أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع العبيدي - مدن في حياتي.. الوجيهية .. (2)















المزيد.....

مدن في حياتي.. الوجيهية .. (2)


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2877 - 2010 / 1 / 3 - 00:02
المحور: الادب والفن
    



مركز الناحية وبيوت الادارة المحلية
في الفضاء الكائن بين مجرى مهروت وتجمع البساتين الذي يحتضن البلدة، قريتان متباعدتان، كانت إحداهما يسار (الجادّة) الرئيسة، والأخرى تقابلها بزاوية منحرفة تجاه مجرى النهر وهي من عشائر ربيعة كذلك (كما أعتقد). في نقطة قريبة من القرية الثانية كانت بناية مركز شرطة ناحية الوجيهية وبجانبها من جهة النهر أسطبل كبير (لخيل) الشرطة. وكانت (الخيل) وسيلة تنقل الشرطة وفضّ النزاعات، ولها (سائس) و(تعيين وقدر) ضمن ملاك قوة الشرطة. أما في الحالات الطارئة والبعيدة فكانت سيارة (بيك آب) عسكرية خضراء غامقة اللون نوع (شيفروليه) لتنقل المفوض في أعماله. على يمين مبنى الشرطة كانت دائرة البلدية ومبنى مديرية الناحية. أما الساحة الوسطية فقد تضمنت ستة أبنية سكنية. القريب والمواجه لمبنى الشرطة هو سكن مدير الناحية، يلاصقه في صورة حرف (ل) بيتان، لمحاسب الناحية والأخير لمدير المالية. وكان لمدير المالية (العم أنور- أبو رابعة- يبدو أنني غير متأكد من الأسماء جيدا، فمعذرة للخلط!-) سيارة (تورن) رصاصية كذلك ولكنها لم تتحرك من مكانها. وعند تقاعده ووفاته خصص السكن لأتباع محطة الكهرباء. وأذكر منهم (بيت حسين بحر). ثمة صفّ مستقيم من ثلاثة بيوت متلاصقة يتوزعها (جابي) ضرائب الناحية ودائرة بريد وبرق الناحية وسكن ضابط شرطة الناحية. وكانت هذه من بيوت الإدارة المحلية الخاصة بموظفي القطاع الحكومي. وفي مرحلة لاحقة انتقل مكتب البريد خارج مركز البلدة، إلى تجمع مركز الناحية. وهنا استعادت العلاقة بين موظف البريد والساعي توازنها الجديد، فكان الساعي يحضر للمركز لاستلام البريد مع الظهيرة والعودة لتوزيعه في البلدة. وتم تخصيص دراجة (هوائية) ملاك ساعي البريد، لكن العم مصطاف لم يتعلم كيفية قيادتها، رغم محاولات الوالد لاقناعه بالتعلم عليها. لكن العم مصطاف لم يكن يجيد ركوب الدراجة، والخجل والكبرياء يعيقانه عن التعلم وهو كبير السنّ. مع إشارة إلى الوصف الشعبي للدراجة يومذاك بالحصان (الحديدي) وفي مرات أخرى بالشيطان. وبقي طيلة تلك المدة يمشي المسافة الطويلة تلك من البلدة إلى مركز الناحية وبالعكس مرة في اليوم. تلك الدراجة السوداء (ماركة صينية) قياس 28، أتاحت لي التعلم على قيادة الدراجة والخروج بها إلى طريق السيارات، وياما وقعت منها أرضا ونزفت ركبتي دما، احتملتها بكل صبر دون أن أخبر والدي عنها.
ولعلّ المرء يتساءل لماذا لم تخصص وزراة المواصلات التي تتبعها دوائر البريد والبرق والهاتف يومذاك، شيئا أكثر من دراجة هوائية صينية الصنع رخيصة لملاك دوائر البريد لتأمين سرعة وسهولة المواصلات. وقد استمر هذا الملاك البائس والشحيح، ليس في العراق وانما في بلاد أوربية غربية، وفي أحسن الأحوال، يتمّ تبديل الدراجة الهوائية بدراجة بخارية بسيطة ذات سرعة محدودة، مكن النوع الذي يجري تشغيلها بالدفع بالقدم أو البيدال (pedale). وفي بلد مثل بريطانيا ثمة صناديق كبيرة حمراء اللون ذات عجلات تدفع باليد، لتوزيع الرسائل والاعلانات. صحيح أن فرص العمل للمتعلمين في العراق كانت محدودة جدا، وفي الصدارة منها حاجة الدوائر الحكومية، لكن رواتب منتسبي الحكومة كانت شحيحة بشكل يجعل نظرة المجتمع إليهم مزرية، وبشكل يدفع المقتدرين إلى تقديم مساعدات عينية لبعضهم بحسب العلاقات والظروف. وبالتالي، فأن تخفيف أزمة السكن ونفقاته عن كواهلهم كان خطوة ايجابية سيما لذوي العوائل. كما أن تلك الشحة والنزرة لا تبرر للدولة العراقية اعتماد نظام تنقلات منتسبيها خارج مراكز سكناهم مع عدم ترك موظف أكثر من عامين في موقع واحد. ناهيك عن تعدي العقوبات الحزبية والقضائية على الوظيفة الرسمية أو تحولها إلى عقوبات وظيفة جائرة، أبسطها النقل إلى مراكز نائية.
والمعروف ان مثل هذا النظام الاداري المشوّه هو الساري في القطاع العسكري حتى عام 2003. وفي ظل الظروف الآخذة بالتعقيد، كان منتسب العمل الحكومي، المدني أو العسكري، يخسر معظم راتبه في المواصلات سيئة الخدمة.
المهم فيما يخص بيوت الادارة المحلية، هو نشوء جدل حول أحقية أو استحقاق شاغليها، وإزاء محدودية عدد تلك الدور، عددها ستة فقط لكل الناحية، وكان من مظاهر ذلك الجدل، أن بيوت الادارة المحلية خاصة بمنتسبي وزارة الداخلية، وليس فيها حصة لوزارة المواصلات. وصار القرار باخلاء موظف دائرة البريد للدار، وكانت الدار مشغولة كمركز دائرة بريد رسمية في الواجهة وكدار سكن عائلة موظف البريد (الوحيد) في الناحية. وهكذا عادت العائلة من جديد (للولاية/ البلدة) وتم استئجار حجرة مؤقتة – حت ضغظ الظروف- بينما بقيت الدار مشغولة كدائرة بريد ازاء رفض والدي البحث عن مكان بديل - بالايجار- للدائرة. وكانت تلك واحدة من المواقف الصعبة والمبتذلة في تاريخنا الوظيفي. في تلك الحجرة المستأجرة من دار كبيرة تشغلها امرأة عجوز وحيدة طيبة وأصيلة، لم تكن العلاقة معها علاقة مؤجر ومستأجر، تم تسجيلي في الصف الأول الابتدائي حيث كانت مدرسة البلدة الوحيد تقابل الدار بمسافة أقل من مائة متر، لكني هربت من المدرسة بعد أول حصة ورفضت العودة إليها. في أثر ذلك عادت العائلة الى جلولاء حيث مكان الاقامة الأصلي. وبالمقابل تم التراجع عن قرار الداخلية وأعيد الدار لموظف البريد مركز دائرة وسكن في وقت واحد. أما العائلة فلم تعبأ لذلك.
كان ابتناء وجبة البيوت الأولى في الستينات، وفيما بعد أضيف لها مبنى مركز صحي ومستوصف الناحية بجوار مبنى مديرية الناحية، وعلى يسار بيت مدير الناحية أضيف منزلان للطبيب والطبيبة، وكان من اوائل الأطباء فيها الدكتور حسن العبيدي والدكتورة جنان. وفي الواقع كان تنسيب موظف حكومي في المدينة، دون وجود مبنى جاهز لدائرته أو مركز لسكناه، نوعا من النفي إلى الصحراء. سيما وأن مركز الناحية كان يبعد عن مركز البلدة (الولاية) قرابة أربعة كيلومترات، وبدون مواصلات عامة في الستينات والسبعينات من القرن الماضي. وهذا ما جعل جهود الموظفين في تلك الايام جنودا مجهولين في مسيرة بناء الدولة وتمدين المجتمع العراقي مما يقتضي الالتفات اليه وتقديره، سيما في تلك المراكز النائية.
أحيطت بيوت الادارة المحلية بمربع [ضلع ناقص] يمرّ من أمام مركز شرطة الناحية باتجاه قنطرة مهروت. ومن النهاية الأخرى يلتقي بالشارع الرئيسي المتجه خلال البساتين إلى البلدة. وتم تبليط الشوارع بالقير [asphalt]، وتشجيرها في وقت متأخر، قبل أن تظهر أحياء سكنية للأهلين تحيط بها وتشغل الفضاء الذي كان حراً.
