أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ساطع راجي - الخرائط الطائفية















المزيد.....

الخرائط الطائفية


ساطع راجي

الحوار المتمدن-العدد: 2893 - 2010 / 1 / 19 - 18:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يبدو إن العراق كان مجرد نقطة البداية التي ظهرت فيها التناقضات والصراعات الطائفية على سطح التداول السياسي ليمتد بعد ذلك الحريق الطائفي فيشمل معظم بلدان المنطقة بدرجة تدعو الى التفكير بإمكانية اعادة رسم خرائط بلدان المنطقة إعتمادا على حدود الامتدادات الطائفية وما ظهر من تصورات هنتغتون (مفكر صدام الحضارت) رغم انه جاء في سياق عالمي خضع للصراعات والظروف المتغيرة لكنه قد يجد تطبيقه الحرفي في الصراع الطائفي داخل الشرق الاوسط.
هناك تحليلات كثيرة تستند الى عقلية المؤامرة، وهي عقلية لصيقة بالفكر والسياسة الشرق أوسطيين، في تحليل الظاهرة الطائفية سياسيا ومن هذه التحليلات تلك التي ترى في ان الطائفية بشكلها الراهن وقوتها الضاغطة هي ابتكار غربي أو أمريكي حصرا لتغيير اتجاه عنف الجماعات الاسلاموية المتطرفة، بحيث يبقى هذا العنف حبيسا في بلدانه فلا يجرؤ على تكرار هجمات ايلول النيويوركية كما يساهم التعصب الطائفي وما يثيره من مشاكل في تقليص شعبية الجماعات المتطرفة عموما ويدفع مجتمعات الشرق الاوسط لتبني أفكار سياسية اكثر حداثة واقل تشددا وبعيدة عن العمل العنفي.
التحليل المؤامراتي الآخر يرى إن صعود الهويات والصراعات الطائفية هو جزء من الاعراض الثانوية للازمة الايرانية الامريكية حيث يسعى كل من الطرفين الى حجز مواقع في الشارع العربي عبر التخويف من مخططات الطرف الاخر فيكون الخطر الطائفي هو الاشد تأثيرا على عقليات الحكام والمحكومين في الشرق الاوسط لأنه الاعمق تأريخيا (عموديا) واجتماعيا (أفقيا) مع انحسار الافكار القومية واليسارية، وغياب الفكر الاسلامي الجامع العابر للطائفية، فأعلن الخطاب العربي الرسمي أكثر من مرة عن وجود خطر شيعي داهم يحاول ابتلاع المنطقة وبالمقابل هناك شعور بالمظلومية عند شيعة المنطقة يدعوهم الى الاعلان عن شعورهم بالاستهداف ويدفعهم الى استثمار المتغيرات السياسية والحضارية للصعود الى سطح السلطة بعد غياب طويل، لكن هذا التحليل يبقى متيبسا عند عتبة الاعلام والمواقع الشعبية التي تتبادل الشتائم والاتهامات بلغة ركيكة وسوقية.
منطقة الشرق الاوسط تعيش أزمة طائفية حقيقية وهناك بلدان معرضة للتمزق نهائيا مثل اليمن كما إن هناك بلدان ستدخل ميدان الاحتقان الطائفي العنفي قريبا منها السعودية وربما الكويت وقد تتسع دائرة الطائفية لتشمل بلدانا آخرى وبإختصار يمكننا القول ان دول الشرق الاوسط تنهار وتتمزق الى جزئياتها الاولى بعدما عجزت الدولة الحديثة خلال ما يقرب القرن من تجاوز الهويات الجزئية كما عجزت عن انتاج منظومة التعايش السلمي بين المكونات وذلك لإن مشروع الدولة الحديثة في الشرق الاوسط (العربي تحديدا) على كثرة مفكريه ومروجيه المحليين إلا أنه كان نتاج عملية اخصاب صناعي فشلت الارحام (المجتمعات) في تغذيته وإنمائه وحفظه فسرعان ما تشوه الحمل (مشروع الدولة) وسيطرت عليه تلونات فكرية تم التعامل معها كأنها مجرد رطانات تبرر القتل والدمار والتخلف وهي مرفوعة بلافتات لونتها العقائد السياسية المعقدة لتجوب بها السوقة أزقة العواصم الضيقة المختنقة بالمياه الآسنة والفقر والعنف فأوهمت مجتمعات الشرق الاوسط نفسها وتخيلت بأنها تسير الى الامام وانها أيضا قادرة على مراجعة أفكارها وخطواتها لكن الحقيقة التي أصبحت مشاعة هي ان تلك المجتمعات كانت تتقدم الى الخلف بسرعة وتغوص في مستنقعات غيبها وتخلفها بدرجة تصعب معها المراجعة، فمنذ عقود انساقت هذه المجتمعات الى عبادة الفرد البطل وتأليهه، وحتى في عهود تقمص الليبرالية والعلمانية كانت الحشوات الطائفية هي المسيطرة على مؤسسات الدولة بصيغة الحزب الواحد لكن تلك الثياب ابليت بسرعة وتم التعامل