أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سيد حافظ عبد الحميد - اغتيال الذات














المزيد.....

اغتيال الذات


سيد حافظ عبد الحميد

الحوار المتمدن-العدد: 2890 - 2010 / 1 / 16 - 08:03
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر يحاول المفكرون العرب بناء (الذات العربية), وقد أفني كثير من المفكرين في سبيل ذلك عقولهم وأموالهم ودمائهم بكل رضا من أجل وجود عقلية عربية ناقدة واعية مؤمنة مستقلة الإرادة, قادرة علي التمييز بين النافع والضار وقادرة علي التقدم فلا توصف الأمة بالتقدم والنجاح إلا إذا كان أفرادها قد نبغوا في العلوم والمعارف وبرعوا في الفنون والصنائع وأحرزوا قصب السبق في مضمارها وتحصلوا علي جانب عظيم منها, ووصلوا إلي درجة سامية ومكانة عالية في الأدب والتهذيب الصحيح, وبعكس ذلك تنسب إلي التأخر والانحطاط إذا كان أفرادها لا يدركون حقائق الأمور وماهيتها ولا يستطيعون الوقوف علي دقائق الأشياء وكنهها ولم تتوفر فيهم قوة الاستنباط والتفنن والاختراع وبالجملة لا يعرفون مالهم من الحقوق وما عليهم من الواجبات أو بمعني أوضح واصح إن الحكم علي الأمة بأسرها هو الحكم علي أفرادها وأبنائها سواء كانوا من عامتها أو خاصتها.فلا يقال مثلا عن الأمة الإنجليزية أو الفرنسية أنها ارقي واسمي من الأمة المصرية إلا لأن الحوذي والفلاح والبائع والنجار والحداد وكل ذي مهنة يبدوا إنها حقيرة وصناعة يبدوا إنها دنيئة فيها يعرف واجباته ويدرك حقائق الأشياء ويهتم بأمور السياسة ويسأل عن الأخبار ويستطلع مجريات الأمور مثلما يفعل أفراد الخاصة في مصر.
ومن ثم نجد الشيخ علي يوسف صاحب مجلة الآداب وجريدة المؤيد وهو أحد رواد النهضة العربية الحديثة يقول "فلا بأس من إطلاق الحياة علي الأمة فيقال هذه الأمة حية إذا كان أفرادها الذين هم بمنزلة الأعضاء لجسمها قائمين بوظائفهم, ويقال تلك الأمة ميتة إذا أخلد أفرادها إلي النوم والكسل ولم يقوموا بواجباتهم التي يفرضها عليهم قانون البقاء في عالم الوجود".
ولكن هل تحقق هدف هؤلاء المفكرين من تثبيت جراثيم العقل والإدراك, ونمو روح الحق والصلاح, وتهذيب النفوس, وتزايد الإحساس بالمنافع والمضار, فيوجد من أبناء البلاد ما يضارع بني غيرهم من الأمم, فنكون عند ذلك معهم في رتبة المساواة, كما قال الأمام محمد عبده؟.والإجابة إننا عمدنا إلي اغتيال (الذات) وجعلها في عداد الموتى لأننا لم نقوم بواجباتنا التي يفرضها علينا قانون البقاء في عالم الوجود, والمشهد العربي بكل مستوياته ينبئك بذلك, ادخل أي جامعة في العالم العربي وشاهد أهم فئة من فئات الأمة(فئة الشباب) تراها أسيرة السطحية والجهل والوعي الزائف, سلهم عن معني الأمة عن معني الوطن, لن تجد إلا إجابات تنم عن جهل مطبق.سلهم ماذا تقرؤون ولمن تقرؤون, تجد أنهم يقرؤون الأبراج وأخبار نجوم الفن والطرب ولاعبي كرة القدم, وتجدهم يقرؤون تصريحات المخرجين والممثلين والمدربين واللاعبين, وفي حين تجدهم يحفظون الأغاني وأسماء المطربين والمطربات وجدول الدوري العام تجدهم علي جهل تام بتاريخ العرب المعاصر علي جهل تام بأننا في حالة تنافس حضاري نحتاج فيه إلي لعمل والعلم والمعرفة النافعة نحتاج إلي استثمار الوقت في تربية الذات وتثقيفها وفي تنمية القدرة علي النقد والانتقاء نحتاج إلي تهذيب الروح والجسد وتفعيل القيم الدينية المعطلة من عمل ومحبة وإخاء وتسامح وتعاون علي البر والتقوى, والقيم العقلية المهملة من علم ومعرفة ونقد وإبداع, والقيم الوطنية من فداء روح, وبذل جهد, وأمانة وإخلاص.
ومن ثم فإذا ما ظل الوضع الراهن علي ما هو عليه من تفسخ اجتماعي وجهل حضاري بقيمة أمتنا ولغتنا وثقافتنا وغياب للقيم الدينية والأخلاقية والعقلية والوطنية فإننا ولا شك مقدمون علي اغتيال (الذات) والبقاء في ذيل الحضارات ومخلفات التاريخ.

بقلم - سيد حافظ -معيد بإحدي الجامعات المصرية.



#سيد_حافظ_عبد_الحميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- روسيا تدعي أن منفذي -هجوم موسكو- مدعومون من أوكرانيا دون مشا ...
- إخراج -ثعبان بحر- بطول 30 سم من أحشاء رجل فيتنامي دخل من منط ...
- سلسلة حرائق متتالية في مصر تثير غضب وتحليلات المواطنين
- عباس يمنح الحكومة الجديدة الثقة في ظل غياب المجلس التشريعي
- -البركان والكاتيوشا-.. صواريخ -حزب الله- تضرب مستوطنتين إسرا ...
- أولمرت: حكومة نتنياهو تقفز في الظلام ومسكونة بفكرة -حرب نهاي ...
- لافروف: أرمينيا تسعى عمدا إلى تدمير العلاقات مع روسيا
- فنلندا: معاهدة الدفاع مع الولايات المتحدة من شأنها أن تقوض س ...
- هجوم موسكو: بوتين لا يعتزم لقاء عائلات الضحايا وواشنطن تندد ...
- الجيش السوداني يعلن السيطرة على جسر يربط أمبدة وأم درمان


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سيد حافظ عبد الحميد - اغتيال الذات