أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - هادي الخزاعي - هل سيكون الأول من تموز ميلاد جديد للعراقيين؟














المزيد.....

هل سيكون الأول من تموز ميلاد جديد للعراقيين؟


هادي الخزاعي

الحوار المتمدن-العدد: 876 - 2004 / 6 / 26 - 08:23
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


تموز أسم متداول في التاريخ العراقي مذ عرف العراقيون الآلهة، فكان تموز واحد من تلك الآلهة البابلية القديمة التي منحتهم العطاء والخير وديمومة النسل، فعلموا البشر كيف تكتب الحروف والملاحم، وكيف تصاغ المسلات لتحمي حقوق الرعية. فكان تموز، منذ تلك الآلاف من السنين اسم لشهر من أشهر السنة التقومية، الذي يلتهب فيه الحر حد الأختناق، لكنهم، أي العراقيون، رضوا بذلك الزمهرير، لأنه مطبخ للتمر الذي تنتظر نضجه بيوت الفقراء والأغنياء على حد سواء.
وتموز هوية العراق الحديث، ففي اليوم الرابع عشر منه ، أنتفض العراقيون على الملكية فقبروها الى الأبد، أذ بزغت في أفقه بذاك اليوم، جمهوريتهم الخالدة، التي أزاح الستار عنها، الزعيم طيب الذكر عبد الكريم قاسم، الذي التف حوله وحول الجمهورية الوليدة، كل فقراء العراق وكادحيه، وكأنهم كانوا على موعد معه، كموعدهم مع التمر في كل تموز.
لم يكن اي من العراقيين الفقراء، الذين كان ينحرهم الكد اليومي سواءا في حقول الأقطاعيين ومشاغل المالكين،أو أولئك الذين يسعون وراء كدهم اليومي في شوارع المدن واسواقها، يفكرون بسجلات نفوسهم، واغلبهم أن لم يكونوا جميعهم، بلا دفاتر نفوس( جناسي ) وانا واحد منهم.
كانت عوائلنا تمتاز بكبر حجمها، فقلما يكون للعائلة الواحدة أقل من خمسة أطفال، وهذه هي الميزة الوحيدة التي كانت تتقاسمها عوائل الأغنياء على قلتهم، والفقراء على كثرتهم في العراق. لم يكن لهؤلاء الخمسة أو حتى العشرة أطفال في العائلة الفقيرة، غير دفقر نفوس واحد ويكون للبكرعادتا، أما البنت فلا أحد يسأل عنها.
وحين كان يفكر رب العائلة الفقيرة بتسجيل أطفاله بالمدرسة، فأنه لا يجد حرجا في أن يسجل أطفاله كلهم عبر جنسية أبنه البكر. لم يكن ذلك تزويرا، ولكنها كذبة الفقراء البيضاء التي كانت تقبلها المدارس على مضض، وألا فان رحلاتها ستبقى فارغة حتى نهاية العام الدراسي ألا من القلة الذين لديهم دفاتر النفوس.
لما قامت الجمهورية، وفرشت جناحها ليتفيء الجميع تحت ظله المبتهج للحياة، شرَعت التعليم الألزامي، و للبنين والبنات على حد سواء. أما دفاتر النفوس(الجناسي) فقد حلت مشكلتها، فقبل أشهر معدودة من قيام الجمهورية، أجري أحصاء عاما للنفوس عام 1957 مما سهل عملية حصول الأطفال على تلك الوثاثق( الجنسية) لغرض تسجيلهم في المدارس.
المشكلة التي رافقت عملية التعداد، هي عدم معرفة الغالبية العظمى من الناس ـ وهم من الفقراء طبعا ـ بأي يوم ولدوا، وفي أحيان كثيرة، تكون سنة الولادة تقديرية أعتمادا على المناسبات التي تفطَنهم بالسنوات التي ولدوا فيها. ولما كان يجب أن تمتليء كل الحقول التي يضمها دفتر النفوس، فكان حقل يوم الولادة يتطلب أن يدون فية اليوم الغائب عن أذهان الفقراء، فما كان من أصحاب الأمر ألا أن يدونوا يوم الأول من تموز، ميلادا لكل عراقي لا يعرف يوم تولده. أطفالي الذين يحتفلون بيوم ميلادي في كل أول تموز من كل عام ، يعجبون كيف توافق أن يكون ذلك اليوم، يوم لميلاد الكثير من العراقيين، وهذه الصدفة الغرائبية يستغربها أيضا موظفوا الشؤون الأجتماعية في بلدان اللجوء التي تزدحم بالعراقيين، هم يتعجبون ونحن المولودين في الأول من تموز نبتسم بخبث، أشارة الى الآباء الذين كانوا يوقتوا ولادات ابنائهم في ذلك اليوم، الذي يكون فيه التمر في انضج اوقاته. عذرا أذ اسوق هذا التفصيل الممل عن قصة يوم الميلاد العراقي، ولكنه تعريف بالقصة لأجيال العراقيين الذين لم تحتوي دفاتر نفوسهم 1 تموز. والمفيد من هذا التذكر، أن للعراقيين علاقة لا تنفصم عراها بالأول من تموز.
بعد أيام، وتحديدا في الأول من تموز، ستنتهي مرحلة الأحتلال، وستعود للعراقيين سيادتهم على وطنهم، وسيكون لذال اليوم رنين في أجندة العراقيين، يكمل ما خطا به الأله تموز مشواره الذي بداه في العراق منذ عشرات القرون. وحتى تقر عيون عشتار ويهجع كلكامش من عناء رحلة بحثه عن خلود العراق، ويكف أنليل من ترديد ترانيمه الحزينة في وهاد الناصرية، ويسقي الحسين عطشاه من الأطفال والنساء، وتصخب البصرة بأناشيد رابعه وهي تتجلى بحب السماء، وتزول الملوحة عن سباخ القرامطة في السماوة، ويصنع كاوه الحداد على سندانه سيف عدله، ويطل علينا من جديد عبد الكريم قاسم من القمرالذي تخيله فيه سكنة الثورة والشاكرية وبقية المدن الفقيرة...علينا أن نصرخ بكل ما تأت به الحنجرة من شدة، العراق أولا.. العراق أولا ...فيكفي العراق ما راق من دم على ثراه...يكفي العراق ما ترملت من نساه... يكفي العراق ما اطفيء من سناه... فهل تتركنا شرذمة الألوان المعتمة نبصر يوم العراق الجديد، الأول من تموز، خاليا من تناثر الأشلاء، وتطمأن فيه الأم لعودة طفلها من المدرسة يحمل على ظهره الحقيبة وعلى وجهه الأبتسامة، وتتطامن الأخت والحبيبة وهي تدفع بشموع خضر الياس في عرض دجلة.
في الأول من تموز سيفتح العراق الصفحة الأولى من تأريخه الجديد، بعد عقود من الصفحات السوداء التي مرت وشهورالأحتلال البائسة التي ستنتهي.
أن كل ما مر بالعراق من ضيم وظلم على ايدي القتلة، يستدعي من الحكومة الأنتقالية أن تنظر الى ذلك الماضي بعين ثاقبة، لتتوخى أن لا تقع في تلك الحبائل التي أفسدت من حكموا في العهود السابقة، فاستحالوا الى ثآليل ودمل على جسد العراق.
ولكي يكون الأول من تموزتسجيلا لعراق جديد، على بنيه ان يخرجوه من المستنقع الذي أسقطه فيه النظام المقبور والأحتلال المكروه، وذلك بالتعاون والتكاتف وأحترام الآخر، والأبتعاد عن وهم الحقائق المطلقة، فكما قيل " السلطة المطلقة، مفسدة مطلقة " ، وهذا المنطق، هو وحده الذي يؤمن عراق المستقبل الذي يتسع للجميع.العراق الجديد الذي لا يؤول.



