أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - قاسم حسين صالح - الثابت والمتحول في المجتمع العراقي المعاصر 4-5 سادية طائفة..مازوشية أخرى















المزيد.....

الثابت والمتحول في المجتمع العراقي المعاصر 4-5 سادية طائفة..مازوشية أخرى


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 2893 - 2010 / 1 / 19 - 12:51
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    




الثابت والمتحول في المجتمع العراقي المعاصر-4-5
( رؤية من أجل المستقبل )
أ.د.قاسم حسين صالح

سادية طائفة ..مازوشية أخرى

استنتاج مسبق.. للتأمل والمداولة

حين تكون السلطة بيد طائفة احتفظت بها أكثر من ألف عام ،لها مذهب يختلف أو يتعارض مع مذهب طائفة أخرى، تشكلان كلاهما الأغلبية في المجتمع، فان الطائفة الثانية تتهم الأولى بصفات:(
الاستبداد ،والاضطهاد ،والجلاّد) وتضفي على نفسها صفات:(المظلومية،والمحرومبة،والضحية ).
وحين يحصل انقلاب مفاجيء يزيح الأولى عن السلطة ويولّي الثانية عليها ، تنزع الطبيعة البشرية " للضحية " الى الانتقام من " الجلاّد" يولّد ردّ فعل الدفاع عن النفس ، يتطور الى
انتقام متبادل.ولأن الانتقام اذا استمر يؤدي الى فناء الطائفتين ، فان سيطرة العقل الانفعالي
على السلوك تقل تدريجيا ، فينشط التفكير العقلاني لتبدأ عملية التكيف للأمر الواقع ، مصحوبة
بحذر وتوجس الطائفة الثانية من سعي الطائفة الأولى الى استعادة الأدوار. وستستغرق هذه العملية وقتا أطول من سابقتها للوصول الى مرحلة التوافق القائم على مبدأ التداول السلمي
للسلطة ، بافتراض تحييد العوامل الدخيلة.

تحديد مفهوم
تعني السادية ، أصلا ، اضطرابا في السلوك الجنسي لا يحصل فيه الشخص السادي على متعته الجنسية إلا بإيقاع الألم على شريكه بالعملية الجنسية ، فيما تعني الماسوشية " المازوخية ، المازوشية " اضطرابا جنسيا ايضا لا يحصل فيه الشخص الماسوشي على اللذة والرعشة الجنسية إلا بعد أن يقوم الطرف الأخر بإيقاع الألم فيه .

ومع اختلافهما فأنه يجمعهما عامل مشترك هو أن كليهما يحصل على المتعة عن طريق الألم، فالسادي يستمتع بإيقاع الألم على الآخر والماسوشي يستمتع بإيقاع الألم عليه من قبل آخر.
حديثا ، خرج هذان المفهومان من ميدان الطب النفسي المقتصر على السلوك الجنسي ليشملا أنواعا أخرى من السلوك لاسيما أصحاب السلطة الذين يفرطون في استعمال القوة مع الخصوم ، والاستمتاع بتوسلات واستذلال وإهانة الآخر في حالة السادية ، وميل الفرد إلى أن يكون مظلوما أو تعريض نفسه للإهانة والإذلال في حالة الماسوشية . ويجيز بعض الكتّاب لأنفسهم وصف شعوب معينة بالسادية وشعوب أخرى بالماسوشية ، كوصف الشعب المصري بأن لديه ميول مازوشية تعود الى زمن الفراعنة الذين حكموه بقسوة ورضخ لها ، ووصف الرومانيين وأحفادهم الأوربيين والأمريكان بالسادية.

