أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - تاج السر عثمان - فرديريك انجلز والثورة المهدية















المزيد.....

فرديريك انجلز والثورة المهدية


تاج السر عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 2877 - 2010 / 1 / 3 - 21:17
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


عندما اندلعت الثورة المهدية في السودان عام 1881م، كان لها صدى مدوي في العالم، ومن المفكرين الذين اهتموا بها فرديرك انجلز الذي تابع تطورها في رؤية لها في اطار الانتفاضات التي قامت في العالم الاسلامي، فكيف كانت ورؤيته للثورة المهدية؟.
صاغ انجلز رؤيته للثورة المهدية في مقال له بعنوان : (إسهام في تاريخ المسيحية الأولية) والذي جاء فيه:
( أن انتفاضات العالم المحمدي - الإسلامي - بخاصة في إفريقيا، تشكل حالة مناقضة فريدة مع هذا ، فالإسلام هو دين صيغ على قدر الشرقيين وعلى العرب بشكل أخص ، أي من جهة سكان مدن يمارسون التجارة والصناعة ، ومن جهة أخرى بدو رحل ، وهنا توجد بذور تصادم دوري : سكان المدن الذين أصبحوا موسرين وباذخين أهملوا مراعاة الشريعة .. والبدو الفقراء وبسبب ذوو العادات الصارمة نظروا بحسد وطمع إلى هذه الثروات وهذه المتع ، اتحدوا تحت قيادة نبي مهدى لمعاقبة الكفار وإقامة حكم الشريعة والإيمان الصحيح ، وللاستيلاء كثواب على كنوز الكفار.
وبعد مضي مائة عام وجدوا أنفسهم بالطبع في نفس الوضع الذي كان فيه هؤلاء حركة تطهير جديد تصبح أمرا ضروريا ، مهدى جديد يظهر ، وهكذا دواليك.
جرت الأمور على هذا النحو منذ حروب الفتح التي خاضها المرابطون والموحدون ( توضيح من الكاتب: المرابطون عائلة مالكة مغربية في أفريقيا الشمالية وجنوب اسبانيا : 1056 – 1146 ه ، والموحدون : عائلة مالكة مغربية أطاحت بالمرابطين عام 1146 ومارست السلطة حتى العام 1269 ه ) الإفريقيون في اسبانيا حتى المهدي الأخير في الخرطوم الذي جابه الانجليز ظافرا .. كان الأمر كذلك تقريبا بالنسبة لثورات في فارس وغيرها من المقاطعات الإسلامية .
هذه حركات ولدت من أسباب اقتصادية ، رغم أنها ارتدت قناعا دينيا لكنها عند نجاحها تترك الشروط الاقتصادية كماهى لاتغيير البتة إذن والصدام يغدوا دوريا .. وبالمقابل في الانتفاضات الشعبية في الغرب المسيحي ، القناع الديني لا يخدم إلا كراية وقناع ضد نظام اقتصادي اصبح فائتا في النهاية يطاح بهذا النظام ، ينهض نظام جديد ، ثمة تقدم ، العالم يسير .. ).
( انجلز : إسهام في تاريخ المسيحية الأولية ، مجلة العصور الحديثة ، السنة 13 ، 1894 – 1895 ، المجلد 1 ، العدد 22 ) .
ومعلوم أن انجلز أسهم مع كارل ماركس في صياغة النظرية الماركسية ، ذائعة الصيت في القرن التاسع عشر ، وكان معاصرا للثورة المهدية عند وقوعها .. ونلاحظ أن انجلز كان دقيقا عندما أشار إلى أن ( المهدي في الخرطوم الذي جابه الإنجليز ظافرا ) .. وربما كان ذلك يعزى إلى أن إنجلترا بعد هزيمة الثورة العرابية احتلت مصر ، وبالتالي أصبح صراع المهدى عمليا ضد الإنجليز .. ومهما يكن من شئ ، فإنه كان موفقا في تحديد الاستعمار الذي هزمه المهدي الذي هو الإنجليزي .
ومهم هنا ، أن نتناول بالنقد والتحليل مقولة سكان المدن وسكان البدو التي طرحها انجلز كسبب من أسباب الثورة المهدية .. بمعنى إرجاع الثورة المهدية إلى أسباب اقتصادية رغم أنها ارتدت قناعا دينيا ، لتحديد عما إذا كان هذا الطرح ينطبق على الثورة المهدية في السودان ، ولتحديد خصوصية الثورة المهدية وما هي تلك الخصوصيات التي تميزها عن طرح انجلز أعلاه ؟ .
ما ورد في تفسير انجلز لاسباب الثورة المهدية في السودان مثل التصادم بين سكان المدن الذين يمارسون التجارة والصناعة وبين البدو الرحل ، أي ثورة البدو الفقراء الذين اتحدوا تحت قيادة المهدى لمعاقبة سكان المدن الكفار واقامة حكم الشريعة والاستيلاء على كنوز الكفار ..