بقيت الاشارة إلى أن بيوت الادارة المحلية كانت مزودة بالطاقة الكهربائية وكذلك كل بلدة الوجيهية، لكن خدمات الاسالة لم تكن قد اكتملت، رغم وجود الانابيب. وكان أهل مركز الناحية يحصلون على حاجتهم من المياه من نهر مهروت مباشرة، وبواسطة العم أبو حقي السقا. كان لكل بيت خزان ماء أرضي خلف الدار، يملؤه ابو حقي يوميا، حيث يحمل على عاتقه خشبة طويلة، يتدلى من كل من طرفيها حبل بسنارة، تتعلق بها صفيحة (تنكة) من النوع المستخدمة لدهن الراعي أو زبيدة. يملأها بالماء من شريعة مهروت ويتمشى بها حتى بيوتنا. وكان والدي ينقده دينارين شهريا لقاء ذلك، وهو المتعارف عند الجيران عامة يومذاك.
*
الوجيهية.. ثانية
دام عمل والدي في مدينة الوجيهية قرابة خمس سنوات، وذلك على وجبتين، كان مركز عمله قد انتقل إلى مدينة الهويدر، ولكننا لم نستطع البقاء فيها، وبعد محاولات مستمرة بذلها الوالد، نجح في الخروج منها ولكنه أعيد ثانية إلى الوجيهية، باعتباره رافضا قرار النقل او التنسيب الصادر من المديرية.
كانت مشكلة بيوت الادارة المحلية وقرار اخلاء الدار المخصصة لموظف دائرة البريد والبرق والهاتف، قد تحول إلى مشكلة عائلية عقب اخلاء العائلة الدار والسكن في حجرة صغيرة في نهاية البلدة القريبة من البزايز. وجاءت ظروف الحياة في الهويدر ومعاناتها اليومية القاسية لتزيد من عمق الخلافات والمشاكل. وكانت والدتي ترفض من الأساس فكرة انتقال العائلة من بلدة إلى بلدة ومن دار إلى دار (مثل أم البزازين!). في نفس الوقت، كان والدي الذي لا ينقل برغبته بن المدن، لا يريد مفارقة عائلته وزيارتها في نهايات الاسبوع أو العطل الرسمية. مع الأخذ بنظر الاعتبار إن عطلة نهاية الاسبوع المتكونة من يوم الجمعة فقط غير كافية للذهاب والاياب مسافات متباعدة وبمواصلات تلك الأيام البدائية والشحيحة. وهو ما يدخل في باب عدم مراعاة حيا الموظف الشخصية والعائلية.
لم يكن الاسفلت قد وصل الوجيهية التي كانت تستكمل احتياجات تحولها إلى درجة إدارية أعلى هي (مديرية ناحية). ولكنها بقيت تعايش حالة ازدواجية بين مركز الناحية الجديدة ببيوتها وسكانها القليلين، ومركز البلدة (الولاية) العتيدة وسكانها الكثيرين ومركز أسواقها وحركتها التجارية المتصلة بمركز ولاية شهربان. كانت المدارس في نهاي البلدة كما سبق الذكر. وهي مدرستان ابتدائية، للبنات والبنين، ومدرس ثانوية مختلطة للصفوف المتوسطة والاعدادية التي كانت تنتهي بالخامس يومذاك.
ليس مركز الناحية هو الوحيد البعيد عن مركز البلدة حيث الأسواق والمدارس وكراج النقليات، وانما عديد القرى ومراكز العشائر المتناثرة حول الناحية وعلى ضفتي نهر مهروت. وفي كل صباح، يتجمع أطفال سكان الناحية، في رتل واحد، متجه إلى البلدة، ملقيا خلال تقدمه بأرتال القرى والمراكز البعيدة الأخرى.
كنت قد أصبحت في الصف الثاني، يسبقني أخي في الصف الرابع، وأختي في الثاني متوسط. أصعب أيام المدارس، كانت في فصل الشتاء، حيث تتحول الدراسة إلى كفاح بالأرجل مع طين الجادة. لكن حياتنا لم تكن قاسية لوحدها. فقد كان ثمة ما هو أكثر قساوة.
(وسام (أو) ابتسام) فتاة كانت هي الأخرى في المتوسطة. تأتي من عبر النهر، حيث قريتها على الضفة العليا لمهروت، خلف مركز توليد الكهرباء، حيث تقدر المسافة من الجسر القريب من المحولة لقريتها بحوالي كيلومتر، ومنها إلى بيوتنا نصف كيلومتر، حيث تنتظرها أختي يوميا للرحلة سوية على الأقدام مسافة الكيلومترات الأربعة حتى مدارس البلدة. في بعض الأيام الموحلة جدا، يتولى ابن عمّها توصيها بواسطة تراكتور حتى الجسر، ومنها تأتي سيرا على الأقدام. بقينا في الوجيهية أربع أو خمس سنوات، لم تتعد رفقة أختي معها غير سنتين، لكن تلك الفتاة قضت كل المرحلة الابتدائية بسنواتها الست وصفوف المتوسطة الأولى تقطع قرابة عشرة كيلومترات يوميا من أجل تحصيلها العلمي، وأعتقد أنها كانت الوحيدة من بنات القرى حريص على الدراسة والمدرسة رغم بعد المسافة وقسوة الظروف. زرناها مرتين في قريتهم، ووجدنا أن المستوى الثقافي العام لأهلها كان يفوق مستوى الفلاحين عامة. والواقع، أن أهالي القرى العراقية ليسوا نفس المستوى، وأن صفة القروية فيها انتقاص لهم. فهذا التصنيف يتجاوز أمرين، إن لم يكن أكثر. المستوى الاقتصادي للمقيم في القرية وملكيته، حيث يمكن تصنيف ثلاثة مسوات من الملكية، (ملكية كبيرة، ملكية صغيرة، فلاحين أجراء)، والأمر الثاني هو المستوى الثقافي والعلمي، حيث حصل بعضهم على تحصيل مناسب، يجيد القراءة والكتابة ومستويات لائقة في المعارف والأمور العامة التي تساعده على التفكر والتحليل وجمع المعلومات وعدم تقبل الأمور أو رفضها بسذاجة أو بالتلقين. وأحسب أن النظرة العامة المتدنية لسكان القرية العراقية، مرتبط ببعض النماذج المهاجرة من القرية إلى المدينة والانطباعات السيئة التي تركتها عند الرأي العام. وهذا الأمر قريب من حالة بعض المهاجرين في بلدان أوربا، حيث تترك مستوياتهم السلوكية والثقافية العامة المتخلفة عموما انطباعا سيئا لدى رجل الشارع الأوربي. وقد ظهر بنتيجة البحث والرصد أن معظم الوافدين إلى أوربا هم من مناطق القرى والأطراف الفقيرة والمتخلفة في بلدانهم، وهم الأكثر تخلفا في بلدانهم هم الذين يرسمون صورة بلادهم المشوهة في الخارج. وهذا يصح على الأفارقة والترك والكرد والهنود والباكستانيين. ذلك أن الطبقات المتوسطة والمقتدرة لا يجدون ما يدفعهم للهجرة، وهم يتمتعون بمستوى معيشي مزدهر، ولا ينقصهم شيء من مظاهر الترف. المثال الأكثر وضوحا في هذا المجال، وبحسب تجربتي الشخصية، هي حالة الترك في ألمانيا والنمسا، حيث يجهل نسبة كبيرة منهم القراءة والكتابة وليست لهم أية معلومات ثقافية عامة. وفي ثقافتهم السلوكية يندر أن يسمحوا لأطفالهم، سيما الفتيات بالدراسة أكثر من سنوات الدراسة الالزامية (عشر سنوات) يدفعونهم بعدها إلى سوق العمل، وقبل بلوغ العشرين يتم تزويج الفتاة من شاب من قريتها التركية، تجلبه معها إلى أوربا، أو تعود وتعيش معه هناك. أما الآباء، فهم يتركون العمل عند بلوغهم الأربعين، أو عند بلوغ أبنائهم سن العمل، والحصول على مرتباتهم. وقد عرفت شخصا يجلب ابنه الشاب الغرير يوميا إلى مركز العمل مبكرا لكي يتعلم على العمل ويعتمد على نفسه. أما هو فقد عمل بما يكفي سنوات عمره الماضية ومن حقه أن يرتاح.
أما الظاهرة الأخرى في القرية فهو تمتع البعض بدور كبيرة ورحبة للغاية، بما فيها أماكن خاصة لخون الحبوب والعلف، واسطبلات الحيوانات والماشية والخيل. ان علاقة هؤلاء بالأرض الزراعية والمراعي الواسعة هو ما يحدد إقامتهم في جو القرية حيث لا يسع فضاء المدينة العراقة هذا النوع من الحياة أو التوسع في الملكية.
ان هذا الحديث واعتبار المعايير بخصوص المجتمع والقري العراقية يسبق مرحلة السبعينات وما بعدها من ارتفاع مستويات المعيشة وتوزيع السيارات والمكائن الزراعية على الفلاحين بأثمان وأقساط تشجيعية، والذي خلط الحابل بالنابل، حيث طردت العملة الرديئة العملة الجيدة بالتعبير الاقتصادي.
بعد سنوات، قليلة من مغادرتنا الوجيهية، عرفنا أن (وسام) قد تركت الدراسة وتزوجت وهي تقيم في مركز شهربان. ليست وسام، وحدها، وانما كثير من الوجوه التي عرفنا اليها هناك، غادرت الوجيهية وانتقلت إلى مراكز القضاء أو المحافظة، بينهم عائل مدير الشرطة الذي قاعد وزوجته هناء، وعائلة المحاسب أبي عاصم وبيت الصائغ ابي بشير، والاستاذ خالد مدرس الرياضيات العتيد في بعقوبة وكثيرين.
*
لعل السلام والانسجام الاجتماعي ابرز ما أذكره من ملامح تلك الوجيهية، ورغم الطابع العربي العام، فأنها لم تعدم أقليات ركمانية وصابئة مندائية ومسيحية، دون أن تبرز على سطح المجتمع أي مظاهر تمايز أو تنابز أو استفزازات. على العكس كانت تحصل خلافات داخل العوائل الكبيرة وأبناء العم لأسباب خاصة. ورغم تعدد مقامات الصالحين فلم تكن مظاهر التدين عند أي جماعة، بالكاد أذكر وجود مكان عام للصلاة.
الوجيهية في الذاكرة.. من الأوقات الجميلة والمستقرة، وأهلها أهل للمحبة والتقدير والوفاء، سعدنا بعلاقاتنا مع أهلها وزيارتهم في بيوتهم وبساتينهم، وفي كل موسم كانت عذوق التمر وأنواع الفاكهة تصلنا على غير ما موعد، لمحة ملامح كرم أهلها الأصلاء.
*
عدت الى مدينة الوجيهية خلال تطبيقي في دائرة الاحصاء الزراعي لقضاء المقدادية، ووجدت تحولات وتغيرات كبيرة في حياة المدينة، ونموا سكانيا وتقدما عمرانيا، بدأ من ضفاف نهر مهروت محيطا بمركز الناحية وبيوت الادارة المحلية توغلا في الداخل، وقد تمن لو كان الوقت أكثر كرما لاستذكار ملامح الطفولة البعيدة وعقد المقارنات.. ولكن رما كان الأفضل عدم العبث بمكونات الذاكرة الأولية. قد أعود لذكر مدينة الوجيهية الجميلة وأهلها الطيبين.



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدن في حياتي.. الوجيهية .. (1)
- فليحة حسن.. وقصيدة (أنا لست مريم يا أبي!)..المقارَبة والاختل ...
- هذه الجريمة اليومية
- فراغات النسيج الاجتماعي في العراق
- المرأة كونترا المرأة
- رسالة من بعيد
- صادق الطريحي في (أوراقٌ وطنية)*
- -ولد للبيع-* الطفولة وبقايا الاقطاع
- -هذا عالم جايف.. اكتب!-
- سليم مطر في (إمرأة القارورة)
- سيلين براكاش- أوزر
- (سماء..)
- المكان هو المنفى.. الوطن هو الغربة!..
- مقاربات نصّية في قصيدة (خوذة الشاعر) لنجم خطاوي
- الاستهلال السردي في قصة التسعينيات..
- القصة العراقية في المنفى
- عن فضاءات الطائر
- الوطن -جنّة- أم -جنينة- في قصة باسم الأنصار (نحيا ويموت الوط ...
- معرفة الحقيقة العارية والاستفادة من دروس الماضي
- داليا رياض.. - رغم أني جملة كتبتها السماء-


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع العبيدي - مدن في حياتي.. الوجيهية .. (2)