أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - جواد البشيتي - نمط من المراكز البحثية نحتاج إليه!















المزيد.....

نمط من المراكز البحثية نحتاج إليه!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2886 - 2010 / 1 / 12 - 18:34
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    



إن جزءا كبيرا من معارفنا يتعذر قياس منسوب الحقيقة الموضوعية فيه قبل مضي بعض الوقت؛ ولا بد، بالتالي، من تدوينه وحفظه في انتظار أن يأتي الواقع بما يؤكده ويثبته، كليا أو جزئيا، أو بما ينفيه ويدحضه، كليا أو جزئيا.

وهذا الجزء المعرفي هو ما يلبس عادة لبوس التنبؤ أو التوقع أو الوعد أو التعهد أو التأكيد..

هناك من صنَّاع معارفنا من يتنبأ بحدوث أمر ما؛ وهناك من يتوقع حدوث أمر ما؛ وهناك من يَعِد بتحقيق أمر ما؛ وهناك من يتعهد بعمل شيء ما؛ وهناك من يؤكد أن أمرا ما لن يحدث أبدا، أو سيحدث.

وصنَّاع معارفنا هؤلاء، بعضهم منجِّمون، وبعضهم علماء، وبعضهم قادة وزعماء، وبعضهم ممن يتولون صناعة الرأي العام.

وإني لأقترح إنشاء مراكز تعنى برصد وتدوين وتسجيل كل ما يمكن إدارجه في هذا الحيز من معارفنا، ووضعه في "ثلاجة" إلى أن يصبح ممكنا، من الوجهة الواقعية، تمييز الغث من السمين فيه، فإن من الأهمية بمكان أن يعرف الناس، بعد مضي بعض الوقت، وجهة نظر الواقع في التنبؤ وصاحبه، وفي التوقع وصاحبه، وفي الوعد وصاحبه، وفي التعهد وصاحبه، وفي التأكيد وصاحبه.

وهذا إنما يعني أن تنشر تلك المراكز بيانات تَذْكُر فيها، مثلا، أن هذا المنجِّم تنبأ بحدوث هذا الأمر سنة 2009؛ ولقد انقضت تلك السنة من غير أن يتحقق تنبؤه هذا؛ وأن هذا الرئيس قد وعد بتحقيق هذا الأمر؛ ولقد تأكد الآن أنه لم يفِ بما وعد؛ وأن هذا القائد قد تعهد أن يفعل (أو لا يفعل) هذا الأمر؛ ولقد ثبت الآن أنه لم يكن صادقا في تعهده؛ وأن هذا الكاتب الصحافي الكبير قد توقع حدوث هذا الأمر؛ ولكن الواقع أتى بما ذهب بتوقعه.

وأحسب أن قيام هذه المراكز، أو المختبرات المعرفية، سيساهم مساهمة كبيرة في تطوير معارفنا، ومنتجيها ومستهلكيها.

ولقد أحسنت صحيفة "كوريري ديلا سيرا" الإيطالية صنعا إذ أعادت، قبل بضعة أيام، نشر مقال، نشرته صحيفة "كومسومولسكايا برافدا" السوفياتية في 31 كانون الأول سنة 1959، وضمَّنته توقعاتها في ما يخص الشكل الذي سيكون عليه العالم سنة 2010.

أشياء كثيرة توقعتها الصحيفة السوفياتية منها أن تحل الآلات محل الإنسان في المصانع، وأن يتخلى العالم عن استعمال النقود، وأن يخلو من الكحول والجريمة، وأن يقدَّم الطعام مجانا إلى الناس كافة في مطاعم مفتوحة على مدار الساعة، وأن تصبح الهواتف صغيرة الحجم ومحمولة ومزودة كاميرات، وأن يمتلأ القمر بمصانع للمعادن.

عندما نُشرت تلك التوقعات الملونة بلون إيديولوجي، في عز "الزمن الأحمر"، صدقها، أو مال إلى تصديقها، كثير من الناس؛ أما اليوم فأصبح ممكنا أن يعرف كل الناس منسوب الحقيقة الموضوعية فيها، وأن يتأكدوا أنها جميعا باستثناء توقع الهاتف المحمول كانت توقعات غير واقعية.

والآن، أي سنة 2010، أصبح ممكنا أيضا أن يختبر الناس جميعا تنبؤ العرافة العمياء (البلغارية الأصل) فانجا بأن تشهد هذه السنة نشوب حرب عالمية ثالثة، تستمر حتى سنة 2014، وتستخدم فيها الأسلحة النووية على نطاق واسع.

عند نهاية كل سنة، تستضيف محطات فضائية عربية بعضا من كبار المنجِّمين، فيحدثوننا عن تنبؤاتهم للسنة الجديدة؛ وبعضها فيه من التعيين والتحديد والتخصيص ما يسمح باختباره بعد انقضاء هذه السنة.

إن ملايين من العرب يخضعون للتأثير المعرفي لهؤلاء المنجِّمين، ويصغون لهم وكأنهم لا ينطقون إلا عن علم ومعرفة، فلِمَ لا يحاسَب هؤلاء في ما يشبه "محكمة معرفية" تعقد في السنة التالية، ويتلى فيها "بيان الاتهام" على شكل بيان يوضَّح فيه للناس، أو لهؤلاء الملايين من العرب، مصير ومآل تلك التنبؤات؟!

