أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - محمد شحموط - الهيئة الوطنية للتعليم: تساؤلات عن النشأة و المسار















المزيد.....



الهيئة الوطنية للتعليم: تساؤلات عن النشأة و المسار


محمد شحموط

الحوار المتمدن-العدد: 2868 - 2009 / 12 / 25 - 21:42
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


أولا: تقديم.

أ- الوضع النقابي العام:

يعيش الحقل النقابي العام أزمة تستفحل يوما بعد يوم، فالمشهد ضبابي الأفكار و المكونات، فاقد للتجذر و التميز و التمايز، رغم ما تمور به الساحة من كثرة التنظيمات، و ما يرفع صباحا مساء من شعارات، فآفة التصحر النقابي الزاحف على ما يبدو جزء من آفة التصحر الفكري العام الذي ينخر المجتمع المغربي من أدناه إلى أقصاه.
إن أفضل تقييم لدينامية و فعل أي حقل من الحقوق كم و كيف ثماره، و علقمية ثمار الحقل النقابي على عموم الشغيلة يقر بها الجميع.

ب- الوضع التعليمي العام:

يعتبر التعليم قضية مجتمعية، فهو خدمة ذات أهمية قصوى، و حق من الحقوق الأساسية للإنسان، بل هو اليوم أولها، لأن عالم اليوم و الغد هو عالم العلم و المعرفة بامتياز.
شكل الحق في التعليم مجالا للصراع بين جهتين، جهة عملت على تصفيته كخدمة عمومية لتوظيفه خدمة لمصالحها، و جهة تتمنى تجسيد هذا الحق في كامل أبعاده.
إن أزمة المنظومة التعليمية ترتبط في عمقها و مظاهرها ارتباطا عضويا بمشاكل المجتمع ككل، فهي تتفاعل و إياها بنيويا و وظيفيا سلبا و إيجابا، لذا فلا تكافؤ في فرص الحق في التعليم مادام التفاوت الصارخ قائما في المجتمع برمته.

ثانيا: سياق تأسيس الهيئة الوطنية للتعليم.

أ- مظهر التعدد/التشتت النقابي:كرونولوجيا.

أكثر ما تتهم به الهيئة الوطنية للتعليم من خلال الكتابات اليسيرة، و مواقف بعض الأطراف النقابية الأخرى، تمزيقها لصفوف الشغيلة. فرغم استبطان هذا الطرح لجزء غير يسير من الحقيقة إلا أنه يتغافل تاريخ دينامية التعدد/التشتت النقابي، لكون هذا الأخير لم يولد مع ظهور هذا التنظيم. و يمكن محاولة حصر هذا التعدد/التشتت في محورين اثنين:
+المحور الأول: تعدد/تشتت بفعل الصراعات السياسية و تعارض مصالح البيروقراطيات النقابية و تدخلات النظام الرسمي:
- تأسيس الاتحاد المغربي للشغل سنة 1955.
- تأسيس الاتحاد العام للشغالين بالمغرب سنة 1961 من طرف حزب الاستقلال.
- تأسيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل سنة 1978 من طرف الاتحاديين.
- تأسيس الفيدرالية الديمقراطية للتعليم سنة 1995 [اللجان العمالية]من طرف حزب التقدم و الاشتراكية.
- تأسيس الفيدرالية الديمقراطية للشغل سنة 2002 بفعل انشقاق حزب الاتحاد الاشتراكي.
+ المحور الثاني:تعدد/تشتت بفعل ظهور مفاعيل طبيعة الأنظمة الأساسية، و ارتدادات الممارسات البيروقراطية لقيادات المركزيات النقابية، و طريقة تدبيرها للمعارك و الملفات المطلبية، و تدهور الأوضاع المعيشية:
- تأسيس الهيئة الوطنية للتعليم سنة 2005.
- تأسيس النقابة المستقلة للتعليم الإبتدائي سنة 2006.
- ....

ب- خلفيات تأسيس الهيئة الوطنية للتعليم.

تظافرت مجموعة من العوامل من خارج الحقل النقابي في تشكيل ظروف موضوعية و أخرى ذاتية من داخله شجعت على تأسيس الهيئة الوطنية للتعليم، و يمكن حصرها كما يلي:
+ الأسباب الموضوعية:
- النتائج الكارثية للسياسات الاقتصادية و الاجتماعية المنتهجة من طرف الدولة على أوضاع الأجراء بصفة عامة و رجال و نساء التعليم بصفة خاصة، و المتجلية في تجميد الأجور و غلاء تكاليف المعيشة ...
- طبيعة الأنظمة الأساسية المفروضة على الشغيلة التعليمية، و المشجعة على ظهور النزعات الفئوية.
- أزمة الترقية الداخلية، فأمام نظام الكوطا المجحف، وجدت مجموعة من الفئات نفسها مقصية من الترقي رغم استيفائها لكل الشروط.
+ الأسباب الذاتية الخاصة بالحقل النقابي:
- تسلط القيادات النقابية البيروقراطية، و انحراف الاستراتيجيات المنتهجة من قبلها، سواء عبر انحيازها للخط الليبرالي الذي يجرها إلى العمل على تدبير الأزمات على حساب حقوق الشغيلة، أو من حيث استقلاليتها عن الحكومات المتعاقبة.
- عدم اضطلاع التنظيمات النقابية بدورها في توحيد المطالب، و تفرجها على تراكم المشاكل بدل المبادرة إلى النضال الجدي بغية حلها.
- طريقة تعامل المركزيات النقابية مع تداعيات أزمة الكوطا في الترقية الداخلية.
- التعامل السلبي مع نفور الشغيلة التعليمية من العمل النقابي، و حرمانها من أي تكوين نقابي ديمقراطي.
- استبطان الشغيلة لتمثلات سلبية حول الإطارات النقابية، كاعتبارها وسيلة لقضاء المصالح الشخصية، و للانفراد بالامتيازات ...، مما دفعها للبحث عن بدائل و لو ظرفية لاسترجاع ما ضاع.

