أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - العريفي وتفسيق آيات الله















المزيد.....

العريفي وتفسيق آيات الله


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2886 - 2010 / 1 / 12 - 01:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قام الشيخ والداعية السعودي المعروف الدكتور محمد العريفي، بوصف المرجع الشيعي العراقي الكبير آية الله علي السيستاني بالفاجر والزنديق، في معرض حديثه عن وساطة طلب الحوثيون فيها تمثيل السيستاني للتحدث باسمهم. ويعتبر السيستاني واحداً من رموز الشيعة الكبار في العالم، وله كلمة وحظوة وتأثير كبير على الرأي العام الشيعي ليس في العراق، وحسب، بل وخارجه أيضاً. العريفي هذا الذي فتحت له الفضائيات العربية أبوابها على مصراعيها ليبث الجهل والسحر الأسود والخزعبلات ويخدر الناس، ويؤبد السلالات الحاكمة عبر نشر مقولة طاعة ولي الأمر، كنت صادفته أكثر من مرة على فضائية مشيخية، وكان يتحدث فيها عن العفاريت والثعابين والقردة، والجان، والأبالسة والشياطين، ولم أحتمل حديثه، لأكثر من ثلاث ثوان، فهو في زمان ومكان، والعالم كله في زمان ومكان. وفي الحقيقة فإن ثقافة التلعين والتفسيق والتخوين، ليست غائبة، بكثير، عن ثقافة المنطقة التي يجسدها الشيخ الجليل ولها جذور ضاربة في هذه الثقافة، فقد تم سب الخليفة الرابع على مدى عقود ومن على المنابر إلى أن أتى الخليفة عمر بن عبد العزيز وألغى ذلك.

ومع التقدير، والاحترام الكبير لبعض الأصوات الخافتة والخجولة، لكن الجريئة، من هنا وهناك، التي تصدت لكلام الشيخ الخطير، واعترضت عليه، فإنه لم تتخذ أية إجراءات عملية ورادعة وعقابية رسمية ضد الشيخ الذي ارتكب جناية السب والقذف والتحريض العلني على الفتنة والكراهية، والدعوة للاقتتال الذي من شأنه أن يسيل دماء، ويذهب بأرواح أبرياء ويؤدي لصدام أهلي ومجتمعي عام. وما زال هذا الشيخ وأمثاله من دعاة الكراهية، السبابين اللعانين الشتامين، يتمتعون بالحصانة والرعاية، ما يضع عشرات الأسئلة حول حقيقة وطبيعة الأدوار التي يقومون بها في هذه المجتمعات وسعيهم الحثيث لتدميرها وتفجيرها والإيقاع بين سكانها، بما يخدم بالنهاية المشروع الصهيوني والشرقي أوسطي في تفتيت المنطقة وتذريرها وتفريمها وتمسيخها وتفسيخها إلى كيانات متناهية في الصغر، والذهاب بالدول الوطنية مرة واحدة وإلى الأبد، وإحلال الإمارات الدينية الطائفية المتقاتلة والمتصارعة فيما بينها في أخطر سيناريو يمكن تصوره، وعلى مرأى ومسمع من جميع حكومات المنطقة التي تسهل لهم، على ما يبدو، مشروعهم هذا وتؤمن لهم المضي، والاستمرار به حتى النهاية.

ومن خلال متابعاتنا اليومية المتأنية للصحافة العربية يومياً، بتنا نلحظ، وبقوة، بروز تيار ليبرالي وتنويري ونقدي قوي لدى طيف واسع من الكتاب والكاتبات في السعودية، نفسها، وتحفل هذه الصحافة بعشرات المقالات التي تتصدى لهذا التيار التهديمي وتعريه. وهذه الأسماء الطيبة والنيرة، لكتاب وكاتبات، بصدق، والحق يقال، أكثر من أن تعد وتحصى، ويطرحون من الأفكار ما لا يمكن لحظه، اليوم، وبكل أسف وأسى، في الصحف والإعلام الثوري المعلب، ذاته، الذي بات أكثر محافظة ودروشة من موقع إسلام أو لاين، المملوك للشيخ القرضاوي. غير أن تصريحات الشيخ العريفي تبدو غريبة وبعيدة كلياً عن هذا التيار المتنامي والمتعاظم في الإعلام السعودي وتشكل ضربة قاصمة لكل المحاولات والجهود الطيبة والخيرة لمكافحة آفات التطرف والكراهية والإرهاب والعداء للعداء في هذه المجتمعات.

