أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاله طلعت - حلم الحياة















المزيد.....

حلم الحياة


هاله طلعت

الحوار المتمدن-العدد: 2876 - 2010 / 1 / 2 - 01:08
المحور: الادب والفن
    


صوت ميكرفون المدرسة يعلو بأسمى حاملا معه نسمات ريح غير طيبة لصوت مشرف المادة الرتيب , اعتدت أن أتجاهل نداءه و أعتاد أن يعيد تكرار النداء دون ملل , أضطر أن أجيبه لأوقف نزيف ضوضاء ندائه الذي لا ينتهي .
أصرخ من الدور العلوي حيث تقبع فصولي التي اسكن إلى جوارها متناغمة مع نسمات بناتي الصغيرات , محاولة إغفال كل ما يدور حولي عداهن : ماذا تريد ؟
اهبطي للحظة ؟ أتأفف في ضجر و أهبط لأرى ماذا يريد ؟
عند وصولي إليه في فناء المدرسة يكن وجهي يحمل تساءل صامت ؟
يبادرني بطلبه : عايز عشرة جنيهات لعمل وسائل تعليمية تحتاجها المدرسة
أعود فأسأل اليس هناك ميزانية بالمدرسة لعمل تلك الوسائل؟
يتململ في وقفته : يا أستاذة كبري دماغك المدرسة دي مكان أكل عيشنا و لازم نحافظ عليه
أنا في برود ظاهري: مش فاهمة , ماذا تعني ؟
مستمرا في ضجره و تململه :- أنت تفهمي جيدا ماذا أعني كفاك جدالا جميع زملائك دفعوا المبلغ في صمت
تجتاحني حالة من الانقباض و الرغبة الملحة في العناد المختلطة بالغضب المكبوت ,
: أنا بقى لن أدفع فليس لي عيشا آكله في هذه المدرسة بخلاف مرتبي الذي أتقاضيه و ليس من ضمن بنوده المساهمة في تكلفة الوسائل التعليمية التي على حد علمي أن دوري الوحيد فيها هو الإشراف على الطالبات أثناء تصميمهن لها بأيديهن و تحت ملاحظاتي .
يبدي غضب ظاهري : لا فائدة فيك عموما , أنت حره سأبلغ مديرة المدرسة و تصرفي أنت معها .
حينها لم أمتلك سوى ان رفع كتفي مدعية أن الأمر لا يعنيني , بينما شعور بالقلق يملأني ,حيث أن هذا نذير ببدأ حرب جديدة في هذه المدرسة التي لا تنتهي معاركها الوهمية بعيدا عن دور أساسي خلت يوما أنه دوري الذي سوف ألعبه بها و هو معلمة داخل مؤسسة تعليمية .