ثالثا: القانون الأساسي، الملف المطلبي، الحركة النضالية للهيئة الوطنية للتعليم/ وضوح أم غموض في الرؤية.

1- القانون الأساسي:

- من خلال قراءة مقارنة بين القانون الأساسي للهيئة الوطنية للتعليم، و القوانين الأساسية للعديد من الإطارات النقابية الأخرى، لا يمكن تبين تميزه بأية قيمة مضافة، لا من حيث المبادئ (إلا إذا اعتبرنا استثناء مبدأي التقدمية و الوحدوية قيمة مضافة) أو الأهداف أو الوسائل المتبناة من بنية تنظيمية و أنشطة نضالية و تكوينية.
- بني الهيكل التنظيمي للهيئة الوطنية للتعليم ليضم جميع الفئات التعليمية، حيث أتاح لكل واحدة منها بناء أجهزتها المحلية و الإقليمية فالجهوية ثم الوطنية، مشكلة في الأخير مع باقي الفئات التعليمية أجهزة التنظيم ككل على صعيد الإقليم فالجهة ثم على الصعيد الوطني. لكن و بنظرة أولية لواقع التنظيم يلاحظ أنه لم يستطع هيكلة إلا فئة الثانوي الإعدادي و فئة الإبتدائي نسبيا، مع هيمنة تنظيمية للفئة الأولى، و ذلك مرتبط بسيرورة بناء التنظيم من جهة، و بطبيعة نظرة شريحة كبيرة من منخرطي الفئة الأولى لمنخرطي فئة الإبتدائي [ نحن المؤسسون و أصحاب التنظيم، و هم الملتحقون و في عددهم الكبير خطر على ...]
لذا فدفع التنظيم بجِدَّةِ أسلوبه التنظيمي أمر يجافي الحقيقة، " إن الهيئة الوطنية للتعليم، التزاما منها بخطها الفكري الواضح و الصريح و أسلوبها التنظيمي الجديد على الساحة النضالية، تعاهد روح الفقيد و جميع فئات و أطر قطاع التربية الوطنية أنها سائرة في تعبيد الطريق الصحيح المؤدي إلى بناء البديل النقابي الحقيقي الديمقراطي المستقل" –بيان إلى الرأي العام الوطني 22/5/2006-، أما كونه [التنظيم] بديل نقابي حقيقي ديمقراطي مستقل و له خط فكري واضح و صريح سنتطرق للأمر لاحقا.

2- الملف المطلبي:

- من المعلوم أن الملف المطلبي ما هو إلا ترجمة لما تكابده الشغيلة التعليمية من حيف، و ما يعترض طريقها من مشاكل اقتصادية و اجتماعية و ...، و هو تعبير عن تطلعها لتحسين أوضاعها على جميع المستويات، لذا فالملف المطلبي إن كان نابعا من قواعد الشغيلة لا يمكن أن يختلف في خطوطه العريضة من تنظيم نقابي إلى آخر.
- كما يجب التنبيه إلى أن الدفاع عن المطالب الحيوية للشغيلة التعليمية لا يكفي طرحها و تفصيلها، بل من الضروري رسم استراتيجية نضالية واعية كفيلة بإنضاج الشروط و توفير الآليات المساهمة في تحقيقها.
- مما سبق وجب التأكيد على أن لا قيمة لملف مطلبي كيف ما كانت طبيعته إن لم يكن واضعوه قد عملوا على:
+ فهم و إفهام الشغيلة التعليمية بنوعية الاختيارات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية المسببة لكارثية أوضاعهم ...
+ وضع سلم أولويات للمطالب الاستراتيجية و الملحة للنضال من أجلها، لأن النضال النقابي سيرورة و ليس معركة يوم فاصلة.
+ رسم برنامج نضالي واعي يضمن مشاركة أوسع شرائح الشغيلة خاصة و كل المتضررين عامة مع اختيار الوقت الأمثل و الشكل النضالي الأنسب لممارسة أكبر ضغط ممكن مفضي لتحقيق المنشود.
- لكل فئة أو قطاع ملف مطلبي يعكس بالضرورة خصوصيات أوضاعها الاقتصادية و الاجتماعية و المهنية، لكن هذه الخصوصيات يجب أن لا تغيب المصالح المشتركة بين فئات الشغيلة بكليتها، على اعتبار أن الملفات المطلبية ما صيغت إلا ليناضل من أجل تحقيقها، و أكبر ضمانة للوصول إلى هذا الهدف هو تضامن و وحدة الشغيلة في كفاحها.
- انطلاقا مما سبق يلاحظ أن الملف المطلبي للهيئة الوطنية للتعليم بكل تفصيلاته يغرق الشغيلة في تفاصيل التفاصيل دون ربطها بمسبباتها [ ربط المطالب /المشاكل بأصل نشوئها أي الاختيارات السياسية و الاقتصادية و ...]، كما يضع قطيعة وهمية مع باقي الملفات المطلبية لأجراء القطاعات الأخرى سواء داخل القطاع العام أو القطاع الخاص، مما يزرع تمثلات و أوهام تزيف وعي الشغيلة التعليمية تدفعها للاعتقاد بإمكانية تحقيق مطالبها بمعزل عن مطالب عموم الشغيلة، حيث لا يمكن النظر إلى الملف المطلبي على أنه ركام من المطالب، يوجد كل منها مستقلا عن الآخر، و إنما هي مطالب مرتبطة و تابعة و محددة ببعضها البعض، و من ثم فإنه لا يمكن فهم مطلب من المطالب إذا أخذ وحده معزولا، و إنما يجب فهمه في سياق العلاقة التي لا تنفصم بغيره من المطالب، باعتباره مشروطا بها. [سواء كانت هذه المطالب تخص فئة أو قطاع أو عموم الشغيلة].

3- الحركة النضالية:

- الحركة النضالية للتنظيم النقابي هي الاستراتيجية المسطرة من قبله لتحقيق ملفه المطلبي، و لكل حركة نضالية واعية وجهتي عمل، وجهة باتجاه الشغيلة، و وجهة باتجاه المشغل، الأولى عاملة على تعبئة الشغيلة و تكوينها لتصليب جبهتها، و الثانية عبر ممارسة شتى الأشكال النضالية المفضية لممارسة الضغط الكافي لجعل المشغل يرضخ للمطالب النقابية. إذن فقيمة الدينامية النضالية لتنظيم ما تقاس بنتائجها على صعيد الوجهتين المذكورتين أعلاه.
- مما سبق يمكن رصد ملاحظات جوهرية على الحركة النضالية للهيئة الوطنية للتعليم:
أ- على مستوى الوجهة الأولى:
+ الافتقار إلى رؤية واضحة للعمل النقابي [الخلفية و الاستراتيجية]، لكون التنظيم يتحرك وفق مقاييس مطلبية مسطحة دون خلفية فكرية ناظمة لهذه المطالب و مموضعة لها في سياقها الطبيعي السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي فلا يمكن اختزال العمل النقابي في ملفات الترقية الداخلية و السلاليم رغم أهميتها ، و دون استراتيجية بناءة لأن أية مطالب تستبطن بديلا مفترضا موجها لما يريد تغييره و استبداله.
+ إهمال الجانب التكويني و التأطيري سواء لمناضلي التنظيم أو لعموم الشغيلة التعليمية، مما يجعل مواقف و توجهات منخرطي و متعاطفي التنظيم متناقضة بدل أن تكون منسجة و منسقة و متكاملة اتجاه ما يطرح من قضايا و تحديات و أسئلة، فتعم الارتجالية و الدغمائية [ كل يغني على ليلاه].
+ تغييب المصالح المشتركة بين مصالح الشغيلة في القطاع العام خاصة و في كل القطاعات عامة، سواء من حيث الخطاب إلا إذا استثنينا بعض العبارات المحدودة المناسباتية، أو سواء من حيث الفعل، فكيف يعقل أنه لم يصدر و لو بيان تضامني جاف عن التنظيم مع كل الأحداث التي ماج بها الوضع منذ التأسيس إلى الآن؟
ب- على مستوى الوجهة الثانية:
+ توظيف التنظيم للإضرابات بطريقة مكثفة مقارنة بالأشكال النضالية الأخرى، مع استبعاد الأشكال التي تتطلب صلابة الجبهة الداخلية كالاعتصامات و المسيرات و غيرها، رغم أن التنظيم هدد بهكذا أشكال في بلاغ 14 فبراير 2007 :"...تحميل الوزارة لأي توتر في الساحة التعليمية ناجم عن تلكئها في التعامل الجدي مع مطالبنا، و تحذيرها من مغبة تصعيد نضالي من طرف نقابتنا و ذلك باتخاذ جميع الأشكال النضالية المشروعة من: وقفات احتجاجية و مسيرات و اعتصامات و إضرابات عن الطعام و غيرها".
إضرابات وقفات أشكال نضالية أخرى
2006

* 21مارس
* 5و6 دجنبر * وقفة 21 مارس
* وقفة 02 أبريل * بيان 22 ماي: التوقف عن العمل ربع ساعة قبل انطلاق عملية الحراسة، و نفس المدة مباشرة بعد انطلاق عملية التصحيح و الكتابة [الامتحانات]
2007 * 27و28 فبراير
* 22و23 مارس
* 8و9 ماي
* 5و6 يونيو
* 28 دجنبر * وقفة 30 مارس
* وقفة 1 يوليوز
2008 * 8 يناير
* 20و21 فبراير
* 27 مارس
* 13و14 ماي
* 19 دجنبر * وقفة 31 مارس
2009 * 6 يناير [ألغي]
* 10و11 فبراير

+ انزلاق عملية توقيت الإضرابات إلى أشكال تكسير إضراب متبادل مع الإطارات النقابية الأخرى، و ذلك عبر برمجة الإضرابات بتوقيت متقارب.
السنة الهيئات النقابية الداعية للإضراب تواريخ الإضرابات الفرق بالأيام
2008 *الجامعة الوطنية لموظفي التعليم
*الهيئة الوطنية للتعليم 3و4 يناير
8يناير 3
*الجامعة الوطنية لموظفي التعليم
*النقابة الوطنية للتعليم-فدش + الجامعة الوطنية للتعليم
*الهيئة الوطنية للتعليم 12و13 فبراير
13 فبراير

20و21 فبراير 6
* الهيئة الوطنية للتعليم
* النقابة الوطنية للتعليم-كدش 13و14 ماي
21ماي [إضراب عام] 6
2009 * الجامعة الوطنية لموظفي التعليم
* النقابة الوطنية للتعليم-فدش + الجامعة الوطنية للتعليم + المنظمة الديمقراطية للتعليم 22و23 يناير
23يناير
*النقابة الوطنية للتعليم-فدش + الجامعة الوطنية للتعليم + المنظمة الديمقراطية للتعليم.
*النقابة الوطنية للتعليم-كدش.
* الهيئة الوطنية للتعليم 10فبراير


10و11فبراير
10و11فبراير
+ الإعلان المسبق عن حزمة من الإضرابات مع التصريح بأوقاتها، مما أفرغها من عنصر المباغثة للوزارة الوصية، و حرم المضربين من فرصة تقييم حصيلة كل محطة من أجل استشراف الآفاق، كما أن هذا الأسلوب حول هذه المحطات إلى عطل استغلت للسفر و لقضاء مآرب أخرى؟؟
النموذج الأول بلاغ 14 فبراير 2007 * إضراب 27و28 فبراير 2007
* إضراب 22و23 مارس 2007
* وقفة 30 مارس 2007
النموذج الثاني بيان 20 أبريل 2007 * إضراب 8و9 ماي 2007
* إضراب 24و25 ماي 2007
* إضراب 5و6 يونيو 2007
* وقفة 01 يوليوز 2007
النموذج الثالث بلاغ 10 دجنبر 2008 * إضراب 19 دجنبر 2008
* إضراب 6 يناير 2009 [ألغي]

+ كل الإضرابات المقررة تجنبت التوقيت الذي يمكن أن يربك الوزارة الوصية، و يبين مدى صلابة و تماسك جبهة التنظيم، كأوقات الامتحانات مثلا.
+ التراجع الكبير في نسب الاستجابة لدعوات الإضرابات في صفوف الشغيلة التعليمية بعد إعمال السلطات الوصية لسلاح الاقتطاعات بحق المضربين.
+ التراجع الملفت في وثيرة الإضرابات خصوصا في سنة 2009:
السنة 2007 2008 2009
الإضرابات *27و28 فبراير
*22و23 مارس
*8و9 ماي
*24و25 ماي
*5و6 يونيو
*28 دجنبر *8 يناير
*20و21 فبراير
*27 مارس
*13و14 ماي
*19 دجنبر *6 يناير [ألغي]
*10و11 فبراير
مجموع أيام الإضرابات 11 7 2
+ إهمال الجانب الإعلامي و التواصلي سواء مع الشغيلة التعليمية أو المستفيدين من خدمة التربية و التعليم، مما أعطى فرصة ثمينة لخصوم الشغيلة لترويج مغالطاتها بدون أدنى مقاومة. فالمواقع الالكترونية الثلاث المحسوبة على بعض مكاتب التنظيم إما جمدت و هي في طور الإنجاز [طنجة] أو اختفت ببساطة [سوس ماسة] أو تقادت محتوياتها و تجاوزتها الأحداث [القنيطرة]، و هي في الأصل موجهة إلى الشغيلة التعليمية، أما كل الجهد الإعلامي الموجه للمستفيدين من خدمات التربية و التعليم [التلاميذ و أولياء أمورهم] فهو فقرة من سطرين لا أكثر ذُيِّلـَتْ بها بعض بيانات و بلاغات التنظيم و التي للعلم لا تصل إلا لمناطق محدودة، "دعوة كافة الأحزاب و النقابات و جمعيات المجتمع المدني، و وسائل الإعلام المرئية و المسموعة و المكتوبة، و آباء و أولياء التلاميذ، للضغط على الوزارة الوصية" –بلاغ 13 دجنبر 2007 نموذجا- ، أين الحملات التعبوية و المحاضرات و الندوات و اللقاءات و الأيام التدارسية و تنظيم الأوراش و إصدار النشرات و الجرائد و المجلات و ... ؟ إن كل هذه الأشكال الإعلامية و التواصلية طبعا حبر على ورق القانون الأساسي ؟؟؟
+ عدم الإعداد الجدي للمحطات النضالية، فتقرير إضراب ليوم واحد يستلزم أسابيع للتحضير المسبق لضمان نجاحه، فكل التحضير لإضرابات الهيئة الوطنية للتعليم كان فقط إعداد بيان أو بلاغ أصبح مكرورا مع توالي الإضرابات. و كترجمة لطريقة و أسلوب فعلها النضالي هذا، المبني على "العمل القاعدي" و الذي سـ "تكنس و تطهر" به الساحة النقابية من أي "شعوذة أو دجل نقابوي" – نداء فاتح ماي 2007- شجبت الصمت المريب عن الخروقات القانونية و الإدارية التي طالت حقوق قواعدها التعليمية بمختلف مكوناتها من طرف الجمعيات الحقوقية و هيآت المجتمع المدني –البيان الختامي للمؤتمر الاستثنائي 7و8و9 أبريل 2006- [مع العلم أنه لم يسبق للتنظيم أن أصدر و لو بيانا يتيما للتضامن أو للدعم رغم ما عرفته الساحة من أحداث؟؟؟]
+ استبعاد التنسيق النقابي مع الإطارات العاملة على الساحة لتمثلات واهمة عن الذات و عن العمل النقابي، رغم أن القانون الأساسي للتنظيم ينص على التنسيق و التعاون مع كل الهيئات [بما فيها النقابات] ذات الأهداف المشتركة الموازية.

ثالثا:الهيئة الوطنية للتعليم: خطاب بدون فعل ... مواقف دغمائية

1- الهيئة الوطنية للتعليم و الاستقلالية:

- لا خلاف في كون الاستقلالية مبدأ يجب أن يعمل و يتمسك به كل تنظيم نقابي جاد و حقيقي، و هذه الاستقلالية يمكن محاولة رسم ملامحها من خلال محورين:
+ استقلالية التنظيم في اتخاذ قراراته بعيدا عن أية وصاية سواء كانت من الدولة أو الأحزاب السياسية أو غيرها، عبر رهن هذا القرار بحقوق و مصالح الشغيلة و إرادتها فقط.
+ استقلالية الشغيلة المنضوية تحت لواء هذا التنظيم على صعيد الوحدات التنظيمية سواء أكانت ترابية [محليا، إقليميا، جهويا] أو قطاعية أو فئوية في اتخاذ القرارات بعيدا عن الوصاية الفوقية الداخلية، طبعا في حدود الوحدة التنظيمية.
- إن هذه الاستقلالية رهينة بعوامل أخرى تعززها أو قد تفت من عضدها، فالاستقلالية تتعزز مع امتلاك الشغيلة أدوات التقرير الحقيقية من ديمقراطية داخلية و وعي نقابي متبلور عبر التأطير و التكوين النقابي الكفاحي البعيد عن شباك التدجين و الاحتواء الإعلامي و الثقافي المعادي، و العكس صحيح.
- لا تكاد تخلو وثيقة مهما قل شأنها أو كبر صادرة عن الهيئة الوطنية للتعليم إلا و تكرر فيها التذكير بأن هذه النقابة مستقلة، لكن من الشواهد التاريخية المسجلة يستشف أنه من الخطأ الاعتقاد أن النضال في نقابة غير تابعة لحزب سياسي – بطريقة مباشرة أو غير مباشرة- يحفظ نضال الشغيلة التعليمية من التلاعب السياسوي، فقيادات تلك النقابات تمارس بالضرورة سياسة معينة، حتى و إن كان ليس لها حزب، بل ربما قد تمارس أخطر سياسة مضرة بالشغيلة لكونها تتدثر خلف استقلالية شكلية ليس إلا.
فلا يمكن لنقابة ما أن لا يكون لها موقف من السياسات الاقتصادية و الاجتماعية و ... التي تمس بالضرورة مصالح و تطلعات الشغيلة التعليمية خاصة و الشغيلة عامة، و إلا كانت متواطئة مع خصوم الشغيلة أو تمارس تضليلا خطيرا و إجراميا عليها.
و الموقف لا يعتبر موقفا حقا إذا ظل حبيس الجمل اللماعة المكرورة و المناسباتية، بل يجب أن ينقلب فعلا و ممارسة، و هو ما يسجل على الهيئة الوطنية للتعليم في الكثير الكثير من القضايا التي سيتم التطرق لها في نقط لاحقة. [الميثاق، البرنامج الاستعجالي مثلا]

2-الهيئة الوطنية للتعليم و الديمقراطية:

- الديمقراطية مبدأ و ثقافة و عقلية كذلك، فلا يمكن لتنظيم نقابي أن يتبنى الديمقراطية داخله، و يدافع على عكسها خارجه، فكيف نفهم مواقف تنظيم يقدم نفسه على أنه البديل النقابي الحقيقي الديقراطي المستقل، و أنه ملتزم بالدفاع عن التضامن و المساواة من خلال تفعيل أسس الديمقراطية الحقة و حقوق الإنسان، و في نفس الوقت يدعو لعدم إسناد مسؤولية وزارة التربية الوطنية إلى أي مسؤول حزبي أو نقابي بدعوى مخافة أن يحولها إلى مرتع لحزبه أو نقابته و يعيث فيها فسادا و ينقلها من قطاع عمومي إلى ملكية خاصة، و هو موقف متناقض مع ذاته تضليلي و سطحي، ألم يكن من الأولى لتنظيم يدعي الديمقراطية الحقة أن يدعو إلى ديمقراطية شاملة حقيقية لكل أوجه الحياة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية ... ديمقراطية لا تقف عند حدود تلميع الواجهة.؟؟؟
- " مطالبة نقابتنا بعدم إسناد مسؤولية وزارة التربية الوطنية إلى أي مسؤول حزبي أو نقابي حتى لا يحولها إلى مرتع لحزبه أو نقابته ليعيث فيها فسادا، و ينقلها من قطاع عمومي إلى ملكية خاصة" –نداء فاتح ماي 2007-؟؟؟
3-الهيئة الوطنية للتعليم و عقدة التمثيلية:

- "وتر التمثيلية المفترى عليها"، "الأكثر تمثيلية التي يكذبها واقع الحال"، النقابات الخمس ذات التمثيلية على الأوراق" ....، هذه نماذج لعبارات تتكرر باستمرار في بيانات و بلاغات الهيئة الوطنية للتعليم تتناول فيها قضية التمثيلية.
- من باب تحصيل حاصل الإقرار بأن جميع النقابات العاملة على الساحة مجتمعة لا يمكن وصفها بذات تمثيلية فعلية، إذا قارنا عدد المنخرطين و المتعاطفين بعدد الصامتين اللامبالين من الشغيلة، لذا فالتهافت و تهافت التهافت على صفة التمثيلية هو من باب التهافت و تهافت التهافت على الحوار مع الحكومة أو من يمثلها في القطاع، بصرف النظر عن مردودية هذا الحوار، و هذه وصمة عار على جبين المنظمات النقابية، فالحوار وسيلة و ليس هدفا إلا لمن يطمح لتحقيق أغراض ضيقة.
- التمثيلية الحقيقية هي التي تتجسد على أرض الواقع بأشكال نضالية واعية مؤثرة تستدعي نزول المشغل للطاولة لا وقوف التنظيمات النقابية في طابور الانتظار متعاركة مع بعضها البعض حول من له الحق في جمع فتات طاولة الحوار إن وجد له و للدائرين في فلكه.
- ما السر في هرولة التنظيمات النقابية للتحاور مع الحكومات و المداورة في الحوار مع بعضها البعض، أليس هذا الأخير أجدى لتحقيق مصالح الشغيلة التي يدعي الكل الدود عنها.
- إن تشكيك الهيئة الوطنية للتعليم في تمثيلية النقابات الأخرى يستبطن كونها ذات تمثيلية أكبر، و هذا الأمر لا يمكن أن يستشف إلا من خلال ثلاثة مؤشرات:
* الانتخابات المهنية: لم يصل فيها التنظيم للعتبة المطلوبة ليصبح ضمن النقابات الأكثر تمثيلية.
12 النقابة المستقلة للتعليم الابتدائي 07 العدد النقابة ترتيب
12 الهيئة الوطنية للتعليم 08 121 النقابة الوطنية للتعليم [ك د ش] 01
06 النقابة الوطنية للتعليم العالي 09 95 النقابة الوطنية للتعليم (ف د ش 02
01 الفدرالية الديمقراطية للتعليم................ 10 89 الجامعة الوطنية لموظفي التعليم 03
01 المنظمة الديمقراطية للتعليم................. 11 75 الجامعة الحرة للتعليم 04
01 الجامعة الديمقراطية لموظفي التعليم 12 52 نقابة مفتشي التعليم 05
01 بدون انتماء نقابي 13 34 الجامعة الوطنية للتعليم 06
[المصدر: بلاغ وزارة التربية الوطنية في شأن نتائج اللجان الثنائية 2009]
* نسبة الاستجابة للإضرابات من لدن الشغيلة، و هذا الأمر لا يمكن الاعتماد عليه، لأنه لا توجد أرقام دقيقة و ذات مصداقية من جهة، و لكون الملاحظ استجابة الشغيلة لجل دعوات الإضرابات بصرف النظر عن الإطار الداعي لها.
* عدد المنخرطين، و نكتفي فيه بهذا الجدول دون التعليق لأنه لا يحتاج إليه:
2005 05/06 06/07 07/08 المجموع المعدل الفرق بين 2005 و 07/08
الدار البيضاء الكبرى 1350 769 1432 870 4421 1105 -480
مراكش تانسيفت الحوز 1399 904 1060 936 4299 1074 -463
الرباط سلا زمور زعير 650 660 619 224 2153 538 -426
مكناس تافيلالت 1218 967 507 159 2851 712 -1059
تادلة أزيلال 851 660 599 425 2535 633 -426
الجهة الشرقية 740 592 619 399 2350 587 -341
طنجة تطوان 1450 499 647 561 3157 789 -889
الشاوية ورديغة 350 515 596 433 1894 473 +83
سوس ماسة درعة 689 483 375 81 1628 407 -608
تازة الحسيمة تاونات 142 153 96 59 450 112 -83
فاس بولمان 525 637 404 159 1725 431 -366
عبدة دكالة 320 227 312 57 916 229 -263
الغرب الشراردة بني حسن 1040 475 482 419 2416 604 -621
الصحراء المغربية 00 25 30 00 55 13 ...
المجموع 10720 7566 7778 4782 30846 7711 -5938
[المصدر: من الأوراق الإعدادية للمؤتمر الوطني العادي الثاني للهيئة الوطنية للتعليم المنعقد بتاريخ 29و30 مارس 2009 بمراكش، ورقة مسطرة لشبكة ضبط المعلومات حول التبطيق منذ 2005 إلى نهاية الموسم07/08 و التي على أساسها حدد عدد مؤتمري كل جهة]
و بترجمة الفارق بين عدد المنخرطين سنة 2005 و في الموسم 2007/2008 إلى نسب مئوية يكون تطور عدد المنخرطين كالتالي:
الدار البيضاء الكبرى - %35.55 سوس ماسة درعة -% 88.24
مراكش تانسيفت الحوز -% 33.09 تازة الحسيمة تاونات -% 58.45
الرباط سلا زمور زعير - %65.53 فاس بولمان -% 69.71
مكناس تافيلالت - % 86.94 عبدة دكالة -% 82.18
تادلة أزيلال - % 50.05 الغرب الشراردة بني حسن - %59.71
الجهة الشرقية - % 46.08 الصحراء المغربية ....
طنجة تطوان - %61.31 المجموع -% 55.39
الشاوية ورديغة +%23.71

4-الهيئة الوطنية للتعليم و البيروقراطية:

- إن البيروقراطية ببساطة هي تحول الوظائف النقابية إلى مصدر للترقي الاجتماعي، و وسيلة لتنمية الامتيازات المادية و المعنوية، و بالتالي ميل هؤلاء الموظفين النقابيين إلى احتكار هذه الوظائف و اللجوء إلى كل الوسائل الخسيسة لإبعاد كل خطر يهدد مواقعهم.
- بقراءة سريعة لتاريخ الحقل النقابي بالمغرب، أول ما يثير الانتباه هو أن كل النقابات المؤسسة بعد الاتحاد المغربي للشغل، جعلت من محاربة داء التبقرط و الفساد من أسباب تأسيسها، لكن مع مرور الوقت سقطت هي كذلك في مستنقع التبقرط من جديد.
- " لن تسمح [ الهيئة الوطنية للتعليم] لأي أسلوب بيروقراطي بالاستشراء داخلها أو أن يأخذ مكانة له داخلها" – بيان إلى الرأي العام بتاريخ 22 ماي 2006- هل بمثل هذه العبارات سيحارب هذا التنظيم البيروقراطية، قد يزايد البعض بأن تحديد عتبة الولايتين في تحمل المسؤوليات قد يفي بالغرض، لكن البيروقراطية لا يمكن ربطها بأشخاص بذواتهم.
أليست الهيمنة التنظيمية لمكاتب الثانوي الإعدادي على مكاتب الإبتدائي مدخل من مداخل التبقرط داخل هذا التنظيم؟
أليس عدم وصول التنظيم إلى العتبة المطلوبة في الانتخابات المهنية ليصبح نقابة ذات تمثيلية هو ما يلجم التطلعات البيروقراطية داخله، و إن حصل العكس انفلت مارد التبقرط من قمقمه، خصوصا أمام ما لمس من تضخم في التطلعات الانتخابية لهذا التنظيم؟ أليس انعدام التكوين و التأطير النقابي الحقيقي لقواعد التنظيم مصل إنعاش للبيروقراطية الكامنة داخله؟

5- كيف تدافع الهيئة الوطنية للتعليم عن المدرسة العمومية:

