|
الاديان والقوميات حافظت عليها البشريه .. ليس حبا بها بل كرها لغيرها !!
زيد ميشو
الحوار المتمدن-العدد: 2877 - 2010 / 1 / 3 - 11:44
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ثقيلة على السمع بعض الشيء تلك الكلمات ، إلا إننا لو أخذنا خطوات جادة للتفكير بها ومقارنتها مع الواقع المعاش ، وقراءة سريعة للتاريخ ، لتيقنّا بأنها صحيحة لنسبة معينة لاأعتقد بأنها ضئيلة . يقول الموحدون بأن الله واحد ، وهو خالق الجميع دون إستثناء ، ومع ذلك فإننا نلاحظ بأن لكل مؤمن إسلوب لإيمانه . وإن كان الله واحد في نظرهم ، إلا إن هذا الواحد نسبّت له طرق مختلفة بالإيمان ، كلٌ حسب تعاليمه الدينية ، وتلك التعاليم نفسها خاضعة لتفاسير عدة ومختلفة ، وبحسب إجتهاد المرجع ، أو قد يكون المؤمن مرجع لنفسه . وفي كل دين يوجد مجموعة مذاهب تختلف تعاليمها وتفاسيرها من مذهب إلى آخر ، وتختلف كذلك الإجتهادات في المذهب الواحد ، والكلمة المشتركة لكل ذلك هو الإختلاف والإختلاف فقط . والجميع في الدين الواحد مفترقين ، والأديان بالأساس مفترقة ، بل متناحرة ومتقاتلة وفي سباق دائم في لعبة جر الحبل ، والفائز هو من يسحب أكبر عدد لميدانه . ولو قسمنا البشرية إلى 100 ، وقطّعنا المئة إلى ثلاثة أديان موحدة وبالتساوي ، وكل ثلث قسم إلى عشرة مذاهب ، لكانت النتيجة ، ثلث يلغي ثلثين ، وكل عشرة من الثلث تلغي التسعة والثلثين الأخرين ، والله في هذه اللعبة الدينية سينحاز الله إلى مايقارب الـ 3.3 من البشر والباقي سيداسون بأقدام ملائكته ، ويتبوّل عليهم الشياطين ، والكلمة التي تختصر هذا القسم هي التفرقة . أتذكر عندما كنا صغاراً لم نكن نلعب لنلهو بل لننتصر ، ومن يخسر يحقد على الرابح ، ومن يربح يضحك على الخاسر ، فتثور براكين الغضب ومن ثم تتقاذف حمم الهجاء بدءً من تشبيه واحدهم للآخر بأنواع شتى من الحيوانات ، وصولاً إلى شتم الأهل والعشيرة ، وعند ذاك يأتي وقت ثورة الحجارة . أما مع جيلي ، فكنا وبإندفاعنا وتهوّرنا نشمل كل من في السماء بكم هائل من المسبات التي لاحصر لها ولاحساب ، وهذه كانت واحدة من مفاخراتنا الكثيرة . هذه كانت بداية التعنصر والتحزب ، لعبتي ولعبتك ، فريقي وفريقك ، لابل كنا نتشاجر أنا وصديقي وعد على عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش ، فقد كنت من محبي عبد الحليم ، ولاأعرف إلى الآن هل كان إعجابي به نكايةً بوعد أم بنوعية الغناء وصوت المطرب ، وذلك عندما لم أتجاوز الثالثة عشر من عمري . أما تشجيع فريق كرة قدم معين وذم الفرق الأخرى وبالقلم العريض ، فهذا كان من أهم اسباب الإقتتال الجماعي ، إنما لم تكن تتم تلك الحروب تحت راية دينية معينة كما في لبنان التي يتشاجر مشجعي الفرق كون أغلبية فرقهم خاضعه لطوائفها ، وكذلك لم يكن قتالنا لأسباب إحتقار شعب لشعب آخر كما في الأردن بين فريقي الفيصلي والوحدات ، فجمهور هذين الناديين يشتم إسم الفريق الآخر بقصد شتم دولتي الأردن ( الفيصلي ) وفلسطين ( الوحدات ) . وإن أصبحت المعارك حامية الوطيس ، فسيبادر " الفزاعة " من أفواج التدخل السريع من الأخوة والأقرباء والمناصرين ، ويلوح في الأفق بوادر العداء والذي قد يصبح أبدي إن لم يكن أزلي ، وعندئذ ستكون المحصلة في القسم الثالث من المقال هو الحقد والكراهية والنتيجة شجار ومعارك . نفس إسلوب اللعب هذا تحول فيما بعد إلى ديني ودينك ، وطائفتي وطائفتك ، وحزبي وحزبك ، إلا إنها لم تعد لعبة بريئة ، بل أصبحت قضية ، وأي قضية ؟ قضية فقد من أجلها الشفافية في التعامل ، وفقدت فيها حرية مجتمعات ، وهدرت دماءً طاهرة ، قضية من أجلها مورس الإضطهاد ، وزاد عدد المتسلطين وتضاعفت نسبة الجهل ، وأيضاً لاأعرف إلى الان هل محبة الشخص لدينه نتيجة قناعة أم خوف من ما يسميها بالعظائم والمقدسات ، أو قد تكون نكاية بالأديان الأخرى ، والله الواحد يتفرج من علياءه مستغرباً وحائراً بخليقته . فهل الكلمات التي تدل على الإيمان والتي يكررها المؤمنون ، وتظهر في ملامح وجوههم علاماته ، وُلِد نتيجة قناعة ؟ إن كان الجواب نعم ، فأي قناعة تلك التي تسببت هذا الإختلاف وبالحقد والكراهية وتفاقم المشاكل لحد الحروب ؟ وبقتل أبرياء ؟ وتسببت بسلب الحقوق ؟ وحكمت على الآخر المختلف أقسى الأحكام ؟ وجرّم وحرّم البلايين ، وأخضعوا لمحاكم تعسفية ، وتحت ذريعة الدين وذريعة الله الذي نسّب له هذا الدين . فإن كان ايمان السواد الأعظم من الدينيين نتيجة قناعة ، فهي قناعة واحدة لاغير ، قناعة الكره بأتباع الدين الآخر . يقول صديقي باسل " الإنسان صادق في أنانيته فقط ، بينما الكلب أصدق منه في محبة غيره " . كلا أيها الصديق العزيز ، الإنسان صادق في حقده أيضاً ، وفي غرائزه التي يفقد السيطرة أمامها ، وفي حزنه بالخسارة التي تصيبه في لعبة يمارسها أو يشجعها ، وصادق في كرهه للفائز ، وفي ساديته على من يتمكن منهم ويقوى عليهم . الإنسان صادق في كل ماهو غير إنساني ، فمتى سيكون صادقاً بإنسانيته ؟
#زيد_ميشو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يوم الحرية الكوني
-
الصحافة القندرية مكلفة مادياً
-
أبوك يال H1N1 لحكتنة حتى عالسلام
-
إلى لجنة إعادة صياغة دستور العراق .. إحذروا التقليد
-
إلى أهالي الناصرية الطيبين ، لكم كل الحب
-
المجلس الشعبي الطويل الإسم يسعى لتمثيلنا !!
-
وأنا أيضاً أقترح تسمية لشعبنا
-
إنظر إيها المتعالي – على ظهر من تتسلق
-
إسطورة شعيط ومعيط وجرار الخيط
-
صورة رجل الدين المشوهه لبدائيين من عصرنا
-
وللأناني يوم عالمي
-
الإنسان أم رأيه
-
كم هي ثقتك عمياء بحكومة أميركا يامنتظر
-
صلاة كلب
-
لاتقولوا كلداني آشوري سرياني رجاءً - بل مسيحيي العراق
-
سلام المسيحيين نعمة وليست منحة حكومية
-
الجرأة حلوة ، لماذا لايخوض البعض غمارها ؟
-
وسلام المسيح معك أخي كاظم شلتاغ
-
هل صحيح كما يقال – الغربيون أغبياء ؟
-
الغاء البند 50 له إيجابياته أيضاً
المزيد.....
-
فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات
...
-
“العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج
...
-
الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق
...
-
أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم
...
-
رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا
...
-
مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
-
مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع
...
-
ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة
...
-
تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|