هل القاعدة تنظيم إيراني؟

نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)

الحوار المتمدن-العدد: 2879 - 2010 / 1 / 5 - 15:42
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    

هناك محاولات دؤوبة، وسعي حثيث، اليوم، لربط القاعدة بإيران، والزعم بأن إيران تدعم القاعدة، وأن الحوثيين والقاعدة شركاء، وفي حلف، والإيهام بأنهم على نفس النسق الإيديولوجي والتنظيمي، وكل ذلك، بالطبع، والأمر لا يخفى على لبيب، هو في العملية المستمرة من زمن طويل لشيطنة إيران والتمهيد لضربها، وإعداد الرأي العام الغربي لهذه العملية الكبيرة التي يتم التحضير لها بعناية ودقة فائقة نظراً لمحاذيرها الخطرة على أكثر من صعيد. ونحن بالمطلق لسنا ضد شيطنة إيران، وسواها، وشيطنتها من عدمه ليس ذا بال، ولسنا في وارد الدفاع لا عن إيران ولا عن غيرها سواء كانت شيطانية أو ملائكية، فالأمر لا يعنينا لا من قريب ولا من بعيد، بقدر ما يعنينا أن لا تتم شيطنة عقول الناس، واستمرار سياسة الاستغفال والاستهبال، التي باتت تمارس على نطاق واسع وعلني.

فالجميع يعلم ، من أين خرجت القاعدة، وفي أية مكاتب استخباراتية فـُبركت، ومن الذي دعمها، وكبـّرها، في بداياتها، وأمـّن لها السلاح والمال، ويوم كان الجهاديون أحباب واشنطن، وكانوا، وما زالوا، رهان الغرب الوحيد، في تطويع هذه الشعوب، وفرملة حداثتها، والإجهاز على تطلعاتها التنويرية والنهضوية، فلا شيء يخدم المشروع الغربي الاستعماري الكولونيالي كما يخدمه المشروع السلفي الظلامي ويتوافق معه، فكلاهما يهدف إلى إعادة هذه الشعوب إلى القرون الحجرية والحظائر المشاعية الأولى حيث اللادولة واللاقانون وهذه الجماعوية المشاعية القطيعية اللاشيئية الـNothingness ، حيث إلغاء الذات والفرد هي في صلب الإيديولوجيات الظلامية، ، وكما صرح دونالد رامسفيلد بذلك، على رؤوس الأشهاد، ومتعهداً، علناً في معرض حديثه عن العراق قبيل الغزو، بأنه سيعيد هذا البلد للقرون الحجرية، مراهناً على الظلاميين الذي يبدو أنهم، قد قاموا بالواجب على أكمل وجه، فها هو العراق العظيم، اليوم، يصبح، وبحمد من الله وفضله، إمارة إسلامية رسمية، أخرى، كسائر إمارات وأنظمة المنطقة وتنضم للقطيع الإقليمي الظلامي، همّه الوحيد، وهمّ قادته وبرنامجهم السياسي الكبير، هو محاربة الخمور، والبنطالون، والاختلاط، وفرض النقاب والحجاب، ليس إلا وكفاهم الله شر دخول عالم التمدن والحضارات.

ولا شيء يؤرق الإنسان الغربي العادي اليوم سوى الإرهاب الديني، لاسيما بعد أحداث سبتمبر وتفجيرات لندن ومدريد، ومحاولة "القاعدي" النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب الأخيرة لنسف طائرة ركاب أمريكية مدنية في أعياد الميلاد. وسيبدو هذا المواطن الغربي ميالاً وداعماً لأي إجراء وعملية عسكرية تطال تنظيم القاعدة الذي يتم الربط بينها وبين مختلف العمليات الإرهابية على نحو متزايد وغريب. فالرأي العام الغربي هام جداً في هذه الحالة، وعلى عكس الرأي العام العربي الذي لا يعبأ به أحد، والدليل هذا التلاعب به في كل مرة، فهو-العربي- ليس صانعاً للقرار، ولا مؤثراً به، فالقرار، هنا ودائما، هو بيد الخلفاء، وولاة الأمر، وأئمة المسلمين، وأمراء المؤمنين في الإمارات الدينية المسماة دولاً عربية.

