أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فاطمة ناعوت - اسمُه: عبد الغفار مكاوي














المزيد.....

اسمُه: عبد الغفار مكاوي


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2877 - 2010 / 1 / 3 - 11:42
المحور: سيرة ذاتية
    


رمزٌ مصريٌّ من طراز رفيع. تلك الرموز التي اعتادت مصرُ، على مرّ العقود، أن تهبها للعالمين لتثبتَ أبدًا أن لها اليدَ العُليا على هذا الكوكب، حضاريًّا وفكريًّا، حتى في أحلك لحظاتها الاقتصادية والسياسية والبيئية. أستاذٌ في الفلسفة، وكاتبٌ ذو قلم شريف، له العشرات من المسرحيات والمجموعات القصصية والدراسات الأدبية والفلسفية، عدا عديد الترجمات المهمة عن الألمانية لجوته وبريخت وبوشنر. والحقُّ أنه لو لم يؤلف سوى كتاب "ثورة الشِّعر الحديث" لكفاه لكي يستحقَّ مجدًا لا يذوي، مثلما مؤتمر "أدباء مصر"، في دورته الرابعة والعشرين، التي تمت قبل أيام في الإسكندرية، لو لم ينجر المؤتمرُ سوى إعادة طباعة هذا الكتاب المهم، لكفاه لكي نشعرَ أن حِراكًا ثقافيًّا راقيًا يجري على أرض مصر، رغم اللحظة العسرة. في الباص، في طريقنا إلى الإسكندرية، فتحتُ حقيبةَ المؤتمر فوجدتُ الكتاب بجزئيه في مجلد واحد! لم أصدق عيني، وبقيتُ برهةً أقفزُ وأهلّلُ بفرح مثل طفلةٍ جائعة وجدت فجأة قطعةً ضخمة من الشيكولاته. وضحك أصدقائي الأدباء. السببُ في فرحي الغامر أن الجزءَ الأول من الكتاب، في طبعته الأولى عن الهيئة المصرية العامة للكتاب 1972، ضاع من مكتبتي قبل سنوات، وعبثًا سألتُ جميع أصدقائي (لكي أستعيره ولا أعيده)، فكانوا دائما يخبرونني أن الجزء الأول، أيضًا، مفقود! حتى استقرّ في روعي أن لصًّا محترفًا سرق الأجزاءَ الأوَلَ جميعَها من مكتبات مصر، تلك التي تضمُّ الشروحَ والتحليل والتنظيرَ النقديَّ الواعي، وترك لنا الأجزاء الثانية التي تضمُّ القصائد المترجمة وتراجم الشعراء. يعني كأنما ذلك اللصُّ الذكيّ قد تعمّد سرقةَ جزء من عقل د. عبد الغفار مكّاوي، وترك عقولَ شعراء العالم الكبار. والحقُّ أن هذا الكتاب قد قرأه كلُّ شاعر مصري، وكلُّ ظانٍّ بأنه شاعر، وكل مهتمٍّ بالشأن الشعريّ، وكل ناقد أدبيّ، أو على الأقل هكذا لابد أن يكون. لذا فإعادة طباعة هذا الكتاب تُعدُّ هديةً جميلة لأجيال الشباب الجدد.
بدأ مكاوي كتابة الشعر في العاشرة من عمره، وأنجز عدّة مخطوطاتٍ شعرية لم ترَ النورَ أبدًا، حتى عثرتْ عليها والدته ففعلتْ بها ما أراحه منها. يقول: "عرفتْ أمي بفطرتها أن أفضلَ ما يمكن عمله بهذه الكراسات الصغيرة المُضيّعة للوقت هو إحراقُها في الفرن واستغلال أوراقها في شيء مفيد!"
ثم يعترفُ بنبالة الكِبار، ونقاوة النبلاء، وتواضع العلماء، بأنه طرحَ عن روحه وحُلمه فكرةَ مراودة الشعر نهائيًّا بعد صداقته لصلاح عبد الصبور، إذْ اكتشفَ أن للشعر رجالَه، ثم اختارَ أن يحترف "الخيانةَ الكبرى" وينقل للعربية، بحسِّ شاعر رهيف، قصائدَ عالمية كبرى، فكانت ترجمتُه إبداعًا موازيًا لإبداع الشعراء أثرى بها مكتبتنا العربية.
بدأ الحلم منذ القديم بأن يفتح للقارئ العربيّ كوّةً ينظر من خلالها على الأدب العالمي الرفيع، حتى أشرق صباح أحد أيام عام 1966 على لقاء جمع بين كبارٍ ثلاثة هم: صلاح عبد الصبور، وعبد الوهاب البياتي، وعبد الغفار مكّاوي، فأخبرهم الأخيرُ بحلمه النبيل، وتحمّس الشاعران، واتفق ثلاثتهم على أن تلك رسالةٌ وأمانةٌ واجبةُ التنفيذ. قسّموا العملَ فيما بينهم، كلٌّ حسب اللغات التي يعرفها. ومضى عامٌ قطع خلاله مكاوي شوطًا كبيرًا من المشوار الشاق الشيّق، ثم التقى بصديقيه ليكتشفَ أنهما نسيا الأمر تمامًا! غضب برهةً لأن صديقيه قد نجيا بنفسيهما من الفخّ وتركاه وحيدًا، ثم سرعان ما تأمل الأمرَ، فابتسم في رضًى قائلا لنفسه: إن الشاعر عليه، وحسب، أن يتفرّغ لمشروعه الشعريّ، وبذا فقد برّأ صاحبيه من إثم الخيانة، ليعكف، بعمقٍ، على ارتكابها وحده.
هذا الذي سرق من أجلنا شعلةً من نور الشمس، مثلما فعل بروميثيوس الإغريقيّ، فحكم عليه زيوس بأن ينهشَ النسرُ كبدَه إلى الأبد، هذا بروميثيوس المصريّ، رجلٌ جميل اسمه: عبد الغفار مكّاوي.- جريدة "المصري اليوم" 28/12/09





#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أولى كيمياء/ هندسة القاهرة
- المحطةُ الأخيرة
- هُنا الأقصر
- وتركنا العقلَ لأهله!
- لا شيءَ يشبهُني
- طيورُ الجنة تنقرُ طفولتنا
- المرأةُ، ذلك الكائنُ المدهش
- مصنعُ السعادة
- شباب اليوم يعاتبون:وطني حبيبي الوطن الأكبر
- سور في الرأس، سأسرق منه قطعةً
- التواطؤ على النفس
- حاجات حلوة، وحاجات لأ
- التخلُّص من آدم
- بلال فضل، وزلعةُ المِشّ
- الثالثُ -غير- المرفوع
- كريستينا التي نسيتُ أنْ أقبّلَها
- أعِرْني عينيكَ لأرى العالمَ أجملَ
- أنا عيناك أيها الكهلُ
- التردّد يا عزيزي أيْبَك!
- قطارُ الوجعِ الجميل


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فاطمة ناعوت - اسمُه: عبد الغفار مكاوي