أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رياض سبتي - نِفاقنا الوطني وتفجير الكنائس















المزيد.....

نِفاقنا الوطني وتفجير الكنائس


رياض سبتي

الحوار المتمدن-العدد: 2890 - 2010 / 1 / 16 - 08:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بات العراقيون لا يثقّون بتصريحات سياسييهم خصوصاً بعد ما إكتشفوا ، او أغلبهم ، إن التصريحات هذه ومهما كان نوعها ما هي إلا نفاق سياسي أو ديني يمارسه هؤلاء لإنتزاع مكسبٍ ما ، وعادةً ما يكون هذا المكسب هشاً يجعل صاحبه تابعاً ذليلاً لمن يحتكر السلطة من التيارات المتصارعة والمتنازعة على حكم الدولة ، أو سيؤهله للتغطية على حقيقة وظيفته السابقة وإضفاء الوجاهة على شخصيته الحالية التي ستكون متسلطة فيما بعد لإحتكار مقاليد السلطة والمال تحت مسميات عدة من ضمنها مسمى القانون ،الوحدة ،الوطن ، أو التوافق وغيرها .
هذا الكلام الذي يطلقه السادة ( المصرّحون ) في الحكومة والبرلمان حدد العراقيون مساره بإتجاهين ، الأول هو الحشو اللغوي الخاص بالإعلام ، أو ما يسمى بـ خطاب الفضائيات ، ويدخل ضمن هذا الإتجاه كل ما يتعلق بالتصريحات الخاصة بالمصالحة الوطنية والتوافق الوطني أو التعددية السياسية ، لأن الثوابت الدينية والطائفية وإختلاف الآيديولوجيات الموجودة على الساحة والشلل في طريقة تفكير السياسي ( الإنتماء للحزب بدل الإنتماء للوطن ) ، إضافة الى النزاعات التاريخية بين الطوائف الدينية تجعل من المصالحة خطاب مُسندٌ على ارضية هشّة ، فتيار السلطة يكون هو المهيمن على مقدرات البلد وموارده العامة وهذا يعني إنه يملك قوة لا يملكها منافسوه ، وبذا فالكيان السلطوي هنا لا يمكنه التخلي أو التنازل عن هذه القوة لصالح أي طرف آخر ، على إعتبار إن ما حصل عليه كان نتيجة تطور مهم ما بين الإنتماء للدولة – السلطة – وما بين العلاقة الجماهيرية – الحزب – الذي أوصله لهذه السلطة ، وبالتالي يكون الحديث عن مصالحة وطنية هو حديث عائم ، غائم أيضا ما دامت الثوابت الهشّة في النهاية تكون هي نفسها التي تدعو السلطة لها منافسيها دون المس او التطرق الى المفاهيم والتصورات الحقيقية التي تتشكل منها مبادي تلك المصالحة ، و عندما يسمع العراقي تصريحات من هذا القبيل فإنه سيتبعه بسؤاله التهكمي الشهير ( وشنو يعني ؟ ) .
الإتجاه الآخر وهو المعني بالطرح هنا ، الإستخفاف بعقل الآخر، أي تلك التصريحات التي يعتقد مطلقوها أن المتلقي سيستقبلها وسيتقبلها كما هي دون الوقوف عندها او التفكير فيها ، وبذا ايضاً فهم يتكئون على هذا الإعتقاد الساذج الذي أثبت إنهم بعيدون تماما عن قراءة الوعي العراقي الجمعي . من نجوم مطلقي التصريحات هذه ، السيد الناطق الرسمي بإسم قيادة قوات بغداد ، السيد الناطق الرسمي بإسم الحكومة ،السيد وزير النفط ، السيد رئيس مجلس الوزراء ، هؤلاء السادة لا يراجعون تصريحاتهم قبل أن يقفوا خلف المايكرفونات ولهذا تظهر تلك التصريحات إما مضحكة أحيانا وإما إنها لا تملك الحد الأدنى من المصداقية التي يجب أن تتوافر لتدعم القصة او الحدث المُصَرَّح عنه، وإما إنها مقصودة تماماً لترويض العقل العراقي على تصديق لا منطقيتها.
في عيد الميلاد المجيد للسيد يسّوع المسيح الذي صادف قبل أيام ، تخلى الإخوة المسيحيون العراقيّون عن الإحتفال بمناسبتهم الدينية المهمة هذه والتي يقابلها في الدين الاسلامي مناسبة (المولد النبوي الشريف )، وأُشيع في الأخبار إنهم إنما فعلوا ذلك إحتراماً لمشاعر المسلمين في شهر محرم الحرام وتقديراً وتقديساً لذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي بن ابي طالب الإمام الثالث لدى الشيعة ،التي صادفت مع أعياد الميلاد ، وعلى الفور خرجت التصريحات الحكومية تشيد بأصالة وعراقة المسيحيين الذين لا يقلّون وطنية عن باقي مكونات الشعب .
والسؤال هنا ، هل فعلاً تخلى المسيحيون عن الإحتفال بميلاد السيد المسيح الذي يعتبر المنقذ للعالم ومخلّصه من الخطيئة ، بإرادتهم وطواعية منهم أم إنهم أُجبروا على ذلك؟
رغم فرض إجراءات أمنية مشددة في المناطق المسيحية في كل من بغداد والموصل للحد من إستهداف الكنائس والأديرة المسيحية ، إلا إن تفجير دور العبادة المسيحية لم يتوقف منذ التغيير الذي حصل بعد غزو العراق في مارس 2003 ، فلأول مرة وفي اغسطس عام 2004 حصلت عدة إنفجارات أثناء حضور مسيحيين لقداس في بغداد والموصل راح ضحيتها العشرات بين شهيد وجريح ، ليستمر بعد ذلك نزيف الدم العراقي المسيحي في انفجار خمس كنائس في بغداد في شهر كانون الثاني من عام 2006 الى تفجير تموز من العام الماضي الذي طال 6 كنائس في بغداد خلال أربع وعشرين ساعة ، ثم التفجير الذي إستهدف (كنيسة الطاهرة ) في الموصل في يوم الخامس عشر من كانون الأول من العام المنصرم أي قبل عشرة أيام فقط من الإحتفال بأعياد الميلاد بعدها جرى إنفجار ست عبوات أمام كنيسة ودير للراهبات في الموصل أيضاً. بعض هذه الكنائس يحتوي على ذخائر ثمينة وتاريخية كما هو الحال مع المراقد الدينية المقدسة في النجف وكربلاء وسامراء والكاظمية ، ومن هذه الكنائس كنيسة مار توما للسريان الأرثودوكس التي طالتها التفجيرات وكانت تحتوي على نفائس ومخطوطات تعود للقرن الأول الميلادي .
المسيحيون العراقيون كانوا قد منعوا جنود الإحتلال من الصلاة في الكنائس العراقية بعد غزو العراق مباشرة وهذا لوحده كان موقفاً وطنياً مشرفاً يحسب لهم ،لكن هذا الموقف لم يمنع الإرهاب من إستهدافهم وإستهداف أماكن عبادتهم وطردهم فقط ، بل لقد تعرض الكثير منهم للإختطاف والتنكيل وخصوصا رجال الدين نذكر منهم :
- الأب رعد وشان - الأب سعد سيروب- الأب باسل يلدو- الأب دكلص البازي - الأب سامي عبد الاحد - الأب جبرائيل شمامي- الأب نوزت بطرس- الأب هاني عبد الأحد-المطران باسيل جورج- الأب سامي الريس .
لم يكتف الإرهابيون بخطف وطرد المسيحيين من مناطق سكناهم تحت تهديد السلا ح بل تعدى ذلك الى قتلهم بغية تهجيرهم نهائيا من موطنهم الأصلي ، كلنا يتذكر تراجيديا إختطاف مطران الكلدان الكاثوليك في الموصل الشهيد بولص فرج رحو التي إنتهت بإستشهاده في آذار من عام 2008 بعد إسبوعين من إختطافه .
ردود الأفعال تجاه التطهير العرقي الذي يمارسه الإرهابيون بحق المسيحيين العراقيين لم ترتق الى مستوى المسؤولية وخصوصا التصريحات التي صدرت من حكومة دينها الرسمي هوالإسلام الذي يكشف مدى العلاقة القريبة بين الدين الإسلامي من جهة وبين الدين المسيحي من جهة اخرى والآية 82 من سورة المائدة (وَ لَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ) توضح الكثير من هذه العلاقة الايجابية التي جعلت من مسيحيي العراق يتمتعون بحرية الاعتقاد والحياة والتملّك منذ العصر العبّاسي الى التاريخ الحديث ، إلا إن حكومتنا وبعد كل انفجار تكون قد نست الانفجار الذي قبله ومن ثم تتراكم عليها المسؤوليات وحجم اللجان التحقيقية التي لم يعرف لها مصير , عندها تضيع الحقوق او على اكثر تقدير تُجمّد.
بعض التصريحات وصفت المسيحيون بالجالية وأحياناً بالطائفة رغم إنهم ينتمون الى ثاني اقدم ديانة سماوية موحِدة ، وانهم سكان العراق الأصليون ، ولا أدري لو إن المسيحيين وصفونا بالجالية المسلمة أوالطائفة المسلمة في العراق ماذا سيكون رد فعلنا ؟
مازال الأمن بعيداً عن المسيحيين في العراق رغم كل الإجراءات الأمنية ورغم الأفكار الأخيرة القائلة بتعيين بعض مئات من الإخوة المسيحيين في الأجهزة الأمنية لحماية مناطقهم ، نقول هذا لأن الإرهاب مازال يعرف طريقه الى الكنائس والأديرة لتفجيرها وعلى الحكومة أن تؤدي واجبها الوطني والديني والأخلاقي لحماية جزء من شعبها، مثلما نجحت في حماية الملايين عندما سخّرت كل طاقاتها الامنية والعسكرية لحماية زوار مدينة كربلاء في عاشوراء .
كانت الأخبار قد تناقلت خبر تخلي المسيحيّون عن إحتفالات أعياد الميلاد ورأس السنة الجديدة وقدموا مثلاً رائعاً في الإيثار والتآخي ، وإذا كان المسيحيون العراقيون وتحت بند الوطن للجميع، قد دخلوا باب المصالحة الدينية والوطنية (وهم الذين لم يكونوا ضد أي مكوّن من مكونات المجتمع العراقي السياسية او الدينية ) من أوسع أبوابها بتخليهم عن مراسيم إحتفالاتهم بعيد ميلاد (نبيّهم ) ، ألم يكن من الأولى أن يتخلى الشيعة العراقيون للمسيحيين بالمقابل ،عن الإحتفال بذكرى استشهاد (الإمام ) ، خصوصاً إن للأنبياء منزلة اكثروأكبر عند الله ؟ .