وتتجلى عملية الخلط المتعمد بمحاولة إرجاع القاعدة ونسبتها لإيران، رغم التباينات الكبيرة المعروفة بين الإيديولوجية الرسمية التكفيرية والمعلنة للقاعدة، ، والافتراق الإيديولوجي الكبير بين الجانبين، ورغم التصريحات والفتاوى العلنية لزعماء القاعدة ضد إيران والشيعة، تحديداً، وهذا أمر ليس بخفي على أحد.

هذا، ويدرك السعوديون، واليمنيون، مدى الحساسية الأمريكية بشكل خاص، والغربية، بشكل عام، حيال تعاظم النفوذ الإيراني السياسي والعسكري والاقتصادي في المنطقة، ناهيكم عن الملف النووي الإيراني الذي أصبح الصداع المزمن للأمريكيين والإسرائيليين، ومن هنا لا بد من التخلص منه، وإشراك واشنطن، وجرها بأية طريقة للانخراط في الصراع وعبر اختلاق سبل جديدة، وبوابات أخرى للضغط على إيران، وهذه المرة عبر ربطها بالقاعدة. (من يذكر أزعومة اجتماع بن لادن مع صدام في أوج عملية التحضير لذبح العراق؟)

إن الفشل السعودي العسكري الواضح مع الحوثيين، وقبله اليمني، وظهور الجيش السعودي الذي كدس ترسانة بمليارات الدولارات، بمظهر العاجز والتائه الذي لا حول له ولا قوة في ميدان القتال، وعبر البيانات المتضاربة، كل ذلك أدى إلى ضرورة البحث لتوريط أطراف أقوى كالولايات المتحدة الأمريكية في الحرب على الحوثيين عبر الإيحاء والإيهام بأن هناك تعاوناً وثيقاً بين القاعدة والتنظيم الشيعي المتمرد على طاعة الفيلد مارشال علي الصالح الذي أظهر عجزاً مريعاً وفظيعاً في قمع هذا التمرد، والتعامل معه، ولاسيما بعد أن أظهرت واشنطن لامبالاة واضحة، وتجاهلاً لافتاً لتلك الحرب حتى الآن، ولسان حالها يقول للسعوديين واليمنيين على حد سواء، اقلعوا شوككم الحوثي، بأيديكم فيكفي المحرقة العراقية والأفغانية التي تورط بها الجيش الأمريكي في هذين البلدين.

التدخل الأمريكي في هذه الحرب يبدو وارداً اليوم في ضوء عملية التهويل من القاعدة ومحاولة الربط بينها وبين الحوثيين ومن خلفهما، بالطبع، ً إيران، وما يدعم هذا الزعم هوا قيام الجنرال بتريوس، بلقاء الماريشال صالح لهذه الغاية، وعبر مضاعفة المساعدة الأمريكية لليمن من سبعين، إلى مائة وأربعين مليون دولار سنوياً.

لكن ليس مؤكداً حتى اللحظة ما سيكون عليه شكل وحجم وقوة هذا التدخل الأمريكي دعماً للسعودية واليمن ولحفظ ماء وجههما، على نحو أساسي، من هذه الورطة إذ تعجز دولتان، رغم ثقلهما الاستراتيجي، في الإقليم عن حسم صراع مسلح مع مجرد "عصابة" خارجة عن القانون. لكن الشيء المؤكد هو أن فشلاً جديداً، سيضاف إلى سلسلة إخفاقات أمريكية أخرى، إلى جانب الفشل السعودي اليمني لحسم صراع يبدو أنه سائر نحو المجهول والفراغ، وسواء تدخلت واشنطن أم لا؟ لكن السؤال الأهم هو كيف ستثبت هذه الأطراف علاقة القاعدة بإيران، وهو ما قد يبدو، على ما يعتقد، وربما، أصعب بكثير من حسم الصراع؟

#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات