أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد الكحل - من يجر المغرب إلى فتنة الإفتاء ؟















المزيد.....

من يجر المغرب إلى فتنة الإفتاء ؟


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 2880 - 2010 / 1 / 6 - 23:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


اجتاحت المغرب في الأسبوع الأخير من شهر دجنبر حمى الفتاوى المحرمة لكل مظاهر الاحتفال برأس السنة الميلادية . والفتاوى إياها تعكس المدى الذي اتخذه المد الوهابي السلفي بكل تلاوينه على مستوى المساجد الرسمية الخاضعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية . فقد خصص كثير من الخطباء موضوع خطبة الجمعة الأخيرة من شهر دجنبر لتحريم كل مظاهر الاحتفال برأس السنة الميلادية ، بل وتحريم حتى تبادل الهدايا والتهاني بين المغاربة، أو بينهم وبين أفراد الجالية المسيحية . فالمغرب ، وإلى حدود السنوات القليلة الأخيرة كان في منأى عن بلوى التشدد التي ينفثها فقهاء الكراهية الذين يطاردون الابتسامة والفرح ، ويجعلون الحزن والاكفهرار سمة التقوى والورع . فالأمر لا يتعلق فقط برأس السنة الميلادية التي قد يحاجج منتجو فتاوى التحريم ومروجوها بضرورة الاحتراز وترك ما يشوبه الشك والشبهة مخافة السقوط في المحرمات وفق استنادهم إلى تأويل ضيق للحديث النبوي الشريف (لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع مالا بأس به حذرا مما به بأس ) ؛ علما أن المغاربة ــ كغيرهم من شعوب الأرض على اختلاف دياناتها ومعتقداتها ــ لا يحتفلون بأعياد الميلاد كما يدعي المتأسلمون والسلفيون الذي ينصبون أنفسهم أنبياء آخر الزمن ، بينما هم يلوذون بالتواري في جبة الأقدمين خوفا وفزعا من قيم الحداثة وثقافة حقوق الإنسان . فالمغاربة ، وخاصة الفئات الشعبية ، اعتادوا على تسمية هذه المناسبة بـ" البوناني Bonne année" ، وهي تسمية خالية من أية دلالة دينية أو مذهبية . إذ لا يعني أبدا إحياء رأس السنة الميلادية أن المسلمين تخلوا عن عقيدتهم أو اعتنقوا عقائد أخرى . إنها مناسبة يشاطر فيها المغاربة شعوب الأرض آمال استقبال سنة جديدة وفق التقويم الميلادي المعمول به في كل العالم . فهل في الإسلام ما يحرم مشاركة الشعوب لحظات الفرح والأمل ؟ فحتى بالمقياس الديني الذي يزعم فقهاء الكراهية النطق باسمه نجد ما ينافي فتاواهم ويهدها من أساسها . ذلك أن الله تعالى جعل البشرية شعوبا وأراد لها التعارف والتعاون (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) . فالتعارف البناء يقوم على الاحترام والتعاون بعيدا عن تزكية النفوس التي ينهى عنها الله تعالى ( فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى ) . فضلا عن هذا فإن مسيحيي عهد ابن تيمية والحروب الصليبية التي حرضت على فتاوى البغض والعداء ، ليسوا هم مسيحيي القرن 21 ، حيث تنعم الجالية المسلمة وكذا فقهاء الكراهية والدم بالحقوق والحريات التي لم تضمنها لهم قوانين بلدانهم الأصلية . فأي عقيدة هذه التي تحرم على أتباعها حتى تهنئة أهل الديانات الأخرى بأعيادهم ومناسباتهم الدينية والوطنية ؟ فهل بعقائد الدم والكراهية سيكون المسلمون خير أمة أخرجت للناس ؟ بالتأكيد أن الأمر لا يتعلق فقط بتحريم الاحتفال برأس السنة الميلادية ، وإنما بكل المناسبات العالمية والوطنية . فمن يستحضر الفتاوى التي تغزو السماع في مناسبات مثل : اليوم العالمي للمرأة ، أو عيد الحب ، أو مسابقات ملكة الجمال وغيرها من المناسبات ، سيدرك أن الغاية ليست المناسبة في حد ذاتها ، وإنما مظاهر الاحتفال التي ترافقها ، والتي تترك حالة الارتياح والبهجة في نفوس المواطنين الذين سئموا رتابة المعيش اليومي واستغلوا مثل هذه المناسبات لخلق الابتسامة وفتح منافذ الأمل .
ومما يزيد من خطورة هذه الفتاوى أنها :
أ ـ تخرج عن أمر الملك بصفته الدستورية أمير المؤمنين ورئيس المجلس العلمي الأعلى . فقد سبق للملك ، في خطاب افتتاح الدورة الأولى لأعمال المجلس العلمي الأعلى يوم 08/07/2005 أن جعل الفتوى من مهام إمارة المؤمنين منعا لحالة التسيب والفوضى التي تسبب فيها الخارجون عن المذهب ، حيث قال (.وتـفـعـيـلا لـتـوجـيـهـاتـنـا السـامـيـة، بـشـأن تـحـديـد مـرجـعـيـة الـفـتـوى، الـتـي هـي مـنـوطـة بـإمـارة الـمـؤمـنـيـن، أحـدثـنـا هـيـئـة عـلـمـيـة داخـل المـجـلـس العـلـمـي الأعـلـى، لاقـتـراح الـفـتـاوى عـلـى جـلالـتـنـا، فـيـمـا يـتـعـلـق بـالـنـوازل، التـي تـتـطـلـب الـحـكـم الـشـرعـي الـمـنـاسـب لـهـا، قـطـعـاً لـدابـر الـفـتـنـة والـبـلـبـلـة فـي الـشـؤون الـديـنـيـة. وإنـنـا لنـنـتـظـر مـنـكـم، أن تـجـعـلـوا مـن هـيـئـة الـفـتـوى، آلـيـة لـتـفـعـيـل الاجـتـهـاد الـديـنـي، الـذي تـمـيـز بـه الـمـغـرب عـلـى مـر الـعـصـور، فـي اعـتـمـاده عـلـى أصـول الـمـذهـب الـمـالـكـي، ولاسـيـمـا قـاعـدة المـصـالـح المـرسـلـة، وقـيـامـه عـلـى المـزاوجـة الخـلاقـة، بـيـن الأنظـار الفـقـهـيـة والخـبـرة المـيـدانـيـة. وبـذلـكـم نـقـوم بـتـحـصـيـن الـفـتـوى، الـتـي هـي أحـد مـقـومـات الـشـأن الـديـنـي، بـجـعـلـهـا عـمـلا مـؤسـسـيـا، واجـتـهـادا جـمـاعـيـا، لا مـجـال فـيـه لأدعـيـاء الـمـعـرفـة بـالـديـن، ولـتـطـاول الـسـفـهـاء والمـشـعـوذيـن ، ولا للـمـزاعـم الافـتـرائـيـة الـفـرديـة ). والفتاوى التي عمت المساجد أواخر شهر دجنبر ، سواء من أعلى المنابر أو تلك التي روجتها وسائل الإعلام فيها اعتداء على هيئة الإفتاء وخروج على ولي الأمر وإخلال بالجهود المبذولة لتنظيم الحقل الديني . الأمر الذي يشجع على الفتنة والتطاول على المؤسسات الدستورية .
ب ـ العمل على إفشال جهود الملك والدولة في هيكلة الحقل الديني وتنظيميه وتطهيره من دعاة الفتنة والمتاجرين بالدين . الأمر الذي يضيق على التيارات المذهبية مجال الحركة ، مما يدفعها إلى التشويش على إستراتيجية الدولة والسعي لإفراغها من كل مضمون .
ج ـ السعي إلى نشر الفتنة بين أبناء الشعب المغربي وتمزيقهم إلى شيع ومذاهب متباغضة بهدف زعزعة الاستقرار وحجز جهود التنمية والبناء التي يقودها الملك وكل القوى الحية .
فهل سيبقى فقهاء الكراهية أحرارا في بت سمومهم بين المواطنين ومن أعلى منابر الجمعة؟ إن وزارة الأوقاف والمجلس العلمي الأعلى أمام مسئولية تاريخية ووطنية ودينية سيدفع ثمن التقصير في أدائها كل الشعب والوطن .





