أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد حاشوش - ازاحة الاقنعة














المزيد.....

ازاحة الاقنعة


سعيد حاشوش

الحوار المتمدن-العدد: 2891 - 2010 / 1 / 17 - 13:11
المحور: الادب والفن
    


إزاحة الأقنعة
في (فراشة على غصن ميت) لرمزي حسن

سعيد حاشوش

ثمة تشويش مدروس ومقصود في أسلوبية بناء الجمل في القصة الأولى ( في العزلة السابعة) إذا علمنا أن المجموعة تتألف من ست قصص تبدأ القصة الأولى (من كوة بحجم الكف) هذه الجملة الإخبارية تكشف لنا عن (رجل ملقى على ظهره بإهمال) لنصل الى مرحلة الشك (حتى تكاد تحسبه ميتا) ونتأكد ( كل شيء مطبق حوله.. ليس ثمة صوت أو حركة في الجوار) فيما عدا صرار الليل الذي لا يزيح السكون بل يزيده عمقا وكثافة ثم (لحظة، ويبدأ الرجل بالحراك).
هذا الرصد التتابعي في سرد التفاصيل أي أن المشهد القصصي هو الذي يقدم نفسه بدون سارد هو أعظم ثورة في فن القصة العراقية في نهاية السبعينات وقد تبدو الجمل التي اقتطعتها من النص لعبد الإله عبد الرزاق لكن القاص هنا رمزي حسن الذي جهد بأسلوبه التشيئي بجعل الإنسان مجرد كائن مهمل ويكمن الذكاء القصصي بتوظيف جمل ترتبط بحبال قوية وتعتمد على وحدات قصصية صغرى ثم يباغتنا القاص بتحول هذه الأسلوبية الى حلم يقظة وحوار بانتقالة سريعة لا نميز فيها الواقع من الخيال (يتحسس ظهره) ص 14 وتبكي النجمة (وانزلقت دمعة من عينيها لتسقط على خده) ص 15 .
ندرك أن الدمعة تساقطت من عيني السجين وأنه يعيش في حلم يقظة محاولا الخلاص من سجنه. إن حلم السجين بالتحرر جسّده الكاتب فنيا حين تحرر بالحلم وابتعد عن رصد التفاصيل إلى عالم أرحب هو عالم النجوم الفسيح. ذكاء القص يكمن في التحرر الذي جسّده بالفن وفي بناء الجملة وليس في الواقع بتقنية لغوية وجمل رشيقة ما عدا توظيف زنة فعلاء للجموع وهو خطأ شائع كما لا يريد القاص التمييز بين الفئران والجرذان.
قيل قديما قد يغيب الرابط حين يفرض نفسه بقوة ويدلل على وجوده.. إن الارتباط بين قصص المجموعة أشبه بنغمات على وتر وحيد يقترن بالاضطهاد ومحاولة الإنسان التشبث بالأمل وإزاحة الأقنعة .
على الرغم من الظلام الهائل في جميع القصص حيث تنفرد المجموعة عن باقي المجاميع القصصية لكتاب البصرة أن لا وجود للشمس في القصص لأنها لا توجد في الواقع المعيش، (في اللاشعور تجسد الشمس أو الأنوار الحرية) وتظل صرخة السجين مدوية في الرأس حين ينادي النجمة (هل تتركينني في الظلام) ص 16 فتجيبه (كن ذاتك) أول إشارة لنزع الأقنعة والالتصاق بالذات.
و(تشجع لتنهض بروحك من جديد) ص 15 أما في القصة الثانية البوذي (إن على الإنسان دائما أن يبدأ من جديد) ص26 وفي قصة (سماء بلا قمر) يقول رجل الإعدام للمواطن البريء المختطف من منزله بعد قتل أمه وإعدام أخيه في زمن سابق (ينبغي أن يكون لك قناع لتعيش وإلا) ص 37 ويكون الجواب (أود أن أبقى عاريا، ما قيمة أن أربح العالم وأخسر نفسي) ص 37.

