أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صاحب الربيعي - محنة الكاتب مع أجهزة الرقابة الحكومية والسلفية على الثقافة















المزيد.....

محنة الكاتب مع أجهزة الرقابة الحكومية والسلفية على الثقافة


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 877 - 2004 / 6 / 27 - 09:05
المحور: الادب والفن
    


جميع الأنظمة السياسية، تعتمد الإعلام وسيلة أساسية للترويج لوجهة نظرها السياسية أو للتضليل المجتمع وحرفه عن المطالبة بحقوقه المشروعة. وهذا ما يعرف في القاموس السياسي بـ (الديماغوجية) التي تسعى إليها الأنظمة القمعية خاصة لتبرير سياساتها أو سقطاتها السياسية. ويعتبر الإعلام أحد أشكال الثقافة، فالسلطة السياسية غير الشرعية التي لا تملك سيطرة كاملة على إعلامها لا يمكنها أن تصمد أمام عواصف التغير.
لذا نجد السلطات غير الشرعية، تسعى لشراء ذمم بعض المثقفين للتطبيل لسياساتها وتبرير استخدامها للعنف المفرط ضد المواطن. هذه القبضة الحديدية التي تحكمها الأنظمة الشمولية على الإعلام، لا تقتصر على تحقيق أهدافها (فقط) في الدفاع عن سياساتها، وإنما تهدف إلى التحكم بقنوات وشكل الثقافة التي يجب أن تصل إلى المواطن.
فالثقافة الحرة وغير المقيدة تفضي إلى توعية الجمهور بحقوقه، وبالتالي تحثه على المطالبة بها وهذا الأمر لا يتفق وسياسة السلطة غير الشرعية. لذا نجد أن السلطات غير الشرعية، تتفنن في إيجاد أجهزة رقابة محكمة على قنوات الثقافة، فلا يجوز طباعة كتاب دون أن تصرح به أجهزة الرقابة الحكومية.
فمهمة أجهزة الرقابة الإعلامية تقنين المعلومات، والأفكار والآراء التي يجب أن تصل إلى الجمهور. ولديها من المرشحات (العجيبة) التي تختزل حتى الكلمات والعبائر التي لا تتفق وسياسة السلطة. وبهذا تجد الثقافة مؤطرة ومحاطة بأعداد لا حصر لها من الحواجز والموانع التي تحدد اتجاهها ومضمونها، وعلى الكاتب أن يجيد قراءة لائحة الممنوعات عند كل حاجز كي ينتقي الكلمات والعبائر المسموح بها من أجل أن تجيز أجهزة الرقابة الإعلامية لمخطوطة كتابه بالمرور.
ولم ينتهِ الأمر عند ذاك الحد، فعلى الكاتب أيضاً أن يتخطى الحواجز والموانع التي تفرضها أجهزة الرقابة السلفية على الثقافة، و إلا فأن كتابه المطبوع سيلقى في أقرب مزبلة في حال إستنفار أجهزة الرقابة السلفية. وقد يتعدى الأمر ذلك ليصل إلى التهديد بالقتل، إذا لم يصغر الكاتب لأوامر تلك الأجهزة الرقابية المتخلفة!!.
ومن أهم معاناة الكاتب مع أجهزة الرقابة ورقيب السلطة السياسية والسلفية هي:
1-الكتاب والكاتب يخضع للموقف السياسي للبلد، فإن اختلف التوجه الفكري للكاتب مع توجه السلطة تحجب عنه رخصة طباعة الكتاب.
2-إذا لم يوافق الرقيب على مضمون الكتاب، يمنع طباعته في البلد أو تداوله في حال طباعته في بلد أخر.
3-علاقة الكاتب بالسلطة ووفاءه لها هو المعيار المحدد لطباعة الكتاب وحصوله على موافقة التداول، وبغض النظر عن مضمون الكتاب فقد يكون نفس مضمون الكتاب لدى كتاب أخر غير موالي للسلطة لا يحصل على موافقة الطبع والتداول.
