أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نجيب الخنيزي - الحداثة وانسداد الأفق التاريخي ( 1 )














المزيد.....

الحداثة وانسداد الأفق التاريخي ( 1 )


نجيب الخنيزي

الحوار المتمدن-العدد: 2876 - 2010 / 1 / 2 - 10:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يرتبط مصطلح الحداثة بعصر النهضة والأنوار الأوروبية (القرن الثامن عشر) ومفهوم الحداثة في محتواها وجوهرها عملية سيرورة يتم خلالها الانتقال من نمط معرفي إلى نمط آخر مغاير له، وهي بهذه الصفة تشكل عملية قطع وتجاوز للرؤية والتصورات التقليدية السابقة في فهم وتحليل وتفسير الواقع وصولاً لتغييره، وذلك باستخدام منهج علمي جديد، وتتبلور الحداثة من خلال تطور متصل ومتسارع في المعارف بأسئلتها ودلالاتها وأدواتها وأنماط الإنتاج ومجمل العلاقات الاجتماعية، وتغير سلم القيم والمعايير والسلوك والممارسة، وتؤكد الحداثة وجودها وحضورها من خلال استثارة وتفعيل الجوانب العقلية والعلمية والنقدية والتحليلية وقبول الآخر. وتجري هذه العملية في سياق تشكل اجتماعي (طبقي) وعلاقات أفقية، وديمقراطية وتعددية سياسية وثقافية، وانبثاق مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني، الحداثة إذاً هي عملية متكاملة تقطع وتتجاوز الطرح المجازي والأسطوري والبياني والسلطوي والخطابي والعلاقات العامودية والتكوينات التقليدية، وفي الواقع فإن الدعوة في الغرب إلى تفكيك وتجاوز الحداثة (مابعد الحداثة) وتبيان حدودها ومحدوديتها وتناقضاتها إنما تتم على أرضية الحداثة وباستخدام منهجها وآلياتها. ويتحدد الفارق الرئيسي بين حداثة الرأسمالية والبرجوازية الغربية من جهة، وحداثة البرجوازية التابعة الرثة في البلدان العربية من جهة أخرى في كون الأولى اعتمدت في نشوئها على مكوناتها ومقوماتها ومواردها الذاتية في المقام الأول، شكلت بمجملها قطيعة مع المجتمع الأبوي القديم، بينما الحداثة في المجتمعات العربية اتخذت شكلاً هامشياً وهجيناً وهشاً ضمن انفصام حضاري وتبعية وتخلف واغتراب عام يتمثل في التقابل والتعارض المفتعل ما بين القديم (الأصالة) والجديد (المعاصرة)، الخصوصية والكونية،
النقل والعقل، النص والاجتهاد ويتم ذلك من خلال الهروب والانسحاب إلى الماضي وإسقاطه على الحاضر بصورة تعسفية أو الهروب إلى الآخر والتماهي معه، والسؤال المركزي هنا: لماذا لم تستطع المجتمعات العربية تمثل وإنتاج حداثتها وظلت أسيرة التخلف والإعاقة الحضارية ليس قياساً بالمراكز المتقدمة، وإنما مقارنة بتجارب وأوضاع مجتمعات كانت تعتبر حتى أمد قريب من البلدان المتخلفة؟ في الواقع فإن المشروع النهضوي العربي المجهض يعود في بداياته إلى منتصف القرن التاسع عشر (إصلاحات محمد علي في مصر) وقد سعت اليابان آنذاك للاستفادة من تلك التجربة عبر وفد أرسله الإمبراطور ميجي لمصر للاطلاع والاحتكاك ونقل الخبرة المصرية، والمفارقة هنا هي انطلاقة اليابان ويقظتها من سباتها الطويل وانفتاحها وتملكها لمنجزات الحضارة المعاصرة بدون عقد الماضي أو قيود الوعي والتقاليد البالية، بل إن تجارب تنموية لاحقة سبقت البلدان العربية بأشواط عديدة مثل الصين والهند وبلدان شرق آسيا وجنوب افريقيا، وفي المحيط العربي تحضر إسرائيل بإمكانياتها الصناعية والتكنولوجية والعلمية والعسكرية التي تفوق البلدان العربية مجتمعة. فوفقاً لتقارير التنمية العربية الصادرة عن الأمم المتحدة فإن المنطقة العربية تحتل الدرجات الدنيا إلى جانب الدول الافريقية وبعض دول أمريكا اللاتينية من حيث معدلات التنمية السياسية والاقتصادية ونوعية الحياة وتطور الموارد البشرية من قوى منتجة وإنتاجية عمل وتعليم وصحة وتوظيف، وفي مستويات توطين التكنولوجيا والعلوم ووسائل الاتصال ومراكز الأبحاث، إلى جانب ارتفاع معدلات المديونية والفقر والأمية والبطالة، ناهيك عن الوضع المتدني للمرأة وتهميش الأقليات، مما جعلها مرتعاً للحروب (الداخلية وفيما بينها) والعنف والتطرف والإرهاب. ويعزو البعض سبب ذلك إلى عوامل خارجية (نظرية المؤامرة) فيما يعزو آخرون السبب إلى عوامل داخلية تتمثل في البنى الفكرية والنفسية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية السائدة التي تتسم بالتخلف والانقسام والانفصام وهيمنة الفكر الأسطوري التأملي ورسوخ العادات والتقاليد وقيم القبيلة والعشيرة والطائفة، وشيوع اقتصاديات ريعية ونشاطات طفيلية وهامشية غير منتجة، وهذا التخلف لا يتخذ مظهراً اقتصادياً أو تنموياً في المقام الأول بل إنه يقبع في أعماق بنية المجتمع الأبوي أو الأبوي المستحدث (وفقاً لهشام شرابي) ويشمل المجتمع والفرد معاً، ويتميز هذا التخلف بخاصيتين متميزتين هما غياب العقلانية في الرؤيا والممارسة، والشلل وعدم القدرة على الفعل وتحقيق الأهداف المستقبلية الموضوعية، ولدى التطرق إلى ماهية التخلف وأسبابه وسبل مواجهته وتجاوزه لابد من استنبات رؤية وطريقة تفكير ولغة جديدة تقارب الواقع وتكون أداة كاشفة له مما يفترض بالضرورة الابتعاد عن طرق التفكير واللغة المجازية والضبابية والمخاتلة التي تحجب وتغطي الواقع وتعمل على تعتيمه. ومع أنه حدثت تغيرات مهمة في بنية المجتمع العربي خلال القرن المنصرم على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية إلا أن ذلك لم يؤد إلى استبدال النظام القديم بنظام سياسي واجتماعي جديد، بل أدى إلى إضفاء نوع من التحديث المظهري (الشكلي) على ذلك النظام بتحويله إلى شكل نظام أبوي «مستحدث» يزعم أنه استطاع مواكبة الحديث دون انزواء أو قطع عن الماضي والتراث (الخصوصية) وفي الواقع فإن ما نراه هو بعيد تماماً عن جوهر التحديث والحداثة أو التراث والماضي .





