإنتاج حيث الأرض والملك والمال كله لله ولاولياءه في السلطان أي الحكام والملوك والمال موجد ومتوفر في دواوين الدولة ودوائرها والشاطر من يتصيده في غفلة الرقابة وبلف القانون وبرمه بلطف واتكيت ولباقة وبعض مظاهر الوجاهة والادعاء بالعلاقات والمعارف وكل ذلك كشفه الأدب والفن منذ زمن بعيد ,أما الجانب الثالث للإنتاج واعني به الزراعة فقد ظل بدائيا إلى فترة قريبه جدا من التاريخ الحديث ولم تدخل أولى مضخات الماء إلى البلاد سوى في نهاية الثلاثينيات من القرن العشرين أما الساحبات والمكائن الزراعية فلم تعرفها البلاد إلا في الستينيات ولم يتم التوسع على الطلب لها إلا في العقديين الأخيرين منه ودخلت الأسمدة في الاستعمال في السبعينات وطوال العهد العثماني فان الأراضي قاطبة كانت ملكا للدولة العلية أو تم هبتها باللزمه للمتنفذين بأمرها وجامعي الجباية ومتعهدي التمويل الرسمي الضرائبي ,وفي منتصف القرن التاسع عشر استحدث دائرة التسجيل العقاري (الطابو ) ولم تسجل أي ارض زراعية كأرض ملك صرف وإنما وجد أن كل الأرض الزراعية هي أما أميريه(ملك الدولة) أو لها حق التصرف باللزمه(أساسا ملك ألدوله ويمكن إلغاء حق اللزمه متى ما ارتأت ذلك) واستمرت الحالة على ماهي عليه في زمن الدولة العراقية في العهد الملكي حتى الثلاثينيات من القرن الماضي حيث وزعت الأراضي على شكل إقطاعيات على كبار رؤساء العشائر من المساندين للنظام والقارين بعدم جواز التغيير في هيكله الدستوري الملكي ,وظل هذا الوضع قائما لغاية العهد الجمهوري الأول حيث صدر قانون الإصلاح الزراعي الذي كان شعاره الأرض لمن يزرعها وتم تفتيت الملكية إلى ملكيات صغيره تفي فردا واحدا ذو عائله متوسطة الإفراد فظهرت الملكية بالعقد والملكية بالمغارسه وعقود الشواطئ وتم تفتيت الأنهار وخاصة بعد إنشاء مجموعه من المشاريع الاروائيه ومن ذلك نلاحظ بأنه لم يكن أمام الملكية الزراعية أي مجال للتطور المستقر أو للاستثمار أو التمويل الواسع(تركم الموارد) أو نشوء الزراعة المتخصصة أو الزراعة المتخصصة في الإنتاج الصناعي حيث أن هاجس أن( الملك غير مستقر وغير نهائي) كان هاجسا حقيقيا يدفع للعمل بالحاضر الممكن وبالسنوي والموسمي, دون النظر لأبعد من ذلك , وكانت الغالبية من المجتمع تعمل في الزراعة كفلاحين تابعين للإقطاعيين رؤساء العشائر مقابل حصة هزيلة من الإنتاج تحافظ على حياة الفلاح كضرورة لاستمرار العمل في الأرض.
من كل ذلك نلاحظ
1: ضعف أو انعدام الشعور بالاستقرار بالنسبة للاستثمار في مجالي الزراعة والصناعة وقد أضافت الأحداث السياسية وتقلباتها وخاصة في العهود الجمهورية من هذا الشعور.
2: اتجاه رأس المال ومنذ عهود بعيده إلى الاستثمار التجاري حيث الدورات السر يعه لرأس المال مع توفر وغنى القاعدة الاخلاقيه(الملازمة والمستحدثة) من عادات وتقاليد وانظمه وقوانين ضبابية تتيح المجال للمرارغه والتحايل.
3: الرأس المال الأساس والملكية المطلقة(قدره التصرف الحر والتوارث فيه) كانت بيد الدولة فقط.
4:جراء انعدام النمو الصناعي أو الزراعي العلمي انعدمت بالتالي القاعدة الاجتماعية للتطور العلمي والتقني خاصة أن كل ما هو جديد وعلمي يأتي من الغرب الذي كان ينظر أليه على انه كافر واستعماري وصهيوني ويتآمر على المجتمع إلى كل ما هناك من مصطلحات رنانة كانت تقود الاتجاهات السياسية الطفيلية والانتهازية التي ضلت سيده القيادة للدولة, محافظه على ما بين يديها من ملكيه الدولة التي تنهب منها ما تشاء خاصة وان هذه الملكية والثروة كانت كبيره وتكبر باستمرار من خلال تصدير النفط كمصدر أساس ووحيد للثروة العامة
5:كل الثروة وأنواع الإثراء كانت من خلال منافذ الدولة ولم تتمكن من بناء طبقات اجتماعيه واضحة المسالك (تعي ذاتها ودورها ومصالحها) والاتجاهات أوتعمل على الحصول على أيه شرعيه سياسيه مقروره ومعترف بها اجتماعيا فهي تعمل جل وقتها بالاصطياد والخفية والخوف والانتهازية.
6: جراء هذا البناء الاقتصادي الاجتماعي تولدت وتتولد باستمرار مجاميع من البناءات الفوقية المرافقة تظهر في القوانين والتعليمات والعادات والتقاليد والفن والأدب تشكل كل واحد منها اعترافات اجتماعية رسمية وإقرارات بالعشيرة والشيخ ورجل الدين راعي الملك( وعاظ السلاطين ) كما سماهم الأستاذ الوردي
خاتمة
سبق وان قدمت هذا البحث للنشر ونشر على ثلاث حلقات في جريدة الاتحاد في عام 2005 على ما اذكر والحال انها يمكن ان تعتمد كمدخل وكمقدمة تاريخية
يمكن الارتكاز عليها في مشروع أوسع يهدف الى دراسة الأزمة البنيوية للاقتصاد العراقي و تجليات الواقع الاجتماعي المعاصر وهو ما نشر على صفحات موقع الحوار المتمدن ووعدت بان يكون ذو صلة.
وللبحث صلة ان شاء الله




#عبد_العزيز_الحيدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اوراق في الفلسفة
- وهل من أمل
- قصائد ل د.ه.لورنس
- مرثية
- الأزمة البنيوية للاقتصاد العراقي و تجليات للواقع الاجتماعي
- ذاكرات
- الفكر بين الذات والموضوع
- ديوان ..كلمة واحدة
- الاستدراجات
- الساحر
- حول الينبوع
- صورة
- الفساد الاداري والمالي
- لابداع داء ملهلب


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد العزيز الحيدر - إشكاليات النمط الآسيوي للإنتاج(المجتمع العراقي انموذجاً)