#رياض_سبتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وماذا عن مخفر الشلامجة يا برلمان ؟
- وبراءة من المشركين يوم الحَجّ الاكبر
- ذَهَبَ الاحد ايتها الاربعاء(*)
- سرياليّات عراقية ..
- أروِقَة الموت الواحد....نصٌ مسرحيٌ استثنائيٌ لزيدان حمود
- انهم يخلقون الفرح
- التورابوراويون ( * )
- بلاد ئذٍ
- بعثيٌّ تكفيريٌّ صفويٌّ
- بوش الشبيه البشع لصدام
- حقأ يا حلو .. كيف يكتب التاريخ ؟
- وداعا ً رائحة ُ المسك , وداعا ً عزيز عبد الصاحب
- حروفئذ ٍ
- رؤى
- وزير السخافة
- اغلقوا زنزانات مطار عمان الدولي
- استشهاد مسرح بهو بلدية الناصرية
- عبد الرزاق سكر ويوم المسرح العالمي
- الى كمال سبتي
- قداس الرمل


المزيد.....




- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...
- السعودية.. الأمن العام يوجه دعوة للمواطنين والمقيمين بشأن ال ...
- صلاة راهبة مسيحية في لبنان من أجل مقاتلي حزب الله تٌثير ضجة ...
- الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول فيديو إمام مسجد يتفحّص هاتفه ...
- كيف يؤثر التهديد الإرهابي المتزايد لتنظيم الدولة الإسلامية ع ...
- دولة إسلامية تفتتح مسجدا للمتحولين جنسيا
- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رياض سبتي - نِفاقنا الوطني وتفجير الكنائس