محور الموضوع

مع أن البعض يرى أن للمورثات (الجينات ) دورا في نشوء السادية والمازوشية ، الا أن الباحثين فيهما يرون انهما سلوكان مكتسبان يتم تعلمهما من البيئة الاجتماعية ، ويرتبط نشوئهما بأساليب التنشئة الأسرية للأطفال . إذ تشير الدراسات على مستوى الأسرة العربية والعراقية إلى شيوع أنماط التربية المتسلطة التي تسعى إلى بناء شخصيات مطواعة تميل إلى الإذعان والتبعية وتعويد الطفل العربي على الخضوع للكبار وطاعة السلطة عبر أجواء أسرية تشيع فيها السلطة الأبوية الصارمة وأساليب قهر الأبناء والقمع النفسي والازدراء والاحتقار والسخرية والتهكم وخلق الإحساس بالدونية والشعور بالنقص .
من جانب آخر ، فان العلاقة بين الأب والأم عندنا هي في معظمها شبيهة بعلاقة " سي السيد بزوجته أمينة " في ثلاثية نجيب محفوظ ، حيث الأب يمثل القوة والسلطة ( يحلل لنفسه اللهو الحرام ويحرّم على بيته اللهو الحلال) فيما تمثل الأم الطاعة والخضوع . ولأن الوالدين يشكلان الأنموذجين للطفل ( الطفل يقلد الأب والطفلة تقلد الأم ) فأنه ينمو عن طريق التقليد تهيؤ نفسي لأن يأخذ الذكر دور الأب وتأخذ البنت دور الأم . وحين يبلغ الطفل السادسة من العمر تأتي المدرسة لتعزز أنماطا من السلوك المازوشي . اذ تضيف الدراسات أن النظم المدرسية العربية تسعى إلى الضبط الاجتماعي وتوليد المسايرة والانصياع لمعايير الجماعة ، وأن الأنظمة التربوية العربية تقوم على تكريس علاقات السلطة الخاصة بالنظام الأبوي، وأن ما يتعرض له الأطفال من قهر وتسلط تربوي يضعهم في دائرة استلاب شاملة .

غير أن العامل الحاسم في شيوع السادية والماسوشية على صعيد المجتمعات العربية ، والمجتمع العراقي بشكل خاص، يعود إلى علاقة السلطة بمواطنيها . وللتوضيح فان " السلطة " هي غير "التسلط ". فالسلطة في المفهومين الفلسفي والأخلاقي ، ضرورة اجتماعية " لتنظيم أمور المجتمع " ، وضرورة نفسية " لتحقيق الشعور بالأمن " وضرورة أخلاقية " لتحقيق العدل بين الناس " ، وهي بهذه المعاني تكون مشروعا تمارس بموجبه القوة " لا التسلط " لإقرار ما وجدت لأجله ، فيما يتضمن التسلط معاني : الظلم والقهر والإرهاب والعنف والإكراه وما يماثلها .
ويكاد العراقيون ينفردون عن باقي الشعوب في علاقتهم بالسلطة . فعلى مدى ألف وأربعمائة سنة تولّى السلطة في العراق أربعة أنظمة هي :الأموي والعباسي والعثماني والبعث ، مارست الظلم والطغيان والاضطهاد والعنف ضد الخصوم والتمثيل البشع برموزهم .
وعلى الرغم من اختلاف الزمن والظروف فان السلطة في أنظمة الحكم هذه تشترك في أنها مصابة بثلاثة أمراض هي السادية والسيكوباثية والنرجسية . ففيما يخص موضوعنا السادية فان السلطة في العراق وعبر أكثر من ألف سنة مارست، وبدعم من السلطة الدينية، مختلف الأساليب التي تجعل الناس ينظرون إلى " الخضوع " بوصفه حقا للسلطة وواجبا عليهم ، ويتقبلون آلامهم ولا يشكونها حتى لأنفسهم ، ليتحقق من خلال ذلك ( معادل نفسي ) طرفاه "السادية " و"المازوشية " يمنح السلطة الشعور بالاطمئنان على ديمومتها ، ويمنح الناس الشعور بالأمن على سلامتهم ما داموا تحت خيمة الدولة.
ومن خصائص السادية أن المصاب بها ،الذي يكون على رأس السلطة او في مواقع متقدمة فيها ، يعمد إلى استخدام العنف مع الآخرين بهدف احكام السيطرة عليهم ، ويتقصّد ذمّهم واهانتهم وتحقيرهم وازدرائهم والتقاط عيوبهم والبحث عن أخطائهم وتضخيمها من أجل معاقبتهم بشدّة . وتسيطر عليه نزعات تدفعه قسرا إلى تدمير سعادة الآخرين وتبديد آمالهم . وهو حين يرى إشارة ولو خفيفة يشعر فيها ما قد يفسّر أنه نيل من اعتباره فانه يصاب بنوبات من الغيظ الجنوني تدفعه إلى أن يتفنن في إنزال العذاب بمن يراه مذنبا بحقه ،لأنه يعاني من خوف داخلي وتوتر وهيجان ويشعر من الداخل بأنه منبوذ مقضي عليه .ومن صفاته ايضا أنه غير واقعي ، تسيطر عليه أفكار غير منطقية ، ويمتلك خيالا واسعا يدفعه الى الاكثار من الكلام المصحوب بالمبالغة في التعبير عن انفعالاته لجلب الانتباه . وهو لا يكتفي بمحاولته تشكيل سلوك الناس وفقا لما يرد بل يسعى ايضا حتى الى تشكيل البيئة بحسب مزاجه ، ويعمد ايضا الى الاسراف في انفاق المال . ومع أن هذه الصفات قلما تجتمع في شخص واحد الا انها تجسدت بشكل " نموذجي " في شخصية دكتاتور النظام السابق ، ابشعها دفن الخصوم احياء في مقابر جماعية ، وأوقحها استمراره ببناء قصوره في شهرهزيمته اثر غزو الكويت (آذار ) ولم تزل طرق الخط السريع من البصرة الى بغداد ملطخة بدماء الجنود ، ولم يخجل من العراقيين ويداري مشاعرهم وهم يقيمون مآتم أحزانهم مع أنه كان السبب في فواجعهم.

