أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - فتحي الضو - عقلاء ومجانين















المزيد.....

عقلاء ومجانين


فتحي الضو

الحوار المتمدن-العدد: 2871 - 2009 / 12 / 28 - 08:24
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


بحثت ونقبت تلافيف عقلي لعلني أجد موضوعاً يدخل البهجة في نفسك أيها القاريء الكريم، لا سيما، ونحن نعيش خواتيم العام 2009 الذي يطوي آخر ايامه إيذاناً بالرحيل. وبعد جهد جهيد - لا منَّ فيه ولا أذىً - لم أجد غير هذا العنوان المحايد الذي أوحى لي به أحد دهاقنة العصبة ذوي البأس، وذلك على إثر مطالعتي تصريح له على صفحات صحيفة (الأحداث السودانية 24/12/2009) والتي حجبت اسمه بإعتباره مصدراً حكومياً على حد تعبيرها. ما يهمنا أن هذا المصدر وصف التقرير الأخير الصادر عن مجموعة (كفاية) التابعة لمركز (أمريكان بروجرس) بقوله (إنهم مجموعة مجانين) ولم يشاء مصدرنا العزيز أن يجعلنا (نتهنى) بما عزمنا عليه، فأردف بثقة تقطع دابر أي شكوك قد تطرأ على نفس سامعه وقال: (إن كانت الحكومة تتأثر بمثل هذه التقارير لخسف بالسودان منذ عام 1963) ولا أعتقد أن أحداً يستطيع أن يُنجِّم سبب اختياره العام المذكور تحديداً، ولكن يبدو أن غضبته المضرية تلك مردها إلى أن المجموعة طالبت في تقريرها الصادر مؤخراً (حكومة الولايات المتحدة والدول المانحة فرض عقوبات على حزب المؤتمر الوطني) والواقع أن طلبها هذا لم يأت جُزافاً فقد قدمت باقة من الحيثيات والأدلة التي تُحمِّل الحزب (العملاق) تبعات ما إغترفت يداه بالنسبة للانتخابات المزمع عقدها في ابريل القادم، وقالت (إنها قريباً ستدان كانتخابات فاشلة) وهو قول لا أظن أن سدنتها سمعوا به للمرة الأولى، إذ لا يوجد مراقب لحركاتهم وسكناتهم لم يشنف آذانهم بهذا القول الفصل. ولكن الذي استغلق علىّ فهمه وعزَّ علىّ إدراكه، قول المصدر المحجوب اسمه إن (المركز المعني وغيره من المجموعات المعارضة للحكومة يأخذون الأموال بطرق غير أخلاقية ويحاولون التأثير على المواطنين) وأرجو ألا يسأل عاقل عاقلاً من هم المواطنون المعنيون. في حين لم يكن غريباً أن ينصَّب نفسه ناطقاً بإسم إدارة الرئيس أوباما وقال: (لكن الحكومة الأمريكية وصناع القرار يعلمون تماما عدم جديتهم في تلك الأطروحات) وتابع بتناقض كاد أن يلحقه بالتهليل والتكبير حينما قال (إن طلب الكونغرس من المركز إعداد تقرير خطوة طبيعية لنص الدستور على إلزام الكونغرس بطلب دراسة أو الاستماع للنصح والأخذ بآراء أمثال جون برندرجاست المعروف بعدائه الشديد للسودان) وأرجو كذلك ألا تكون ممن يسؤهم التخليط بين العداء للسودان وانتقاد النظام الذي يحكم السودان!
بيد أن ذلك كله ليس هدفي، فلم يكن يعنيني من ما اقتبست أعلاه سوى نعت المصدر للقائمين على أمر المنظمة بالجنون. وبغض النظر عن أن الوصف ثقيل على النفس، إلا أنني وجدت فيه ما يُغري بالدخول إلى عالم المجانين الذي أوصانا القول المأثور بأن نأخذ الحكمة من أفواههم. وقلت لنفسي طالما أن هذه المنظمة تلعب دوراً مؤثراً في صناعة القرار الدولي الخاص بالسودان وليس الأمريكي وحده، نسأل الله أن يكون وصف هذا المصدر حقيقة، فلربما كان القائمون عليها من حفدة سيدنا لقمان ووجدنا الحكمة التي أعيانا البحث عنها تتوسد اضابيرهم وتنثال من أفواهم. وحينئذ لن يجد المصدر حرجاً في إخفاء اسمه بل لربما ألحقه بوضع رسمه أيضاً، فهو لا شك يعلم أن بين العبقرية والجنون صلة قربى، ولهذا صُنِّف كثير من عباقرة العالم في خانة المجانين ولم يغضبهم ذلك في كبير شيء، بل حتى في أوساط السياسيين هناك من أسعده الوصف. فقد علمت من خلال قراءاتي المتواضعة أن هناك رئيساً واحداً في العالم كان يصف نفسه بالمجنون أو (اللوكو) باللغة الاسبانية، ذلك هو الرئيس الأكوادوري السابق عبد الله بوكرم، المنتمي لأسرة لبنانية مهاجرة، وقد خلعه الأكوادريون بثورة شعبية عارمة مما اضطر البرلمان لإجباره على التنازل بعد ستة أشهر فقط من حكمه، وبعدها غادر إلى بنما حيث يعيش حتى الآن، والواقع أن شعبه خلعه ليس لأنه كان يصف نفسه بالمجنون، ولكن لأن أقواله وأفعاله جانبتها الحكمة التي إلتصقت بأفواه المجانين!
