أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - بودريس درهمان - الإسراف و سوء بناء المنهاج التربوي الوطني















المزيد.....

الإسراف و سوء بناء المنهاج التربوي الوطني


بودريس درهمان

الحوار المتمدن-العدد: 2884 - 2010 / 1 / 10 - 07:33
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


يمكن للخبراء الاقتصاديين المتخصصين في تقدير كلفة و عائدات بناء المناهج التربوية أن يؤكدوا بان خسارة المنهاج التربوي الوطني المغربي عالية و عالية جدا. هذه الخسارة يمكن تصنيفها إلى صنفين الخسارة المرتبطة بالظرفية و الخسارة البنيوية. الخسارة الظرفية تعود إلى ظروف بشرية، سياسية و اجتماعية أما الخسارة البنيوية فإنها محايثة للنظام التربوي و تعود إلى الإسراف و سوء بناء المنهاج التربوي الوطني نفسه.
في ما يخص سوء بناء المنهاج التربوي الوطني، تتجلى أحد مظاهره المتعددة في الخيارات السياسية لتدريس اللغات، سواء تدريس اللغات الوطنية أو اللغات الأجنبية. في ما يخص تدريس اللغة الوطنية الرسمية المذكورة في الدستور كلفتها عالية و عالية جدا وهذه الكلفة العالية هي ضد المصالح الوطنية التي يسعى ذوي هذه الاختيارات الدفاع عنها. معدل تدريس اللغات الوطنية في دول الاتحاد الأوروبي بالنسبة للتعليم الابتدائي هو ستة ساعات في الأسبوع أما في المنهاج التربوي الوطني المغربي فمعدل تدريس اللغة العربية في الأسبوع مستوى ابتدائي هو ثمانية ساعات هذا مع العلم انه تنضاف إلى هذه الحصة حصة تدريس مادة التربية الإسلامية التي هي ثلاث ساعات وربع ليصل في الأخير معدل تدريس اللغة الوطنية المذكورة في الدستور إلى أكثر من إحدى عشرة ساعة.
في الوقت الذي نجد فيه بان المملكة المغربية جد مسرفة في تدريس احد لغاتها الوطنية التي هي اللغة العربية، نجد أن الدول الأوروبية الغنية و المتوفرة على تاريخ عريق في مجال بناء المناهج غير مسرفين في تدريس اللغات الوطنية. هم غير مسرفين في تدريس اللغات الوطنية، ولكنهم جد مسرفين في تدريس اللغات الأجنبية للأهمية القصوى لهذه اللغات في مجال المنافسة الدولية و دورها في تنويع قنوات الاتصال والتواصل التجاري و العلمي مع باقي الأمم و الشعوب..
فرنسا مثلا حددت كلفة تدريس اللغات الأجنبية ببلادها بمعدل 8,235 مليار أورو خلال سنة 2004 بمعدل 137 أورو للتلميذ الواحد تمثل نفقات تدريس اللغات الأجنبية بفرنسا 1O% من مصاريف التربية الوطنية باستثناء القطاع التربوي التجاري. هذا الرقم يتطابق تقريبا مع المعطيات التي قدمتها الفدرالية السويسرية و التي تخص نظامها التربوي الوطني، أما كلفة تدريس اللغات الأجنبية ببريطانيا العظمى فهي اكبر من مثيلاتها الفرنسية و السويسرية حيث يتجاوز 495 أورو للتلميذ الواحد ورغم ارتفاع نفقات المملكة البريطانية في تدريس اللغات الأجنبية وعدم إسرافها في تدريس لغتها الوطنية التي هي الانجليزية فان هذه اللغة تذر عليها فائضا سنويا حدده خبراء اقتصاد تدريس اللغات بداخل الأنظمة التربوية الوطنية بـ13 مليار أورو. يمكن مقارنة هذه العائدات اللغوية البريطانية بالميزانية السنوية للمملكة المغربية لمعرفة حجمها
خبراء اقتصاد تدريس اللغات في العالم يعترفون بوجود قاسم مشترك بين السياسات اللغوية لكل البلدان هذا القاسم المشترك يسمونه بمؤشر البلاغة و هو مرتبط بقضايا الهوية يؤكد هؤلاء الخبراء بأنه كل ما كان هذا المؤشر مرتفعا كل ما كانت كلفة تدريس اللغة مرتفعة جدا. المتمسكون بمحدد البلاغة كمحدد وحيد و أوحد في سن تشريعات تدريس اللغات يمكن تصنيفهم بالشوفينيين اللغويين. هؤلاء الشوفينيون يعتقدون، حسب وجهة نظر الخبراء الاقتصاديين في تدريس اللغات، بان مردودية اللغة الوطنية هي مرتبطة دائما بكثرة عدد ساعات التدريس وهذا الاعتقاد خطا فادح و خسارة اقتصادية يصعب استدراكها على مستوى مردودية المنظومة التربوية. الدليل على هذا هي الدراسات التي قامت بها بعض المعاهد المختصة في تحديد عدد الساعات الإجمالية الضرورية لإتقان لغة ما. فهذه الدراسات أثبتت بان الغلاف الزمني الخاص بإتقان لغة ما يختلف من لغة إلى أخرى حسب الخصائص الفنلوجية للغة و طرق تدريسها. هذه المعاهد أكدت بأنه لإتقان اللغة الألمانية مثلا من طرف تلاميذ فرنسيين يحتاجون إلى غلاف زمني يقدر بـ2000 ساعة في حين اللغة الانجليزية تحتاج فقط إلى 1500ساعة و اللغة الايطالية إلى1000 ساعة. هذا المعدل الدولي تتجاوزه المملكة المغربية بشكل كبير مما يؤكد بان هذا الاختيار هو اختيار سياسي مكلف و ليس خيارا بيداغوجيا و تربويا.
