أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد بودواهي - الإسلام السياسي مصائب ومآسي















المزيد.....

الإسلام السياسي مصائب ومآسي


محمد بودواهي

الحوار المتمدن-العدد: 2885 - 2010 / 1 / 11 - 19:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في التجمعات السياسية ، وتدبيرا للعمل السياسي ، عملت الأحزاب الوطنية من منطلق الدفاع عن الوطنية وعن الاستقلال ، كما عملت الأحزاب القومجية العروبية على إلهاب المشاعر بالعروبة من أجل الوحدة العربية ولو على حساب الأقليات ، والأحزاب الديموقراطية على العدل والمساواة والحرية ، والاحزاب الاشتراكية على الديموقراطية والعدالة الاجتماعية وتحرير المرأة ، والأحزاب الشيوعية على الاشتراكية والأممية وإنهاء حكم الدولة .... وهذه أمور كلها دنيوية وحياتية يسعى كل تنظيم سياسي أن يحققها من خلال وسائل معقولة ومشروعة تندرج ضمن الفكر السياسي و الإيديولوجي ، أما أحزاب الإسلام السياسي فهي تتجاوز الايديولوجيا وتعمل على احتكار الدين وإخضاعه للسياسة وتستغله للوصول إلى الحكم وتجعله مطية تزايد به على الجميع .
ومما لاشك فيه أن هناك أسباب أدت إلى صعود الإسلام السياسي وانتشاره في منطقة الشرق الأوسط وفي شمال إفريقيا وفي مناطق أخرى بعد أن كان دور الدين في الحياة العامة لا يلقى إلا قليلا من الاهتمام ، فانتقل إلى قوة فاعلة في المجتمع وأصبحت الظاهرة الدينية محط اهتمام صانعي القرار و السياسيين والمفكرين على حد سواء . ويمكن إجمال هذه الأسباب في فشل اللأنظمة الحاكمة من تحقيق التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية ، وعدم استقلال القرار السياسي من التبعية للإمبريالية الغربية ، وفي فشل النماذج السياسية المطبقة من قومية عروبية وليبرالية واشتراكية مزيفة ، وهناك المساعدات التي تقوم بها إيران للعديد من الجماعات الإسلاموية ودعمها ماديا وعسكريا كحزب الله اللبناني وحماس الفلسطينية وإسلاميي الجزائر ومصر والعراق والحوثيين في اليمن من أجل الإطاحة بالأنظمة الحاكمة والاستيلاء على السلطة . وهناك الاستبداد الذي تمارسه السلطات وانتشار الفساد والفقر وغياب الديموقراطية والحرية مما أدى إلى حرمان ومعاناة أغلبية الشعوب وعيشها تحت وطأة الاضطهاد المادي والمعنوي ، وهناك تراجع الأحزاب اليسارية والليبرالية والديموقراطية والشيوعية ومنظمات المجتمع المدني في تأطير المواطنين مما خلق فراغا سياسيا وإيديولوجيا وثقافيا مكن الجماعات الإسلاموية من سده بمؤازرة من الأنظمة التي فتحت لها المراكز الدينية والمساجد والجمعيات الخيرية والقنوات التلفزية ، وقدمت لها جميع أنواع الدعم مما أكسب هذه الجماعات شرعية ومصداقية لدى أوسع الجماهير .
إن كل هذه الأمور وغيرها جعل أفراد هذه المجتمعات تنظر إلى الجماعات الإسلاموية كمشروع بديل يمكن أن تعلق عليه الآمال في تحقيق الخلاص من أنظمة سياسية فقدت شرعيتها في نظر الكثير من المواطنين بسبب سياساتها الرعناء اللاديموقراطية واللاشعبية واللاوطنية .
غير أن الواقع العنيد كثيرا ما يفنذ مزاعم هذه الجماعات المتطرفة بمجرد ما تستحوذ على السلطة حيث ما تلبث أن تصطدم بالصعوبات الجمة في تنفيذ الوعود التي قطعتها على نفسها وتحقيق ما جاء في برامجها من تنمية وعدالة اجتماعية وديموقراطية ومساواة وهو ما يجعل مصداقيتها وشرعيتها تتلاشى وينفر منها المواطنون ويفتر حماسهم وبالتالي يتراجع تأثيرها في الحياة السياسية . في ظل هذه الظروف التي تتميز بالفشل الدريع كثيرا ما تعوضه الأنظمة الإسلاموية بالتسلط وباستخدام العنف والقمع والاضطهاد ضد الجماهير الغاضبة وضد خروجها إلى الشارع للتعبير عن استنكارها وتنديدها بالتحولات التي تقع في سياسية الدولة الإسلاموية ، ولعل أكبر دليل على ذلك هو ما يقع الآن في إيران والحملات الهمجية المسعورة التي ينفذها النظام الظلامي ضد الجماهير الثائرة .