حركة عشوائية غير منتظمة شعور بإرهاق شديد بلا مجهود حقيقي , أحاديث جوفاء تدور في دوائر مغلقة يقطع سيلها الممل الصاخب نداء جديد و كأن العالم فرغ إلا منى فأصبح أسمي هو نقطة الارتكاز الذي يدور بعيدا عنها عالم رحب ليطبق عليها هذا العالم القبيح الذي أختلت فيه كل المفاهيم لحد الشعور برغبة حقيقية في أن تكون أبله تسير في ركب هذا القطيع مغيب العقل و الرغبة في الحلم و ربما الرغبة في الحياة من الأساس .
أعود بملل حقيقي للإجابة على هذا النداء التالي الذي يأتي من حجرة مديرة المدرسة الذي يبدأ عندها كل النهايات , و بنفس الضجر و التثاقل المختلط بعناد وحيد بلا نصير, أذهب لأكرر نفس عباراتي التي سأمت من تكرارها لتقابلني بتلك ألابتسامه الباهتة , فتقلب في رأسي كل المعاني
المديرة : ازيك يا بنت يا نرفوزة انت , أغتصب من روحي ضحكة زائفة بلا إجابة
تعيد علي نفس السؤال مش عايزة تشارك المدرسة في أنشطتها ليه
أرد على سؤالها بروح ضجرة:- هل كلفت بعمل و لم أقم به ؟
الأستاذ المشرف يشتكي منك كثيرا !
أسألها بصراحة دون مواربة: هل المساهمة المالية المطلوبة لعمل تلك اللوحات المسماة بوسائل تعليمية مقابل التغاضي عن فعل الدروس الخصوصية الذي يرتكبه معظمنا في هذه المدرسة
يختلط عليها الأمر و لا تجد إجابة سريعة , ثم يشع من عينيها بريق من أكتشف حلا : طيب لو أنت معك باكو بسكوت و أعطيتني واحده منه هل معنى ذلك أني أجبرك على هذا ؟ الست تدفعي مع زملائك لشراء طعام دون اعتراض ؟ مش ممكن تدعوني لمشاركتك في هذا الطعام ؟!!!
تبدو الحيرة و البلاهة على وجهي و لا أجد الكلمات فقد ضاعت كلها في سلسلة من التبريرات الوهمية للسير الدائم إلى حافة هاوية تفتح لنا جميعا فمها بنهم مخيف .
تكمل حديثها : هذا ما نريده منك فقط المشاركة الودية بينك و بين المدرسة , لا أحد يجبرك على شئ , فقط لا نريد منك سوى المودة , لا تثيري غضب زملائك عليك فلن يبقى بينك و بينهم في النهاية سوى المودة .
أشتم رائحة تهديد محلاه بالعسل , غثيان لا ينتهي , كلمات مبعثرة , عبارات تائهة , طريق ضائع مبهم .
وحدي أطنطن عما هو مفروض أن يكون وحدي أعزف نغمة شاردة يأبى أن يسمعها أحد , أدير وجهي متوجهة إلى الخارج على أجد هواء أملأ به رئتي المختنقتين .
وسط شرود لا أجد سبيلا للخروج منه أرتقي درجات السلم , تتراءى لي صورتي و أنا أقرأ بنهم الكتب الخاصة بعلوم التربية في سنوات دراستي بالكلية حالمة أني سوف أطبق كل ما فيها فور تخرجي و أعيد إلى عقلي صورتي و أنا أحمل كتب تكنولوجيا التعليم أثناء دراستي في معهد البحوث التربوية و كيف أن جزء الوسائل التعليمية كان يفرد له الصفحات الطويلة لشرح أنواعها الكثيرة المتشعبة التي من الممكن ان تكون خامات بسيطة من البيئة , يشكلها الطالب بيده لتربطه أكثر بالمعلومة و تعوده الاتصال بالبيئة والمجتمع المحيط به فلا ينمو لديه هدا الشعور القائم بأن المدرسة كيان مقبض معزول عن كل ما حوله , أعود فأتذكر كيف أنه كان هناك فصل طويل يشرح ضرورة وجود مسئول عن هذا الفرع من تكنولوجيا التعليم قائم بالمدرسة و أن دوره الأساسي تشكيل لجنة من الإدارة و المعلم و المتعلم و ولي الأمر لمناقشة نوعية الوسائل التعليمية المناسبة لميزانية المدرسة و احتياجات المتعلم و احتياجات المجتمع المحيط به, ضحكة ساخرة تنمو بين شفتي , كل هذا أختصر في مجرد لوحات كبيرة ملونة تعلق على حوائط المدرسة الخارجية بفجاجة راقصة في فرح بلدي ترتدي من الترتر اللامع و الألوان المزركشة , ما يلفت الأنظار إلى مفاتنها و يبعدهم عن فكرة إن كانت ترقص حقا أم تتلوى ,أفيق من شرودي لأجد بوابة الفصل أمامي أزيحها محملة بأريج أمل يعبق روحي و يأبى أن ينقطع رغم كل ما يدور حولي من صخب.
تتجمع بناتي الصغيرات حولي في حفاوة تجذبني عنوة تجاههن , أبدأ في التناغم معهن محاولة إضاءة شمعة الحياة التي يحاول الجميع إطفائها .
تقف أسراء تلك الفتاه الحالمة لتسأل ببراءة تكفي العالم و ربما تفيض , ما الذي يمكن دراسته لأصبح رائدة فضاء ؟ تختطفني عبارتها من دائرة غثياني الدائم , أجيبها ضاحكة : و لماذا تريدين أن تكوني رائدة فضاء؟
تجيب بطفولتها المحببة : لأطير في فضاء رحب لا نهاية له
تتعالى ضحكاتي و أنا أجيبها
:دعيني أفكر قليلا ........... لتطيري في فضاء رحب بلا أسوار , ليس عليك سوى أن
تفردي أجنحتك المطوية , ترفرفي شاخصة ببصرك للإمام دائما , فخلفك يقبع عالم قبيح .



#هاله_طلعت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من نحارب و لحساب من
- بين الحقيقه العلميه و الاوهام الاسطوريه
- و باء لا مصل له
- صورة أخرى على أرض الواقع
- الخوف
- أرض الواقع
- احترس ممنوع اللعب
- مسرحية هزلية
- عندما تحدثت بدور


المزيد.....




- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاله طلعت - حلم الحياة