الوجه الأخطر في الموضوع أن التيار المتشدد والصدامي بات يمثل تهديداً لنفس السلطات السياسية التي يعيش بكنفها غير عابئ بها، ومستهتر بها، وبصورتها، وبسمعتها التي باتت على المحك، أمام الرأيين الإقليمي والدولي. فمن المعلوم أن المملكة العربية السعودية، والتي اكتوت بنار الإرهاب الذي بات يهدد وحدتها الوطنية وأمنها المجتمعي وبقاءها ككيان سياسي، قد سعت ومنذ فترة، إلى احتواء هذه التيارات التكفيرية والتحريضية، بسبل عدة، فمرة عبر البوابا الأمنية، وأخرى عبر المناصحة والصفح والإغراء بإعادة التأهيل والاندماج، والأهم من ذلك كله رعاية مؤتمرات عالمية وهامة لحوارات الأديان والتقريب بين المذاهب، نرى في تصريحات الشيخ العريفي تقويض لذلك كله، وتحد له، ولسلطة، وللتوجه والنهج التصالحي، والوسطي والتسامحي الذي تعلنه وتتبناه قيادة البلاد، والتشويش العلني عليه، ومحاولة تخريبه، ومنع كافة أشكال التلاقي والحوار والوحدة الوطنية التي أصبحت هدفاً في عموم منظومتنا الشرق أوسطية، فالحروب الأهلية، نتيجة للسماح لتيار العريفي بالعمل والنشاط، باتت تهدد أكثر من بلد مما يوصف بالعربي. فهل أصبح هؤلاء قوة خارجة عن القانون تتحدى السلطات السياسية علناً، في هذه المجتمعات؟

هل فكر الشيخ العريفي بأبعاد تلك التصريحات الخطيرة ومآلاتها، مع عدم استبعاد الافتراض الأخطر، فيما لو قابلها، بعض علماء الشيعة المتطرفين وآياتهم وشيوخهم، بالمـِثل، وهو مبدأ عربي وإسلامي معمول به، هذا التصرف بمثله، ووصفوا رموزاً من تيار العريفي بالزندقة والفجور والفسق، هكذا، علناً، وفي خطبة متلفزة من قم أو مشهد أو القطيف، أو الضاحية الجنوبية، أو النجف وكربلاء؟ هل يستطيع الشيخ الجليل العريفي أن يتنبأ بماذا سيكون عليه الحال من رد فعل هنا وهناك؟ وهل تصريحاته تتناغم مع سياسة الملك عبد اله التصالحية والتسامحية والحوارية المعلنة، أم يعمل بالضد منها، هكذا على رؤوس الأشهاد من دون أن يقيم وزن واعتبار، ليس للشيعة وحسب فكلا وألف حاشاه، ولكن لسياسة بلاده في هذا الشأن؟ وهل يجوز للشيخ المؤتمن على توعية الناس وحثهم على التآخي والمحبة والتسامح، وتجسيد "الشريعة السمحاء" كما تقول أدبياتهم، أن ينفجر بهذا الشكل اللاعقلاني المنفلت، والمفتقر لأدنى حدود اللباقة ومن دون اعتبار لأحد، لا داخل السعودية ولا خارجها؟.

نعم لقد خرب هذا الشيخ الجليل، وبلحظة واحدة، وعن جهل مطبق بمآلات الكلام، جهوداً كبيرة، وسنوات من محاولات لردم الهوة العميقة القائمة، والتباينات الحادة وحالات الاستقطاب والاصطفاف والتخندق المريعة بين المذاهب والأديان.

إن بعضاً ممن يطلق عليهم بعلماء الإسلام، هم في الحقيقة مجرد جهلة بأبسط الأمور والأشياء، وينقصهم الكثير من العلم، واللباقة وربما التأدب، واحترام الشعوب مشاعر الناس، قبل التحضر والتمدن، والذي يبدو أنهم بعيدون عنه بعد الأرض عن السماء.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- همام البلوي: أيهما أجدى للمسلمين؟
- وانكشفت جميع العورات
- يوميات إعرابي بدوي في ديار الإيمان
- تجريم الخطاب الصحوي
- الاستخبارات الأمريكية من فشل لآخر
- المنظومة الفارسية: مدن صناعية ومعسكرات عمل
- هل سقطت دولة الخلافة فعلاً؟
- هل القاعدة تنظيم إيراني؟
- رسالة من جماعة القرضاوي
- آلهة العصر الحديث
- لماذا لا يقاطع القرضاوي، فعلاً، المسيحيين؟
- هل يسقط نظام الملالي في إيران؟
- جورج غالاوي يرد التحية للشيخ القرضاوي
- ثقافةُ الموت أولاً
- بترول العرب للعرب: متى يصبح الخليج عربياً؟
- معطوب يا ولدي معطوب!!!
- ماذا لو طالب اليهود بحقوق تاريخية في السعودية؟
- لماذا لا يحاكم القرضاوي بتهمة التحريض على الكراهية والاعتداء ...
- إستراتيجية الجدران الفولاذية
- تهنئة لفضيلة الشيخ القرضاوي بأعياد الميلاد المجيد


المزيد.....




- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة
- تمثل من قتلوا أو أسروا يوم السابع من أكتوبر.. مقاعد فارغة عل ...
- تنبأ فلكيوهم بوقت وقوعها وأحصوا ضحاياها بالملايين ولم تُحدث ...
- منظمة يهودية تطالب بإقالة قائد شرطة لندن بعد منع رئيسها من ا ...
- تحذيرات من -قرابين الفصح- العبري ودعوات لحماية المسجد الأقصى ...
- شاهد: مع حلول عيد الفصح.. اليهود المتدينون يحرقون الخبز المخ ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - العريفي وتفسيق آيات الله