4-درجة ثقافة الرقيب وتحصيله العلمي ومستوى صلاحياته في العمل، فأغلب الرقباء من منتسبي الأجهزة الأمنية والذين لا يتجاوز تحصيلهم العلمي لمرحلة التعليم المتوسط. لذا تجد الرقيب يتعامل مع النص الأدبي كمتهم لأنه يمارس دور الشرطي في داخله.
5-محتوى الكتاب غالباً ما يخضع لموقف السلطة السياسية ضد هذا البلد أو ذاك فأن جاء محتوى الكتاب موافقاً للتوجه منح ترخيص الطباعة والتداول، وبالضد من ذلك يمنع.
6-يخسر الكاتب كامل جهده وتكاليف طباعة كتابه، في حال اعتراض الرقابة السلفية على محتوى كتابه.
7-يتعرض الكاتب للتهديد بالتصفية الجسدية من قبل أجهزة الرقابة السلفية في حال تعارضت آراءه معهم.
اختلاف مستوى الثقافة بين الكاتب والرقيب:
هناك اختلاف شاسع بين ثقافة الكاتب وثقافة الرقيب، وليس من الإنصاف عقد نوع من المقارنة بينهما. فالكاتب يستمد ثقافته من سنوات الإطلاع والبحث والحوار مع الاتجاهات الفكرية المختلفة كي يتمكن من يدون آراءه الجديدة، ويستمد الرقيب ثقافته من توجهات السلطة السياسية ويفرض تلك التوجهات على الكاتب.
ويستغرب عضو مجمع اللغة العربية ((عبد المعين الملوحي)) وقد تجاوز الثمانين من العمر ولديه من المؤلفات ما يزيد على 90 مؤلفاً، بأن يُطلب منه أخذ موافقة الرقيب في وزارة الإعلام كشرط لطباعة كتبه والإشكالية أن ذاك الرقيب (لا يعد) سوى أحد تلاميذ، تلاميذه.
والطامة الكبرى أن هذا الرقيب لا يفهم بكل أنواع الثقافة وحسب، بل كذلك بالعلوم التخصصية ويفرض رأيه على المختص بدون وجه حق. لأن السلطة الشمولية منحته هذا (الحق!!) فتصور في الوطن العربي حتى العلوم التخصصية التي لا يجيدها سوى المختصين تخضع للرقابة ويقرر شأنها رقيب لا يتجاوز تحصيله العلمي مرحلة الدراسة المتوسطة!!.
ومن تجربة شخصية، فقد حجب الرقيب رخصة طبع كتابي ( ملف المياه والتعاون الإقليمي في-الشرق الأوسط الجديد-) لأنه يتناول جزءاً منه مناقشة ونقد كتاب ((شمعون بيريس)) حول النظام الشرق أوسطي. والمفارقة أن كتاب ((شمعون بيريس)) يباع في المكتبات الخاصة في العاصمة دمشق!!.
وبعد سقوط النظام الشمولي في بغداد، ذهبت (فرحاً) لزيارة بلادي بعد 27 عاماً من المنفى ومفعماً بالآمال بـ (الديمقراطية) للنظام الجديد. وتوجهت نحو وزارة الثقافة كي أطبع ثلاثة كتب جديدة عن المياه، وعند التقاء المسؤولين عن طباعة الكتب في الوزارة، الذين رحبوا بذلك وطلبوا مني مخطوطات الكتب الثلاثة لعرضها على الرقيب بالرغم من أنها كتب تخصصية!!.
فقلت لهم، إذا كان لديكم رقيباً (خبيراً) بشؤون المياه فلماذا لا ترسله للعمل في وزارة الموارد المائية التي تعاني من نقص في كادرها العلمي؟. ولم أسئل!! هل أن الرقيب في وزارة الثقافية العراقية الجديدة، هو رقيب بعثي سابق أم شيوعي لاحق؟
