أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ماجد الشيخ - الوطنية الفلسطينية ومخاطر هزيمتها من داخلها















المزيد.....

الوطنية الفلسطينية ومخاطر هزيمتها من داخلها


ماجد الشيخ

الحوار المتمدن-العدد: 2878 - 2010 / 1 / 4 - 00:00
المحور: القضية الفلسطينية
    


شهد مسار الضغوط الأميركية الذي كان موجها لحكومة نتانياهو على خلفية "معركة الاستيطان" مؤخرا، انقلابا جذريا، بعد أن فشلت إدارة الرئيس أوباما التي حُمّلت "آمالا تغييرية"، اتضح أنها ليست سوى سراب، في إدارة "معركة" اعتقدت أنها فائزة فيها لا محالة، كونها ستكون مُفتتح عملية التسوية التي قدّرت أنها ستكون سهلة وممكنة في وقت قصير، خاصة إذا ما وافق الفلسطينيون على "دولة مؤقتة" كنتاج لعملية تفاوضية، حتى ولو كانت ستستمر طويلا. إلاّ أن فشل إدارة أوباما في إدارة "معركتها الاستيطانية"، بل وتراجعها تحت وقع ضغوط معاكسة من قبل اللوبي اليهودي ضد الكونغرس، ومقايضته تلك "المعركة" بالتهديد بعدم الموافقة على برامج الرئيس، وخصوصا برنامجه الصحي، حوّل مسار الضغوط الأميركية ضد الوضع الفلسطيني بشكل مباشر، فأضحت المعركة الآن موجهة ضد المشروع الوطني والاستقلالي الفلسطيني، ليس بمعزل عن معركة حكومة نتانياهو ضد الوطنية الفلسطينية، بل وبتوافق موضوعي حتى مع أطراف عربية رسمية وقوى إسلاموية، تقف في مقدمتها حركة "حماس"، بما تحمله من طموح نرجسي لوراثة الحركة الوطنية الفلسطينية، ومن أوهام تحويل المشروع الوطني التحرري إلى مشروع سلطوي/إسلاموي، يتغذى من نسغ طموحات قوى إقليمية قوموية وإسلاموية للهيمنة، ولـ "مناطحة" الإمبريالية الأميركية وربيبتها الصهيونية، ولو على حساب المشروع الوطني التحرري والاستقلالي الفلسطيني.

مثل هذه الضغوط استهدفت من قبل، وتستهدف الآن؛ منع بلورة هدف وجود دولة فلسطينية مستقلة، أو توفير مقوماتها على الأرض. وهو هدف تعمل من أجل عدم تجسيده على الأرض؛ مجموعة أطراف ليست كلها متحالفة، بل هناك أطراف متعادية من بينها، جميعها يتساوق لتحقيق هذا الهدف، خدمة لمصالح أنانية ونرجسية خاصة، تسعى إلى إفقاد الوضع الوطني الفلسطيني شرعيته التاريخية، ومشروعية تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية، بما هي رمز تلك الشرعية الاعتبارية، ورأسمالها الرمزي الذي أعاد للهوية الوطنية الفلسطينية وجودها الخلاّق والفاعل، من أجل وطنية فلسطينية مستقلة، تسعى إلى تكريس ذاتها في دولة مستقلة، افتقدت وجودها الواقعي منذ العام 1948، بإعلان إسرائيل كيانها الاستيطاني الاستعماري فوق تراب الوطن الفلسطيني.

ولأنه لا يمكن لـ "الدولة المؤقتة" أن تكون بديلا لدولة المشروع الوطني الفلسطيني المستقل، كذلك لا يمكن لمشاريع سياسوية/إسلاموية أن تكون بديلا للمشروع الوطني التحرري في الفضاء السياسي والمجتمعي الفلسطيني. وكل ما يتشابه ويتساوق مع مشاريع الآخرين، لا يمكنه الانتساب للشعب الفلسطيني ومشروعه التحرري الأوحد، بل إن تلك المشاريع هي خارج السياق؛ محض تآمر واتجاهات تصفوية، لا تختلف عن مشاريع الأعداء التصفوية.

إن افتقاد الشعب الفلسطيني لقيادة تاريخية مجربة، لا يعني ولن يعني لا اليوم ولا غدا، تجاوز القوى الشرعية التاريخانية التي تُجمع على شرعية الكفاح الوطني التحرري للشعب الفلسطيني، كما لا يبرر لأي قوى أخرى على اختلاف أطيافها ومرجعياتها الإقليمية، إحلال ذاتها محل الشرعية، أو فرض مشاريعها وأجنداتها المحلية والإقليمية بديلا للمشروع الوطني الاستقلالي، فهذا الأخير هو الوحيد الممثل لطموحات وتطلعات شعب يبحث عن تجسيد كيانيته الوطنية المستقلة وفق مفاهيم ومرجعيات سياسية ووطنية جامعة، على عكس قوى في الداخل الوطني تنفصل عنه، مقدمة مشروعها الفئوي غير الجامع، ومثل هذا المشروع لا يمكنه أن ينتج أو يبلور قيادة تاريخية، يمكن لها أن تصيب نجاحات مفترضة تبوؤها لمثل هذا الموقع.

للأسف.. هناك من يتساوق في أهدافه التصفوية للشرعية الوطنية، مع حرب الضغوط التصفوية التي تقودها الولايات المتحدة، جنبا إلى جنب حكومة نتانياهو، الساعية وبكل وضوح إلى تصفية هدف الدولة الفلسطينية المستقلة، وتغييب مقوماتها في حدود الرابع من حزيران، وهي المهمة التي تشكل مشروع حياة نتانياهو وأمثاله من قوى اليمين الفاشي الصهيوني، واستبدال ذلك بحدود مؤقتة لـ "دولة مؤقتة" يُعمل على تأبيدها إن أمكن ذلك، عمادها "حكم ذاتي يزدهر اقتصاديا" على حساب ما هو سياسي ووطني في المشروع الوطني التحرري. بينما يعمل آخرون في الساحة الفلسطينية والعربية، فضلا عن الإقليمية والدولية، من أجل إفقاد الوضع الوطني الفلسطيني أهليته في تمثيله الشرعي للأهداف الوطنية العليا للشعب الفلسطيني، وتصدّيه لمهام تحررية، لا يمكن لآخر غير تحرري، ومحكوم لسقوف فئوية لا وطنية أن يمثلها أو ينجزها، ذلك إن بنية وآفاق المشاريع الدينية محدودة دائما وأبدا، ومحكومة لضيق في آفاقها ومساحات التقائها بقوى الوضع الوطني العام، وهي فئوية أولا وأخيرا، ومن البدء وحتى المنتهى، وهذا ما لا يساهم في تسيّدها شارعا يشرّع لشرعية وطنية عامة، ولقضية وطنية بوزن القضية الفلسطينية بخصوصياتها.

إن هدف هزيمة المشروع الوطني الفلسطيني، تتم اليوم للأسف وبتكاثف شديد؛ من داخله، كما وبتساوق مع الخارج، فلم تفلح كل سنوات الصراع مع الحركة الصهيونية في إلحاق الهزيمة، بمعنى تصفية ركائز المشروع الوطني – الأرض والشعب والقضية –، رغم التراجعات والإخفاقات والملاحظات العديدة على حركة قوى المشروع الوطني، الوازنة منها وغير الوازنة. مثل هذه الهزيمة تستمد رصيدها العبثي اليوم من تلك القسمة الضيزى – الفئوية – لشعب كان وحتى عشية الانقسام والحسم العسكري، وما بني عليه من حسابات فئوية خاطئة وضيقة، موحدا نسبيا، خصوصا منذ ما بعد أوسلو، لتنجلي أغبرة الصراعات الداخلية من يومها، وربما من قبل، عن وجود مشروع آخر؛ ينفصل انفصالا تاما عن المشروع الأساس، مواربا مرة وصريحا مرات؛ في تبنيه رؤية دينية قاصرة في مرجعياتها عن الرؤية الوطنية، التي ترى في الاستقلال الوطني ودولته الموحدة؛ الهدف الأبرز للتحرر الوطني غير المتحقق في الوضع الوطني الفلسطيني، وهو ما لا يمكن أن يتحقق بوجود الاحتلال، أو التعايش معه ومع ممارساته الإجرامية، بحق الأرض والشعب والقضية الوطنية. بينما الرؤية الأخرى، فقد غلّبت توجهاتها واتجاهاتها الدينية، ورؤى جماعاتها وتحالفاتها الإقليمية، جاعلة منها نبراس هديها المنفعي للصالح غير الوطني.

ولهذا بات الوضع الوطني الفلسطيني، يدفع أثمانا باهظة للنتائج التي أرستها اتجاهات التقاسم الفئوية، وهي تخط اليوم أهدافا تعكس وبعمق تخليها عن الأهداف الوطنية، وتغليبها التحالفات الإقليمية ببعديها القوموي والإسلاموي، على هدف استعادة قوى المشروع الوطني وحدتها الناجزة، في إطار النظام السياسي والسلطة التي جرى تقاسمها عشية الحسم العسكري، الذي جسّد عمليا ذاك "الافتراق التاريخي"؛ بين مشروع التحرر الوطني ومشروع "المناكفة والطموحات السلطوية"، الذي أفلحت قواه بالتحول إلى قطب فاعل، ضمن كوكبة أقطاب من شتى المشارب والاتجاهات، يساهمون كل لحساباته ولأهدافه الخاصة، في تعميق مستويات الإضرار بالوطنية الفلسطينية ومشروعها التحرري والاستقلالي، في محاولات مستميتة لمنعه من التحقق، وتلك قمة الاستهانة بالشعب وبالقضية وبالأرض، عماد المشروع الوطني الفلسطيني الواحد والموحد. وهنا بالضبط تكمن مخاطر نجاح القوى المعادية – على اختلافها – في إلحاق الهزيمة بالوطنية الفلسطينية، من داخلها خصوصا، وعلى يد خصومها الداخليين تحديدا، وهم ينتظرون تلك اللحظة بفارغ الصبر، ليعلنوا "انتصار" مشروعهم الإسلاموي وتحالفاته الإقليمية. فأي بؤس يكمن في "انتصار" موهوم كهذا؟ وأي "انتصار" مزعوم وإسرائيل ربيبة الغرب الإمبريالي، تواصل العيش فوق تراب الوطن الفلسطيني بأمان، من دون مقاومة، ومن دون أن تُجبر على دفع أكلاف احتلالها أثمانا باهظة، محروسة بمن يفترض أنهم أعداؤها، فأي لوحة سيريالية هي هذه التي ترتسم في سماء الشرق الأوسط الجديد؟.



#ماجد_الشيخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أي سلام يسعى إليه أوباما؟
- تركيا: وقائع انقلاب دستوري!
- الأوروبيون وشهوة الاستفراد الإسرائيلي
- في الصياغات الجديدة للعقائد العسكرية
- مأزق الشراكات التفاوضية
- جعجعة خطط ولا طحين لدولة في الأفق
- حدود العلاقات الندية اليابانية - الأميركية وآفاقها
- فساد السياسة والكيان في إسرائيل
- التحولات التركية وإمكانيات الاتجاه التواصلي
- المفاوضات.. الموعودة دون وعد والمأمولة دون أمل
- جائزة نوبل ل -سلام عدم الاستطاعة-!
- تقرير غولدستون: بداية انعطاف لا نهاية مطاف
- الفلسطينيون ومنطق الإرجاء والتأجيل الكارثي!
- تضارب المواعيد الفلسطينية
- رؤيا الدولة الواحدة.. واقعها وواقعيتها
- من يمتلك -شجاعة- إنهاء الصراع وانتهاء المطالب الفلسطينية؟
- أأفغانستان.. نقطة ضعف أميركية مقلقة
- الاستيطان التوافقي والمفاوضات غير التوافقية!
- مشنقة الشره الاستيطاني والدولة المستحيلة
- في الطريق نحو خطة أوباما


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ماجد الشيخ - الوطنية الفلسطينية ومخاطر هزيمتها من داخلها