كبح حقوق العمال في المكسيك

فضيلة يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 2889 - 2010 / 1 / 15 - 23:08
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    

لأكثر من أربع سنوات ، ومارغريتا استرادا تعمل في تجميع واختبار أجهزة الكمبيوتر في مصنع فوكسكون في مدينة غوادالاخارا المكسيكية المركزية. إعداد 120 من وحدات المعالجة المركزية في الساعة للشحن كانت وظيفة "مرهقة" ، تقول الشابة.وكان جزء من واجباتي تدريب أعداد كبيرة من العمال الجدد. وعلى الرغم من قلة فرص العمل في المكسيك ، فإن العديد من الموظفين الجدد لا يعودون للعمل بعد يوم أو يومين. "الناس لا تنتهي" ، تقول استرادا . في العنبر الذي تعمل به استرادا و المملوك لشركة من تايوان،فإن الأجور ارتفعت من أكثر بقليل من 8 دولار الى نحو 10 دولار في اليوم.

وحتى بعد مرور سنوات على عمل استرادا في فوكسكون ، لم تصبح موظفة رسمية في شركة الالكترونيات العملاقة وتعمل من خلال وكالة للعمالة المؤقتة مثل معظم زملائها في العمل . " هناك عدد قليل من الناس يعملون مباشرة لفوكسكون ، خمسة فقط". تقول استرادا. "هذا كل شيء".

في عام 2007 تم انهاء خدمات استرادا ، وعرض عليها 300 دولار تعويضات نهاية الخدمة. وهو مبلغ منخفض إلى أقل من المعايير القانونية المكسيكية ، وقد طرقت ابواب الجماعات اليسوعية والمنظمات العمالية . ، و في نهاية المطاف تركت العمل مع ما يقرب من 2000 دولار كتعويضات نهاية الخدمة.

في غوادالاخارا المكسيكية وفي صناعة الالكترونيات في المكسيك، فإن التوظيف في فوكسكون عن طريق وكالات العمالة المؤقتة هو القاعدة. " وتعمل ما يقرب من 70 من وكالات العمالة المؤقتة في هذه المدينة " ، يقول خورخي باراخاس ، المنسق المحلي ، وتمتلىء سبع صفحات من دفتر الهاتف المنتفخة في غوادالاخارا بأسماء شركات القطاع الخاص.

ووفقا لناشط عمالي مخضرم ، فقد ازدهر العمل في وكالات العمالة المؤقتة في غوادالاخارا عندما ازدهرت صناعة الالكترونيات المحلية الموسعة في منتصف التسعينيات . بما في ذلك الشركات غير الوطنية التي تهيمن الآن على سوق العمل.

وجدت دراسة اجريت عام 2007 أن حوالي 60 في المئة من العمال في المكسيك في مجال صناعة الالكترونيات وعددهم يقرب من 400 الف يعملون من خلال وكالات العمل المؤقتة ، وأن بعض الشركات توظف ما يصل الى 90 في المئة من قوتها العاملة من خلال المقاولين من الباطن.

في عامي 2008 و 2009 ، تقدم أكثر من 4،000 من العمال بشكاوي الى المنظمات العمالية طلباً للمساعدة ، و 95 في المئة من التحقيقات في غوادالاخارا. ومعظم هذه الشكاوي على الشركات الاجنبية .بخصوص تدني الاجور والعقود المؤقتة التي يتم تمديدها كل شهر واحياناً كل 15 يوم.
ضآلة الأجور
على بعد ثلاث ساعات من مدينة غوادالاخارا ، توجد مدينة أغواسكاليينتس وفيها منشات تديرها شركات امريكية الكترونية، ورددت عاملة رفضت الكشف عن هويتها خوفا من فقدان وظيفتها شكاوى مماثلة ." قبل الانهيار الاقتصادي ، كان التحول من وظيفة مؤقتة الى وظيفة دائمة يتطلب اشهرا طويلة اضافة الى العمل الدائب والانجازات"، وأضافت ان معظم العمال من الأمهات غير المتزوجات والمطلقات والأرامل اللواتي يتحملن المسؤوليات المنزلية ، ومحاولة اعالة الاسر بتلك الأجور المنخفضة .

فبعد ما يقرب من عقد من الزمان في المصنع ، قالت انها تقبض أقل من 50 دولارا مقابل 45 ساعة عمل في الأسبوع. "ومقابل كل ما نقوم به ، فإنه ليس راتباً عادلاً".

ويروي أورليانو روزا الذي عمل خمس سنوات في غوادالاخارا في صناعة التكنولوجيا الفائقة قصة مشابهة. كما يقول ، ان العمل من خلال الوكالات لا يلائم كفاءات العمال وان الأجور والمزايا مثل مكافآت عيد الميلاد ستكون أكبر لو أن العمال كانوا يشغلون مباشرة من قبل الشركات.

نحن نعمل بالكاد "للبقاء على قيد الحياة" ، قال روزا. "لو كنت متزوجاً ولدي عائلة ، لن يكون هناك أي وسيلة للبقاء على قيد الحياة بناء على هذه الأجور." قبل أن أترك العمل في وقت سابق من هذا العام ، حصلت على نحو 70 دولارا في الأسبوع للمسؤوليات التي تشمل التصميم بمساعدة الكمبيوتر في محطات العمل.
النضال في ظروف سيئة
على الصعيد الوطني والنقابي، توثق مشاكل اخرى تشمل التحرش الجنسي ، والتعرض للمواد الكيميائية ، والحوادث ، وقمع النقابات والمعاملة التي تحط من الكرامة ، ووجد تحقيق ان أرباب العمل و بشكل روتيني طلبوا من الموظفين المحتملين تقارير حول الحمل ، والتاريخ الجنسي ، والوشم ، والانتماءات النقابية. و يمكن أن نتوقع ان التعيينات الجديدة تتطلب فحوصات طبية واختبارات تعاطي المخدرات ، وفقا لمجموعات حقوق العمال.
في استجابة لشكوى من مدينة سيوداد خواريز ، تتعلق بعمال في شركة فيليبس الهولندية قال تقرير لمنظمة عمالية انه "لن يتسامح مع أي نوع من التمييز" ، لكنه برر اختبارات تعاطي المخدرات كشرط لخدمة مكافحة التهريب حسب بروتوكول بين شركات القطاع الخاص والحكومة ووكالات الجمارك التي أنشئت بعد هجمات 11 / 9 للحد من الارهاب وتهريب المخدرات.

