أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - صلاح الدين محسن - وداعا .. عدلي ابادير















المزيد.....

وداعا .. عدلي ابادير


صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي

(Salah El Din Mohssein‏)


الحوار المتمدن-العدد: 2881 - 2010 / 1 / 7 - 02:09
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


بمجرد أن بدأت في نشر مقالاتي علي الانترنت قبيل منتصف عام 2005 . اعتدت من وقت لآخر علي سماع صوت يأتيني علي التليفون من سويسرا . لرجل عجوز يكبر والدي ب 6 سنوات ، ولكنه صوت مهذب مفعم بالقوة والوقار :
- صلاح بيه .. ، ازيك يا صلاح بيه . "عدلي أبادير" معاك .
- أهلا يا باشمهندس ..لعلك تكون بخير .
- الحمد لله . أشكرك علي مقال .. ( ويذكر لي اسم المقال الذي أعجبه ) .
لم تكن هناك سابق معرفة بيننا ، في ذلك الوقت . ولكنني في البداية كنت قد عرفت وحسب أنه صاحب أحد المواقع الأربعة . التي كانت مقالاتي تنشر فيها في وقت واحد . – الحوار المتمدن ، وايلاف ، وموقع آشوري – يصدر بالعربية - . و كذلك موقع المهندس عدلي أبادير " الأقباط متحدون " . وهو الموقع الذي كان يثير حساسية السلطات بمصر بشكل أساسي ، وكانت الأعين مسلطة عليه حتي من قراء باقي الدول الناطقة بالعربية . لذا كان هناك من يتصورون أنني أكتب مقالاتي فقط لهذا الموقع ..! . والحقيقة أن نفس المقالات – بل أكثر منها - كانت تنشر لي بالمواقع الأخري وخاصة موقع الحوار المتمدن . .. و قبل ذلك بأكثر من عشرين سنة ، كتبي التي طبعتها مصر علي نفقتي الخاصة . كانت تحمل نفس الأفكار ، علي ذات المنوال ..
- صارت صداقة بيننا .، واعتدت علي تلقي المكالمات التليفونية للمهندس عدلي أبادير . – وغالبا ما يكون معه علي الخط الأستاذ مدحت قلادة – الكاتب ، والمسؤول بالموقع . والمقرب جدا منه - .
- كثيرا ما تناقش معي . في بعض مقالاتي . ذات مرة قال لي " انا قرأت المقال 3 مرات " ..! ولم أكن أصدق الا بعد أن يمضي في مناقشة التفاصيل وباسهاب .. يومئذ كان قد بلغ من العمر 86 عاما ..! وما كان يدهشني أكثر . ذاكرته الحافظة للأحداث والتاريخ السياسي الحديث وما يتمتع به من الوعي العالي . وسرعة البديهة .
أحيانا كان الحديث يطول بيننا ويتشعب ، فأتطرق لموضوع كتبت عنه بموقع الحوار المتمدن ، وأكلمه عنه . فيسألني : " لم اقرأ
هذا المقال .. ! لماذا لم تنشره عندنا ؟ فأجيبه . هناك مقالات لا تصلح لموقعكم ، فأنا أكتب في أشياء كثيرة مختلفة . بعضها لا أراها تصلح لموقعكم . . فأنشرها بموقع الحوار المتمدن " .. فيرد بصدق و حماس : " بل ارسلها .. حتي ولو أقرأها أنا .."
هنا كنت أشعر بحق انني أمام قاريء جيد . رغم بلوغه لهذا العمر المتقدم .. ! ..

كان يحمل عقلية علمانية بالدرجة الأولي . وان كان موقعه يحمل اسما طائفيا .. فمن الطبيعي أن يتألم الانسان لأوجاع طائفته وأسرته أولا ، ومنها يتألم لآلام وطنه ويعبر عن مشاكل وطنه .. فكثيرا ما لا يمكن الفصل بين هم الفرد وهموم الوطن ، ولا هم الطائفة وهموم الوطن ككل ..

عندما حاربه اعلام النظام العسكري في مصر، بضراوة لمنعه من عقد مؤتمر عن اضطهاد المسيحيين بمصر ، واتهمه بالعمالة والخيانة ، صعد " المهندس عدلي " القضية لتشمل : مسيحيي الشرق الأوسط – فأجهزة الأنظمة الفاسدة بالمنطقة يريحها التعميم عند انتقادها ، وكأن التعميم يبعد عنها الاتهام .. بفعل الزحام - .! ( فعندهم أن تتكلم عن اضطهاد مسيحيي الشرق الأوسط ، أخف من أن تتكلم عن اضطهاد مسيحيي مصر وحدها ، .. وهكذا الحال بالنسبة لباقي القضايا ) !
وجاء ذلك لصالح مسيحيي الشرق الأوسط جميعهم . اذا أقيم لهم مؤتمر دولي يعرض قضاياهم ..
وعندما لم تتوقف الحملة ضده . ضاعف تعمم نشاط مؤتمره اللاحق ووسع دائرته أكثر . لتشمل حقوق ومشاكل أقليات الشرق الأوسط وشمال افريقيا – الدينية والعرقية ، والمعارضات السياسية - . فكان لصالح العديد ممن لم يكن أحد يسمع أصواتهم . ففي مؤتمر زيورخ 2007 - حيث حضرته - رأيت وتعرفت علي ممثلين لكافة اديان وطوائف واعراق وسياسات الشرق الاوسط وشمال افريقيا ، وجنوب السودان أيضا ..

دعاني عدة مرات لحضور المؤتمرات . أحدها – لعله مؤتمر واشطن - اعتذرت لظروف خاصة . وأرسلت بكلمتي للمؤتمر ، فألقاها بنفسه ، بأفضل مما كان يمكنني أن ألقيها ...

ضحكت كثيرا عندما قال لي في احدي المرات " مدحت ( يقصد : أ . مدحت قلادة ) طبع مقال لك وراح علقه في الكنيسة " ..! أضحك كلما أتذكر ذلك لأنني كتبت مقالاتي دون تخيل امكانية أن تعلق يوما بأي معبد من المعابد .. المقال . حسبما أتذكر هو " رسالة الي الله " منشور في 9-8- 2005 بموقع الحوار المتمدن .

كان يضحك عندما أستقبل صوته علي التليفون . بالقول : أهلا بالمناضل الشاب العنيد ..

يبدو أن " المهندس عدلي " لم يكن يصدق ، و يظنني كنت أجامله . عندما أبدي له . بدوري اعجابي بأحاديثه المصورة التي يذيعها موقعه ، وبكتاباته الموجزة والقليلة . بقدر اعجابه بمقالاتي . لما في أحاديثه من صراحة وتحليل ووعي سياسي فائق ..:
وها أنا أقولها بعد رحيله ..

لم أكن أقتنع باعتراض المعترضين علي أسلوبه . حيث كان يتكلم دون لجؤ لتعابير الدبلوماسيين ، ولا للغة مواربة الأبواب .. بل كان يتكلم كما ابن البلد – الصعيدي - الموجوع والمكتوي بآلام بلده .
- وحتي الأمس فقط – 4-1-2010 . عزاني في رحيله – تليفونيا – قاريء صديق . من مونتريال – علماني . مصري الأصل - . وأبدي أسفه لغيابه . وأثني عليه الا انه في مجمل الحديث .. تحفظ علي الطريقة التي كان يستخدمها في التعبير..
ونسي هؤلاء المعترضون علي طريقته في التعبير . أنه هكذا كان " عبد الناصر " يتكلم في خطاباته - والذي طالما صفقوا له وانبهروا به - ... اذ كان يشتم علنا في خطبه . الملوك والرؤساء المختلفين معه . كالملك فيصل والملك حسين ، والحبيب بورقيبة ، ومستر ايدن – رئيس وزراء بريطانيا ابان حرب السويس 1956 – ، وغيرهم .. وأحاديث عبد الناصر لم تكن داخلية محلية ... بل كانت عالمية . بحكم منصبه .
ولعل الفرق هو أن خطابات عبد الناصر كان فيها من العنترية والسعي للمجد الشخصي ، بأكثر مما فيها من الحرص علي مصلحة الوطن وكرامة وحياة المواطن . وكان عبد الناصر يخطب ويتعنتر في حماية جيش .. ، وحماية اجهزة خاصة ، وانظمة حليفة له بدول أخري ، قريبة وبعيدة ..