#هادي_الخزاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - يا رفاق الفكر والدم ناضلو....أحنه وأنتوا بدرب فرج الله الح ...
- الشهيد الشيوعي الفنان التشكيلي العراقي معتصم عبد الكريم
- من يعوض العراقيين عن قتلاهم؟
- الجلبي وتحت موس الحلاق
- الباججي و يا مغرب ، خرب
- الحكومة الجديدة، مشروع للضمير العراقي القادم
- المؤتمر الوطني للسلم والديمقراطية في العراق،تأسيس لعراق المس ...
- قاسم عبد الأمير عجام مثقف عراقي قتله حلمه الذي رواه بحب
- الفشل المصري الذريع في أحتضان كأس العالم 2010 فشل سياسي مخزي
- قذارة أن تمتهن كرامة الأنسان
- الطبقة العاملة العراقية - سرد تأريخي غير موثق
- العراق.. سيزيف بثوب جديد - هذيان الفرح والحزن
- الشاعرالفريد سمعان يا لجين يطرز الجبين - من وحي المناسبة
- مؤتمر المصالحة الوطنية العراقية ـ أربيل خطوة الألف ميل الصحي ...
- بكره يذوب الثلج ويبان المرج
- شهادات وادي الخيول (كه لي هس به) لمناسبة العيد السبعين لتأسي ...
- لماذا لايصدر أي بيان مشترك عن زيارات رؤساء مجلس الحكم الى أي ...
- ضحك يشبه البكاء
- الثامن من آذار.. يوم تستحق فيه المرأة التهنئه
- قرنفلة حمراء للنصيرات بمناسبة 8 آذار


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - هادي الخزاعي - هل سيكون الأول من تموز ميلاد جديد للعراقيين؟