هذا التفسير لا ينطبق بشكل دقيق على الثورة المهدية في السودان ، يمكن أن يتفق فيما يختص بإقامة حكم الشريعة والإيمان الصحيح وغير ذلك من أيديولوجية المهدي .
ولكن ربما نخطئ خطأً فادحا إذا تصورنا الثورة المهدية فقط من زاوية أنها ثورة سكان البدو الرحل الفقراء ضد سكان المدن الذين يمارسون التجارة والصناعة والذين أصبحوا باذخين وموسرين وغير ذلك ..
فبنظرة عامة إلى طبيعة القوى التي اشتركت في أو ساندت الثورة المهدية نجدها تتكون من فئات جماهير المدن والبدو مثل بعض مشايخ الصوفية وفئات من التجار والجلابة وخاصة الذين ضربت الحكومة التركية مصالحهم في تجارة الرقيق .. ومن الطبقات الكادحة والفقيرة من سكان المدن والبدو والذين عانوا من الضرائب واستيلاء الحكومة وكبار الملاك على أراضيهم، وبعض فئات الكتبة والموظفين والقضاء والعلماء الذين كانوا عاملين في جهاز الدولة .. وهذه القوى هي أخلاط أو أمشاج من سكان المدن والبدو .. وبالتالي ، فإن وصف هذه القوى الثورية بأنها ثورة البدو الفقراء لا يعبر بشكل دقيق عن طبيعة قوى الثورة المهدية في السودان .
وإذا أخذنا بالمثل القوى التي عارضت الثورة المهدية نجدها أيضا تتكون من سكان بدو ومدن مثل العلماء والفقهاء الذين ارتبطت مصالحهم بالحكومة التركية والذين وصفهم الامام المهدي ب(علماء السوء) ، والتجار ومشايخ القبائل أو أعيان القبائل الذين ارتبطت مصالحهم بالدولة التركية ، ومشايخ طرق دينية ، وكبار الملاك من المزارعين والرعاة ..
كما أنه من غير الدقيق إرجاع الثورة المهدية إلى أسباب اقتصادية ، فإلى جانب الأسباب الاقتصادية كانت هناك أسباب اجتماعية مكملة مثل: القهر والظلم والضرائب الفادحة والغاء تجارة الرقيق..الخ.
ولكن ما أورده انجلز كان دقيقا عندما أشار إلى أنه بنجاح تلك الحركات ( ومنها الثورة المهدية في السودان عندما تصل للسلطة تترك الشروط الاقتصادية كما هي لاتغيير البتة .. فهذا انطبق بشكل كبير على الثورة المهدية والتي أبقى نظامها الاقتصادي والاجتماعي على التفاوت الطبقي ، وأبقي على الملكية الفردية ... الخ.
شهد نظام المهدية التفاوت الصارخ بين الأغنياء والفقراء الذي كان سائدا أيام الحكم التركي – المصري ، وبالتالي شهدت التشكيلة الاجتماعية للمهدية صراعات قبلية وصراعات دينية وصراعات طبقية ، وصراعات من أجل السلطة ، اشترك فيها سكان المدن والبدو ، أي أن (التصادم غدا دوريا) كما أشار انجلز .
القناع الديني عند بداية الثورة الذي أورده أنجلز ربما انطبق بشكل كبير على الثورة المهدية ، فكما ذكر هولت ( بعد تقلد السلطة كان لوم المهدي لأقربائه نتيجة لنظرتهم الدنيوية وتقلبهم في الترف وتمتعهم بالنفوذ ) ( هولت، تاريخ السودان الحديث : ص 9 ) . كما أشار يوسف ميخائيل في مذكراته مرارا إلى مادية الأغنياء من الأشراف والدناقلة.
أشار هولت أيضا إلى الطبقات الكادحة ( الفقيرة ) من جماهير القبائل وأشهرهم عرب البقارة في الغرب وامتلاك الغنائم ، ولم يهتم هؤلاء ( خلاف عبد الله نفسه والاتباع المخلصين للمهدي ) بالجانب الديني في الثورة ، وكانوا يتركون الجهاد عندما يحصلون على حوائجهم المادية ( نفسه ) .
وفي تقديري ، أنه بهذا المستوى النقدي أو بشكل أفضل منه .. يمكن أن نعالج تحليل أنجلز لأسباب الثورة المهدية والذي كثيرا ما يورده بعض الماركسيين السودانيين بدون نقد أو تحفظ، ويحشرون الثورة المهدية فيه حشرا ، فانجلز كان يتناول الثورة المهدية من بعيد وبدون معرفة عميقة لخصوصية السودان شأنه في ذلك شأن المستشرقين الذي تناولوا قضايا بلدان الشرق دون المعرفة العميقة بخصائص وسمات تلك البلدان وتطورها الباطني ، وقد اسهم إدوارد سعيد في مؤلفه (الاستشراق) في تناول بعض تلك الكتابات بطريقة ناقدة . وبالتالي أن انجلز لم يتناول واقع السودان والثورة المهدية عن كثب ولم يكن يمتلك المعلومات الكافية والتفصيلية عنها.