لسنوات ، والمنظمات العمالية تتحدث مع وكالات التوظيف ، والشركات التي تتعاقد معها.وتتمحور هذه المناقشات حول الصناعة الالكترونية ، من أجل تحسين الأوضاع في أماكن العمل مثل فوكسكون ، ولكسب حقوق للعمال. لكن هناك حاجة إلى مزيد من التقدم بشأن حرية تكوين الجمعيات النقابية ، والحد من الحوادث والتعرض للمواد الكيميائية ، والتحرش الجنسي ، و الفوارق الهيكلية.

حقوق العمال:

توجد مدونة لقواعد السلوك ، تشترك فيها أكثر من 40 من كبريات الشركات في مجال صناعة الإلكترونيات ، وتتحدد فيها حقوق الإنسان ، والصحة والسلامة المهنية ومبادئ العمل لأعضائها. وهناك اختلاف حول حق الانضمام إلى النقابات ، وهو حق غير معترف به أو غير فعال في المكسيك في مجال صناعة الالكترونيات.
وتفجرت في غوادالاخارا في الصيف الماضي مظاهرات عمالية في الشوارع. نظمها التحالف الوطني لعمال صناعة الإلكترونيات ،ونظم بضع عشرات العمال احتجاجات في عدة وكالات التوظيف المؤقتة ضد إطلاق النار العشوائي ومدفوعات الفصل من العمل التافهة.و في بعض الحالات ، انضم العمال السابقين إلى المتظاهرين مطالبين بتحسين تعويضات نهاية الخدمة.

وهناك مسألة شائكة ومربكة في إدارة الصراعات في صناعة الالكترونيات المكسيكية : من هو المسؤول عن انتهاكات قانون العمل -- وكالة التوظيف أو المقاول؟ على الرغم من ان قانون العمل المكسيكي يحمل المقاول المسؤولية في النهاية . وفي تموز / يوليو عام 2009 ، دخل قانون اتحادي جديد حيز التنفيذ والذي أكد على مسؤولية المتعاقدين وصاحب العمل ، ولكن المطلوب من المتعاقد ان يسجل في ملف الموظف تقارير مفصلة عن الاجر في مؤسسة الضمان الاجتماعي المكسيكية.

وثمة مسألة أكبر هي ما إذا كانت الوكالات المؤقتة ينبغي أن يكون لها مكان في المخطط الصناعي وخاصة في صناعة الإلكترونيات حيث اظهرت احدى الدراسات ان 10% من القوى العاملة في المكسيك تعمل من خلال الوكالات المؤقتة.وهذا يشبه الاتجار بالبشر وهو يخالف احدى مواد قانون العمل المكسيكي.
وفوجىئ الدكتور أوكتافيو مازا ، استاذ علم الاجتماع في الجامعة المستقلة في أغواسكاليينتس وزملاءه اثناء احدى الدراسات المحلية أن عمل الباعة المتجولين بشكل غير رسمي في الواقع كان أكثر ثباتا في العمالة والدخل من العديد من العمال المؤقتين.

ونقلت تقارير عن مسؤولين حكوميين وفي القطاع الخاص في الصحافة المكسيكية مؤخرا ان اكثر من 12 مليون عامل (نصفهم تقريبا من النساء) ، أو ما بين 28.1 و 32.5 في المئة من قوة العمل النشطة اقتصاديا ، هي في القطاع غير الرسمي.

إلى جانب الارتفاع الكبير في العمالة المؤقتة ، فإن الاتجاه العام لا يبشر بالخير لانعاش الاقتصاد المجمد ،

ويضيف الدكتور مازا "المهم ان نأخذ في الاعتبار أن هذا التدهور في ظروف العمل لا يؤثر فقط على العمال"."انه يشد الى أسفل بقية السكان."

صناعة الإلكترونيات في المكسيك: تتم صناعة الاجزاء الالكترونية في المكسيك لتصديرها الى الولايات المتحدة وقد ارتفعت قيمة صادرات المكسيك بشكل كبير خلال السنوات الماضية. وتشجع الحكومة المكسيكية ذلك
وبعد عام 2008 تم تخفيض قيمة البيزو المكسيكي من أجل الشركات الأميركية والأوروبية مما جعل العمالة أرخص .و في أحدث دراسة وجد أن متوسط الأجور للعاملين في مجال صناعة الالكترونيات انخفض 10 في المئة خلال عامي 2008 و 2009.

تستعد المكسيك للاحتفال بالذكرى السنوية لكل من حرب الاستقلال 1810 والثورة 1910 ، أحد العمال وجد مفارقة أن بعض معايير العمل التي تحققت في دستور 1917 من تنظيم ساعات العمل بدقة والفوائد قد تخرج من الباب.

" دائما كان رجال الاعمال في الماضي يعتمدون على الحكومة ،". "ولكن الآن ، فإن الحكومة تعتمد على رجال الأعمال".
مترجم

#فضيلة_يوسف (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات