أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هوشنك بروكا - كل عام وأنا أكرهكَ!















المزيد.....

كل عام وأنا أكرهكَ!


هوشنك بروكا

الحوار المتمدن-العدد: 2878 - 2010 / 1 / 4 - 15:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بينما كان العالم أمس الجمعة وقبله بقليل، مشغولاً بصناعة الكلام السعيد، للدخول السعيد في عام أسعد، كان آخرون في جهاتٍ أخرى من الأرض، مشغولين بصناعة الكلام المفخخ، والنصوص المفخخة، والقتل المفخخ.

ففي الوقت الذي ذهب فيه البعض، إسلامياً، إلى "اباحة" الاحتفال بليلة رأس السنة وممارسة طقوسه، بحجة ان الاسلام دين الانفتاح على الآخر، وجدنا بعضاً مسلماً آخر قد ذهب إلى "تحريم" الاحتفال بليلة رأس السنة باعتبار أنه "العيد البدعة"، وليس من سنن الاسلام، وأنه "العيد الشبهة"، ومن تشبه بغير المسلمين في عقائدهم وعاداتهم فانه صار منهم.

د. أسامة عبدالسميع، يرى مثلاً "أنّ الشريعة الاسلامية لم تحرّم الاحتفال بالأيام التي تأتي بالمناسبات الجميلة مثل عيد رأس السنة مادام المسلم لم يتأثر في عقيدته بهذه الاحتفالات، بل يعتبرها أيام فرح وسرور وراحة، يستطيع أن يقيّم أعماله خلال عام مضى من عمره، فينظر في سجله الذي مضى ليأخذ العبرة من ماضيه لحاضره."
أما "فكرة التشبه، على حد رأي الكاتب الإسلامي جمال البنا، التي يثيرها بعض الفقهاء بغير المسلمين لا يمكن أن تؤخذ على اطلاقها وكما يقول الشاعر: "وتشبهوا أنه لم تكونوا منهم.. ان التشبه بالكريم إكرام".
في حين أنّ عضو المجلس الأعلى للشؤون الاسلامية في القاهرة، الشيخ يوسف البدري، وعبد العزيز محمد فرج استاذ الفقه في كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، حرّما الإحتفال بليلة رأس السنة واستحضار طقوسها، ل"أنه لا يحق للمسلم أن يساعد على نشر البدع فالشريعة الاسلامية نهت عن اتباع البدع لقول النبي صلى الله عليه وسلم "لكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار"، والاحتفال بما يسمى بعيد رأس السنة أو عيد الأم أو عيد الربيع وغيره من البدع، والاسلام شرّع عيدين هما عيد الفطر وعيد الأضحى فقط، وأمرنا بالاحتفال بهما. أما ماعدا ذلك فهو منسوخ في شريعة الاسلام(الشرق الأوسط، 24.12.09).

أما الشيخ يوسف القرضاوي، فقد حرّم احتفال المسلم بأعياد رأس السنة الميلادية، وانتقد العواصم العربية المحتفلة بهذه المناسبة قائلاً: "إنّ هذا الإحتفال حرام، ويعني تنازل الأمة الإسلامية عن هويتها".

هذا المنع أو التحريم(على مستوى الكلام الفقهي والفتوى)، من الدخول الجديد إلى عامٍ جديد، لم يتوقف لدى البعض الماضي في هويته الماضية، عند حدود منع "الذات" من دخول الفرح الجديد، فحسب، وإنما تجاوز حدود الآخر أيضاً، بمنعه من دخول الفرح ذاته، أو تعكير صفوة السعادة عليه.

هؤلاء الخارجون على سعادة العالم، لم يحرّموا على ذواتهم الإحتفال بدخولٍ سعيدٍ في زمانٍ جديدٍ، فحسب، وإنما حاولوا أيضاً قتل السعادة على أبواب الآخرين أيضاً، لمنعه من أي دخولٍ ممكن في جديد العام الممكن.

الصومالي البالغ من العمر 28 عاماً، والذي حاول مساء أمس الجمعة قتل كورت فسترغارد، رسام احدى الصور الكاريكاتورية المثيرة للجدل حول النبي محمد، وذلك عبر قيامه بمحاولة اقتحام فاشلة لمنزل الفنان، لقتل الفرح في الأول من سنته، وقتل الأول من السنة في فرحه، يشكل نموذجاً مثالياً، لهذا البعض الخارج على كل فرحٍ عالٍ، وطقوسه العالية، الذي "لا يعيش ولايترك الآخرين كي يعيشوا".

هذا البعض الخارج على فرح العالم، لا يريد توقيف الفرح على عتبات إيمانه أو تديّنه فحسب، وإنما يريد اغتياله على باب الآخر أيضاً، ليصبح الفرح واقفاً أو موقوقاً، يقرأ الفاتحة على موته العجول.
هو بعضٌ يحبُّ الموت في سبيل الله، لأنه فشل(ولا يزال) في الماضي من هويته، كيف يعيش لأجله.
هو بعضٌ يعشق الموت في الله، لأنه فشلَ عشق الحياة في ذاته.
هو بعضٌ فاشلٌ في تحقيق الأرض، لهذا يهرب مفخخاً إلى تحقيق السماء.
هو بعضٌ، لا يعيش إلا لموته، وليست الحياة في عرف هويته الماضية، سوى طريقاً مؤمناً إلى أقرب موتٍ، أو قتلٍ "مؤمن".
هو بعضٌ يقتل كي "يعيش" لدينه أكثر، في كونه "إلهاً ماضياً" ليس إلا.
هو بعضٌ لا يعيش لذاته، إلا ليقتل آخره المختلف.
هو بعضٌ لايعيش، لهذا يجاهد كيف يقتل، أو يُقتل ويموت ل"يطير" إلى السماء، بعد فاتحةٍ أو فاتحتين.
هو بعضٌ ميتٌ في قديم العام، لهذا هو لا يعرف جديده، ويحرّم الإحتفال بقدوم أيّ جديدٍ، ويمنع بالتالي أيّ عبورٍ أو دخولٍ جميل إليه.