سادية النظام السابق

يمثل النظام السابق آخر أنواع السادية التي مارستها السلطة في العراق . ففي السبعينيات بدأ تدجين للعراقيين على السلوك المازوشي أخذ شكل الترغيب والترهيب للانتماء إلى حزب البعث الحاكم ، ثم الإجبار على الالتحاق بالجيش الشعبي وعسكرة الناس الذي هو إجراء يعد من أعلى الممارسات في (معادل ) السادي – المازوشي بين السلطة ورعاياها ، والمبالغة في أساليب إذلال الناس وتحقيرهم ، أقساها : أخذ ثمن الطلقات من أهل المعدوم الذي تم بها قتله ، وعدم السماح بإقامة مجالس العزاء للذين تعدمهم السلطة ، والإعدام في الساحات العامة للهاربين من الجيش، ووسم " المتخاذلين" بقطع آذانهم.
وكان أن خلق حالة من الخوف والرعب الجمعي والرقابة الأمنية المؤسسية والحزبية ، وأوصل الفرد العراقي إلى أقصى حالات اليأس المتمثلة بتوليد يقين لديه بأن تقرير مصيره بيد السلطة وحدها التي لم تستطع أن تطيح بها ثلاثة حروب كبيرة وحصار شامل لثلاثة عشر عاما .
حتى " البطاقة التموينية " كان لها دور سيكولوجي في إشاعة المزاج المازوشي بتوليد وتقوية الشعور لدى المواطن بأن الدولة هي خيمته التي يستظل بها ، وأن عليه أن يخضع لها حتى لو كانت ظالمة .
و"الحملة الإيمانية " أيضا كان لها هدف ماز وشي هو توجيه المواطن نحو التذرع بالصبر على ما أصابه من محن وفواجع ، والشكوى لله وكبت شعور التذمّر من السلطة التي هي سبب محنه وفواجعه.
وهكذا تعمقت الهوة بين السلطة والناس ، ونجم عن ممارسة السادية من قبل السلطة مبالغة في ممارسة المازوشية بين الناس وكبت ملأ الحوصلة وحقد يغلي من الداخل ينتظر لحظة الانفجار ليشفي غليله في انتقام بشع .
وأوضح سلوك ماز وشي هو مناسبات العزاء في عاشوراء ، ففي هذه الطقوس الجماهيرية يجري ضرب الكتفين ب "الزنجيل " وضرب الرأس بـ "القامه " على إيقاع موسيقى الطبول والدفوف وروائح البخور وماء الورد ، في حالة من التباهي بين الضاربين بالزناجيل والقامات في أيهم كتفاه أكثر احمرارا ودماء وأيهم تسيل الدماء من رأسه بغزارة ، في دعاية جماهيرية لإشاعة سيكولوجيا المازوشية . وأخطر ما فيها إشراك الأطفال بالمواكب وتدريبهم على السلوك المازوشي بضرب الزنجيل في مشاهد تحبب جلد الذات العلني والتباهي به ، في مواكب ظاهرها : التعبير عن حب وتقدير وتعظيم لرجل شجاع ومبدئي من طراز فريد وشهيد خالد ورمز للإنسانية في تحدي طغيان السلطة ..تجسدت بشخص الإمام العظيم الحسين (ع)، وداخلها السيكولوجي : تنفيس عن المكبوت في أوقات الظلم ، واستغاثة للخلاص في أوقات الأزمات ، واثبات للذات وتنبيه للآخر في حالات توقع الخطر .