توزيع مواد التدريس كما هي محددة في الكتاب الأبيض(أنظر الإطار)حددت حصة تدريس اللغة العربية في 1615 ساعة موزعة على ستة سنين من التدريس في التعليم الابتدائي. إذا ما أضفنا إلى حصة اللغة العربية، حصة التربية الإسلامية المحددة في 628 ساعة فسنجد أن هنالك إسراف غير مبرر في تدريس اللغة الوطنية المنصوص عليها في الدستور.
حذف ساعة واحدة، آو ساعة ونصف أو حتى ساعتين يسمح للدولة بتحقيق ادخار مهم. ادخار على مستوى كلفة التدريس و ادخار على مستوى عدد الأساتذة و الأهم من كل هذا هو ادخار طاقة التلاميذ التي يتم إهدارها باطلا. المملكة المغربية لا يجب أن تشكل استثناءا بين الدول المتقدمة المجاورة خصوصا و أنها حصلت على وضع علاقة الأفضلية مع دول الاتحاد الأوروبي.
الإسراف لا يتجلى فقط في عدد ساعات اللغة العربية المبرمجة في التعليم الابتدائي، بل يتجلى كذلك حتى في العدد الإجمالي لساعات التدريس؛ و هذا الإسراف ليست المملكة المغربية وحدها من يعاني منه، بل حتى الجمهورية الفرنسية لكن هذه الأخيرة استطاعت نسبيا استدراك هذا النوع من الإسراف بواسطة اتخاذ قرارات جريئة و صادمة. يوم 28 شتنبر 2007 أصدر وزير التربية الوطنية الفرنسي، بكل جرأة و إصرار، قرارا بموجبه ألغى حصة الدرس الصباحية ليوم السبت. لقد لاحظ هذا الوزير، بان التلاميذ الفرنسيين مستوى ابتدائي هم وحدهم من بين كل التلاميذ الأوروبيين الذين يدرسون 900ساعة إجبارية في السنة ورغم ذلك فمردوديتهم أقل من أمثالهم الأوروبيين. فالسويديون مثلا يدرسون فقط 740 ساعة إجبارية. في حين ألمانيا تتراوح عدد الساعات فيها ما بين 630 و 770 ساعة إجبارية و في فنلاندا عدد الساعات يتراوح ما بين 530 و 650 ساعة. الغريب في الأمر، النظام التربوي الفنلندي الذي يدرس أقل عدد الساعات هو الأكثر نجاعة بداخل القارة الأوروبية و هو الذي يعتبر حاليا النموذج الأمثل من بين كل النظم التربوية الأوروبية، لدرجة أن عدد الوفود الأوروبية التي تفد على هذا البلد للاطلاع على تجربته التربوية رفعت من عائدات مداخيله السياحية و أصبح التحدث في دولة فنلاندا عن ما يسمى "السياحة التربوية".
النظام التربوي الفرنسي، رغم عدد الساعات المرتفعة بداخل المدارس الابتدائية الفرنسية فإنه لم يستطع كما جاء ذلك في تقرير المجلس الأعلى للتعليم الفرنسي في إيجاد حلول لمشاكل التمدرس التي تخص فئة عريضة من التلاميذ قدرها المجلس الأعلى بحوالي 15%.
النظام التربوي الوطني المغربي يدرس عدد ساعات تتجاوز بكثير النظم التربوية الأوروبية. انه يدرس 5763 ساعة خلال ستة سنوات التمدرس الابتدائية، أي أنه يدرس معدل 960 ساعة خلال كل سنة دراسية. بهذا الكم من ساعات التمدرس الغير مبررة لا تربويا و لا بيداغوجيا، يمكن فهم لماذا المنظومة التربوية الوطنية هي ذات مردودية ضعيفة. عدد ساعات التمدرس السنوية في المملكة المغربية تتجاوز عدد ساعات تمدرس الفرنسيين و الألمان و السويديين و غيرهم. إن تخفيض عدد ساعات التمدرس إلى حدود 700ساعة في السنة مثلا سيسمح بادخار عدد هائل من الأساتذة و سيرتاح التلاميذ من عبء عدد ساعات التمدرس الثقيلة و المملة
إلغاء حصة التمدرس الصباحية ليوم السبت بداخل فرنسا، ليس هو الإجراء الوحيد الذي اتخذه وزير التربية الوطنية الفرنسي، السيد كزافيي داركوس؛ لقد اتخذ كذلك إجراءات أخرى تدخل ضمن البرنامج السياسي لرئيس الجمهورية الفرنسية السيد ساركوزي. من بين الإجراءات التي اتخذها هي خصم حوالي 10000منصب شغل من ميزانية سنة 2008 المخصصة للتربية الوطنية الفرنسية. يندرج هذا الإجراء كما سلف الذكر ضمن البرنامج الحكومي الذي من بين أهدافه إلغاء حوالي 30000 إلى 40000منصب شغل من الوظيفة العمومية. خلال حملاته الانتخابية و خلال مواجهته الإعلامية لمنافسته الاشتراكية السيدة سيكولين روايال كان السيد نيكولا ساركوزي يقول و يعيد بأنه في حالة فوزه سيقوم بتعويض موظفين محالين على التقاعد بموظف واحد فقط.
إلغاء عشرة ألاف منصب شغل من وزارة التربية الوطنية الفرنسية ستواكبه مجموعة من الإجراءات كإدماج مجموعة من التخصصات، إعادة النظر في البرامج و اللجوء إلى أسلوب الساعات الإضافية المؤدى عنها..
معطيات اليمين الفرنسي و المجتمع الفرنسي لا يجب إسقاطها مباشرة على الواقع المغربي و على المنظومة التربوية الوطنية بالخصوص لان هذه الأخيرة تحتاج إلى مدرسين أكثر. تقارير وتوصيات منظمة اليونيسكو أقرت بضرورة توظيف و تشغيل أكثر من ستة ألاف مدرس جديد في السنة على الأقل. في الوقت الذي أقرت فيه منظمة اليونيسكو بهذه الضرورة قام المسؤولون المغاربة على وزارة التربية الوطنية ومنذ سنة 2002 بشبه تدمير لـ34مؤسسة وطنية مختصة في تكوين مدرسي و موظفي التعليم الأساسي و التعليم الأولي...



