أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - رياض الأسدي - فوبيا هب بياض















المزيد.....

فوبيا هب بياض


رياض الأسدي

الحوار المتمدن-العدد: 2879 - 2010 / 1 / 5 - 19:47
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


كثر في الآونة الأخيرة على السطح الإعلامي الزلق في داخل العراق و خارجه حيث تعدّ هناك طبخات علنية وسرّية، فكرة مؤداها: عودة البعثيين أو البعثيين الصداميين الذين لم يتبرؤوا من صدام بعد إلى السلطة سواء عن طريق تكوين (كتلة كبيرة) في مجلس النواب القادم، أو استخدام بقايا ضباط الجيش العراقي السابق لتكوين حكومة عسكرية انتقالية – بموافقة أميركية- بعد وأد العملية السياسية الحالية ووقف العمل بالدستور وحلّ البرلمان: هذه التوقعات تسود الوسط السياسي وحتى الشعبي وتتناقلها محطات فضائية مختلفة ويلوك بها محللون سياسيون من الدرجة العاشرة أيضا.
ويبقى السؤال هل كان للبعثيين الذين حكموا مدة تقرب من (35) عاما هذا الرصيد الوطني من الانجازات الكبيرة؟ حينما كنا في بواكير حياتنا عام 1969 جرت العادة على وضع لوحة ورقية كتبت باللون الأخضر- شعار البعثيين القديم- في المقاهي الشعبية تحمل عنوان (مكتسبات الثورة) وهي مجموعة من الأعمال التي قام بها الانقلابيون في 17 تموز خلال عام واحد فقط تمثلت في: إعادة المفصولين السياسيين إلى وظائفهم وعدم تعويض الإقطاعيين عن الأراضي المصادرة منهم (لا تعويض الثورة تقول!) وتعيين جميع الخريجين العاطلين عن العمل بقرار إداري واحد صادر عن مجلس قيادة الثورة: هذا القرار الذي جعل خريج الزراعة يعمل مهندسا في وزارة الصناعة والحقوقي مدرس لغة عربية! وغيرها من القرارات الارتجالية. ولو أجرينا فحصا تاريخيا لما عرف (بانجازات الثورة) لوجدنا العجب العجاب، فالتعليم على الرغم من توسعه قد انحدر انحدارا مروعا حتى بات أطفالنا يدخلون المتوسطة وهم لا يقرأون ولا يكتبون! أما التنمية التي أطلق عليها (الانفجارية) وهي مأخوذة عن الفكر السياسي لماوتسي تونغ فقد ترجمت بقوة في ندوة انخفاض الإنتاجية وتحويل العمال إلى موظفين: هذا القرار العجيب الذي ليس له شبيه في كلّ أنحاء العالم! ثم خربت الزراعة وتحول العراق إلى مستورد للحنطة والشعير والرز بعد أن كان منتجا لهذه المواد الأساسية. ثم تحول بلد النخيل إلى صحراوات قاحلة وتراجع فيه إنتاج التمور حتى بتنا نستورد التمر أيضا.
ومعظم الدخل الوطني العراقي المتأتي عن تصدير النفط انفق على الجيش والتسليح والتهيؤ للمعركة القومية وتحرير فلسطين( شعار: كل شيء من اجل المعركة) الذي تحول إلى أنقاض وشهداء في حرب ضروس لم تبق ولم تذر على مدى ثماني سنوات ضدّ إيران. ثم إدخال العراق في آتون من الحصار الاممي الظالم بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا والحصار الداخلي الأشد ظلما حتى هجر العراق معظم طاقاته الفنية والعلمية والثقافية. ولازالت أثار الحصار باقية في تخريب البنية الاجتماعية والبنى التحتية للبلاد. فما الذي قدمه الصداميون للعراق لكي يعودوا إليه؟؟
ومن الغريب أن تنطلق هذه (التخوفات) الفابيويه حول عودة البعثيين على نطاق واسع من الأحزاب الحاكمة في العراق أيضا. ترى إلى أي مدى يمكن لهذه التخوفات المزعومة امتلاك مقدار من الواقعية والصدقية؟ وهل أن البعثيين الصداميين قادرون فعلا على حجز (مساحة معينة) في العمل السياسي تحت مسميات شتى؟ وهل للدول العربية المجاورة أو تلك التي تمتلك ثقلا استراتيجيا إقليميا أن تتدخل في الانتخابات العراقية المقبلة في آذار؟ وما دور (المال السياسي) في كسب أصوات الناخبين؟ وهل الانتخابات في العراق أصبحت انتخابات سباق بين قوى إقليمية مختلفة كما هو الحال في لبنان؟ ربما جرت (لبننة) العراق على الطريقة الأميركية هذه المرة فعلا؛ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد إطلاق (بالونات) اختبار انتخابية لقوى طالما حسبت على التيار الوطني والقومي والعمل من جديد على تحجيم دورها؟ فهل من المعقول أن تكون القوى الوطنية العراقية محصورة في البعثيين والصداميين فحسب؟! إنها لعبة جديدة في عدم ظهور تيار وطني مستقل وحقيقي يدافع عن مصالح العراقيين الحقيقية ويسهم في بناء دولة جديدة على أسس من الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة والتنمية والحداثة.