وعلى أثر تلك المناقشة (البيزنطية) مع المسؤولين في الوزارة، رفضت عرضهم وطبعت كتبي الثلاثة على نفقتي الخاصة في إحدى المطابع الخاصة في بغداد. وأشكر (القدر) على الفلتان الأمني وضعف الأداء الحكومي الذي جعلني خارج سلطة الرقيب، وتمكنت من طباعة كتبي!!.
ويهمنا أن يجيب السيد وزير الثقافة ((مفيد الجزائري)) بعد تسنمه الوزارة لأكثر من عام، ماذا عمل من أجل الكاتب؟ هل استمرار وظيفة الرقيب في وزارته من سمات (الديمقراطية) التي ينادي بها؟ وهل مبلغ 25 ألف دينار عراقي التي تمنح للكاتب الذي يطبع كتابه في الوزارة أبان حكم النظام المباد كـ (مكرمة)، هي نفسها مكرمة السيد الوزير للكاتب؟.
فالتشريعات (القرقوشية) للنظام السابق في وزارة الثقافة مازالت سارية المفعول، بعد مرور أكثر من عام على الوزارة الجديدة. ويعلم الجميع أن السيد الوزير، لديه هواية الكناسة (حسب تعبير سعدي يوسف) خارج الوزارة.!!.
يا سيادة الوزير (المفدى) لماذا لا تمارس هوايتك في (الكناسة) داخل وزارتك، لتكنس تشريعات البعث وعملاءه من وزارتك على الأقل؟.
أن السلطة السياسية التي تتمسك بالرقابة والرقيب، لا رجاء من ادعاءاتها بالديمقراطية ولا يمكن الحديث عن (ثورة ثقافية) بالشعارات والتصريحات الصحافية!!.
المطلوب ممارسة فعلية على أرض الواقع، تعمل على إجتثاث التشريعات المكبلة للثقافة والمثقفين وإحلال مفاهيم جديدة تؤسس لثقافة جديدة يحظى من خلالها المثقف بحرية العمل والكتابة، لا أن يدخل دورات رياضية جديدة في (قفز العوارض) في الساحة الثقافية.
ستوكهولم بتاريخ 26/6/2004.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أساليب الغش والخداع التي تمارسها دور الطباعة والنشر مع الكات ...
- محنة الكاتب مع دور النشر في الوطن العربي
- السيد مقتدى الصدر بين غياب الرؤية وفشل الهدف
- حرية الاختلاف تنهل شرعيتها من الديمقراطية
- .!!النظام الديمقراطي: هو حصيلة روافد من دم العلماء والمفكرين
- ازمة الثقافة العربية انعكاس لسياسة القمع وغياب الحرية في الو ...
- أزمة النقد الأدبي في الوطن العربي
- الطاقة الإبداعية وخيارات التوظيف!!
- الصراع بين المؤسسة الدينية والسلطة السياسية على قيادة الدولة ...
- آليات سلطة الاستبداد وشرعية دولة القانون
- محطات من السيرة الذاتية للشاعر- بايلو نيرودا
- صراع الأجيال في الوسط الثقافي!!
- أسباب الاحتلال ونتائج الاستبداد في أجندة المثقف!!
- تساؤلات في زمن الخراب عن: المثقف وصناعة الأصنام والقمع والإر ...
- الإرهاب والاحتلال نتاج السلطات القمعية والتيارات الدينية الم ...
- المعركة الخاسرة - السيد مقتدى الصدر من الفتنة وشق وحدة الصف ...
- مشاهد من العراق: الخراب والفوضى في العاصمة بغداد
- مفهوما الإرهاب والمقاومة في زمن الاحتلال
- رؤية المثقف للمستقبل السياسي والثقافي في العراق
- الأحزاب الشمولية من سياسية تفقيس المنظمات إلى الهيمنة واللصو ...


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صاحب الربيعي - محنة الكاتب مع أجهزة الرقابة الحكومية والسلفية على الثقافة