أما إذا جاء الواقع بما يؤكد ويثبت صدق بعض تنبؤاتهم، فلا بد، عندئذ، للباحثين العلميين الجادين من أن يتوفروا على البحث في الأسباب الحقيقية والواقعية لتلك "التنبؤات الصادقة"، مع تبيان وزنها الحقيقي، الذي يتناسب طردا مع حجم ما اشتملت عليه من تعيين وتحديد وتخصيص.

حتى بعض العلماء والجامعات والصحف العالمية لا يتورعون عن المساهمة في نشر معارف لا تختلف كثيرا عن تلك التي يتوفر المنجِّمون على نشرها؛ فها هي جامعة "فيلانوفا" في فيلادلفيا تنسب إلى علماء فلك إن الحياة على وجه الأرض قد تباد عما قريب نتيجة انفجار نجم ضخم (ظاهرة سوبرنوفا) يبعد عن كوكبنا نحو 3260 سنة ضوئية.

وجاء في هذا النبأ، أو التنبؤ، الكارثي، الذي نشرته "التلغراف" البريطانية، أن هذا النجم يوشك أن ينفجر، وأن الطاقة الهائلة التي سيولدها انفجاره النووي ـ الحراري قد تزيل نهائيا طبقة الأوزون، فتباد الحياة على وجه الأرض.

إننا لا نستبعد أبدا احتمال حدوث كارثة كونية، لا تنهي الحياة على وجه الأرض فحسب، وإنما تدمر الكوكب الأرضي تماما؛ ولكن هذا لا يعني، ويجب ألاَّ يعني، الانضمام والانحياز إلى أولئك الذين لا همَّ لديهم إلا التبشير بزوال العالم عما قريب، وتعيين تواريخ لهذا الزوال؛ ولقد ذهبت تواريخهم وبقي العالم.

من يقرأ ذلك النبأ الفلكي، ويتمثل معانيه، لا بد له من أن يتوقع حدوث كارثة فناء الحياة على وجه الأرض في أي لحظة.

هذا النجم الذي ظهر لهم الآن، في الصورة التي التقطها التليسكوب الفضائي "هابل"، على أنه قاب قوسين أو أدنى من الانفجار، إنما يخبرنا بشيء واحد فحسب هو أنه كان على هذه الحال (التي رأيناه فيها الآن) قبل نحو 3260 سنة؛ ولو رأيناه اليوم ينفجر، فهذا إنما يعني أنه قد انفجر (فعلا) قبل نحو 3260 سنة، وأن لحظة رؤيتنا له ينفجر هي نفسها لحظة فناء الحياة على وجه الأرض، فمع هذه الرؤية تصل طاقة انفجاره الهائلة إلى كوكب الأرض.

إذا زَعم شخص ما أن قنبلة ستنفجر بعد بضع دقائق في مكان يحتشد فيه كثير من الناس، جاعلا إياهم، بالتالي، في حال من الرعب والهلع، فلا بد من محاسبته قانونيا على زعمه الكاذب هذا.

وهذه المحاسبة يجب أن تكون أشد إذا ما زَعم (وإذا ما ثبت وتأكد، بعد مضي بضعة أسابيع أو أشهر، كذب زعمه) أن الحياة على وجه الأرض ستباد كلها بين لحظة وأخرى، فلا معنى لذلك النبأ الفلكي سوى هذا المعنى، إن أحسنا فهمه!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأجهزة الأمنية العربية!
- ما معنى -حل مشكلة الحدود أوَّلاً-؟
- الإرهاب ومحاربيه.. منطقان متشابهان!
- -سورة الأنفاق-.. يتلوها علينا الشيخ طنطاوي!
- احذروا فضائيات التكفير!
- شيء من -الاقتصاد الإعلامي-
- قيادات في تيه سياسي!
- -جدارٌ فولاذي- لفَلِّ -الأنفاق-!
- أزمة الإصلاح السياسي والديمقراطي في الأردن
- الحقُّ في السؤال!
- معالي الوزير!
- ترقَّبوا -النبأ العظيم- من -سيرن-!
- بين مفاوضات مُفْلِسَة ومقاوَمة عاجزة!
- أعداء -السببية- يَنْعُون -السبب-!
- هذا التمادي في شتم العرب!
- الطريق الملتوية إلى -الدولة ذات الحدود المؤقَّتة-!
- رياضة بروح سياسية.. وسياسة بروح رياضية!
- طاب الموت يا طابة!
- -نعم- للقرار الدولي.. و-لا- لإعلان الدولة!
- مسار -الدولة من طرف واحد-.. ماذا يعني؟


المزيد.....




- الرد الإسرائيلي على إيران: غانتس وغالانت... من هم أعضاء مجلس ...
- بعد الأمطار الغزيرة في الإمارات.. وسيم يوسف يرد على -أهل الح ...
- لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا ...
- ما حجم الأضرار في قاعدة جوية بإيران استهدفها هجوم إسرائيلي م ...
- باحث إسرائيلي: تل أبيب حاولت شن هجوم كبير على إيران لكنها فش ...
- ستولتنبيرغ: دول الناتو وافقت على تزويد أوكرانيا بالمزيد من أ ...
- أوربان يحذر الاتحاد الأوروبي من لعب بالنار قد يقود أوروبا إل ...
- فضيحة صحية في بريطانيا: استخدام أطفال كـ-فئران تجارب- عبر تع ...
- ماذا نعرف عن منشأة نطنز النووية التي أكد مسؤولون إيرانيون سل ...
- المخابرات الأمريكية: أوكرانيا قد تخسر الحرب بحلول نهاية عام ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - جواد البشيتي - نمط من المراكز البحثية نحتاج إليه!