أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد لاشين - من قال لا في وجه من قالوا نعم ( لا ولعنة الخلود)















المزيد.....

من قال لا في وجه من قالوا نعم ( لا ولعنة الخلود)


أحمد لاشين

الحوار المتمدن-العدد: 2884 - 2010 / 1 / 10 - 03:42
المحور: حقوق الانسان
    


المجد للشيطان معبود الرياح
من قال لا في وجه من قالوا نعم
من علم الإنسان تمزيق العدم
من قال لا ..فلم يمت
وظل روحاً أبدية الألم. (الشاعر المصري : أمل دنقل ـ كلمات سبارتكوس الأخيرة )

لا ، مفتتح لمأساة.لعنة تحل على قائلها للأبد،مفترق طرق بين حياة وحياة.لحظة يتوقف فيها العقل عن رغبته في التكيف الدائم مع كل ما حوله،ليؤكد وجوده منفصلاً عن الكون،يرفض كونه جزءاً من كل ،ليتوحد مع ذاته للنهاية.أقصى لحظات الصدق،وأعمق مشاعر المعاناة.
أعذروني لتلك البداية الأدبية،فكلمة لا،دائما ما تثير فيضاَ من التأمل والدهشة،والوجع.فحين نقول لا،يعني أننا نراهن بكل شئ لصالح مجهول ، نضحي براحة الانحناء ،و دعم المجموع،ومظلة السلطة.لنخطو بإرادتنا الكاملة،عالم الوحدة والتيه.لنصل أو لا نصل خلال رحلة الرفض الطويلة،إلى حقيقة قد نرفضها هي الأخرى.

فكل من قال لا خُلّد في التاريخ ،دليلاً على حجية اللعنة،فإبليس حين رفض أمر الله بالسجود لما خلق،عاقبه الله على رفضه وليس على منطقه في الرفض،فإبليس أبى أن يسجد لغير الله،أو يسجد لمجرد مخلوق من مخلوقاته،ولكنه لُعن من الله سبحانه لعصيانه الأمر الإلهي وجداله حول صحته،مما استلزم عقابه بخلود مؤلم،يتعذب فيه بغضب الله عليه.وحتى تكتمل حكمة الله في خلقه،يعصاه آدم ويأكل مما نُهي عنه،ليهبط إلى الأرض محملاً بذنبه،ليبدأ البشر رحلتهم سعياً وراء فكرة الخلود المنتظر في العالم الأخر,فلولا رفض إبليس،وعصيان آدم،ما كانت الدنيا.فـ "لا" هي أصل الحياة.

حتى في عالم الملاحم والأساطير،كل أبطالها نالوا الخلود،بعد مرحلة الرفض أو العصيان،(فسيزيف) عوقب بأن يحمل الصخرة ليصعد بها إلى قمة الجبل لتسقط منه من جديد بشكل أبدي، بعد أن رفض احتكار الآلهة للنار دون البشر،فسرق النار المقدسة ليمنحها للإنسانية،فلُعن للأبد،وكان عصيانه بداية لعصر جديد في علاقة الإنسان بالمقدس الإلهي كما تؤسس له الأسطورة.

ملحمة (الأوديسة) بكاملها قائمة على رحلة التيه التي عاشها (أوديسيوس) بعد عصيانه لرغبة الآلهة في اقتحام أسوار طروادة،أو المشاركة في المعركة من الأساس،فعاقبه (بوسيدون) كبير الآلهة بتيه دام عشر سنوات.أي أن ملحمة طروادة بكاملها قامت على المعصية واللعنة.
الأسطورة الفارسية القديمة خاصة في مرحلة الديانة الزرادشتية،تحكي لنا عن عدم رضوخ أهريمن إله عالم الظلمة،إلى سلطان أهورامزدا الإله الاكبر،فقرر خوض معركة طويلة لتمزيق سلطة عالم أهورامزدا النوراني،تلك المعركة جسدت فيها الأسطورة ملحمة الخلق،فمزدا يخلق العالم من سماء ونجوم وبشر وحيوانات،ليشاركوه في موقفه من هذا الشيطان العنيد.فبداية الخلق كلها قائمة على مبدأ الرفض.