وقد حدثني عدلي ابادير . عن التهديدات الكثيرة بالقتل . التي تصله . والاحتياطات التي اضطر لاتخاذها . ولم تكن تزيد عن كاميرا تنقل له صورة الزائر القادم أمام باب مسكنه .. ! .

مؤتمر زيوريخ - سويسرا - لحقوق الانسان – مارس عام 2007 - هو آخر المؤتمرات التي عقدها " عدلي أبادير " – الرابع والأخير . كما كان واضحا - .
لذلك كانت مفجأة لي . انه في حديثه التليفوني معي . بعد ذاك المؤتمر بشهر تقريبا أو أكثر قليلا . قال لي انه ينوي عقد مؤتمر عن " الوهابية " ، وسألني عن رأيي في ترشيحه لاسمين عزيزين ، ليقوم أحدهما برئاسة هذا المؤتمر ..
أحسست انه يريد انتهاز الفرصة لمصالحة الكثيرين الذين غضبوا منه في المؤتمر الأخير . الا أن الظروف لم تساعد علي عقد ذاك المؤتمر . ثم دخل في رحلة المرض ، حتي وفاته مع مطلع هذا العام . ولعل الجميع قد غفروا .. مقدرين كبر السن . وأن لكل جواد كبوة . ومن غير المعقول أن تنسي حسنات جليلة . لخطأ واحد ! . فكل أقليات الشرق الأوسط وشمال افريقيا – الدينية والعرقية – لولا " عدلي أبادير" ربما لما سنحت لهم الفرصة لعرض قضاياهم هكذا علي الملأ ، و بذاك المستوي من العالمية .

عرفت اناسا يخيل لي انهم خلقوا من الفولاذ . و " عدلي أبادير " كان واحدا من هؤلاء .

أقدم عزائي لأقليات الشرق الأوسط وشمال افريقيا . لرحيل رجل ساعدهم علي رفع أصواتهم وعرض مظالمهم وشكاواهم أمام العالم . عزاءا لأسرته ومحبيه ، والعزاء الأكبر لمصر كلها .. لرحيل مناضل مصري ، محب لوطنه . دافع عن قضايا مصر والمصريين ضد الديكتاتورية والظلم والقهر . وداعية لقيام نظام علماني ، للنهوض بالبلاد والسير بها علي طريق الدول التي نمت وتقدمت ..
وداعا المناضل الشاب العنيد " عدلي أبادير " .
---
ملحوظة : المقال مرسل لموقع " الحوار المتمدن " فقط .- ويرجي الاشارة للمصدر عند اعادة النشر . مع الشكر .
5 يناير 2010
************





#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)       Salah_El_Din_Mohssein‏#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجدار العازل ويأجوج ومأجوج
- فول وهامبرجر
- فول وفلافل
- فول و بيتزا
- ايران . بين عمائم الملالي وحجاب -مريم رجوي - ! 2/2
- ايران . بين عمائم الملالي ، وحجاب -مريم رجوي - 1/2
- فول و كباب - 2
- تضامنوا مع مصر لانهاء الحكم العسكري
- فول وكباب
- كتابات اعجبتنا - الحلقة 6
- الناس والحرية 46
- المعجزات الدينية التي أصدقها
- كلاكيت: هل الله واحد ؟
- البرادعي رئيسا مدنيا . ووداعا لنصف قرن من الفساد والخراب .
- الناس والحرية - الحلقة 45
- الحوار المتمدن . تهنئة غير تقليدية بالعيد الثامن
- عن اصلاح الكراسي والمعتقدات
- اصلاح الكراسي والمعتقدات
- الناس والحرية / الحلقة44
- السيدة الأولي - رضي الله عنها - 2/2


المزيد.....




- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...
- للمرة الخامسة.. تجديد حبس عاملي غزل المحلة لمدة 15 يوما
- اعتقال ناشطات لتنديدهن باغتصاب النساء في غزة والسودان من أما ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - صلاح الدين محسن - وداعا .. عدلي ابادير