أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمار ديوب - الفن الرحباني ومتطلبات الشباب















المزيد.....

الفن الرحباني ومتطلبات الشباب


عمار ديوب

الحوار المتمدن-العدد: 2886 - 2010 / 1 / 12 - 00:24
المحور: الادب والفن
    


يجري منذ بعض الوقت في الصحافة اللبنانية تقييم لفن الفنان العالمي بامتياز زياد الرحباني. وهنا سأحاول تقديم تحليل فكري لقيمة أعماله، حاصراً تقييمي في علاقة الفن الزيادي بالشباب. تمتاز حفلات الفنان زياد الرحباني بحضورٍ شبابيٍ طاغٍ ومتناغم ومحب لفنه ومستمع ومستمتع، إناثاً وذكوراً، شباباً مثقفاً ومهتماً بقضايا الفن والسياسة من زاوية نقدية. السؤال: ما هو المميّز في ما يقدمه زياد لهذه الشريحة من البشر؟ الجواب: إنّه الفن الذي يتناغم ويعكس متطلبات الشباب، فمن جهة أولى: العزف على قضايا الروح والتمرد والرفض والثورة والجديد. ومن جهة ثانية: السخرية من كل ذلك..! ففن زياد يلعب على ما يجعل الطير يغرد ويرقص من الألم، وهو لا يتناول القضايا المجتمعية بطريقة فنيّة تقليدية ومكررة بصورة مملةٍ ومبتذلة ، ولا في قالبٍ جديدٍ، تنتهي متعته في اللحظة التي تنتهي بها الأغنية.
ثم إنّ، زياد الرحباني، منحاز في الفن، وإن ليس بطريقة عقائدية جلفة، وهو ليس مع نظرية الفن للفن ويجاهر في ذلك ويسخر من قلة الانحياز. انحيازه محدّد بقضايا التغيير والتهكم من كل ما هو ثابت: أحزاباً، وطوائف وفناً، وعقلياتٍ محافظة، ويعبر عن ذلك كلّه بلغة الشباب. ولأنّه كذلك، فهو سياسي بامتياز وفنان بامتياز وشبابي بامتياز. هذا ما يفعله فن زياد. وقد أصبح (الزعيم) الفني للشباب.
هذا الرجل استطاع أن يجمع في فنّه ثلاث قضايا: الفن، والسياسة، والشباب. وتجاوز المحرمات الثلاثة: السياسة والدين والجنس. إنّه لا يرتدع عن قولٍ تمتنع الأحزاب والمثقفون والسياسيون والفنانون عن قوله: بكلمات بسيطة وعميقة، واضحة ولا تخطئها الأذن، وتستقر عميقاً في الوجدان والعقل، وهذا ما يكرره منذ أنْ بدأ طريق الفن. فمع زياد يستمع الشباب ويصغي، كمن حط على رؤوسهم الطير، و يفرحون كالطيور المتحابة المغردة في أفق السماء والمطلقة زغاريد وأصوات العشق والفرح.
الكلمات والموسيقا وحركات المسرحيين والفنانين، في مسرح زياد، هي ما تفعل فعلها، هي من يجمع العدد الكبير من الشباب، ويجعلهم يبرزون كل ما هو جميل وحالم في شخصياتهم: فالكلمات الزياديّة تطرح مجدّداً قضايا: الجسد، الحب، الثورة، السياسة، الدين، الإلحاد، الكره، الغضب، الجنس، وكلَّ محرمٍ محرمٍ محرم.
الموسيقا: تجمع الشرقي مع الغربي، الصاخب والهادئ، السريع والبطيء، الرقص والموسيقا. فيجد الشباب في الغناء والرقص والكلمات الحادة النابية المتداخلة بالموسيقا: ألق الجديد، ألق التعجب، السخرية المريرة. هذا الفن المسرحي الغنائي المتمرد يقدم فرجةً كاملة، حياة مرغوبة، صورة عن حلم يراودهم ويكبتونه من الخوف المجتمعي. وبكلمة واحدة: يقدم ما لا يمكن الكلام عنْه.
في أسباب تأثير زياد: إنّ الشباب لم يعد يطيق أو يتحمّل في بلادنا المتخمة بالقديم: الكلمات الكبيرة، الشعارات المكررة، التفكير الأحادي: الديني والسياسي. و ربما لكثرة ما استخدمت إيديولوجياً، بعيداً عن تجسدها الواقعي، وحين يتم التجسيد يكون معاكساً لما قيل..! ولا الفن الرديء لوضاعته ووقوفه عند عتبة الغرائز الجنسية، ولا الأوامريّة البغيضة المتأتية من الأب أو المدرس أو رجل الدين أو الزعيم السياسي، أو أي فرد يعطي نفسه هالة القداسة. وربما لِما يكتنف هذه البطريركيات من احتقار ضمني وأحياناً ظاهريٍّ يوجهونه للشباب: لِلِباسهم، لتسريحات شعرهم، لطريقة كلامهم، لِمشيتهم، لأوقات نومهم الطويلة، لعزوفهم عن العمل ذي المردود الشحيح، لِقلة دراستهم. علماً أنّ الشباب هم أبناء العصر، فاهمو روحه ولا تعوزهم ثقافة في تقنياته وعلومه، وبالتالي هم متجاوزون لما يقال لهم، وربما لو أتيح لهم السخرية من كل تلك السلطات لما ترددوا لحظة واحدة، وهو ما يحدث بأشكال عدة: كترك المنزل، محاولة الهجرة، الانتحار، (تباع (الموضة)، عبادة الشيطان والوشوم على اليدين والعنق، وقضايا كثيرة جداً. الفن الزيادي يلعب على هذه المواضيع بالتحديد، فلا يترك لغة الشباب تفلت منه، ولا ينزل بفنّه إلى حدودها الدنيا، وكثيراً ما يرفعها إلى الترقي والجديّة.
حفلات زياد تتضمن أغاني و(اسكتشات) تعود إلى عشرين عاماً وأكثر، المفارقة أنّ الحضور في الغالب يكون حافظاً لها، رغم أنّ نصف الحاضرين لحفلاته لم يكن قد ولد بعد حين ولدت تلك الأغاني.! وقسماً آخر مراهق تماماً..! هذه الفكرة تدلنا على أنّ الجديد في أي نوعٍ ثقافي يستقطب فئة الشباب. وهم ليسوا فئة محددة العدد أو ثابتة الولاءات والعقائد، وتفضل التمرد والرفض والراديكالية، وأيضاً وكي لا نكثر من صفات الجنة على الأرض، لديها - فئة الشباب- كذلك مشاكل كبرى: كتأمين العمل، المساكنة، الزواج، السفر، مشكلات جنسية، عدم ثبات عقائدي. زياد بذكائه الحاد، يلتقط كل هذه القضايا، ويطرحها ويحدّد من المسؤول عنها.
أما قائمة التحريم اللفظي، التي ترافق الشباب منذ أن يتجاوزوا عتبة الطفولة والمراهقة، فإنّ المُحلّل الذي كان مباحاً ذات يوم يصبح مُحرماً قطعياً وخاصةً للفتيات. الكلمات النابية التي يتلذّذ بقولها المراهقون والشباب: إناثاً وذكوراً، ولا يجدون لها أحياناً بديلاً هي ما تحرّم عليهم. ويتم ذلك - للمراهقين- عبر تعنيفهم: كلاماً، ضربا،ً نظرات حادة، مقاطعة منزلية، إلخ، وحينما يصبح الفرد شاباً لا بد أنّ يظهر اللاوعي سيداً في العقل، ضوابط وقيماً أخلاقية، سلوكاً ومظهراً محافظاً، هذا إن اتجه الشباب نحو التشدد الديني. وإن أَفلت ولم يُسيطر عليه دينياً فإنّه سيحوّل المحفور في الوعي المتراكم إلى سخريةٍ حارقةٍ وإلحادٍ كبير وربما نقمةٍ حادة وشعورٍ مغرق في العدمية في بعض الأحيان، وقد يكون غير ذلك. زياد الرحباني، لا يرتدع عن قول المحرمات اللفظية، وتفهُّم دلالتها النقديّة.
إذن الشباب ليسوا فئة فوضوية مشتتة وضائعة ولا تعرف ما تريد، بل هي كذلك في الوعي المحافظ (التقليدي وغير المجدّد)، وهي تصبح كذلك، حين لا يقدّم لها المجتمع ما تحتاجه بالفعل، ما ترغب فيه: أي حين لا يُقدم لها فناً أو فكراً أو سياسةً أو تعليماً أو فرصة عمل، تتجاوب مع متطلباتهم، وتحترم عقولهم وأحلامهم وتأخذ بخياراتهم واقتراحاتهم وإبداعاتهم، ولو على سبيل التجريب ليس غير. هنا جذر المشكلة. هنا سُرّ الرحباني في التعبير عنّها..!



