أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كواكب الساعدي - لاهواء مع رائحة الموت














المزيد.....

لاهواء مع رائحة الموت


كواكب الساعدي

الحوار المتمدن-العدد: 2892 - 2010 / 1 / 18 - 12:02
المحور: الادب والفن
    




قال تعالى:( وقلنا للسموات والأرض اتيا
طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين)


كواكب الساعدي

إنّها قوّة ُ أعتى من الطغيان, إنها الطبيعة ُ حينما تزُمجِرتأخذ كلّ شيْء يعُوق مسيرَها, تَمْتَمَتْ وهيَ ترى على التلفازأكوامِ الجثث ملقاةٌ على قارعة الطريق هي تعرف أنّ هذه المشاهد تثير الكآبة لديها لعدّة أيام ويستحيل بدنها وعاءً للألمِ, ورأسها مسرحاً للحزن, لطالما أنهكتها صور أهلها في بلدها وصور أطفال غزّة, وكلّ المعاناة بصورها الدامية والتفاصيل الانسانية الحزينة وما أكثرها في أيامنا هذه. هذا الزلزال الذي اجتاح هاييتي وقضى على الحرث والنسل هو لَمَشهداً من مشاهدٍ مروّعةٍ يكاد القلب المرهف بالانسانيّة لا يقوى على احتماله.
إنه عبْءٌ يُضافُ لأعباءِ البشريّةِ الكثيرة.
ارتدتْ ملابسها على عجلٍ وكأنها تريد أن تَتَنَصّل من حمل ثقيل أتعبها أرادت أن تتنفس هواءً نقيّاً ليس به رائحة الموت. أمّت صَوْب اللّسان البحريّ الذي ينام بكلّ ارتخاء وسط البحيرة الاخاذّة. فكرّت قليلاً : إن الذي صمّم وأسّس وبنى هذا الصّرح الساحر لهُ فضلٌ على الارواح التي تكتظّ بهموم الحياة فهو مُتنفّسٌ لهم, للمتعبين الهاربين, من صمت الجدران الإسمنتيّة. أطلقت سلسلةٌ من الزفرات وكأنها تطرد ما عَلِقَ في روحها من شوائب وتُنقّي صدرها من الضيق. أحسّت ببعض النقاء تأملّت البحر بكلّ أحاسيسها هو البحر النديم الذي لا يتخلّى عنها في ساعات البوح الهامس هو صديقها كاتم اسرارها كم ائتمنتهُ بأماناتٍ كثيرة ولم ينقض عهدها أبداً, تراقصت مويجاتَها بخفّة داعبتها من بعيد وكأنها تشير لها بالمودّة. ارتسم على مُحيّاها فرحٌ طفوليٌ مباغَت تأملت ذاك السقف الأزرق رصّعتهُ بعض الغيمات كأنها ندف من الثلج بأشكال غير منسّقة, يتمايسُ بينها ذلك الطائرالأبيض مُحلّقاً صوب البحر كأنه شراع يتهادى لسفينة مرساتها قريبة وفجأة تراءى لها كأنّهُ يهوي إلى القاع خافت عليه, دنا صدره من صفحة البحرلامسها أظنُّ أنّ البلل أصابَ بعضٌ من ريشه, ثمّ وَشوَشَ لها سرّاً حملهُ بين جناحيه لها, مثلها, وانطلق بسرعة الريح إلى السماء مثل سهم صيّادٍ ماهر لا يخطىء التصويب غادر إلى البعيد إلى أنِ استحال إلى نقطة بيضاء بعيدة المنال. التفتتْ ثانيةً نَحْوَ السّماء فرأتها طائرةً أتتْ من بعيد اعترضت مسيرها غيْمةً شفّافةً بيضاء دخلتْ بها وخرجت منها وكانها فراشة اغتسلت هناك وأودعتها تعبها وتركت ما بها من أتربة وغباركانت قد نثرت أشرعتها في أسقف السماء جزلى بركابها أمانتها التي توصلهم لأحبائهم, حانيةً عليهم. في هذهِ اللّحظة التي شَعّت بالتأمل الروحيّ باغتها قرص الشمس انقلبت سحنته إلى اللّون الاحمر ينذر بالمغيب تضاءَلت حركة أقدام المارّة استحالت إلى دبيب تركت اللسان البحري مجتازة طريقها لتلك الروضة الغنّاء يتربع بوسطها بيت من بيوت الله وبعد هنيهات من السكون, هدر المؤذّن بلكنة آسيوية محبّبة مؤذّناً للصلاة. صحيح إنها غير مفهومة بعض الشيء لكن النفس بها تستريح استرعى انتباها ترديد المؤذّن الآية عدة مرّات قبل الركوع ظلّ يعيد ويعيدعلى غير العادة(إن للمتقين مفازا حدائق واعنابا) اقشعرّ بدنها من الرهبة وهو يتممّ, حتى دخل فى نحيب طويل أجهش المصلون كلهم معه, ها هي القلوب خاشعة بذكر الله إلى أن أكملوا صلاتهم وهي مسمرّة بمكانها وكأنّ الملائكة أحاطت هذه الروضة فامتلأت بالنورالبهيّ إن لهذا الكون ربٌّ يجزل العطاء للمتقين والخاشعين والذين يكرمون بلا منٍّ ولا أذىً, إن البشرية عانت ما عانت من الويلات ما لا يُحتمل اجتاح جسدها السّلام وروحها الأمان ورجعت وكأنها تخلّصت من كل أعبائهاوهى تردّد (إن للمتقين مفازا حدائق واعنابا) داعية من الله أن تكون الأرض داراً للسّلام والأمان بعيداً عن الحروب والزلازل والويلات وليشمل الذين رأتهم من على التلفاز بما وعدهم من فردوس لا ينقطع ويلطف بالأحياء منهم.
إنه سميع الدعاء .

كاتبة عراقية مقيمة بدولة الامارات
16/1/2010



#كواكب_الساعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وأنا أقضم صمتي
- ثلاث قصص قصيرة ومتن
- بطرق أخرى
- تراتيل للسيد المسيح في عيد ميلاده
- ليلة موغلة بعدم الفهم
- شئ ما باعدني عنهم ..
- أفعال غير معتادة
- أعني..
- الوقت مبكرا للتراجع
- أنسج لك مايقيك من الردى
- قصائد
- متحسسة صوره عبر بوكا


المزيد.....




- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كواكب الساعدي - لاهواء مع رائحة الموت