أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - في أنّ دين الدولة مفروض و ليس اختيارا حرا (على هامش اعتقال مغاربة اعتنقوا المسيحية)















المزيد.....

في أنّ دين الدولة مفروض و ليس اختيارا حرا (على هامش اعتقال مغاربة اعتنقوا المسيحية)


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 2873 - 2009 / 12 / 30 - 20:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لم يقبل بعض المواطنين المغاربة من التيار الإسلامي الفكرة التي أدلينا بها عن أن الدين الإسلامي الرسمي واقع سياسي للدولة مفروض و مراقب من طرفها، وليس ديانة للشعب المغربي كما هو شأن الديانات في البلدان المتقدمة، و اعتبروا أن فكرتنا تلك ناشئة عن معاداة لـ "الدين الحنيف" و الرغبة في الكيد له، و ذهب بعضهم كالعادة إلى التفكير في الجهات الأجنبية "الخبيثة" المحركة لمثل هذه المؤامرات و التي تدفع بأمثالي إلى تنفيذها، و حتى نتابع حوارنا في هدوء، نسوق المعطيات التالية التي على هؤلاء المواطنين التفكير فيها بروية و عقلانية و بدون أفكار مسبقة و خارج نظرية المآمرة االسيئة الذكر و التي تعوقهم عن التفكير السليم و الموضوعي:
1) أن الخلل الأول يكمن في أن هؤلاء في حديثهم عن الإسلام يفكرون في "دين الناس" الذي هو اختيار للأفراد، بينما ننتقد نحن "دين الدولة" الذي هو قرار سياسي و هما أمران مختلفان لا مجال للخلط بينهما، إذ الأول حق لا جدال فيه بينما الثاني نهج و اختيار سياسي قابل للأخذ و الردّ.
2) أن سبب عدم قدرتهم على التمييز بين الأمرين هو إصرارهم على الخلط بين السياسة و الدين و اعتمادهم هذا الأخير في خوض غمار السياسة مما أفسد الدين و أفسد مآربهم السياسية على السواء.
3) أنهم لا يقرأون الوقائع من منظور الفئات المتضررة من فرض الدين، و إنما لا ينظرون إلى الموضوع إلا من جانب ما يهمهم، أي استعمال الدين في السياسة من أجل الوصول إلى الحكم ثم استعماله بعد ذلك في التسلط و خنق الحريات، مما جعلهم يظهرون بمظهر الذي يهدد مكاسب الناس و حقوقهم الأساسية، عبر السعي إلى تنميط المجتمع بكامله في إطار إيديولوجياهم الدينية باستعمال وسائل الدولة.
4) أنهم لا يعيرون اهتماما لما يطرأ على المجتمع و أوضاع الناس من تغير، لأن غرضهم هو تأبيد الحلول الدينية لضمان سيطرتهم على المجتمع، حيث أن الإعتراف بوجود التطور يفرض عليهم الإجتهاد في الدين و إعادة قراءته، و هو ما لا طاقة لهم به بسبب إغراقهم في النزعة السلفية و التقليد و تقديس الماضي.
5) أنهم لا يستفيدون شيئا من تجارب الأمم و الشعوب التي لم تعرف الإستقرار و الرفاهية و التقدم إلا عندما أرست مؤسسات عقلانية و طورت معارفها العملية و حسمت في الفصل بين الدين و الدولة و جعل كل مواطنيها متساوين في الحقوق و الواجبات أمام القانون بغض النظر عن معتقداتهم أو ألوانهم أو أعراقهم أو لغاتهم.
و حتى يكون ثمة وضوح فيما ذهبنا إليه (أي أن دين الدولة مفروض و مراقب بالسلطة القمعية و ليس خيارا للمجتمع)، نورد فيما يلي بعض مضامين المرجعية الدولية لحقوق الإنسان التي وقع المغرب عليها و صادق، ثم نبرز كيف تقوم السلطات المغربية بخرق تلك الحقوق و انتهاكها انطلاقا من مرجعية أخرى غير متوافقة مع ما تم التعهد به.
ورد في الإعلام العالمي لحقوق الإنسان المادة 18 ما يلي:
"لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سراً أم مع الجماعة".
و هو نفس ما ورد في العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية و المدنية في المادة 18 بتوضيح أكبر حيث ينص على: "لكل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد و إقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة".
و ورد في العهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية في المادة 2 ما يلي:
تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بأن تضمن جعل ممارسة الحقوق المنصوص عليها في هذا العهد بريئة من أي تمييز بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب" كما ورد فيه أيضا: " لا يقبل فرض أي قيد أو أي تضييق على أي من حقوق الإنسان الأساسية المعترف بها".
كما ورد في الإتفاقية الدولية المتعلقة بالقضاء على جميع أنواع الميز العنصري في المادة 5 "الحق في حرية الفكر والاعتقاد والدين".
و قد وقع المغرب على هذه الوثائق و صادق عليها و تعهد أمام العالم بالحرص على العمل بمقتضياتها.
لكن السلطات المغربية ما فتئت تقوم بين الفينة و الأخرى و حتى أيامنا هذه باعتقال الأشخاص الذين اعتنقوا الديانة المسيحية أو ثبت تعاملهم مع جمعيات تبشيرية، و قد يصل الحكم في بعض الأحيان إلى 15 سنة سجنا نافذا (!؟) كما حدث لمواطن من طاطا قبل سنوات، و هو حكم يظهر مدى بعد "دين الناس" عن "دين الدولة"، فالشعب لا يكترث لاختيار الأفراد و لم يتدخل في الحالة المشار إليها لمعاقبة الشخص المعني أو الإعتداء عليه، بل اعتبر الناس أن هذا شأن يعود إلى المعني بالأمر لوحده، أما "دين الدولة" فقد فرض على السلطات أن تتدخل لـ"حماية" دينها الرسمي من "تهديد" هذا الشخص، و لضمان "الأمن"، لأن الشعب ـ حسب رأي السلطة ـ قد ينقضّ على هذا الشخص و يبطش به ( و هو ما لم يقع مطلقا). و لسنا نفهم كيف يمكن للسلطة أن "تحمي" شخصا باعتقاله و حرمانه من أبسط حقوقه، كما لا نفهم كيف لا تبدي السلطة أي استعداد لحماية حقوق الأفراد من أي اعتداء كما تعهدت بذلك، و تقوم على العكس من ذلك بمعاقبة صاحب الحق لصالح المجتمع الذي تمثله السلطة هنا رغما عنه.
و لكن لماذا تعتبر الدولة اختيار شخص ما لدين آخر مسّا خطيرا بها ؟ أليس ذلك دليلا على أن الدولة تستعمل الدين للحفاظ على علاقة الراعي بالقطيع، مما يجعلها تعتبر كل من خرج عن الدين خارجا عن إطار وصايتها ؟ ألا يعني ذلك أيضا مقدار هشاشة الأسس التي يقوم عليها استقرار الدولة المغربية التي تفتقر إلى الشرعية الديمقراطية المطلوبة، حيث يستحيل دوام الإستقرار إلا بالعدل و شيوع الطمأنينة و الأمن المادي و الروحي لدى كافة الأفراد و المجموعات بالمغرب ؟
هل يستطيع مواطن عاقل أن ينكر أمام مشهد كهذا بأن إسلام المغاربة ليس حالة طبيعية عفوية بقدر ما هو وضعية قسرية محروسة و مراقبة، و هذا لا يعني عدم وجود أفراد مؤمنين إيمانا صادقا، و لكنه يعني أنه ما دامت الدولة لا تسمح للناس بحرية الإختيار، فإن ذلك يعني وجود مشكل حقيقي لا يمكن التعمية عليه بالشعارات العاطفية.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما لا يفهمه المسلمون (على هامش النقاش الدائر بسويسرا)
- الصحافة و التحريض بصدد الكرة بين مصر و الجزائر
- مزيدا من المساجد للفقراء و المهمشين
- الحرية للصحف قبل المسؤولية
- القذافي و الأمازيغ
- هل الرابطة الدينية هي أساس الوحدة بين المغاربة ؟
- هل المغاربة -كلهم مسلمون- ؟
- رمضان عقيدة دينية أم قرار للدولة ؟ في مغزى رسالة زينب و من م ...
- -أخلاق- رمضان
- العنصرية بين العرب و إسرائيل
- أزمة الثقة في المؤسسات
- مهازل الخلط بين العلم و الدين
- حول ما سمّي -الظهير البربري- في الكتاب المدرسي، على هامش الح ...
- ملاحظات حول الكتاب الأخير لمرشد جماعة العدل و الإحسان
- عودة إلى موضوع التنصير و الأسلمة
- الإنفجار الديمغرافي الإسلامي في مواجهة تقدم الغرب: آخر ابتكا ...
- التبشير المسيحي و التبشير الإسلامي
- ملاحظات حول مفهوم -الأمن الروحي للمغاربة-
- عنصرية إسرائيل بين عصا البشير و عمامة نجاد
- مظاهر الميز ضد الأمازيغ و السود و اليهود بالمغرب إلى الوزير ...


المزيد.....




- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - في أنّ دين الدولة مفروض و ليس اختيارا حرا (على هامش اعتقال مغاربة اعتنقوا المسيحية)