أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - عربي سوري أم سوري عربي؟















المزيد.....

عربي سوري أم سوري عربي؟


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2890 - 2010 / 1 / 16 - 09:38
المحور: كتابات ساخرة
    


في ظل هذا التهافت والانحدار والسقوط والانكسار والتخازي والتشانع والفظاعات والانسحاق والانهزام والزنا والبغاء والخيانة والفجور والتآمر والانحلال والارتداد واللئم والتخابث والتواطؤ والانسلاخ والتفسخ والغدر والتقاتل والتكاره والتباغض والتساغه العربي العربي، أصبحت كلمة من مثل عربي وعروبة ومترادفاتها الأجمل كأعاريب وأعراب وإعرابي وعرب وتعريب وعاربة ومعربة ومستعربة وعروبي ومتعرب ومعروب، عبارات توحي بتهمة حقيقية تعني سبة وشتيمة تستدعي من صاحبها رفع دعوة سب وقدح وشتم فيما لو وجهت إليه، في مقابل أن صارت انتماءات وجنسيات ، وبالنسبة لشعوب المنطقة تحديداً، من مثل تركيا وإيران وفنزويلا وكوبا وحتى زائير والدانمرك التي تطعمهم الجبنة الفاخرة والإنسولين أشرف، وأكثر وضاء ومضامين إنسانية وأخلاقية وشرفية من كلمة عربي.

وحين كنا صغاراً كانت رؤوسنا الغضة البريئة تحشى حشواً وعنوة بالزعبرة والدجل والوهم وما يسمى بالفكر القومي، حتى نسي كثيرون وطنا اسمه سوريا صار الحديث والكلام والولاء له جريمة يعاقب عليها القانون أمام الولاء "البدوي"، وصار كثيرون في سوريا يهرشون رؤوسهم فيما لو سئلوا السؤال الأصعب هل أنت عربي أم سوري، فالخطيئة الكبرى أن يقول سورياً، لكنه بهذا يلغي ويدمر هوية وطنية مقدسة وأعز وأغلى. وصار ولاؤنا الأول للعرب ولقضاياهم ونسينا سوريا في خضم ذلك كله، وباتت الصومال والجزائر واليمن وفلسطين أهم من سوريا التي لا تحظى على أي قدر من تفكيرنا، ففلسطين، مثلاُ، التي أخلصنا لها تتناحر عليها اليوم السلالة العباسية المقدسة مع السلالة الإخوانية الحماسية المؤلهة والمعصومة التي تناضل لإقامة إمارة على النمط القندهاري الملالاتي تخسف بالإنسان وتحط به إلى أسوأ درك بشري ممكن وتفرض النقاب والزي البدوي الجلبابي المرعب حتى على المحاميات المسيحيات بالقوة. والأهم هل يعتبر البدوي نفسه عربياً أم يتبرأ من "التهمة" في ظل الآية القرآنية التي تقول بأن الأعراب أشد كفراً ونفاقاً وهل نقرأ على جواز الخليجي عربي قطري أم عربي كويتي أم عربي مغربي أم يعتبرون الأمر ترفاً لا لزوم له وربما تضييعاً لوقتهم؟

وهكذا تاه كثيرون منا بين الولاء لسورية، والولاء لشبح وكائن خرافي غير محسوس أو مدرك اسمه الوطن العربي، وصارت كل مصائبنا وفقرنا وتعتيرنا في سورية، وهي واحدة من أغنى دول العالم، قاطبة، بسبب الانشغال بالهم والغم والقرف القومي ومع ذلك ما زال بعض المتاجرين يتاجرون بهذه البضاعة الفاسدة غير القابلة للتصريف ويأتي فشلها الكبير من استحالتها وعدم واقعيتها وقابليتها للتحقيق، لأنها تعني أولاً الذهاب بالكيان الوطني، ولا أعلم عن أي مواطن أو كائن بشري يدعو لإزالة وذوبان وطنه وهويته الأم الأصلية وإلغائها مقابل الدعوة لحلم إسطوري غيبي عسكريتاري امبراطوري حصل بشكل طارئ في زمن ما من التاريخ ورغم أن فكرة امبراطورية استعمارية عسكريتارية فجة تعتمد على إعادة بناء وإحياء إمبراطورية الغزو والنهب والسلب وسبي النساء وانتهاك حقوق الإنسان لمجرد أن شعوب المنطقة تنطق باللغة العربية، واحتلال بلدان الغير التي أقامها الغزاة البدو الأعاريب في زمن ما وفراغ تاريخي على حساب إلغاء شعوب وهويات وحضارات وثقافات عظيمة كانت سائدة في المنطقة والعالم انقرضت في جريمة إبادة موصوفة وعلنية ضد الإنسانية حين دمرها وأحالها سفاحو البدو الكبار وقتلة التاريخ الكبار ورموز السيف المدمى إلى خرابات وأطلال تعصف وتصفر فيها رياح الغدر والثأر والتقاتل والتناحر والانقسام والقبلية والعشائرية والطائفية والروح البدوية الصحراوية التي تحرق الأخضر واليابس والتي سادت إلى اليوم وستبقى ما بقي هؤلاء المسمون بالعرب بمشيئة الله. وفي ظل هذه الازدواجية بالولاء بين سورية والعروبة بات لمرء لا يعرف من يقدّم على من، السورية أم العروبة، ولم يعد يعرف المرء نفسه هل هو عربي حقاً بدشداشة وعقال ونعال وبشت وخيمة وناقة، أم هو إنسان سوري ينتمي لحضارات عظيمة قدمت وأهدت للبشرية الأبجدية والحرف واللحن والكلمة واللقمة والحضن الأول وفيهم أعظم أوابد التاريخ المعروفة وآثاره الخالدة التي قدمها السوري الأول، غير العروبي، للبشرية؟ وهل هو سوري أولاً أم عربي أولاً؟ فهل يقول عربي سوري أم سوري عربي؟ فإذا قال سوري عربي، أي أنه كان سورياً ثم أتى البدو وفرضوا عليه الهوية العربية وهو الأصح والمنطقي وعين الصواب، فهذا سيعتبر خيانة للفكرة وتنكراً لها ودحضاً وتفنيداً لها من الاساس ويكشف حقيقتها البرمائية. أما إذا قال عربي سوري فهذا يعني بأن العرب هم الأساس في هذه الديار الجميلة والعظيمة وأن السوريين هم "جلب" وطارئون على سوريا، وهذا عكس المنطق وحقائق التاريخ التي تقول بأن السوريين هم سكان سوريا قبل مجيء الغزو البدوي بوقت طويل جداً، وهنا تكمن المشكلة ويكمن الصراع والضياع فـ"حلوها" لنا كرمى للأنبياء لنخرج من هذه المتاهة القومية. وهل يقبل إنسان أن يلغي تاريخه السوري الأنصع والأعظم والأجمل والأكثر تجذراً، مقابل تاريخ البدو المتواضع والمحزن والدامي وغير المفرح والسار لأحد؟

وهل يمكنه أن يكون ابناً باراً لسورياً، ووفياً ومخلصاً لها ولأبنائها وفي نفس الوقت يحتل "الهم والانشغال القومي" ويستحوذ على كل تفكيره ومحور حياته؟ وهل يكرس كل جهوده من أجل دولة أرض الصومال العربية التي لا يتكلم سكانها العربية، ويدعم محاكمها الإسلامية التي تقطع اليوم رؤوس الناس في الشوارع وتجلد العشاق وتحرق القصائد والأشعار، أم يفكر بموريتانيا، والصحراء الغربية، ورأس الخيمة، ويكتب القصائد والأشعار القومية بإقليم دارفور والجنجويد القتلة العرب ويفكر بازدهار جنوب السودان، أم يسعى لتنمية جبال تورا بورا اليمنية التي تحولت معقلاً للتشدد والإجرام ولدعاة القتل والتكفير والخرجين عن كل قوانين العالم والأرض؟

وفي هذه الأثناء والأوقات "القومية" الخالدة، تقوم فيه الشقيقة "العربية" الكبرى ببيع الغاز المصري وتهبه بـالمجان تقريباً للكيان العنصري الصهيوني الغاصب والمحتل والقاتل للأبرياء والأطفال وتصبح حارساً أميناً عليه، وتفرض حصاراً مخجلاً ومشيناً على أطفال غزة الفقراء، فيما يقوم "أعاريب" الصحوة الآخرين المباركين من طويلي العمر، بتزويد إسرائيل بالنفط الخام المجاني، وإيداع أموال النفط السحت الحرام بالبنوك الغربية الربوية التي يملكها حاخامات الدولة العربية ورموزها الإمبرياليين ولتذهب ريوعها وفوائدها في النهاية لإسرائيل وفي الوقت الذي يتواجد فيه 140 مليوناً ممن يسمون بالمواطنين العرب تحت خطوط الفقر والبؤس والحرمان في الجحيم القومي المسمى بـ"الوطن العربي"، ومثلهم من الأميين، والجهلة والجياع، والمعترين المشحرين والمتسولين البؤساء الذين هم عماد وقوام هذه القومية التي يتغنون بها ليل مساء. وفي زمن الفضائح "القومية" المجلجلة، التي تنم عن كنه وطبيعة هذه القومية التصادمية العدوانية الحمقاء الرعناء، حين كادت مباراة بين "شقيقتين" أن تؤدي لحرب طاحنة لا تبقي ولا تذر بين هاتين "الشقيقتين"، ناهيك عن عشرات المواجهات البينية العسكرية والصراعات الدموية القائمة، فعلاً، اليوم بين العرب في غير مكان ولا داعي للتذكير "وسمّ أبدانكم" بها على الإطلاق.