لا أعتقد أن برندرجاست أو أي من قباطنة (كفاية) سيغضبوا لوصفهم بالجنون، بل أن الأمريكيين بشكل عام وربما كل شعوب العالم الأول لا يرون أي غضاضة في التعامل مع عيادات الطب النفسي، والتي ليس بالضرورة أن يؤمها أصحاب الحالات المستعصية التي ذهب عقلها، ولكن يغشاها أيضاً البعض للاستشارات الحياتية المختلفة، ولنا في دكتور (فل) ببرنامجه الشهير الذي تعدت مشاهداته الفضاء الأمريكي مثلاً ناطقاً. والواقع نحن السودانيين وإن كان بيننا وبين عيادات الطب النفسي ما صنع الحداد، إلا أننا لا نشعر في الوصف بالجنون ما يجعلنا نتحسس صواري عقولنا. بل لدينا في جنوب كردفان قبيلة كريمة الأصل والمحتد تسمى بقبيلة المجانين، فيهم كثيرون اشتغلوا بالسياسة وتبوأوا مناصب عليا. ومن محاسن الصدف ونحن نعيش ذكرى استقلال السودان هذه الأيام، أن نذكر منهم الشيخ مشاور جمعة سهل، فهو من ثنى اقتراح الاستقلال من داخل البرلمان الذي تقدم به النائب عبد الرحمن دبكة. ومن جهة أخرى لا أعرف إن كانت هناك صلة بين هذه القبيلة وأخرى تحمل نفس الاسم تعيش في تخوم نجد والحجاز بالجزيرة العربية. والسودانيون بطبعهم دائماً ما تجدهم يميلون تعاطفاً مع من يوصف بالجنون، لهذا يقولون لكائن جاء أمراً عجباً (الجنون فنون) وكذلك نقول في أمثالنا الشعبية (الجن بيتداوى كعبا الإندراوة) وكعبا لغير الناطقين باللهجة العامية السودانية تعني الأسوأ، أما الإندراوة فهي الفعل الشاذ الذي يصدر عن إنسان سوي كجنون العظمة مثلاً!
ولا أدري إن كانت الإندراوة هذه هي ذات الحالة التي اصابت الرجل الذي كان أهل الخرطوم يطلقون عليه تندراً لقب (مارشال المديرية) وقد عرف عنه إنه كان يغشي وزارات الدولة المختلفة ويدلف إلى مكاتبها بكامل زيِّه العسكري وتنوء بكتفيه النياشين من كل جنس ونوع، ثم بصوت الآمر الناهي يصدر تعليماته للموظفين الذين اعتادوا عليه فيجيبونه بالسمع والطاعة، ثم يخرج في هدوء على أنغام مارشالات عسكرية لا يسمعها أحد إلا هو. ومن نوادر هذا اللقب حكى لي صديقنا مصطفي البطل طرفة جاءت على لسان أحد أعضاء المجلس العسكري الأعلى بعد اعتقالهم عقب ثورة أكتوبر 1964 وأرسلوا إلى مكان ما بعيداً عن الخرطوم (لعله سجن دبك وأطلق سراحهم بعد أيام) وقد حدث أن تأخر اللواء حسن بشير نصر لإصراره على ارتداء الزي العسكري كاملاً، بينما زملاؤه الذين سبقوه للطائرة كانوا في انتظاره بزيهم المعتاد وكانوا يتأففون من الطقس الحار داخل الطائرة، وبعد أن ظهر اللواء وهو بكامل زيِّه ونياشينه، كانت المضيفة أمام الأميرالاي المقبول الأمين الحاج تسأله إن كان يريد شيئاً، فشكرها وأجابها بالنفي وهو يشير إلى اللواء حسن بشير نصر قائلاً (لكن يا بنتي أسألي مارشال المديرية داك لو عايز حاجة) وفي واقع الأمر مضى على السودانيين حين من الدهر صاروا ينعتون كل من يتوهم العمل وهو عاطل بمارشال المديرية، وأمتد الأمر للتندر من بعض حكامهم الذين يرأسون ولا يحكمون!