لست هنا بصدد مناقشة الممكن أو المتوقع من حرية الفنان الدانماركي، الذي عبّر بها عن رأيه، على صفحات صحيفة يولاندس بوستن الدانماركية، التي قامت في 30 سبتمبر 2005، بنشر 12 صورة كاريكاتورية "مسيئة" لرسول الإسلام، وذلك وفقاً لما يسمح به قانون بلاده. فنتائج استطلاعات الرأي في يناير 2006 أظهرت أن 79% من الناس اعتقدوا أن لا داعي لأن يعتذر رئيس الوزراء الدانماركي للمسلمين، لأن الرسومات، بحسب رأيهم، لم تخرق أي قانون من القوانين الخاصة بالسب أو الشتم أو التجريح. أما الصحيفة التي نشرت الصور فلم تعتذر لخرقها قوانين البلاد أو لدَوسها على دساتيرها، وإنما اعتذرت ل"جرحها لمشاعر المسلمين"، كما جاء على لسان القائمين على إدارتها. لهذا سقطت القضية التي رفعتها الجالية المسلمة في الدانمارك، آنذاك، من قبل المدعي العام قبل وصولها إلى المحكمة، لأنه وجدها بلا أساس قانوني.
فما يسمح به القانون في الدانمارك، أو أي مكان غربي حرّ آخر، بنشر صور كاريكاتورية عن "وجه" النبي "زيد"، يسمح بذات القدر، بنشر صورٍ كاريكاتورية أخرى، تترجم وجه النبي "عبيد".
والسبب بسيط، وهو لأن الحرية هناك، أكبر من كل دين. ولأن الدين ليس بدولة، كما أن ليس للدولة أيّ دين.

ولكن الدين في الشرق، ليس ديناً للعبور إلى الله وسمواته فحسب، وإنما هو دين للعبور إلى الدولة أيضاً. فالدين في الشرق، هو الدولة، والدولة هي الدين.
فحدود الدولة ومواطنيها، في الشرق المسلم هي الجامع. وحدود الخلَف هي السلَف، مثلما حدود الحاضر والمستقبل هي غيتو الماضي.

أما الغريب في أمر هذا البعض العاشق للموت في القديم، والمؤمنين ب"خروجهم المؤمن" على الفرح، فهو أنهم يذهبون إلى "القتل المقدس" المحمول على ظهر "شهادة مقدسة"، وكأن في حوزتهم "تصريحاً من الله"، يصنفون به العالم كما يشاؤون، إلى "أهل إيمانٍ" و"أهل كفر"، أو "مؤمنٍ قاتل و"كافرٍ مقتول".

لكأن هذا البعض الخارج على الجديد من كل فرح، وعلى الفرح من كل جديد، أراد أن يقول للعالم، بلسان الشاب الصومالي الصائم عن الفرح، في كوبنهاجن، قلب الغرب المشتعل بفرح 2010:
كل عامٍ وأنا أكرهكَ!
كل عامٍ وأنت تخافني!
كل عامٍ وأنا أقتل جديد زمانك!
كل عام وأنت ميتٌ!
كلّ عامٍ وأنا "شهيدٌ مفخخٌ"!
كل عامٍ وأنت تتساقط كموتٍ!
كل عامٍ وأنا أمشي على جنازتك!
كل عامٍ وأنا جاهل وأنت مجهول!
كل عام وأنا "قاتلٌ مؤمنٌ" وأنت "كافرٌ مقتولٌ"!





#هوشنك_بروكا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحريري بين لبنانَين
- تركيا من الإنفتاح إلى الإنغلاق
- العلم السوري قاتلاً ومقتولاً
- القذافي فاتحاً للجنّة
- ما وراء منع المآذن
- نوبل أوباما -الشاعر-
- -فوضى- نوال السعدواي الخلاقة
- أكراد الشمال: بين فرضية الدولة والدولة المفترضة
- سوريا: تقتل العراق وتمشي في جنازته
- جلببة العلم على -سنّة- حماس
- عاشت سوريا -الضرورة-..يسقط لبنان!
- خروج أبطحي على -المخمل-
- ما لن يتغيّر في كردستان!
- كُتاب -التربية الوطنية-
- عندما يصبح الفكر -زبالة-: دفاعاً عن عقل القمني
- سلوك سوريا -الثابت-
- أمريكا المتحوّلة والمسلمون الثابتون
- صدام مات..فيما العراق بسلوكه حيٌّ يرزق
- كردستان الإنتخابات: خرافة تمثيل الأقليات
- مشكلة الموصل: بين مطرقة بغداد وسندان هولير


المزيد.....




- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هوشنك بروكا - كل عام وأنا أكرهكَ!