لقد أثبتت تجارب الإسلام السياسي أنها لا تستطيع أن تبني دولة ، بل على العكس تعمل على تخريب أوطانها على جميع المستويات . فطالبان حاربت الدولة الأفغانية المدنية بمساعدة الإمبريالية ، ولما أسقطت النظام شنقت رموزه في ساحة عمومية ، وصفت كل المعارضين السياسيين ، وشنت حملة تصفوية هوجاء على كل الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني بما فيها الإسلامية ، وحرمت كل مظاهر الحياة العصرية ، ومنعت كل أنواع الاحتفالات والأنشطة والأعياد ، وهدمت كل المآثر التاريخية ومعابد الديانات الأخرى ، وحرمت التيليفزيون والسينما والمسرح ، وأرجعت البلاد إلى العصر الحجري . ونفس السياسة تريد طالبان باكستان تطبيقها إذا لم تتوحد جهود كل الأطراف المعادية للفكر الظلامي داخليا وخارجيا لمواجهتها والقضاء عليها . أما في الصومال فلقد عملت الجماعات الإسلاموية المتطرفة على إسقاط الدولة لأكثر من عقدين من الزمن وتمزيق الوطن إلى إمارات إسلاموية متناحرة يكفر بعضها البعض الآخر ، وهو ماجلب الوبال لهذا الشعب البائس الذي يتعرض يوميا للتقتيل والتشريد والتجويع والترحيل القسري بسبب الحروب التي لا تكاد تنتهي . أما في العراق فقد استغل الإسلامويون المتطرفون الوضعية الغير مستقرة للبلد فعملوا على نشر الفتنة بين السنة والشيعة ، وعلى قتل الأبرياء بواسطة التفجيرات والعمليات الانتحارية في المساجد والساحات العمومية وفي المناسبات الدينية حيث تحتشد الجماهير بكثرة وذلك لقتل أكبر عدد ممكن من الضحايا ، وعرقلوا كل الجهود التي تبدل من أجل استقرار البلاد واستقلالها والنهوض بها بعد أن تعرضت لتدمير شبه كلي . أما الإسلام السياسي الجهادي في مصر فلم تتفتق كل عبقريته سوى على تكفير كل أصحاب العقول المتنورة والمتفتحة والعقلانية من مفكرين ومثقفين وفنانين وسياسيين ، وعلى التحريض ضد المواطنين المسيحيين الأقباط وهم السكان الأولون والأصليون لمصر، مما سبب في إزهاق أرواحهم ونهب ممتلكاتهم واغتصاب فتياتهم ونسائهم وإحراق متاجرهم في العديد من المدن والقرى ، هذا إضافة إلى قتل السياح الأجانب واغتيال المفكرين وقتل المدنيين العزل ....أما ما يسمى بدولة السودان الإسلامية فما تزال بعد 20 سنة من الحكم عاجزة عن احترام حقوق الإنسان وبعيدة عن أي وازع ديني أو قانون أخلاقي وضعي إذ ما هي إلا سجن واسع ترتكب فيه أبشع الجرائم وأكثرها فضاعة باسم الدين وباسم الإسلام وقرآنه وحديثه . ففي عهد الرئيس النميري سادت أحكام القتل والجلد وقطع الأيدي والأرجل وإعدام المفكرين ( محمود محمد طه سنة 1985 ) وانتشرت المجاعة في مناطق شاسعة من البلاد في درفور وكردفان ، في الوقت الذي كانت فيه رائحة فساد الحكام وكبار مسؤولي الدولة تزكم الأنوف ، وبيعت مؤسسات عامة للموالين للنظام ، وتم فصل كل المعارضين من وظائفهم ، وتم قتل الطلبة والعديد من المواطنين أثناء التظاهرات . وبعد ذلك ابتلت السودان بجماعة حسن الترابي التي سيطرت على الحكم على إثر انقلاب عسكري ، فعملت على أسلمة المجتمع ، وأدخلت كل معارضيها السجون ونفدت المجازر في حق الشيوعيين ، وأشعلت فتيل الصراعات بين ألإسلامويين أنفسهم بالإضافة إلى اشتعال فتيل الحرب في الجنوب واضطهاد سكان دارفور بالغرب بواسطة عصابات الجانجويد الإجرامية . ونفس السياسة الإسلاموية العدوانية يمارسها نظام البشير حاليا إلا أنها تعيش لحظاتها الأخيرة بفضل المد النضالي للشعب السوداني بقيادة العديد من التنظيمات السياسية على رأسها الحركة الشعبية وحركة العدل والمساواة وغيرهما . وعلى إثر ذلك صنفت مؤسسة الشفافية الدولية السودان في تقاريرها الأخيرة ضمن الدول العشر الأكثر فسادا في العالم .
لقد فشلت حركات الإسلام السياسي لكونها لم تحترم لا القيم ولا الأخلاق ولا المبادئ الإنسانية ، بل تشرت الخرا ب والرعب في مجتمعاتها وزعزعت استقرار دولها واغتالت معارضيها ولاحقتهم وسببت في هجرة مواطنيها خوفا من القتل والدمار .
لقد سقطت حركات الإسلام السياسي لكونها لا تحاور الناس والأفراد والمجتمعات بالكلام الطيب والمنطق السليم ، وإنما تحاربهم بالحديد والنار وتعاملهم بأساليب خسيسة وغادرة وتسبب لهم المآسي والمصائب .
لقد افتضحت حركات الإسلام السياسي لأنها تستغل الدين للوصول إلى كرسي الحكم .






#محمد_بودواهي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعض أوجه الخلاف بين الديموقراطية والشورى
- اوربا وتطور النزعة الإنسانية
- الإيجابيات المزعومة للعولمة وسياسة التضليل
- مصر والجزائر رياضة وإعلام
- الحوار المتمدن منبر كل المحاصرين
- الدولة غير العلمانية وسياسة الإجحاف الديني
- الإنماء الاقتصادي رهين بالإنماء الثقافي
- الإقصاء والتمييز الهوياتي و سياسة التخلف
- النظام الرأسمالي وسيرورة التطور نحو الحتف
- استقلالات الوهم في ظل الاستعمار الجديد


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد بودواهي - الإسلام السياسي مصائب ومآسي