#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول كتاب المجتمعات الانسانية الأولي (رحلة استكشاف).
- في ذكري الاستقلال: السودان الي اين؟
- الغاء قانون الأمن واجب الساعة
- استمرار مسيرات المعارضة: مفتاح الحل في يد الجماهير
- أحداث الأثنين نقطة تحول حرجة في تطور الحركة الجماهيرية
- بمناسبة الذكري الثامنة لتأسيس موقع الحوار المتمدن
- الأزمة في السودان:الأسباب والمخرج
- انقسام 1994م في الحزب الشيوعي السوداني(الخاتم عدلان ومجموعته ...
- تفاقم ازمة الحكم في السودان
- في الذكري المئوية لمعاوية محمد نور(1909 - 1941)
- في الذكري ال 92 لثورة اكتوبر الاشتراكية: بعض المفارقات في ال ...
- علي هامش مؤتمر جوبا: الحزب الشيوعي والمناطق المهمشة
- علي هامش مؤتمر جوبا: حول الماركسية وقضايا المناطق المهمشة في ...
- حول سياسة الادارة الامريكية الجديدة تجاه السودان
- أضواء علي مؤتمر جوبا(4)
- اضواء علي مؤتمر جوبا(3)
- أضواء علي مؤتمر جوبا(2)
- أضواء علي مؤتمر جوبا، سبتمبر 2009م
- خطل دعاوي تكفير الحزب الشيوعي(2)
- خطل دعاوي تكفير الحزب الشيوعي(1)


المزيد.....




- تراجع 2000 جنيه.. سعر الارز اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 في ...
- عيدنا بانتصار المقاومة.. ومازال الحراك الشعبي الأردني مستمرً ...
- قول في الثقافة والمثقف
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 550
- بيان اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي العمالي
- نظرة مختلفة للشيوعية: حديث مع الخبير الاقتصادي الياباني سايت ...
- هكذا علقت الفصائل الفلسطينية في لبنان على مهاجمة إيران إسرائ ...
- طريق الشعب.. تحديات جمة.. والحل بالتخلي عن المحاصصة
- عز الدين أباسيدي// معركة الفلاحين -منطقة صفرو-الواثة: انقلاب ...
- النيجر: آلاف المتظاهرين يخرجون إلى شوارع نيامي للمطالبة برحي ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - تاج السر عثمان - فرديريك انجلز والثورة المهدية