كل ملاحمنا العربية،وأبطال تراثنا الطويل،خلدوا في أذهاننا وأدبياتنا،لأنهم مروا بلحظة أُمتحنت فيها إرادتهم الخاصة،ورفضهم لواقع أرادوا تغيره.حتى الحكايات الشعبية البسيطة التي تحكيها لنا أمهاتنا تؤسس لفكرة الرفض،فكلها لأشخاص قرروا خوض الحياة وحيدون ،لتأسيس عالمهم الخاص.أي أن الفكر الديني والإنساني بأكمله يحكي لنا مواقف مختلفة لأفراد قالوا لا ،ودفعوا ثمن ذلك لعن وحياة.

حينما نقول لا،لابد وأن ندرك جيداً،أننا نفقد معها الأمان ،الراحة والنعيم المقيم،وسيُحمّلنا الأخرون بكل ذنوبهم وتخاذلهم ورضوخهم لأي شئ ولكل شئ.فالجميع مستفيد من الصمت،أو أحترف الانحناء.سنلعن على قارعة الطريق،لن ندخل بيوت من نحبهم،ستكرهنا حتى صورنا في المرآة.كل الأشياء أصبحت وفجأة تدعوا للموافقة.للانسحاب من أي موقف ضدي نراه حقاً.فلكل شئ ثمن،فلا نتوقع أن نرفض ويوافق الأخرون.

وقد توقفنا عن قول (لا) في مجتمعنا العربي منذ عهد طويل،فثقافة الرفض والاحتجاج أصبحت مجرد أسطورة ترويها لنا مجتمعات العالم الأخر بإمتياز.فما أحوجنا الأن لرفض كل شئ.لقول لا في وجه أنماط استغلالنا المختلفة.

لا لأكاذيب السياسيين ،وتكسبهم من صمتنا لعقود طويلة،لا لقمع الحريات أياً كانت ،فلكل الحق في التعبير أو حتى الصراخ.فالسياسة خطاب يهدف المجموع،يؤثر ويحرك الملايين نحو مصير ما،فإذا لم نعلم إلى أين المصير،ولم نقرر بوضوح الهدف والطريق،فهذا يعني أننا مجرد قطيع يساق إلى مذبح أطماع أفراد ،يجيدوا قيادتنا جيداً.

لا لدعاة التدين،والمتاجرين ببقايا إيماننا ،على شاشات الإعلام أو كتب الأرصفة،أو في الكنائس والمساجد،فيجب أن نفرق جيداً بين من يحترم العقل،ومن يروج لخرافات ما أنزل الله بها من سلطان.فقد أصبحنا متاع هؤلاء،مجرد ألعاب يمارسوا عليها ألاعيبهم الخاصة.وهم على يقين أننا أصبح لا طاقة لنا برفض من يخبرنا أنه وصي الله على خلقه.خاصة ونحن في مرحلة صعبة من صراعات طائفية ومذهبية تصل أحياناً للدم. فنحن نحتاج أن نعيد صياغة موقفنا من الأخر بشكل عام،لا أن نسمع من يستخدم اسم الله لترويج أباطيله.فحتى تعاطينا من الدين يحتاج منا لوقفة رفض ،نحدد بعدها ما نريد بالفعل.

علينا أن تقول لا ،لكل من يحاول تجهيلنا،أو يفرض حاكميته على عقولنا،أو يعتقد أنه صاحب الوصاية الحقة على حياتنا،فرغم كل ما نعانيه من إشكاليات لابد أن نظل قادرين على نقد ما يطرح علينا من أفكار وطموحات تدعي الهداية أو الخلاص.فنحن في أمس الحاجة لنناقش أنفسنا وما تنتجه حياتنا من أفكار وأشخاص وأبطال وهميون يزعمون امتلاك الحقيقة.

