أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صاحب الربيعي - محنة الكاتب والقارئ العربي















المزيد.....

محنة الكاتب والقارئ العربي


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 878 - 2004 / 6 / 28 - 04:48
المحور: الادب والفن
    


للثقافة أجواء محددة للنمو والتطور أهمها توفر مناخ لحرية الفكر والاختلاف، فمساحة الحرية هي التي تحدد مستوى التطور الذي تشهده تعدد أوجه الثقافة في البلد. وفي ظروف انعدام الحرية، تنمو الثقافة وحيدة الرؤية والاتجاه وتكون معبرة عن توجهات السلطة السياسية التي تكون بالتأكيد سلطة قمعية.
ولا تكفي الحرية لوحدها لنمو الثقافة، لكنها ركن أساسي في تطورها، فالعنصر الأساس في تطور الثقافة هو المثقف الذي ينتج الثقافة..فبدون توفر الأجواء الملائمة لهذا المنتج وتشجيعه على العمل الإبداعي، لا يمكن أن تتحقق سُبل التطور للثقافة.
ويحتاج منتج الثقافة لظروف مناسبة للعمل الإبداعي، أولها تأمين سُبل العيش الكريم له فليس من المعقول أن يجهد الكاتب طوال ساعات النهار من أجل كسب لقمة العيش، ويُطالب فيما بعد بالعمل الإبداعي والمساهمة في تطور الثقافة!!.
الإنتاج الثقافي مهنة كبقية المهن تحتاج لظروف عمل مناسبة، ومنتج الثقافة كأداة للإنتاج يحتاج لظروف ملائمة ومناسبة للعمل. فالعمل الإبداعي، تخصص نادر، وملكة الإبداع لا تتوفر لدى الجميع وليس كل من تهيئة له الفرصة للكتابة قادر على الإبداع والمساهمة في رفد الثقافة بالشيء الجديد.
لذا فالمنتج للثقافة يحتاج إلى مورد مالي مناسب، يحقق له متطلبات العيش الكريم، كي يتمكن من أداء مهمته كمبدع وكمنتج للثقافة. فمنتج الثقافة في الوطن العربي، بالرغم من الظروف المعاشية القاهرة التي تضيق عليه سُبل الحياة، ينتج أعمالاً إبداعية. ولكن تلك الأعمال الإبداعية، لا تتناسب والقدرات المالية للأمة العربية، ولا مع الكتلة السكانية التي تشغل تلك المساحة من الوطن العربي.
وبالرغم من ذلك، يتعرض منتج الثقافة إلى السرقة لجهده الإبداعي من قبل دور الطباعة والنشر، وتبخل عليه مؤسسات الثقافة الحكومية المنح والمكافآت وحتى المساهمة بنفقات الطباعة لنتاجه الإبداعي، ونعتقد أن محنة منتج الثقافة (الكاتب) تعود إلى عدة أسباب منها:
1-عدم وجود قوانين فعالة تضمن حقوق التأليف في الدول العربية.
2-ما زالت أغلب الدول العربية لم توقع على المعاهدة الدولية للحفاظ على حقوق النشر والتأليف التي أقرتها التشريعات العالمية.
3-انعدام الحريات في الوطن العربي نتيجة تسلط الأحزاب الشمولية على مقاليد السلطة السياسية.
4-ضعف أداء منظمات الأدباء والكتاب في الوطن العربي، كونها منظمات تمثل السلطة السياسية أكثر من تمثيلها الكُتاب.
5-عدم وجود تشريعات تنظم العلاقة بين الكاتب ودار النشر بما يضمن حقوق المؤلف.
6-عدم وجود قوانين رادعة تقتص من مافيات القرصنة على حقوق المؤلف التي تقوم بطباعة وترجمة الكتب وتصويرها دون موافقة مسبقة من الكاتب.
7-الرقابة (غير المبررة) على الفكر وحجب الرأي الأخر في الوطن العربي.
تلك الأسباب تحبط منتج الثقافة، وتقلل من هَّمته في الإنتاج طالما يشعر أن إنتاجه معرض للسرقة، وعدم اهتمام الدولة في الحفاظ على حقوقه كمؤلف، ولا المساهمة في دعم جهوده في المساهمة في تطور ثقافة المجتمع.
فالإشكالية الأساس التي يعاني منها منتج الثقافة، هي تهميش الدولة للمثقف وعدم الاهتمام بالثقافة والمثقفين، وبالمقابل هناك مافيات دور الطباعة والنشر التي يضطر الكاتب للتعامل معها، فتعمل على سرقة جهده الفكري بغير وجه حق. وللخروج من هذه الإشكالية، وإنصاف منتج الثقافة وحماية حقوقه بالتأليف وتشجيعه على الإنتاج يتطلب العمل على:
1- شراء المؤسسات الثقافية الحكومية مائة نسخة من الكتاب المطبوع للمؤلف على الأقل وبأسعار تشجيعية بقصد دعم المؤلف.