ان هذه الطقوس ربما كانت مشروعة في عهود الأنظمة الدكتاتورية بوصفها وسيلة تنفيس عن الظلم والاضطهاد الذي كانت تعانيه الطائفة الشيعية ، فضلا عن أن كثيرا من القصائد التي تلقى بهذه المناسبة كانت تتضمن نقدا صريحا للسطة الدكتاتورية او ضمنيا بقصائد لشعراء يجيدون ( الحسجة الحسينية ) بنباهة .ولأن الشيعة أصبحوا الآن في السلطة ، عليه ينبغي اعادة قراءة مقتل الحسين (ع) بمراجعة حضارية ، والكف عن أساليب جلد الذات والتباهي بالمغالاة في الأحزان على حساب تبيان المواقف المبدئية لرجل عظيم وقف بشجاعة نادرة بوجه الظالم والمفسد ،والتركيز على ما في الواقعة من دروس بليغة للناس ومن صاروا في السلطة .وأن تكون منزّهة من أغراض سياسية لأحزاب تعزف على وتر الطائفية ، أو أشخاص يغذّون مشاعر الحقد على من كان في السلطة ويحرضون العقل الجمعي بقصائد مؤثرة انفعاليا تؤديها أصوات شجية على الانتقام من أبناء الذين كانوا السبب أو المحسوبين عليهم .فضلا عن ان قادة شيعة يؤكدون ان هذه الطقوس بدعة ، وأنه لم يثبت أن أحد الأئمة المعصومين من أبناء الحسين (ع) قد مارسها أو شجع عليها أو أوصى بها.
وأرجو أن لا يفسّر كلامنا هذا بأن السلوك المازوشي صفة تنفرد بها الشيعة ( وكثير منهم مناضلون وقفوا بوجه الحاكم السادي واستشهدوا بشجاعة) ، فللطوائف الأخرى سادياتها ومازوشياتها التي تتجسد بأعلى مواصفاتها في أوقات الأزمات كما حصل في السنوات الست بعد التغيير( 2003).غير أن الماسوشية تكاد تكون الصفة الغالبة في الشخصية الشيعية فيما السادية تكاد تكون الصفة الغالبة في الشخصية السنية لسببين رئيسين : سياسي يتعلق بالسلطة التي كانت بيد السنة منذ قيام الدولة الأموية فالعباسية فالعثمانية التي كانت أشدها قسوة على العراقيين ( الشيعة منهم بشكل خاص والعلويين بشكل أخص ) ..لغاية عام 2003 ، وسبب اجتماعي كون معظم السنّة ينحدرون من قبائل بدوية ويحملون ترسبات سيكولوجية من الشخصية البدوية ..وكثير من السنّة ايضا مناضلون وقفوا بوجه الحاكم السادي واستشهدوا بشجاعة .وكما أن (النماذج) السادية والمازوشية موجودة في الطائفتين ، فان النماذج السليمة نفسيا والمثقفة والمبدعة موجودة في الطائفتين ايضا .