فمجتمعنا عانى وما زال يعاني من حالة فصام حاد،فعذابه الصباحي يتناساه ليلاً، ليعيد طقوس اليوم دون ملل . متناقض إلى أبعد حد ممكن،فدائماً ما يؤسس لأسباب تخلفه التي يعلمها جيداً ويمنحها أسرار البقاء والاستمرار.فنحن أمام حالة من الانحناء لكل المتناقضات في نفس اللحظة.فقدان لقيمة الرفض ، أو الرغبة أي رغبة في التغير.

ولكن علينا قبل أن نقول لا ،أن نعلم كيف نقولها ولمن،فرغم ما تحمله من معاناة إلا أن لها سحر أخاذ يشي بعالم من الخلود ،فالتاريخ قد احتفظ بأسماء كل الرافضين والثوار،ولكن وكما قال أمل دنقل ( الودعاء الطيبون ....هم اللذين يرثون الأرض في نهاية المدى....لأنهم لا يشنقون).أي أن " لا " كما هي سر الحياة والتغير،إلا أنها بداية النهاية،لكل من اعتقد أنها لوحدها تكفي.دون مسؤولية كاملة،وتحديد واضح لأسباب الرفض أو التغير، أو رسم لملامح الغد القادم،بعد أن نحتنا الأمس على جباهنا فصرنا عبيد لماض نريد استنساخه في الحاضر،كأننا فقدنا الحلم أو بالأصح القدرة على الأحلام.

يا سادة في بلاد أصبح ماضيها يمسخ نفسه في مستقبلها وجب فيها أن نقول (لا) مهماً كانت اللعنات.



#أحمد_لاشين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مذبحة المعارضة الإيرانية في عاشوراء
- الوحدانية في الديانة الزرادشتية (صراع المقدس والمدنس)
- تجليات العذراء..وظهور فاطمة الزهراء في العراق
- الدولة الشيعية بين ولاية الفقيه والمهدي المنتظر
- نهاية منتظري وسقوط المرجعية الفقية للمعارضة الإيرانية
- القنوات الشيعية حسينيات فضائية تشعل حمى الإعلام الطائفي
- الوصول لنقطة اللاعودة بين الإصلاحيين والمحافظين في إيران
- أمريكا تمنع الإمام المهدي من الظهور
- حقيقة مصحف فاطمة والآيات المحذوفة من القرآن عند الشيعة
- القمني ضحية أساطير المقدس (قراءة في كتاب الحزب الهاشمي)
- ولاية الفقيه ونشأة الدولة الدينية في الفكر الشيعي ( 1_2)
- ولاية الفقيه بين الديمقراطية والدولة الدينية في الفكر الشيعي ...
- نهايات الإصلاح في إيران وفصام الدولة الدينية
- الدولة الدينية بين الشيعة والأخوان في مصر
- العلمانية و نقاب العروسة باربي ( لماذا لا يحتاج مجتمعنا إلى ...
- مقتل الحسين:البطل الديني بين ملحمة التشيع والطقوس الإيرانية
- محاكمة الإصلاح ومعركة تصفية الحسابات في إيران
- التعددية الحزبية في إيران ووهم الديمقراطية (الأحزاب من الملك ...
- خطبة الجمعة التي أعادت تفجير الأزمات في إيران (الثعلب رفسنجا ...
- المؤسسة العسكرية والدولة الدينية في إيران (الحرس الثوري العص ...


المزيد.....




- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات
- نتنياهو يتعهد بإعادة كافة الجنود الأسرى في غزة
- إجراء خطير.. الأمم المتحدة تعلق على منع إسرائيل وصول مساعدات ...
- فيديو خاص: أرقام مرعبة حول المجاعة في غزة!!
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بفتح المعابر لدخول المساعدات إلى غز ...
- مسؤول أممي لبي بي سي: -المجاعة في غزة قد ترقى إلى جريمة حرب- ...
- الأونروا تدعو لرفع القيود عن وصول المساعدات إلى شمال غزة
- الأمم المتحدة: هناك مؤشرات وأدلة واضحة تثبت استخدام إسرائيل ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد لاشين - من قال لا في وجه من قالوا نعم ( لا ولعنة الخلود)