أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبراهيم جركس - حدذ الرّدّة وحقوق الإنسان... ابن الورّاق















المزيد.....

حدذ الرّدّة وحقوق الإنسان... ابن الورّاق


إبراهيم جركس

الحوار المتمدن-العدد: 2877 - 2010 / 1 / 3 - 00:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إنّ فكرة الردّة بحدّ ذاتها اختفت من الغرب حيث أنّ الشخص الذي يتكلّم عن كونه كاثوليكياً غير ملتزم أو غير ممارس للشعائر والطقوس الدينية، ولا يعتبر مرتداً. بالتأكيد ليس هناك أية عقوبات جزائية للتحوّل من المسيحية إلى أي ديانةٍ أخرى. أما في الأقطار الإسلامية، من ناحية أخرى، فإنّ المسألة مختلفة تماماً.

القرآن
من الواضح تماماً أنّ القانون الإسلامي يوجب قتل المرتد. فليس هناك جدال حول هذه الأحكام بين المسلمين التقليديين أو الفقهاء المحدثين، وينبغي علينا أن نعود إلى الدلائل والبراهين النصية من أجل ذلك. بعض الفقهاء المعاصرين قالوا أنّ القرآن قد توعّد وهدّد المرتدّين بعذاب أليم، ولكن ذلك في الحياة الأخرى، كما ورد في الآية التالية {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [سورة النحل: 106]، وقد ورد نفس الكلام في الآية التالية {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} [آل عمران: 90- 91].
على أية حال، الآية رقم 217 من سورة البقرة {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}. وقد فسّر هذه الآية الإمام الشافعي [توفي عام 830 للميلاد] مؤسّس أحد التيارات المتطرّفة الأربعة للإسلام السني ليعني أنّ عقوبة الموت يجب أن تحدّد للمرتدّين. وقد وافق الثعالبي طرح الشافعي. أمّا الرازي في تعليقه على الآية السابقة الذكر يقول بصراحة أنّ المرتدّ يجب أن يقتل [1].
وبشكلٍ مشابه، تقول الآية رقم 89 من سورة النساء {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا}. يقول البيضاوي [توفي عام 1315- 16] في تعليقه الاحتفالي على القرآن، مفسّراً هذه الآية ليصبح معناها: "أي شخص ارتدّ أو تراجع عن معتقداته، بشكل ضمني أم معلن، فخذوه واقتلوه حيثما وجدتموه، كأي كافر. ابتعدوا عنه ولا تقربوه جملةً أو تفصيلا. ولا تقبلوا شفاعته أياً كان" [2]. أمّا ابن كثير في تفسيره على هذه الآية فإنه يقتبس من السعدي [توفي عام 754] حيث يقول أنّه بما أنّ الكفّار أعلنوا عدم إيمانهم، فيجب قتلهم في الحال. [3]
أبو الأعلى المودودي [1903- 1979] ومؤسّس الجماعة الإسلامية، كما أنه على الأرجح المفكّر الإسلامي المعاصر الأكثر تأثيراً خلال القرن العشرين، كان المسؤول عن عملية الانبعاث الإسلامي في العصر الحديث. كان قد دعا إلى العودة إلى القرآن والسنّة الشريفة كطريقة لإنعاش الإسلام وإعادته إلى الحياة. في كتابه الذي تناول فيه موضوع الرّدّة في الإسلام، صرّح المودودي أنّه حتى القرآن يقرّر عقوبة الموت للمرتدّين. حيث أنه يشير إلى السورة التالية: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ} [سورة التوبة: 11- 12] [4].

الحديث
هنا يمكننا إيجاد الكثير من التراث والتقاليد التي تطالب بعقوبة الموت للمرتدّين. عن ابن عبّاس، عن النبي أنه قال: "من بدّل دينه اقتلوه". أو "اقطعوا رأسه" (رواه ابن ماجه والنسائي والإمام مالك والبخاري والترمذي وابن داؤود) [5]. والحجّة الوحيدة كانت بالنسبة إلى طبيعة عقوبة الموت. ويعيد البخاري سرد هذا التقليد المرعب: عن أنس: أن رهطاً من عكل، أو قال: عرينة، ولا أعلمه إلا قال: من عكل، قدموا المدينة، فأمر لهم النبي صلى الله عليه وسلم بلقاح، وأمرهم أن يخرجوا فيشربوا من أبوالها وألبانها، فشربوا حتى إذا برئوا قتلوا الراعي واستاقوا النعم، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم غدوة، فبعث الطلب في إثرهم، فما ارتفع النهار حتى جئ بهم، فأمر بهم فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمر أعينهم، فألقوا بالحرة يستسقون فلا يسقون[رواه البخاري، كتاب المحاربين من أهل الكفر والرّدّة، باب سمر النبي صلى الله عليه وسلم أعين المحاربين، 6420] [6].
أمّا أبو داؤود فقد جمع الأقوال التالية عن النبي:
عن عكرمة: أن عليّاً عليه السلام أحرق ناساً ارتدُّوا عن الإِسلام، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لم أكن لأحرقهم بالنار، إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "لاتعذبوا بعذاب اللّه" وكنت قاتلهم بقول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فإِن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: " من بدل دينه فاقتلوه". [سنن ابن داؤود، كتاب الحدود، باب الحكم فيمن ارتدّ، 4351] [7].
بمعنى آخر، اقتلوا المرتدّ (بالسيف) ولكن لا تحرقوهم، تلك هي طريقة الله في معاقبة المخالفين في العالم الآخر. وهناك حديث على لسان عائشة، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لايحلُّ دم امرىءٍ مسلمٍ يشهد أن لا إله إلا اللّه وأن محمداً رسول اللّه، إلاَّ بإِحدى ثلاثٍ: رجلٍ زنى بعد إحصانٍ فإِنه يرجم، ورجلٌ خرج محارباً للّه ورسوله فإِنه يقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض، أو يقتل نفساً فيقتل بها" [رواه ابن داؤود في سننه، والنسائي] [8].
ولكن هل ينبغي أن يمنح المرتدّ فرصة أخيرة لكي يتوب، ويعود إلى الإيمان؟... تختلف المرجعيات فيما بينها اختلافاّ كبيراً. فقد ورد في أحد المراجع أنّ معاذ رفض الجلوس حتى يأتي أمام مرتدّ فيقتله "قضاء الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم." [9]
في ظلّ الشريعة الإسلامية، يجب أن يقتل المرتدّ الذكر، طالما أنه قد بلغ سن الرشد، وأنه بكامل قدراته العقلية. أمّا إذا كان المرتدّ صبياً لم يبلغ بعد، فإنه يسجن حتى يبلغ سنّ الرشد، وعندها إذا استمر في رفضه للإسلام فينبغي أن يقتل. أمّا السكارى والمختلين عقلياً فإنهم لا يتم تحميلهم مسؤولية ارتدادهم. كما أنه في حال تصرّف شخص ما وارتدّ عن إسلامه تحت القسر والإكراه، فإنه لا يعتبر مرتدّاً. ولا تطلّق منه زوجته، ولا تصادر أراضيه وممتلكاته.
حسب قوانين الحنيفيين والشيعة، تسجن المرأة حتى تتوب وتعود لاعتناق الإسلام مرةً أخرى. ولكن وفق تعاليم ابن حنبل، والمالكي والشافعي، ينبغي أن تقتل أيضاً، أو أن تخنق حتى الموت، أو تحرق، أو تغرق، أو تخوزق، أو تسلخ حية. فالخليفة [العادل!!] عمر بن الخطاب اعتاد أن يربطهن على عمود ثمّ يدفع بقضيب حتى يخترق قلوبهن، كما أنّ السلطان بيبرس الثاني جعل من عمليات التعذيب هذه قانونية.
المادة رقم 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرّته جمعية الأمم المتحدة عام 1948 تنصّ على أنه: "لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سراً أم مع الجماعة"[10]
إنّ هذا البند الذي يضمن حرية تغيير الفرد لدينه قد تمّت إضافته بطلبِ من المندوب اللبناني تشارلز ماليك والذي كان مسيحياً [11]. كان لبنان قد استقبل الكثير من الناس الذين فروا من اضطهاد وظلم دياناتهم، وبالتحديد لأنهم غيروا عقائدهم. ولبنان خصوصاً اعترض على التشريع الإسلامي المتعلّق بمسألة الرّدّة. والكثير من الدول الإسلامية عارضت بشدّة البند الذي يقرّ بحق الفرد بتغيير ديانته. فالمندوب المصري على سبيل المثال، قال أنه "غالباً ما يغيّر الأفراد ديانته أو قناعته تحت التأثيرات الخارجية أو الظاهرية للأهداف غير الموصى بها كالطلاق مثلاً"... وقعت لبنان على الوثيقة على يد مندوبها الذي طرد فيما بعد منها لأنه غير مسلم، و في النهاية قامت جميع الدول الإسلامية بالتوقيع على وثيقة حقوق الإنسان باستثناء المملكة العربية السعودية.
أثناء مناقشة المادة رقم 18 عام 1966، أرادت كلاً من مصر والمملكة العربية السعودية كبح البند الذي يضمن للفرد حرية تغيير دينه. أخيراً، تمّ اقتراح حل مناسب كتسوية تبنته كل من دولتي البرازيل والفلبين لاسترضاء الدول الإسلامية. وهكذا، "فحرية الإنسان في تغيير دينه ومعتقده" تغيّر إلى "الحرية في تبني أو اعتناق أي دين أو معتقد من اختياره"[12]. وبشكلٍ مشابه عام 1981، خلال مناقشة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لإزالة جميع أنواع التعصّب والتمييز القائمة على الدين والمعتقدات... إيران، في ظلّ النظام الجديد ذكرّت الجميع أنّ عقوبة الارتداد في الإسلام هي الموت.
المندوب العراقي، المدعوم من قبل سوريا، تكلّم بالنيابة عن منظّمة المؤتمر الإسلامي الذي أعرب عن تحفظه تجاه أي بند أو شرط يناقض الشريعة الإسلامية، بينما المندوب المصري شعر بأنهم كان يجب أن يحتاطوا من أن يتم استغلال مثل هذا البند من أجل الأغراض السياسية للتدخل في شؤون البلد الداخلية [13].
سمات أو إعلانات حقوق الإنسان الإسلامية المختلفة: كالإعلان الإسلامي العالمي لحقوق الإنسان (1981) مبهمة أو مراوغة بشكلٍ واضح حول قضية حرية الفرد في تغيير دينه، بما أنّ الإسلام نفسه يحرّم بصراحة الردّة عن الدين ويعاقب مرتكبها بالموت. وكما قالت أليزابيث ماير: "إنّ قلّة الدعم لمبدأ الحرية الدينية في مخطط حقوق الإنسان الإسلامية إحدى أهمّ العوامل التي تميّزهم عن اللائحة العالمية لحقوق الإنسان، التي تتعامل مع الحرية الدينية كحق غير مؤهّل. فإحجام المؤلّفين [المسلمين] عن التخلّي عن القانون الذي ينصّ على إعدام الشخص الذي يتساءل عن دينه يكشف الفجوة الهائلة والشرخ الضخم الذي تجده بين مقدراتهم العقلية والفلسفة الحديثة لحقوق الإنسان" [14]. من الواضح أنّ حقوق الإنسان العالمية لا تحمل طابعاً عالمياً بما أنها تقدّم بالتحديد معيار ديني إسلامي إلى المجال السياسي، بينما الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المنصوص عام 1945 يضع حقوق الإنسان ضمن إطار عَلماني دنيوي بالكامل. فحقوق الإنسان الإسلامية تقيّد وتحدّد حقوق الأفراد، وبخاصّة النساء، غير المسلمين وأولئك _المرتدين_ الذين لا يقبلون التزمّت الإسلامي الديني.
أمّا بالنسبة إلى دساتير البلدان الإسلامية المختلفة، ففي الوقت الذي تضمن الكثير منها حرية الاعتقاد [مصر 1971، سوريا 1973، الأردن 1952] يتحدّث البعض عن حرية الضمير [الجزائر 1989]، والبعض عن حرية الفكر والرأي [موريتانيا 1991]. البلدان الإسلامية باستثناء اثنين منها لا تعالجان مسألة الرّدّة في قوانينهما الجزائية: وهما السودان وموريتانيا. ففي قانون العقوبات السوداني الصادر عام 1991، مادّة 126،2 نقرأ: "المتهم بالارتداد يستتاب لفترة تقرّرها المحكمة، وإذا لم يرجع إلى دين الإسلام فيقتل". أمّا قانون العقوبات الموريتاني لعام 1984، المادّة 306 نقرأ: "...جميع المسلمين المتهمون بالارتداد، سواء بشكل معلن ومنطوق أو بشكل عملي يجب أن يستتابوا خلال فترة ثلاثة أيام، وإذا لم يتب المرتد خلال هذه الفترة، فيحكم عليه بالموت، أمّا أمواله فتصير لخزينة الدولة أو بيت مال المسلمين". وتنطبق نفس الحال على النساء. يبدو أنّ قانون العقوبات المغربي هو الوحيد الذي ذكر هؤلاء الذين يحاولون تخريب عقيدة المسلم، أو أولئك الذين يحاولون تحويل أحد المسلم إلى ديانة أخرى. وتتأرجح العقوبة ما بين الغرامة والسجن لمدة قد تتعدّى الثلاث سنوات [15].
إنّ غياب أي ذكر للارتداد في قوانين عقوبات بعض البلدان الإسلامية لا يشير إطلاقاً ولا بأي شكل من الأشكال إلى أنّ المسلم يعتبر حراً في ترك دينه في ذلك البلد. في الواقع، تمّ ملء الفجوات في قوانين العقوبات بالقوانين الإسلامية. تمّ شنق محمود محمد طه بتهمة الارتداد عن الإسلام عام 1985، حتى بالرغم من أنه في ذلك الوقت لم يكن في القانون السوداني لعام 1983 أي ذكر لمثل تلك الجريمة[16].
في بعض البلدان، ينطبق مصطلح "الرّدّة أو الارتداد" على هؤلاء الذين ولدوا غير مسلمين لكنّ أسلافهم كانوا يملكون النية للتحوّل عن الإسلام. الطائفة البهائية في إيران خلال السنوات الماضية تمّ اتهامهم واضطهادهم لهذا السبب. وبنفس الشكل، كانت الطائفة الأحمدية في الباكستان مصنفة ضمن الطوائف غير المسلمة، وكانت عرضةً لجميع أنواع الظلم والاضطهاد... ونفس الكلام ينطبق أيضاً على بعض الطوائف: كالطائفة العلوية النصيرية، والطائفة الدرزية، والمرشدية.
وهناك الكثير من الدلائل التي تشير إلى أنّ العديد من النساء المسلمات في العالم الإسلامي تحوّلن من الإسلام للهروب من وضعهم المتدني في المجتمعات الإسلامية، أو لتفادي تطبيق قانون جائر وغير مناسب، وخصوصاً قانون الشريعة الذي يحكم الطلاق [17]. وعلماء الدين المسلمون مدركون جداً لرغبة النساء المسلمات لتفادي قوانين الشريعة بالتحوّل عن الإسلام، لذلك قاموا باتخاذ إجراءات معيّنة. فعلى سبيل المثال، في الكويت في مذكّرة توضيحية ضمن نص أصلاح قانون تقول: "أظهرت الشكاوى أنّ الشيطان هو الذي يصنع جذور الرّدّة التي تجذب المرأة المسلمة لكي تتمكّن من قطع العلاقة الزوجية التي لا تسرّها. ولهذا السبب، تم تقرير أنّ الارتداد لن يؤدّي إلى حلّ الزواج وذلك بغرض إغلاق هذا الباب الخطير" [18]. [راجع كتاب ابن الورّاق الهام: ترك الإسلام: المرتدّون يتكلمون، دار بروميثيوس، 2003].
إنّ التهم مثل الارتداد، عدم الإيمان، الكفر والهرطقة، سواء أكانت صحيحة أم لا، لا تنسجم مع الكثير من مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 UDHR، والميثاق الدولي الملزم قانونياً على الحقوق المدنية والسياسية 1966 [ICCPR] الذي وقعت عليه 147 دولة.
التصريح العام رقم 22 الذي تبنته لجنة حقوق الإنسان التابعة لهيئة الأمم المتحدة في جلستها الثامنة والأربعين عام 1993 [HRI/GEN/1/Rev.6 of 22 May 2003, pp.155-56] يعلن (مقتبساً): "المادة رقم 18 تحمي حقوق ومعتقدات المؤمن، وغير المؤمن والملحد، بالإضافة إلى الحق بعد التصريح بأي معتقد أو دين. فمصطلح "معتقد Belief" و"دين Religion" يمكن تفسيرهما بشكل واسع" أي أن كل منهما يحتمل تفسيرات وتأويلات مطاطة، فكيف لرجال الدين أن يقنعونا بأنّ دين ما أو عقيدة ما هي العقيدة المطلقة والصحيحة أبداً.



***********************************
1) S. Zwemer ,The Law of Apostasy in Islam (New York ,1924 ), pp.34-35. See also al-Razi, al-Tafsir al-Kabir (Cairo ,1308 A.H.), Vol.2,lines 17-20.
2) Zwemer ,op. cit. pp.33-34
3) Ibn Kathir, L Interpretation du Coran , trans.Fawzi Chaaban (Beirut, 1998),Vol.2 , p.128.
4) Abul Ala Mawdudi , The Punishment of the Apostate according to Islamic Law , trans. Syed Silas Husain and Ernest Hahn (1994) , available at http://www.answering-islam.org
5) Ibn Maja , Hudud , bab 2 ; al-Nisai , Tahrim al-Dam, bab 14 ; al-Tayalisi , no.2689 ; Malik, Aqdiya tr.15;al-Bukhari , Institabat al-murtadin , bab 2; al-Tirmidhi , Hudud , bab 25 ; Abu Dawud , Hudud ,Bab 1 ; Ibn Hanbal i. 217, 282, 322.
6) Al-Bukhari , Sahih , Trans.Ahmad Hasan (Delhi ,1987 ),Vol.8, pp.519-520.
7) Abu Dawud , Sunan , Trans.Ahmad Hasan , Vol.3 , Kitab al-Hudud , chap.1605, Punishment of an Apostate, Hadith No. 4337 (Delhi 1990), p.1212
8) al-Nisai , Tahrim al-Dam , bab 11; Qasama , Bab 13 ; Abu Dawud , Hudud , bab 1.
9) Al-Bukhari , Maghazi bab 60 ; Istitabat al-Murtaddin , bab 2 ; Ahkam , bab 12 ; Muslim , Imara , tr. 15 ; Abu Dawud, Hudud , bab 1 ; Ibn Hanba,l, v. 231.
10) Available online at the United Nations Website : http://www.un.org/rights/50/decla.htm
11) Sami A.Aldeeb Abu-Sahlieh , Le Delit d Apostasie Aujourd hui et ses Consequences en Droit Arabe et Musulman, Islamochristiana 20 (1994) : 93-116 ; A.E.Mayer , Islam and Human Rights ( Boulder , 1991), p.164
12) Ibid
13) Ibid
14) A.E.Mayer , Islam and Human Rights , p. 187
15) Abu Sahlieh , Le Delit d Apostasie , p. 98
16) Sami A.Aldeeb Abu-Sahlieh , Les Musulmans face aux droits de l homme (Bachum , 2001) p. 110
17) A.E.Mayer , op.cit., p. 167
18) A.E.Mayer , op.cit., pp. 167-68.

أتمنى للجميع عاماً جديداً مليء بالسعادة والرفاه
2/1/2010



#إبراهيم_جركس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلام والإرهاب الفكري... ابن الوراق
- الحور العين، وما أدراك ما الحور العين؟!... ابن الورّاق
- العار في الإسلام: نزع حجاب الدموع... ابن الوراق
- تهافت المقال: مقالة محمد علي السلمي أنموذجاً
- الحوار المتمدن... إلى أين؟
- منكر ونكير: ملكان أم شيطانان ساديان؟!!
- هل علم النفس -علم-؟
- الدر المعين في معرفة أحوال الشياطين!!!؟
- نظرية النشوء والتطور (الحلقة الرابعة)
- نظرية النشوء والتطور (الحلقة الثالثة)
- نظرية النشوء والتطور (الحلقة الثانية)
- هذا هو ردي
- ما العدمية؟
- دكتور عالم أم شيخ مفتي؟!!
- نظرية النشوء والتطور (الحلقة الأولى)
- أوديب: بطل على مفترق طرق
- الشواش: العلم الجديد
- سيكولوجية الخضوع 2
- سيكولوجية الخضوع والطاعة (1/2)


المزيد.....




- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبراهيم جركس - حدذ الرّدّة وحقوق الإنسان... ابن الورّاق