2-عدم تدخل السلطات السياسية في انتخابات المؤسسات والمنظمات الثقافية، بغية تمثيل تلك المؤسسات عناصر كفوءة قادرة على الدفاع عن مصالح الكاتب.
3-يتوجب على الدول العربية المبادرة للتوقيع على المعاهدة العالمية لحقوق النشر والتأليف.
4-إلغاء أجهزة الرقابة على طباعة الكتب وتوزيعها في الوطن العربي.
5-تقديم منح مالية سخية للكُتاب لتشجيعهم على التواصل والعيش الكريم.
6-إصدار تشريعات تمنح الكاتب حق الحصول على راتب شهري، وراتب تقادي بعد أن تتجاوز عدد مؤلفاته 15 كتاباً كحد أدنى.
7-منح كافة التسهيلات اللازمة للطباعة وتسويق الكتاب، ورفع القيود الجمركية عنها وضمان حرية حركتها عبر الحدود.
8-إلغاء جميع القوانين والقرارات التي تحد من حرية النشر والتأليف، وفسح المجال لمؤسسات الأدباء والكتاب لتدير شؤونها بنفسها.
9-يتبنى اتحاد الآباء والكتاب العرب تنظيم العلاقة بين الكاتب ودور النشر من خلال وضع لائحة تحفظ حقوق التأليف، وتجبر دار النشر على تقديم كشوف سنوية عن مبيعاتها بشكل أصولي للاتحاد الذي يقوم بدوره بتسديد حقوق المؤلف.
محنة القارئ العربي:
في القطاع الثقافي هناك طرفي معادلة، يتوجب أن تكون متعادلة في نسبها وعدد جزيئاتها و إلا فأن نتائج المعادلة تكون غير صحيحة. فطرفي المعادلة في الثقافة هي منتج الثقافة والقارئ، فكلما زاد المنتج من وتيرة إنتاجه الإبداعي يعني ذلك هناك سوق لتصريف الإنتاج (القارئ) وبالمقابل فكلما انخفض عدد القراء، انخفضت وتيرة الإنتاج للمنتج.
فالثقافة أيضاً تخضع لآليات السوق (العرض والطلب) لكنها لا تحتكم لمبدأ الربح والخسارة أو القيمة المادية الصرفة للسلعة، لأن وزارة الثقافة أو مؤسساتها تعتبر قطاعاً غير إنتاجي بالمفهوم الاقتصادي لا يحقق مورداً مالياً وأرباحاً للدولة. بل يمكن اعتباره قطاعاً خدمياً، يأخذ من موارد الدولة لكنه يساهم مساهمة كبيرة في تدعيم سُبل النجاح للقطاعات الإنتاجية الأخرى في الدولة على صعيد الدخل القومي.
فالثقافة تساهم في رفع درجة الوعي لدى المواطن فمثلاً على مستوى القطاع الصحي يمكن للثقافة أن تساهم في الإرشاد الصحي للمواطن، وبالتالي تقلل من نفقات الدولة في القطاع الصحي. وكذلك الأمر في الإرشاد الزراعي حيث ترفع من مستوى الثقافة الزراعية للعامل الزراعي وبالتالي تقلل من أوجه الصرف في القطاع الزراعي.
كما أن للثقافة أوجه أخرى للمساهمة في رفد الحضارة الإنسانية ورقيها، فالدولة المتحضرة تفخر بمنتجي ثقافتها أكثر مما تفخر في صناعتها فمثلاً شكسبير؛ وسارتر؛ ونيتشه؛ وبتهوفن؛ وسقراط؛ ونجيب محفوظ ؛ والجواهري.. يمكن اعتبارهم ركن من أركان المستوى الحضاري للدولة.
من العرض السابق، نود أن نصل إلى استنتاج مفاده: يتوجب على الدولة المساهمة الجدية بتشجيع الإنتاج الثقافي، كإعفاء الكاتب من تكاليف الطباعة. وبهذا فأنها تساهم في تخفيض سعر الكتاب مما يشجع القارئ على شراء الكتب بأسعار تتناسب ودخله السنوي. ونجد أن ارتفاع أسعار الكتب وعدم قدرة القارئ العربي على اقتناء الكتاب يعود إلى:
1-ارتفاع أسعار ورق الطباعة وتلاعب تجار الورق بالأسعار.
2-زيادة جشع أصحاب دور الطباعة والنشر بغية جني أرباحاً أكثر.
3-ارتفاع نسبة الحسم الذي يتقاضاه الموزع التي تصل بين 50-55% من سعر الكتاب.
4-احتكار أصحاب دور النشر الخاصة لتوزيع الكتاب وعدم وجود جهات حكومية فعالة تساعد المؤلف وتروج لنتاجه في السوق وتنقذه من جشع أصحاب دور النشر.
5-الكتب العلمية غالباً ما تكون أسعارها مرتفعة بسبب احتواها على المصورات والخرائط والبيانات وكذلك الجهد المبذول لإنجازها وبنفس الوقت انخفاض فرص رواجها إلا في الأوساط المختصة والمؤسسات العلمية.