#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أفْغَنَة شمال إفريقيا جزء من إستراتيجية تنظيم القاعدة.
- ما علاقة طرد المبشرين ومنع بناء المآذن بحرية الاعتقاد ؟
- موقف الإسلاميين إزاء النضال من أجل حقوق المرأة .
- لما الإصلاح يقوده الأمراء ويناهضه الفقهاء !
- هجمة التطرف من المحيط إلى الخليج .
- هل ستعي الجهات المعنية رسائل جماعة العدل والإحسان ؟
- جماعة العدل والإحسان وحوار الطوفان لإسقاط النظام .
- معارك الإسلاميين والوهابيين ضد الأرداف والصدور .
- هل يمكن أن تكون مدونة الأسرة قاطرة للإصلاحات الشاملة ؟
- القيم بين الخصوصية والكونية .
- الدولة بين اتهامات الإعلاميين ومخططات الإرهابيين .
- أما آن للحكومة أن تتحمل كامل مسئوليتها تجاه الشعب ؟
- مواجهة الإرهاب والتطرف ضرورة تحتمها نوعية الخلايا المفكَّكة ...
- 11 شتنبر :ذكرى الأحداث الإرهابية التي جسدت مخاطر التطرف الدي ...
- لم يتمسح مصطفى العلوي بأعتاب الشيخ ياسين ؟
- جماعة العدل والإحسان حركة انقلابية ترفض العمل في إطار حزبي . ...
- هل التحالف مع حزب العدالة والتنمية يخدم الحداثة والديمقراطية ...
- جماعة العدل والإحسان وعقيدة رفض الإقرار بمشروعية النظام المل ...
- جماعة العدل والإحسان تنتقد مجمّليها لدى النظام والرأي العام ...
- تأهيل الأئمة مدخل رئيسي لتأهيل الحقل الديني .


المزيد.....




- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة
- تمثل من قتلوا أو أسروا يوم السابع من أكتوبر.. مقاعد فارغة عل ...
- تنبأ فلكيوهم بوقت وقوعها وأحصوا ضحاياها بالملايين ولم تُحدث ...
- منظمة يهودية تطالب بإقالة قائد شرطة لندن بعد منع رئيسها من ا ...
- تحذيرات من -قرابين الفصح- العبري ودعوات لحماية المسجد الأقصى ...
- شاهد: مع حلول عيد الفصح.. اليهود المتدينون يحرقون الخبز المخ ...
- ماذا تعرف عن كتيبة -نتسيح يهودا- الموعودة بالعقوبات الأميركي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد الكحل - من يجر المغرب إلى فتنة الإفتاء ؟