ولا أدري أيضاً إن كانت الإندراوة هذه هي نفسها التي اصابت ذاك الرجل المهندم الذي كان يرتدي جلباباً وعمامة غاية في النظافة والأناقة، ويقف يومياً في تقاطعات (صينية) سانت جيمس (معلم من المعالم البائدة في الخرطوم) وكان ينتقد نظام نميري بأقسى أنواع النقد وهو يوجه حديثه للسابلة الراجل منهم والراكب سيارته الخاصة. وكنت أظن كسائر السودانيين أن الرجل ذهب عقله، ولكن اتضح لي بما لا يدع مجالا للشك أنه كان أوعانا عقلا وأرجحنا تفكيراً، ليس لأنه كان ينصحنا ولم نستبن النصح إلا عندما تفاقمت جرائم ذلك النظام الديكتاتوري، ولكن لأنني أذكر ذات مساء أواخر سبعينات القرن الماضي ترجلت من سيارتي وجالسته محيياً فردَّ لي التحية بأحسن منها. ثم رويدا رويدا بدأت أسأله عن قصته، فقال لي ولعل اسمه محمد حسن - إن لم تطمسه السنين من ذاكرتي - بثقة طافحة إن بنك الخرطوم في خطر، والسبب بحسب تصوره إنه دخل هذا البنك ذات يوم في غير ساعات العمل الرسمية ووصل حتى الخزانة التي تحوى كل ودائع ومدخرات البنك ولم يوقفه أحد! (هناك من قال لي إنه أصلاً كان عاملاً في هذا البنك) ونظراً لأنه مواطن صالح قال لي إنه أبلغ عدة شخصيات نافذة في الحكومة وسماها لي بالاسم (كان ايضاً يرتاد مكاتب الدولة دون أن يمنعه أحد، ويقول ما يريد ويمضى في حال سبيله) ولكن الذي حدث بعد سنوات قلائل أن بنك الخرطوم إنهار فعلاً، وبعده مباشرة إنهار النظام، وعندما إنهار البلد بأكمله أدركت كم كان الرجل عاقلاً، ولكن لم يقدر مجانين شعبه حديث عقلائه حق قدره!
إن كانت العرب العاربة قد استهواها جنون الشعر وخصوصاً شعراء الغزل أو العذريات مثل قيس بن الملوح وعنترة بن شداد وجميل بثينة والأخير هذا تعلمون إنه القائل (وإذ قلت رُدي إلىَّ بعض عقلي أعش به مع الناس/ قالت ذاك منك بعيد) واحسب أن تلك خصيصة استعرناها منه كدليل على حبنا للجن والمجانين، فلنا نحن أيضاً شعراء هاموا حباً وغراماً حتى ذهب عقلهم كما في قصة المحلق ومحبوبته تاجوج. والمفارقة أنك عندما تتأمل شعر الغزل السوداني وبخاصة الغنائي منه، يندر أن تجد قصيدة خلت من جنون المحبوب كغاية لا يصلها إلا الراسخون في العشق. وهذه الصور البديعية اللطيفة تراها أكثر وضوحاً وتجسيداً في الشِعر المُسمى بشِعر الحقيبة (نوع من أنواع الشعر الشعبي المُغني) وفي هذا كثير ما استوقفت نفسي طرباً في قصيدة للشاعر الفذ صالح عبد السيد الملقب بأبو صلاح يقول مطلعها (أجسامنا ليه جسمين وروحنا واحدة وكيف إتقسمت أثنين) إلى ان يبلغ به الوجد أمده ويصل به الوله تلك المرتبة التي تسلب المرء بعض عقله، فيقول في الشطر الثاني من بيت في القصيدة (عندي الثلث من عقلي وعندك الثلين) ولعمري هذا كرم جبَّ كرم حاتمي الطائي، إذ لا شك عندي أن معاني هذه القصيدة قد تسلب لُب متلقيها بالفعل إن أرهف لها الحس والسمع والطاعة!
لا أدري لماذا لم تلتصق صفة الجنون برؤساء أتوا أفعالاً نكرة أمام نظر وسمع العالم كله. فلعل البعض يذكر مزحة الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان حينما قال (أعلن عن تدمير الاتحاد السوفيتي في هذه اللحظة) ولم يكن يعلم أن الميكرفونات مشرعة أمامه وكان يظنها مغلقة حتى كاد أن يتسبب في كارثة دولية. ويعلم البعض كذلك أن الرئيس السوفيتي الأسبق نيكيتا خروتشوف عندما استشاط غضباً في الهيئة الأممية، خلع حذاءه وطرق به الطاولة التي أمامه كدليل على الاستخفاف، ولعله اخذته العزة بالإثم يومذاك، فقد كان يقف على رأس دولة كلما عطست شمتتها نصف دول العالم. ولا أدري ما سر ولع الرئيس خروتشوف نفسه بالأحذية ففي العام 1960 سئل عن مرشحي الرئاسة الأمريكية وكانا جون كيندي الديمقراطي وريتشارد نيكسون الجمهوري، فأجاب إنهما (فردتا حذاء متشابهتان) ولكن الغريب أن خروتشوف نفسه الذي كان اسداً هصوراً في الهيئة الأممية يومذاك إعترف إنه كان مجرد جرذ صغير قبلها. حدث ذلك في العام 1956 عندما ألقى خطاباً في المؤتمر العشرين للحزب أمام البرلمان السوفيتي (الدوما) وفيه ندد بجرائم الرئيس السابق جوزيف ستالين، وبعد أن فرغ من حديثه وصلته ورقة من أحد الحاضرين كتب فيها (لماذا لم تقل هذا الكلام أمام ستالين وكنت من كبار رجاله؟) قرأ خروتشوف الورقة على المؤتمرين بصوت مسموع، ثم بإبتسامة ماكرة طلب من صاحب الملاحظة أن يعلن نفسه للحضور فلم يجرؤ، ولما طال الانتظار ضحك خروتشوف بصوتٍ عالٍ وقال (الذي دعاك للسكوت الآن هو نفس ما دعاني للصمت أمام ستالين آنذاك، لقد كنت خائفاً مثلك) فكم خروتشوف بين عصبته يا ترى؟ ثمَّ أننا نعلم أيضاً أن كثير من الرؤساء الأمريكيين كانوا يأتون بتصرفات غريبة ولم ينعتهم أحد بالجنون، فعلى سبيل المثال كان الرئيس السادس عشر ابراهام لينكلون مولعاً باعتمار القبعات الكبيرة، ولم يكن الناس يعلمون أن تلك القبعات كانت تحوي جيوب سرية يضع فيها لينكلون أوراقه وفواتيره ورسائله الخاصة. فتأمل كيف يمكن أن يكون الجنون فنوناً!
في عالمنا الأفريقي تربع ثلاثة غريبي الأطوار على عرش الديكتاتورية، وهم فيدل بيدل بوكاسا وعيدي أمين دادا وروبرت موغابي، والأخير هذا مازال على سدة السلطة منذ العام 1980 وما زال يطمع في المزيد، والحقيقة ليس وحده فقد غادر دنيانا الفانية منتصف هذا العام بعد 42 عاماً من حياة حافلة بالقتل والسحل والفساد الرئيس الغابوني عمر بونغو، صاحب الرقم القياسي بلا منازع في السلطة المستدامة. كما أننا نحمد الله الذي لا يحمد على مكروه سواه أن بين ظهرانينا العقيد معمر القذافي الذي يزحف حثيثاً لاحتلال تلك القمة، ذلك لأنه قضى حتى الآن أربعة عقود زمنية بالتمام والكمال وكانت عامرة بكل أعمال الخير والبر والإحسان. وفي تقديري من الظلم أن نصف تصرفات العقيد القذافي بالجنون كما درجت كثير من وسائل الإعلام منذ أن اسبغ اللقب عليه تهمكاً صنوه الرئيس المغدور أنور السادات، ذلك لأن شطحاته ما عادت تثير إنتباه أحد، ففي آخر تجلياته ما قرأته في الشبكة العنكبوتية عن أن سيادته تحدث في حفل أقيم بمدينة زليتن الليبية أوائل ديسمبر الحالي، وذلك بمناسبة منح الجامعة الأسمرية للعلوم الاسلامية له شهادة الدكتوارة الفخرية في الدعوة والثقافة الاسلامية، وكالعهد به إنتقد الغرب بمقاربات غريبة، قال (يمكن المقارنة بينهم والحيوانات، إن العنكبوت والنمل والنحل، هذه حشرات واصلة إلى درجة عالية جداً من التقدم والتقنية، فالهندسة التي عند النحل والإنشاء والبناء في بيت العنكبوت، حاجة مذهلة جداً، ومع هذا هي ليست إنساناً فهي حشرة) ثم تطرق لقصة سويسرا ومآذنها فانتقد الأصوات التي أعربت عن تفهمها لموقفها على أنه خوف من أسلمتها وقال (يا سلام..يعني إذا اصبحت سويسرا مسلمة هذا شيء يخيف؟) وأضاف مقتنعاً (نحن لا نتمنى أن تكون سويسرا مسلمة حتى لا تدخل الجنة، ولا يرضى عنها الله، نحب أن تظل في وثنيتها إلى يوم القيامة وتدخل النار) وأردف قائلاً (لسنا حريصين على السويسريين والذين معهم أن يدخلوا الجنة) وحتى لا يقال عنا ضرب لنا مثلا ونسى رئيسه، أبشِّر السامعين أن سيادة المشير يعد نفسه - بعد عقدين من الشرعية الثورية - للاستمرار في السلطة بانتخابات ديمقراطية حرة نزيهة! فالمصيبة التي يجب أن نعيها يا سادتي هي أن الديكتاتور أشبه بمن يقود سيارة في الاتجاه المعاكس للسير، ويعتقد نفسه إنه العاقل الوحيد في حين أن الذين يقودون سياراتهم في الاتجاه الصحيح هم المجانين أو بالأحرى الديكتاتوريين!
أختم بالوصف الذي يسوؤني دائماً ويُفوِّر الدم في رأسي، وهو تقسيم من في السلطة إلى حمائم وصقور على صنو عقلاء ومجانين، والواقع إنني أمقته لا لسبب سوى لأنه يجعلنا نحن الرعية إما طرائد لتلك الصقور أو لحناً شجياً في سيمفونيات حمائمهم. ولكن دع عنك هرطقاتي هذه يا صاح، فأنا أريد فقط أن أسأل صاحب وصف المجانين أن يدلنا على العقلاء في عصبته ذوي البأس؟ ذلك لأنني ببساطة أود أن أطمئن بأننا لا نكتب كلاماً لا يقرأونه ونقول حديثاً لا يسمعونه، أما أنت يا عزيزي القاريء فليس عندي لك من تمنيات في العام الجديد سوى أن يسبغ الله عليك ثوب الصحة والعافية، ويجري الحكمة على لسانك، حتى وإن طالتك أضغاث أوهام واضافتك إلى زمرة مجانين يحكمهم عقلاء!!