تترابط جميع القصص في الفضاء ورصد الأحاسيس والرؤية للعالم، هو الطفل (الهائم على وجهه) في قصة (كرنفال جنائزي) وهو الشاعر الضال الذي يقتل في قصة (مرايا) والذي يسجن في القصة الأولى ولو افترضنا إطلاق سراحه بعد سنين سيكون مصابا بالجنون أو التوحد والغربة والبحث عن أصدقاء غيبتهم الدكتاتورية بالإعدام والسجن والقتل في الجبهة الشرقية المصنوعة للموت. وتكون الهاوية المظلمة هي المصير. إن تكرار الملفوظ الكتابي (الهاوية) في كل القصص وغالبا ما تكون المصير، هذا الملفوظ رابط خفي بين قصص المجموعة، ففي قصة (كرنفال جنائزي) تدفن الطفلة في هاوية بدون شاهدة قبر(لم يكلفوا أنفسهم في وضع شاهدة على قبرها أو أية علامة دالة) ص 62وتنتهي قصة (سماء بلا قمر) (ووجدت نفسي أنحدر نحو الهاوية) ص 38 أما قصة (البوذي) (أتخيله الآن، يرتعد من البرد وحيدا، تحت سقف واطئ من الصفيح، تبللت أرضيته بالطين، لا يرغب في شيء ولا يملك شيئا في هذا العالم) ص 28 إنها نغمة أخرى لهاوية الإنسان، كما يغيب الأب في جميع القصص ما عدا قصة (كرنفال جنائزي) إذ يجسّد التسلط على أطفال أبرياء يقتل الطفلة في الواقع ويقتل السارد بالحلم فيهيم على وجهه (وسدد ركلة قاسية الى صدر أختي الطفلة) ص 59 (وتتحداني، أنت أيها القميء) ص 68 .
يرمز الأب باللاشعور للسلطة وغيابه مدروس من قبل القاص، والغريب عدم وجود ضوء لكن الظلال في كل قصة، إنها ظلال الذات الإنسانية. إن ثلاثية القناع والهاوية والظل (حتى في القصة التي تحمل ثريا المجموعة، فراشة على غصن ميت نجد هذه الجملة (أقوم بتمثيل دور الرجل المهذب، ولكن المنافق في الوقت نفسه) لم أطلع على أية مجموعة تحارب لبس الأقنعة وترفض امتهان الإنسان وتجعل له ظلالا تؤدي به لهاوية مجهولة إلا هذه المجموعة وسر انبهاري بالذكاء الفني يكمن في الحقيقة في قصة (مرايا) لأني لم أقرأ قصة قصيرة واحدة فيها تعدد الأصوات ولا أعني الشخصيات وتركت الغوص فيها لأنها تحتاج لقراءة منفردة لتفردها أيضا في فضاء الإبداع القصصي وفي النهاية لا يسعني القول سوى أن جميع القصص يسردها سارد واحد عن بطل واحد وعن واقع عراقي مؤلم عاشه الإنسان في ظل الدكتاتورية.
--------------------------------------------------------------------------



#سعيد_حاشوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبد الحليم مهودر في ظل استثنائي... مدينة الانهار
- قراءة في مجموعة (اللوحة) القصصية لمجيد جاسم العلي
- ادباء بصريون : (شواهد الاشياء لباسم الشريف... شواهد الماء)
- (أصوات أجنحة جيم ) لجابر خليفة جابر....رفيف الأجنحة الراحلة
- كتاب ( طريدون ) القصصي ...رواية حديثة
- قراءة في مجموعة علاء شاكر رجل في عقل ذبابة : تطويع اللغة ومر ...
- لاأحد يشبه المسيح
- أدباء بصريون.... ناصر قوطي .. العمق المنفرد
- ادباء بصريون...عبد الحسين العامر في مرزوك ...الإيقاعات الضائ ...
- أدباء بصريون...حارس المزرعة لنبيل جميل .... عبثية الإنسان ال ...
- أنفلونزا الصمت..للقطراني قصص قصيرة جدا
- أدباء بصريون ... لعنة ماركيز لضياء الجبيلي .. رواية عجائبية
- أدباء بصريون... قراءة في رواية - علي عباس خفيف - (عندما خرجت ...
- أدباء بصريون .... محمد خضير بين التشيؤ والمثيولوجيا
- مكنسة الجنة لمرتضى ﮔزار...رواية ذاتية التوالد
- رصد مدفعي
- مذكرات بائع جوال في إحدى صباحات الدولفين
- اضغط على الزر واشعر بالقوة
- صورتي الرائعة
- الوجهاء


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد حاشوش - ازاحة الاقنعة