#عمار_ديوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الواقع المأزوم ووهم النموذج*
- الرقابة في سوريا تطال الآداب
- عن ما بعد حملة بردى ودور المنظمات غير الحكومية
- حملة بردى تتطلب إستراتيجية بيئية
- العلمانيّون في مواجهة التكفيريّين
- في نقد نقاد مهدي عامل
- انتصار جزئي للعلمانية في سوريا
- في ذكرى استشهاد مهدي عامل
- الماضي والحاضر حاضران... فأين المستقبل؟
- عن اليسار ودوره في الأزمة الاقتصادية العالمية نقاش في مقالة: ...
- مشروع قانون سوري للأحوال الشخصية من العصور الوسطى
- العلمانية السورية على محك مشروع الأحوال الشخصية
- العلمانية اللبنانية على المحك
- -الديموقراطية- في الكويت
- ثمرة الطرح الفلسفي أم ثمرة الحداثة
- الدولة الوطنية الجديدة
- جرائم شرف أم شرائع مصاصي الدماء؟
- في الدولة الديموقراطية العلمانية الواحدة
- الاطفال يتعلمون الموسيقى في سوريا. أهي أحلام ضائعة أم رغبات ...
- الجسد: مشكلة أخلاقية في الفكر العربي المعاصر


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمار ديوب - الفن الرحباني ومتطلبات الشباب