هكذا بدأت سلسلة اتهام البعثيين (بالتعشيق) مع منظمة القاعدة لتدبير تفجيرات الأحد والأربعاء - وهلم وجرا- من الأيام الدامية، فإن القوى المتشبثة بالسلطة حاليا يمكنها أن تعدّ (سيناريوهات) جديدة لوضع مستقبل العراق السياسي في متناول اليد على مدى أربع سنوات قادمة؛ وقد ظهر ذلك جليا في التقارب الجدي والمحادثات شبه المستمرة بين ائتلاف دولة القانون والائتلاف الوطني ليوضع (الشيعة) في خطّ واحد من جديد بإزاء خط مغاير (سني) ومن ثمّ (كردي) حسب الأطروحة البايدنية في (الكانتونات) الثلاث التي أعلنت رسميا في خطة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن حول تقسيم العراق بواسطة القوى الناعمة soft powers ومن ثم جعل تلك (الحالة) هي النتيجة الحتمية إذا ما أرادت القوى السياسية الحالية الاحتفاظ بالسلطة من جديد؛ وهذا يعني بالطبع سقوط المشروعات الوطنية في براثن التقسيم الأميركي المطروح.
اذكر إني - ذات مرة- في عام 2003 عشية سقوط نظام صدام حسين الرئيس الدكتاتور السابق قد التقيت مصادفة بشيخ مسن من السود من بقايا حركة الزنج جاز السبعين من عمره، وعاصر أحداثا كثيرة مدوية في العراق الذي لم يغادره يوما، ودون أن يكون مؤثرا في تلك الوقائع الجلل إلا في انتمائه العفوي إلى (المقاومة الشعبية) عام 1959 حيث كان يعتقد أن في الجمهورية وعبد الكريم قاسم خلاصا للشعب العراقي، ثم صاح مع الصائحين: أنا شيوعي! على الرغم من أنه لا يعرف فكرة واحدة عن الشيوعية. يومئذ سألته عن رأيه في سقوط النظام وأسباب ذلك من وجهة نظره؟ فتوقف قليلا ثم قال: والله يا ولدي انتم (أهل الأقلام) أبصر بما حدث، فأنتم تعرفون النغل ومن قمطه؟ أما نحن الذين لا نعرف (فكّ الخط= القراءة والكتابة) وجئنا من ريف العمارة إلى بغداد وسكنا (الشاكريه) حفاة شبه عراة مغبرين يلسعنا البرد البغدادي في شباط لسعا فنتراص جميعا (كشواذي= قرود) وجلة، ها بويه!، وفي (صريفه= كوخ من قصب) واحدة ونتدثر ببساط عرب متهرئ جاء معنا من (الكحلاء) ولم يفارقنا زمنا طويلا؛ فما الذي "وحات أبوك" يمكننا أن نعرف؟ كان هذا البساط الأحمر هو كلّ ما ورثوه من عهد الشيوخ والسراكيل والطاعون. لكنني أصررت على معرفة رأيه في ذلك، وبات من الممكن تليينه ببضع قفشات تعلمناها بالسليقة في فتح تلك الصناديق المغلقة. فقال أخيرا: شف! كنا سابقا في عهد الملوكية إذا فتّح احدهم دكانا لبيع الحلويات للأطفال أو للحم القدور أو لبيع العطورات، دكان صغير هنا أو هناك يسترزق به الله، ثم انكسر هذا الدكان لهذا السبب أو ذاك؛ يواري صاحب الدكان (المكسور) وجهه عن الناس، وقد يلفّ وجهه بكوفية لا تظهر منها إلا عينيه خجلا من فعلته البسيطة: هكذا كان العراقيون سابقا. وهو لا يجد لنفسه عذرا ما في فشل مشروعه. فكيف وأنت صاحب قلم يذبح الطير (برجل طويل وعريض) كان يعد يومها شاهبندر التجار وهو يملك جيشا عرمرما وثروات لا حدّ لها وأناس تصفق وراءه أينما ظهر محيية نابحة بصوت واحد: بالروح بالدم! ثم يكسر دكانه الكبير لهذا السبب أو ذاك وبين ليلة وضحاها حتى يصبح صفرا على الشمال: هل يستطيع أن يظهر وجهه للناس؟ أوليس الأحرى به أن ينتحر أو يموت كمدا؟ هذا هو صدام.وحينما سألت شيخنا الأسود الغامق القهوتي السابق لدى الشيوخ: ماذا يعني بصفر على الشمال؟ قال: يعني ما تعرف؟! معقولة؟ يعني كلّ شيء ماكو! هب بياض ولا نقطة.
ولا أدري لماذا يحاول بعض السياسيين الطائفيين تحديدا تحويل هذا (الهب بياض) إلى (بول) ذي أهمية!



