أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - أحميدة عياشي - عيون في العتمة














المزيد.....

عيون في العتمة


أحميدة عياشي

الحوار المتمدن-العدد: 2891 - 2010 / 1 / 17 - 01:19
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


في الصيف الفائت التقيت علاوة حاجي، وهو صحفي متابع للشأن السينمائي بوهران •• لم أكن أعرفه من قبل، شاب خجول وصامت، أو هكذا تخيلته عبر الانطباع الأول عن اللقاء••• التقيته في يوم آخر ودائما في نفس المدينة وبمناسبة مهرجان الفيلم العربي، كان رفقة زملائه •• تناقشنا في الثقافة والسينما والمسرح••
ولم التق به بعد ذلك إلا في رمضان المنصرم •• وكان اللقاء في فضاء ألف نيوز ونيوز، تبادلنا كلمات سريعة وتواعدنا أن نلتقي •• دائما صموت وخجول، وبنفس الطريقة الصامتة والخجولة فتح محفظته وسلمني كتيبا أنيق الشكل •• تصفحت العنوان وإذا بي أكتشف أن هذا الكتاب الأنيق له، فسألته •• إذا أنت تكتب القصة!•• ابتسم، ولست أدري إن كانت وجنتاه احمرتا من الخجل لأن الليل كان قد خيم في تلك اللحظة التي سلمني أو أهداني مولوده الصامت مثله •• شكرته ووعدته بقراءته والكتابة عنه، ومنذ تلك اللحظة غرقت في اليومي الذي لا يريد أن ينتهي، ووضعت الكتاب على رف مكتبي داخل مقر الجريدة •• وذات مرة حملت الكتاب معي وأنا مسافر إلى ولاية بجاية، لكنني نسيت أين وضعته عندما وصلت إلى الفندق، ورحت أقلب الكابا •• لكنني لم أجده•• وتأسفت على ذلك، ولمت نفسي، وخشيت أن يكون الكتاب ضاع مني•• وعندما رجعت إلى العاصمة ودخلت مكتبي في اليوم التالي رحت أبحث عن الكتاب، فلم أجده •• وفكرت من جديد في الاتصال بعلاوة حاجي، لكنني اكتشفت أنني نسيت أين سجلت رقم تليفونه بعدما تأكدت أنه غير مسجل في ذاكرة النقال، وعندئذ قلت ربما وضعت الرقم على الصفحة الثانية من الكتاب •• ثم طلبت الرقم من أحد الصحفيين، وهو من جيله يشتغل معنا في الجزائر نيوز• وبالفعل أعطاني الزميل رقم هاتف حاجي، وعندما تلفنت، جاءني صوت آخر، لم يكن صوت حاجي، فقلت هل أنا مع علاوة، وسألني الآخر أنا نعم، لكن من أنت؟ فقلت له أنا احميدة عياشي، فصاح فرحا، وقال لي، أين أنت يا رجل؟! منذ قرن لم نلتق•• وعرفت من صوته وكلامه أنه علاوة آخر، عرفته في الثمانينيات، وأيضا في بداية التسعينيات، لكنه اختفى مثلما اختفى الكثيرون في عهد الزمن الأحمر••• وأحسست بالخجل لكنني قلت له •• في الحقيقة أبحث عن علاوة آخر، وهو علاوة حاجي، فقال بأنه لا يعرف شخصا بهذا الإسم، ثم ودعته وودعني وكأننا لم نتعارف منذ زمن •• وفهمت كم الزمن خطير، وقاتل •• يخلق في نفسك رمادا يقتل فيك روح الزمن وزمن العلاقة •• ومنذ أيام كنت جالسا بمكتبي في المنزل، وكنت أبحث عن رواية سبق وأن قرأتها أكثر من مرة لأرنستو ساباتو، وما أن امتدت يدي إليها، حتى قابلني ذلك الكتاب الأنيق، الصامت الضائع والخجول •• وكانت به عيون تطل علي بشكل سوريالي•• وكان العنوان باللون الأحمر ست عيون في العتمة ••• وضعت ساباتو ورحت أتصفح ست عيون في العتمة ثم توقفت عن التصفح•• ورحت أقرأ•• القصة تلو الأخرى•• من هذه ليست قصة إلى فكرة غبية إلى دمية ممزقة إلى أصوات إلى طفل محفظة إلى الإعدام إلى انتحار الغزالة، إلى القط المحترم إلى مرزوق في الصندوق إلى المجنون إلى عصفورة الحب إلى سيارات•• سيارات، إلى الأسرار إلى دخول وخروج، إلى الأحلام الصدئة، إلى ست عيون في العتمة، إلى كيف تصفق بحرارة دون أن تتورم يداك، إلى مكان ليس للأم، إلى احتجاج، إلى أزهار، إلى صوتها، إلى حفلة تنكرية، إلى أمنيات خارج النص، إلى جدي وجدتي، إلى الزورق التائه، إلى شفقة، إلى المخادع، إلى حبيب كالمطر، إلى موعد، إلى أمنية، إلى اختيار إلى تعسف، إلى المعلم، إلى ملامح، إلى الرجل الذي فقد رأسه، إلى مغامرات، إلى طلب ح،ب إلى رسالة قصيرة جدا إلى البرد•••
كانت المجموعة مفاجأة حقيقية بالنسبة إلي، قوية، إنسانية، نابضة ومليئة بالدفء الساخر وبتلك الضحكة المستترة على النفس وعلى العالم•• كانت المجموعة الأقاصيصية تعبيرا حقيقيا عن موهبة قوية، مبشرة بكاتب متميز يملك نظرة خطيرة إلى النفس البشرية وإلى العالم••• هذه الموهبة ذات القدرة الحية على الحكي ببساطة عسيرة، بساطة تغريك كالمرأة الغاوية، لكنه ذو امتناع يجعلك أسيرا ومتلهفا وراغبا في اكتشاف ذلك السر العاري والخفي في الوقت ذاته•••
بمجموعته•• ست عيون في العتمة ، يكون حاجي علاوة وقع صوته ليكون بصمة حقيقية في المشهد القصصي الجزائري••• مجموعة لابد أن تقرأ وأن يكتب عنها•••



#أحميدة_عياشي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واحد مقابل صفر
- كلنا مريم مهدي
- فرانسواز جيرو
- كارثة سعدان وروراوة
- ما الثورة الدينية
- بن بلة وبومدين-فتنة الضوء وسلطة الظل-


المزيد.....




- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة
- سيناريو هوليودي.. سرقة 60 ألف دولار ومصوغات ذهبية بسطو مسلح ...
- مصر.. تفاصيل جديدة في واقعة اتهام قاصر لرجل أعمال باستغلالها ...
- بعد نفي حصولها على جواز دبلوماسي.. القضاء العراقي يحكم بسجن ...
- قلق أمريكي من تكرار هجوم -كروكوس- الإرهابي في الولايات المتح ...
- البنتاغون: بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة سيبدأ قريبا جدا
- البنتاغون يؤكد عدم وجود مؤشرات على اجتياح رفح


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - أحميدة عياشي - عيون في العتمة