#نجيب_الخنيزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القمة الخليجية في ظل التحديات والاستحقاقات المشتركة
- الاحتفاء بالشخصية الوطنية البارزة ميرزا الخنيزي
- إيران: بين ولاية الفقيه والدولة المدنية
- الديمقراطية على الطريقة الإيرانية
- كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء.. ميثلوجيا الحزن والثورة
- كارثة سيول جدة.. هل تكون محركا لاجتثاث الفساد ؟
- تقرير منظمة الشفافية العالمية عن الفساد
- مبادئ حقوق الإنسان.. بين النظرية والتطبيق
- التجديد الديني والإصلاح الوطني.. ضرورة الراهن ( 13 )
- التجديد والإصلاح الديني.. ضرورة الراهن ( 12 )
- دور الأنظمة العربية والغرب في إعادة بعث -الأصولوية الإسلاموي ...
- التكفير والعنف منهجان متلازمان ( 10 )
- - الأصولوية الإسلاموية -.. بين التقية والعنف ( 9 )
- نشوء -الأصولوية الإسلاموية- ( 8 )
- من الأصولية إلى الأصولوية الإسلاموية ( 7 )
- نشأة الأصولية الإسلامية المعاصرة.. العوامل والمقدمات ( 6 )
- لماذا انتكس مشروع التنوير؟ ( 5 )
- الرافد الثاني في مشروع النهضة ( 4 )
- الفكر الديني الشيعي والمشروع النهضوي ( 3 )
- فكر النهضة يقتحم الدوائر المحرمة ( 2 )


المزيد.....




- أطلقوا 41 رصاصة.. كاميرا ترصد سيدة تنجو من الموت في غرفتها أ ...
- إسرائيل.. اعتراض -هدف مشبوه- أطلق من جنوب لبنان (صور + فيدي ...
- ستوكهولم تعترف بتجنيد سفارة كييف المرتزقة في السويد
- إسرائيل -تتخذ خطوات فعلية- لشن عملية عسكرية برية في رفح رغم ...
- الثقب الأسود الهائل في درب التبانة مزنّر بمجالات مغناطيسية ق ...
- فرنسا ـ تبني قرار يندد بـ -القمع الدامي والقاتل- لجزائريين ب ...
- الجمعية الوطنية الفرنسية تتبنى قرارا يندد بـ -القمع الدامي و ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن أخفت عن روسيا معلومات عن هجوم -كروكو ...
- الجيش الإسرائيلي: القضاء على 200 مسلح في منطقة مستشفى الشفاء ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 11 ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نجيب الخنيزي - الحداثة وانسداد الأفق التاريخي ( 1 )