#رياض_الأسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تلال القادم/ رواية فانتازيا/ الفصل السادس:بغا ويوسف
- تلال القادم/رواية فانتازيا/ الفصل الخامس: احافيرهووووو
- تشظي الدكتاتورية، تطبيقات الشرق الاوسط الجديد
- تلال القادم/رواية فانتازيا الفصل الرابع
- تلال القادم/ رواية فانتازيا: الفصل الثالث
- عدميات
- صلاح شلوان:عالم الميناتور في ميسان
- تلال القادم/ رواية فانتازيا: الفصل الثاني
- الواقعية القذرة العربية.. آتية؟
- تلال القادم/ رواية فانتازيا: الفصل الاول
- مراجعات غير مطمئنة لعالم محمد خضير( محنة الوراق)
- لم يتبقَّ لدى نوح من ينقذه
- بانوراما ليل سعدي الحلي
- عجز مكتسب: قفص حديد امن البصرة
- على ماذا يراهن المالكي في الانتخابات القادمة؟
- زخرف: ملحمة ظهور محمود البريكان مؤخرا
- الأدب السرياني العراقي دليل مضاف على وحدة الثقافة العراقية ا ...
- تعليم الببغاء صوت إطلاق الرصاص
- عراق ما بعد الأربعاء الدامي.. ( المشروع الوطني العراقي) امكا ...
- اثنا عشرية آدم


المزيد.....




- لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م ...
- توقيف مساعد لنائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصا ...
- برلين تحذر من مخاطر التجسس من قبل طلاب صينيين
- مجلس الوزراء الألماني يقر تعديل قانون الاستخبارات الخارجية
- أمريكا تنفي -ازدواجية المعايير- إزاء انتهاكات إسرائيلية مزعو ...
- وزير أوكراني يواجه تهمة الاحتيال في بلاده
- الصين ترفض الاتهامات الألمانية بالتجسس على البرلمان الأوروبي ...
- تحذيرات من استغلال المتحرشين للأطفال بتقنيات الذكاء الاصطناع ...
- -بلّغ محمد بن سلمان-.. الأمن السعودي يقبض على مقيم لمخالفته ...
- باتروشيف يلتقي رئيس جمهورية صرب البوسنة


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - رياض الأسدي - فوبيا هب بياض