بها كموضات سريعة التلف لكن خزانة الافكار المستوردة أصبحت فارغة وعندما بحثت المجتمعات عما يسترها لم تجد غير الثياب القديمة (الدين ومن ثم الطائفية) لكن هذه الثياب أصابها الكثير من التمزقات والاهم انها لم تعد ملائمة لروح العصر وكل محاولات العصرنة ذهبت ادراج الرياح فإنحدر المدافعون عن الثياب القديمة الى حالة هستيرية من التعصب فشحذوا ادواتهم التكنولوجية الحديثة وملأوا الفضائيات ومواقع الانترنيت بالشتائم والشعارات الطائفية واذا كانت هناك خلافات تاريخية وتمزق فكري موروث لم يعد من الممكن التحقق من صدقيته فإننا نعيش اليوم في عصر نشرات الاخبار الطائفية والمواقع الالكترونية الطائفية، حتى يحتاج المرء الى مراجعة نفسه مرارا وتكرارا ليدقق فيما إذا كان نسبه الطائفي قد شوش عليه رؤيته وحرف فهمه، ولربما اصطنع العداء لبني طائفته (الوراثية) لكي يفصل نفسه عن الحشد المتعصب ويترك مسافة تفصله عن ساحات الحروب الطائفية التي قد يغوص فيها دون أن يدري.
هناك حرب طائفية مستعرة في كل بلدان الشرق الاوسط العربية وهي تصل الى حد التكفير والقتل والتخوين، وتبدو بعض الخطابات الطائفية وكأن الناس قد ضاقوا ذرعا بالعيش متجاورين داخل بلد واحد، وينزف مثقفو العرب يوميا الكثير من الكلام في قدح الطائفية والطائفيين وربما انسل بعض هؤلاء المثقفين تحت ضغط العواطف أو الارتزاق الى خنادق الطائفية، وربما كان هذا الانحدار أحيانا نتيجة للشعور بالوحدة وتحت ضغط طرد الطرفين وعداوتهم وربما كان بسبب العجز عن ابتكار حل لتجاوز العقدة الطائفية، ويبدو إن البحث عن حل للعقدة الطائفية كان يتم دائما في المكان الخاطئ، فعند الابتعاد قليلا عن ميدان التناحر الطائفي سنجد إن المشكلة تكمن في تقبل الاختلاف وتجاوز ثنائية الحق والباطل والحاجة الى الاعتراف بالتنوع والاختلاف الفكري، الطبقي، المناطقي، القومي، الديني، المذهبي، ليس الاعتراف بالكلام السهل والصلوات الموحدة والزيارات المتبادلة بل بالتعايش مع الاختلاف، وهذا لن يتم إلا بقراءة نقدية تصل الى حد الادانة لكل فكر وخطاب واحدي بل وحتى الى مطمورات الجمع وقناعاته وغيبياته، فضلا عن إحداث تغيير جذري في ممارسات المؤسسة الدينية وكل هذه المهمات هي من صلب عمل نخبة قوية تستطيع الدخول الى الفجوات الصغيرة بين جماهير الخطابات الطائفية وهذا ما لا تستطيع النخب الراهنة فعله ولذلك يشحذ الطائفيون أسلحتهم على مهل وهم يرسمون بأطراف سكاكينهم خرائطهم الخاصة بحدود فضفاضة جدا وبأحلام واسعة.



#ساطع_راجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الفصل بين الجنسين مدرسيا
- السلوك الانتخابي..النهوض متأخرا
- الموازنة ..أمراض مزمنة
- قانون الاحزاب..ملف مزعج
- الفكة..حقل الفشل
- دعاية إنتخابية في الخارج
- حملات قاتلة
- تأثير الرأي العام
- ضربة إستباقية
- الضامن الامريكي وسياسة التوتر
- الحوار المتمدن في توهجه الثامن
- هل تقتل الديمقراطية نفسها؟
- محرقة الانتخابات
- أخطاء فوق أخطاء
- وهم الدولة ووهم الدولة الكبيرة
- مخاطر الانتخابات القادمة
- هل العراق جديد؟
- دائرة كركوك المغلقة
- فوضى أمنية
- لغز العبوات اللاصقة


المزيد.....




- هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا ...
- إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
- شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران ...
- قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ ...
- كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا ...
- هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله ...
- الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
- مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب ...
- مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال ...
- روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ساطع راجي - الخرائط الطائفية