أن الخاسر الأكبر في عملية الإنتاج الثقافي هما: الكاتب والقارئ، والرابح الأساس بالعملية الإنتاجية للثقافة هي دور الطباعة والنشر في الوطن العربي. وليس هناك خيارات كثيرة متاحة أمام منتج الثقافة، فأما الاستمرار في إنتاجه وتنمية موهبته وبالتالي تحمل الخسارة المستمرة، وإما الانكفاء والتقوقع والتفرغ لمهنة أخرى يجني منها لقمة العيش.
إما بالنسبة للقارئ فله خيارات متعددة منها: الامتناع عن اقتناء الكتاب والتعويض عن ذلك بالاستعارة من المكتبات إن وجد الكتاب فيها، وإما الالتجاء إلى سُبل أخرى للحصول على (الثقافة) من خلال الانترنيت والبث الفضائي للمحطات التلفزيونية الوحيد الاتجاه والخيار الأخير للقارئ تطليق الثقافة بالكامل مقابل تأمين لقمة العيش. ونعتقد أن محنة القراء وقلة عددهم في الوطن العربي، يعود إلى:
1-ارتفاع أسعار الكتب وانخفاض دخل المواطن.
2-انخفاض الدعم الحكومي لسعر الكتاب.
3-انعدام الحرية وبالتالي تحديد التوجهات الفكرية الوحيدة الجانب.
4-ارتفاع عدد الأمية في الوطن العربي ليصل إلى نحو 65 مليون أمي لعام 2002.
5-انعدام الرغبة لدى المواطن لاقتناء الكتاب بغرض الثقافة والاكتفاء (بثقافة) الفضائيات وكذلك سهولة الحصول على المعلومة من خلال شبكة الانترنيت وبتكاليف أقل من شراء الكتاب.
6-الثقافة وشراء الكتب تضع القارئ في دائرة الضوء لدى المخابرات والأجهزة الأمنية كونه يمثل خطراً على المجتمع.
7-ضعف التوجه التعليمي نحو دفع الطالب باتجاه توسيع ثقافته من خارج المناهج التعليمية، كالمكتبات العامة والخاصة.
والخلاصة أن السلطة السياسية هي المسؤولة في المرتبة الأولى عن تراجع الثقافة وتهميش المثقفين وانخفاض مستوى الإنتاج الثقافي، كونها لا تولي اهتماماً جدياً بالثقافة. وتتحمل دور الطباعة والنشر المسؤولية بالمرتبة الثانية، كونها جعلت من الثقافة سلعة تجارية تدر عليها أرباحاً طائلة وعلى حساب منتج الثقافة.
والقارئ العربي هو ضحية السلطة السياسية ودور الطباعة والنشر، كونهما تعملان على اغتصاب حتى الفتات من لقمة العيش التي لا تسد رمق المواطن من الجوع من أجل أن تعمل الأولى على تجهيل المواطن، وتعمل الثانية على تحقيق الأرباح الفاحشة وعلى حساب القارئ ومنتج الثقافة.
وأخيراً فأن منتج الثقافة (الكاتب) هو ضحية الجميع، لأنه يبذل مجهوداً (خرافياً) كي ينتج عمله الإبداعي، ومن ثم يصرف كل مدخراته من أجل سد نفقات الطباعة ولا يجني سوى الخيبة والانكسار والخسارة من عمله في القطاع الثقافي. ستوكهولم بتاريخ 27/6/2004.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محنة الكاتب مع أجهزة الرقابة الحكومية والسلفية على الثقافة
- أساليب الغش والخداع التي تمارسها دور الطباعة والنشر مع الكات ...
- محنة الكاتب مع دور النشر في الوطن العربي
- السيد مقتدى الصدر بين غياب الرؤية وفشل الهدف
- حرية الاختلاف تنهل شرعيتها من الديمقراطية
- .!!النظام الديمقراطي: هو حصيلة روافد من دم العلماء والمفكرين
- ازمة الثقافة العربية انعكاس لسياسة القمع وغياب الحرية في الو ...
- أزمة النقد الأدبي في الوطن العربي
- الطاقة الإبداعية وخيارات التوظيف!!
- الصراع بين المؤسسة الدينية والسلطة السياسية على قيادة الدولة ...
- آليات سلطة الاستبداد وشرعية دولة القانون
- محطات من السيرة الذاتية للشاعر- بايلو نيرودا
- صراع الأجيال في الوسط الثقافي!!
- أسباب الاحتلال ونتائج الاستبداد في أجندة المثقف!!
- تساؤلات في زمن الخراب عن: المثقف وصناعة الأصنام والقمع والإر ...
- الإرهاب والاحتلال نتاج السلطات القمعية والتيارات الدينية الم ...
- المعركة الخاسرة - السيد مقتدى الصدر من الفتنة وشق وحدة الصف ...
- مشاهد من العراق: الخراب والفوضى في العاصمة بغداد
- مفهوما الإرهاب والمقاومة في زمن الاحتلال
- رؤية المثقف للمستقبل السياسي والثقافي في العراق


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صاحب الربيعي - محنة الكاتب والقارئ العربي