التبادل النفسي للأدوار
إن المبالغة في ممارسة المازوشية ينجم عنها مبالغة في ممارسة السادية في حالة تبادل الأدوار بين " الضحية " و " الجلاّد " ، والمشهد العراقي يؤكد هذه الحقيقة السيكولوجية . فقد كانت السلطة في العراق بيد السّنة العرب أكثر من ألف سنة فيما كان الشيعة في دور " المعارضة " للزمن نفسه. وبالمعنى السيكولوجي لدى الشيعة ، يعني هذا أن السّنة كانوا يمثلون دور السادي وأنهم مظلومون من ألف عام . والذي حصل بعد التغيير 2003 تبادل للأدوار، فصار الشيعة في السلطة والسّنة في المعارضة ، وتبادل في سيكولوجيا السادية والماسوشية بالتبعية نجم عنه أن الطائفة التي كانت تعدّ نفسها " ضحية " بالغت في الانتقام ممن تعدّه " جلادّها " حين امتلكت السلطة ، وأن الطائفة التي كانت تعدّ " جلادّا " دافعت عن نفسها أن تكون "ضحية " وبالغت في الانتقام ممن تعدّه صار " جلادها " . وأصيب كلا الطرفين بحالة تعدت الخوف من الآخر إلى " بارانويا " في أقصى درجاتها بأن وصل كلاهما إلى الاعتقاد أن الآخر قد رفع شعار : " لأتغدى بصاحبي قبل أن يتعشى بي !".
ما كان للأحتراب الطائفي الذي زهقت فيه أرواح مئة ضحية باليوم على مدى سنتين( 2006-2008) أن يتوقف لولا وجود ثوابت في المجتمع العراقي تمثلت بالقيم وتاريخ طويل من الروابط الاجتماعية بين أفراد الطائفتين . ويعود الفضل للناس وعقلاء القوم أولا ، وليس للسياسيين ، في صفع الجنون بيد العقل ، والى حملة قامت بها (سلطة الضحية ) ضد المتطرفين من اتباعها .
استنتاج

المتحول هنا أن الطائفة التي خبرت " السادية " أو مارستها قيادتها على مدى أكثر من ألف عام ، قد فقدتها بعد عام 2003 ، سواء كسلطة أو كحالة تماهي عدد من اتباعها بالسلطة . وان الطائفة التي خبرت " المازوشية " على مدى الزمن نفسه ، تهيأت لها الفرصة في التاريخ نفسه أن " تتحرر " من " مازوشيتها " وتنتفل الى موقع السلطة لتعيش خبرة " السادية " .
والايجابي في هذا التحول أن الطائفتين ادركتا – بعد اجتيازهما المحنة – أن السادية والمازوشية سلوكان غير سويين ، وأنهما انتبهتا الى أن ما كانت تحمله احداهما من أفكار بخصوص الأخرى كانت تتضمن تقويمات خاطئة ، وأنه بدأت من عام ( 2009) عملية مراجعة وتصحيح للأفكار غير العقلانية والتعميمات الخاطئة التي تحملها الطائفتان نحو بعضهما ،فليس كل أتباع الطائفة هم طائفيون بالضرورة بل فيهم كثر يدينون تطرف من صاروا قادة يمثلون طائفتهم، وحصل بعد استعادة التوازن الانفعالي مراجعة عقلية بما يعدّ مرحلة أولى في سيكولوجيا " شفاء " الطائفتين من أمراضهما النفسية . غير أن هذا لا يعني أن الاحتراب بينهما دفناه ولن يتكرر، أو أن كل طائفة قد أمنت تماما جانب طائفة أخرى ما دامت هنالك طائفية سياسية، وأن " تعافيهما " يحتاج الى زمن طويل وجهد ثقافي وتربوي ضخم تمر فيه الأفكار والتعميمات الخاطئة من مرحلة " التصحيح" الى مرحلة " الاقتناع " وصولا الى مرحلة " السلوك " الذي يتعامل فيه الفرد مع الآخر على أساس أنه " انسان " بغض النظر عن طائفته أو أي اعتبار آخر.
وننبّه الى مسألة غاية في الأهمية ،هي أن جوهر مشكلة " العداء " بين السنّة والشيعة يكمن – برأينا – في ( الثقافة الشعبية )لجماهير كلا الطائفتين .فمع أن أكثر المثقفين من الطائفتين يستسخفون الخلاف بين السّنة والشيعة ،الا ان جماهيرهما الشعبية التي تشكل الغالبية العظمى ،متشبعة بثقافة الخلاف ..وهي التي تؤثر في القادة السياسيين ، فيتعاطف قسم منهم معها لكسب ودّها من أجل البقاء في السلطة ، وينتصر قسم آخر لها لحمايتها من تجاوزات جماهير الطائفة الأخرى .
وعليه ينبغي ان تتضمن استراتيجية البرنامج الثقافي التركيز على ما يجمع الطائفتين من قضايا مشتركة متمثلة بوحدة الدين ومرجعية القرآن الكريم وارادة العيش في وطن واحد ، واحترام حق الآخر في الاجتهاد ، وأن تبقى الاجتهادات الفقهية وما يتعلق بترسبات الماضي بعيدة عن ميدان السياسة ، وتهذيب التراث الفكري لكل طائفة من كل ما يسيء او يسخر من رموز الطائفة الأخرى ، وتنقيته من اختلاقات اخذت صيغة خطب او روايات او احاديث منسوبة لكبار المسلمين ..دسها مغرضون وصاغوها بما يلهب مشاعر وانفعالات الغضب والعداء لدى جماهير شعبية يتحكم بها عقل انفعالي جمعي يدفعها الى حالة من الهوس الهستيري ، يجبر قادتهما السياسيين على العودة من جديد الى دائرة الصراع بين السادية والمازوشية في أول أزمة يتعرضون لها أو حين تدعم احداهما من جهة خارجية يغريها بأرجحية احتواء الأخرى .