#بودريس_درهمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فدرالية تحت الطلب
- من اجل تنمية الذكاء الوطني
- سباق النعامات و الاحتياط الفدرالي
- حول اقتصاد الجنس بالمغرب
- قضية الصحراء و ربيع الشعوب المغاربية
- كيف يسير العالم؟
- الديمقراطية المغربية من المدرسة السلوكية الى بيداغوجيا الاهد ...
- الحكم الذاتي... الخيار الأوروبي بالقانون
- New World Order النظام العالمي الجديد؟؟؟
- الإشاعة واقتصاد الريع
- رباعيات خيام العولمة
- مشكل الصحراء بين -قيمة- الاتنية و مبدأ -القرابة التشريعية-
- أمنتو حيدر و المعاهدات الدولية
- الشبكة في ظل زمن النهايات
- من أجل تسريح التاريخ
- ضحايا التاريخ النظام العالمي الجديد
- الإطار التاريخي السياسي العام لبناء العقل الوطني
- حول فكرة -الجمهورية-
- الاستفتاء لا يتضمن مبدأ -تقرير المصير-... بداخل تشريعات الدو ...
- القضية الأممية المشبوهة


المزيد.....




- فن الغرافيتي -يكتسح- مجمّعا مهجورا وسط لوس أنجلوس بأمريكا..ك ...
- إماراتي يوثق -وردة الموت- في سماء أبوظبي بمشهد مثير للإعجاب ...
- بعد التشويش بأنظمة تحديد المواقع.. رئيس -هيئة الاتصالات- الأ ...
- قبل ساعات من هجوم إسرائيل.. ماذا قال وزير خارجية إيران لـCNN ...
- قائد الجيش الإيراني يوضح حقيقة سبب الانفجارات في سماء أصفهان ...
- فيديو: في خان يونس... فلسطينيون ينبشون القبور المؤقتة أملًا ...
- ضريبة الإعجاب! السجن لمعجبة أمطرت هاري ستايلز بـ8 آلاف رسالة ...
- لافروف في مقابلة مع وسائل إعلام روسية يتحدث عن أولويات السيا ...
- بدعوى وجود حشرة في الطعام.. وافدان بالإمارات يطلبان 100 ألف ...
- إصابة جنديين إسرائيليين بجروح باشتباك مع فلسطينيين في مخيم ن ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - بودريس درهمان - الإسراف و سوء بناء المنهاج التربوي الوطني