لا يهم أن أقتنع أنا بالفكرة وأحبها وأخلص لها وأناضل من أجلها سواء كانت حقيقية أم طوباوية خرافية بلهاء، أو أن يلقي بعض التجار المحاضرات في فضائل ومكارم ومآثر "القومية" على الشعوب في المراكز الثقافية "العربية"، هنا وهناك، وإشغال الناس عن همومهم وتطلعاتهم الإنسانية والوطنية واستحقاقاتهم الحضارية الأخرى بفكرة استعمارية عدوانية وعسكرية إخضاعية وإلغائية، والتعيش والتكسب والترزق من الفكرة، لكن المهم كيف سنقع الآخرين بأنهم عرب فعلاً، وأولاً، وليسوا مثلاً مسلمين أولاً وفقط، أو أقباط وفراعنة وخلايجة ومغاربة ( سيادة العقيد القذافي، أطال الله في عمره، بات يؤمن بالأفريقية بعد أن عاش عقوداً في الوهم القومي وكان واحداً من زعمائه التاريخيين لكنه نفض يده منه نهائياً فيما بعد، وبعد أن رأي فيما رأي من غدر البدو وتواطؤ الأعاريب)، وفينيقيين وبابليين وآشوريين وبلوش وصائبة ومندائيين وأمازيغ ناهيك عن التفريعات الطائفية والقومية الأخرى المقيتة والقاتلة والتي أصبحت هويات متجذرة بحد ذاتها ويصعب اقتلاعها، أمام ضعف وانزواء وخواء وهزال ما يسمى بالفكرة القومية الوهمية "السمحاء"، التي أقترح أن تسمى بالوهمية العربية بدل القومية العربية، إذ يصعب تخيل الكيفية التي سيتم بها تحقيق الفكرة وتجسيدها نظراً لما ينطوي عليه الأمر من خطورة محو وإلغاء وإهمال لهويات وطنية لمجرد وأخرى غيرها تبدو أقدس وأفضل وأجمل وأكثر بريقاً وجذباً لكثيرين، وهذا هو نفس الدرس القاسي نفسه الذي فشلت فيه أيما فشل الإمبراطورية الشيوعية السوفيتية الحمراء مترامية الأطراف الني ناضلت وقاتلت وبالدم والبسطار المخابراتي السوفييتي الشهير لإلغاء هويات شعوب عميقة وضاربة الجذور في التاريخ لمدة سبعين عاماً من الزمان.

وبرغم ذلك كله ما زال البعض يطربنا بالمواويل القومية الحزينة صباح مساء، لكن والسؤال الأهم، والأكثر براءة وربما "بلاهة"، متى سننتهي من ازدواجية الولاء بين سوريا والعربان، ومتى سننتهي من مشاكل هؤلاء العرب ونزاعاتهم وانشقاقاتهم وبلاويهم ومصائبهم السوداء والغبراء على حد سواء التي يبدو أنها لا تنتهي، ومتى نفكر أكثر وأكثر ونتفرغ كلياً، وفعلياً، للنهوض أجمل والأروع والأبقى والأحلى ألا وهي سوريا الخالدة على مر التاريخ والزمان، ولا مانع إذا توفر لدينا بعض الوقت لاحقاً، أن نهبه لأخوة الدم والانتماء في العروبة في جيبوتي وموريتانيا وصوماليا وأم درمان؟

سوريا أولاً، وأخيراً ، يا سادة يا كرام.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تركيا بين الأردوغانية والأتاتوركية
- الرد الأردوغاني المزلزل
- العهدة العمرية والوزير الفصيح
- سوريا وأمريكا والمعاملة بالمثل
- العريفي وتفسيق آيات الله
- همام البلوي: أيهما أجدى للمسلمين؟
- وانكشفت جميع العورات
- يوميات إعرابي بدوي في ديار الإيمان
- تجريم الخطاب الصحوي
- الاستخبارات الأمريكية من فشل لآخر
- المنظومة الفارسية: مدن صناعية ومعسكرات عمل
- هل سقطت دولة الخلافة فعلاً؟
- هل القاعدة تنظيم إيراني؟
- رسالة من جماعة القرضاوي
- آلهة العصر الحديث
- لماذا لا يقاطع القرضاوي، فعلاً، المسيحيين؟
- هل يسقط نظام الملالي في إيران؟
- جورج غالاوي يرد التحية للشيخ القرضاوي
- ثقافةُ الموت أولاً
- بترول العرب للعرب: متى يصبح الخليج عربياً؟


المزيد.....




- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - عربي سوري أم سوري عربي؟