#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثابت والمتحول في المجتمع العراقي المعاصر 3-5 .ثقافة الولاء ...
- الثابت والمتحول في المجتمع العراقي المعاصر 2-5
- ما هكذا تكون الدعوة لتحرير المرأة
- الثابت والمتحول في المجتمع العراقي المعاصر 1 - 5
- ميكافيللي الشرير القابع في زعاماتنا
- السياسيون وبذيء الكلام
- انتخبوا ..القائمة النفسية!
- التعصب والاتجاهات
- نهاية العراق :في الانتخابات المقبلة!
- سادية حاكم ..مازوشية شعب
- زيارة لمدينة الناصرية - قراءة في ثقافة العشيرة
- الفؤوق الجندرية بين العلم والخرافة
- رسالة إلى نفسي
- الانتخابات العراقية ..وسيكولوجيا الاحتواء -قراءة نفسية-سياسي ...
- سيكولوجيا الفوضى بين بغداد وبيروت
- نحو فهم جديد لسيكولوجيا الشيخوخة
- العار ..للقتل غسلا للعار !
- التقاعد = مت وأنت قاعد!
- العراق : وطن بلا طفولة
- دلالات الرموز في أعلام دول العالم


المزيد.....




- ترامب يفشل في إيداع سند كفالة بـ464 مليون دولار في قضية تضخي ...
- سوريا: هجوم إسرائيلي جوي على نقاط عسكرية بريف دمشق
- الجيش الأميركي يعلن تدمير صواريخ ومسيرات تابعة للحوثيين
- مسلسل يثير غضب الشارع الكويتي.. وبيان رسمي من وزارة الإعلام ...
- جميع الإصابات -مباشرة-..-حزب الله- اللبناني ينشر ملخص عمليات ...
- أحمد الطيبي: حياة الأسير مروان البرغوثي في خطر..(فيديو)
- -بوليتيكو-: شي جين بينغ سيقوم بأول زيارة له لفرنسا بعد -كوفي ...
- كيم جونغ أون يشرف بشكل شخصي على تدريب رماية باستخدام منصات ص ...
- دمشق: دفاعاتنا الجوية تصدت لعدوان إسرائيلي استهدف ريف دمشق
- هبوط اضطراري لطائرة مسيرة أمريكية في بولندا بعد فقدان الاتصا ...


المزيد.....

- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 4 - 11 العراق الملكي 2 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - قاسم حسين صالح - الثابت والمتحول في المجتمع العراقي المعاصر 4-5 سادية طائفة..مازوشية أخرى