#فتحي_الضو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قلْ يا أيها الفاسِدون
- انتخابات مقيدة ومزورة وتظاهرات حرة نزيهة
- وأنا مثلك أجهشت بالبكاء يا سيدي!
- دكتور الترابي وشيخ حسن (4-4)
- دكتور الترابي وشيخ حسن (3)
- دكتور الترابي وشيخ حسن (2)
- دكتور الترابي وشيخ حسن
- مولاي اعتدل أو اعتزل
- إِنها دولة ”العُصبة“ ولكن وطن من هذا!؟
- خالد مِشعل: صَهْ يا كنارُ فإن لحَنُك مُوجعٌ!


المزيد.....




- بسبب متلازمة -نادرة-.. تبرئة رجل من تهمة -القيادة تحت تأثير ...
- تعويض لاعبات جمباز أمريكيات ضحايا اعتداء جنسي بقيمة 139 مليو ...
- 11 مرة خلال سنة واحدة.. فرنسا تعتذر عن كثرة استخدامها لـ-الف ...
- لازاريني يتوجه إلى روسيا للاجتماع مع ممثلي مجموعة -بريكس-
- -كجنون البقر-.. مخاوف من انتشار -زومبي الغزلان- إلى البشر
- هل تسبب اللقاحات أمراض المناعة الذاتية؟
- عقار رخيص وشائع الاستخدام قد يحمل سر مكافحة الشيخوخة
- أردوغان: نتنياهو هو هتلر العصر الحديث
- أنطونوف: واشنطن لم تعد تخفي هدفها الحقيقي من وراء فرض القيود ...
- عبد اللهيان: العقوبات ضدنا خطوة متسرعة


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - فتحي الضو - عقلاء ومجانين