أ- بعض مما جاء في وثائق الهيئة الوطنية للتعليم حول المدرسة العمومية:
- من الأهداف المسطرة في القانون الأساسي للهيئة الوطنية للتعليم، المساهمة في اقتراح و تفعيل سياسة تنموية كفيلة بتحسين الوضع التعليمي و ملاءمته مع المتطلبات الوطنية و الدولية و إعادة الاعتبار للمنظومة التربوية، و من مبادئها وضع المدرسة العمومية في قلب اهتماماتها ضمانا لتكافؤ الفرص بين أبناء جميع شرائح الشعب المغربي.
- " انقاد المدرسة العمومية من الانهيار مع مراجعة الاتفاق الإطار الموقع بين الحكومة و ممثلي التعليم الخاص للتربية و التكوين المؤرخ ب 8/5/2007 " –تصريح صحفي بتاريخ1/10/2007-
- "وقوف المكتب الوطني على الوضعية المتقهقرة داخل القطاع، و محاولة بيع المؤسسات في المزاد العلني و الإجهاز على ماتبقى من المدرسة العمومية" –بلاغ بتاريخ 13/12/2008-
- "إن المكتب الوطني للهيئة الوطنية للتعليم يعتبر أن اليوم العالمي للمدرس 05 أكتوبر ليس كذلك، لأن المدرسة العمومية تعيش أوضاعا مزرية إن على مستوى التجهيزات أو الاكتظاظ أو إعادة الانتشار أو الهدر المدرسي أو تنامي العنف بالمؤسسات و اللائحة طويلة" –تصريح صحفي بتاريخ 1/10/2007-
مما سبق و مما سيلحق سيتأكد بشكل جلي سقوط الهيئة الوطنية للتعليم في مطب اللفظية، أي استخدام كلمات رنانة لا تحتوي في حقيقة الأمر على مضمون كبير، فالكلمات هنا تستخدم لحد ذاتها على حساب المعنى، و الدليل مناقضة الواقع العملي لتلك الصيغ اللفظية التي نادرا ما تغادر الورق لتترجم كأفعال.
ب- الهيئة الوطنية للتعليم و "الميثاق الوطني للتربية و التكوين":
- شكل الميثاق تتويجا لسيرورة مديدة استهدفت النيل من الحق في التعليم، و مما جاء فيه:
* ضرب المجانية: مساهمة الأسر في تمويل التعليم عبر أداء رسوم التسجيل في الثانوي و التعليم العالي و حرمان التلاميذ و الطلبة من المنح [المواد 169، 170، 173، 174].
* الخوصصة: حفز القطاع الخاص عبر إعفاءات ضريبية كلية أو جزئية، منح مالية، تكوين أطر للعمل في القطاع الخاص ... [المادة 165].
* شرعنة الهشاشة في قطاع التعليم: العمل بالعقدة [المادة 135]، إخضاع ترقية و ترسيم المدرسين للمردودية و الكفاءة و إقصاء الأقدمية و الشواهد [المادة 138]، ضرب استقرار المدرسين عبر إعادة الانتشار [المادة 155].
- بمقارنة بسيطة بين المحاور الثلاثة المذكورة أعلاه، و المطالب التي ترفعها الهيئة الوطنية للتعليم، يلاحظ أن تلك المطالب [المشاكل] هي نتيجة مباشرة لتطبيق الميثاق، و رغم ذلك لا نجد أثرا في كل وثائق التنظيم بالمطالبة بإسقاطه، و هو موقف غريب كمن يطالب بمعالجة الأعراض و يتغافل عن المطالبة بمعالجة الأسباب، فوضع الشغيلة التعليمية المتردي يرجع بالأساس إلى طبيعة السياسة المتبعة في القطاع و التي يعتبر الميثاق دستورها، و الأغرب أن يخرج علينا هذا التنظيم بوثيقة تحت عنوان "ورقة حول السياسة التعليمية بالمغرب" و التي صودق عليها بالإجماع في المؤتمر الثاني للتنظيم تعتبر أن "الميثاق الوطني للتربية و التكوين" وثيقة هامة تشكل خارطة طريق للقطاع، و أن كل الخلل يقع في كون التنظير في واد و التطبيق في واد آخر، و هو خطاب يبين مدى سطحية و تناقض بل رجعية مواقف التنظيم.
رغم أن محاور مهمة في الهجوم [الميثاق] لم تتحقق أو لم تتحقق كفاية، و ذلك لا يعود إلى قصور في التطبيق كما ارتأت وثيقة "ورقة حول السياسة التعليمية بالمغرب" و إنما لمقاومة الشغيلة التعليمية و باقي مكونات المجتمع الحية.
ج- الهيئة الوطنية للتعليم و البرنامج الاستعجالي:
- يشكل "الميثاق الوطني للتربية و التكوين" الإطار المرجعي للبرنامج الاستعجالي، و يستند أساسا لتوجيهاته، و حسب مهندسي البرنامج فإنه جاء ليرفع وثيرة الإصلاح [الهجوم] الذي سطره الميثاق.
- معلوم أن سيرورة إعداد و صياغة البرنامج الاستعجالي قد خضعت لمنطق محاسباتي تقنوي ضدا على كل اعتبار تربوي و تنموي، هذا المنطق يستند إلى المزيد من التقشف و الاستمرار في سياسة تخلي الدولة عن القطاع عبر خوصصته و تفويته ببنياته و أطره لكبار المستثمرين، و هذا بعض مما يتضمنه:
* الموارد البشرية [المشروع 17 و المشروع 22]: الحديث عن نظام جديد لتوظيف الموارد البشرية من قبيل النظام التعاقدي الجهوي، المرونة في حركية المدرسين، المدرس المتعدد الاختصاصات، فرض ساعات إضافية إجبارية على المدرسين خاصة بالثانوي بسلكيه، الترسيم سيكون مشروطا بالنجاح في مبارة من قبيل "شهادة الأهلية لمهنة التدريس بالتعليم الثانوي التأهيلي" بعد 3 سنوات من الممارسة ....
* الخوصصة: إن البرنامج الاستعجالي من حيث المرجعية و المضمون و التوجه و الأهداف مبني على نسق يقوم على مبدأ الاعتماد على القطاع الخاص بالدرجة الأولى: النهوض بالعرض [العرض و الطلب] التربوي الخصوصي بغية التخفيف من العبء المالي للدولة في تمويل المنظومة و هو ما يتطلب تشجيع العرض التربوي الخصوصي، إقرار تدابير تحفيزية تمكن من تسهيل استثمار الخواص في قطاع التعليم عبر آليات اقتناء الأراضي بشروط تفضيلية و تفويض تدبير مؤسسات عمومية قائمة و إلحاق الأطر التربوية بالتعليم الخاص ...، خوصصة بعض الوظائف عبر تفويتها للقطاع الخاص و لكبار المستثمرين كالبناء و الصيانة و النقل و الترميم و الحراسة و الأمن و الفضاءات الخضراء و تدبير الداخليات ...، إحداث وكالات وطنية للإشراف على بعض الاختصاصات و التي تتيح مزيدا من المرونة في التدبير [16وكالة]...
- كل ذلك تم دون احترام حق مشاركة كل المتدخلين في المنظومة التعليمية أثناء إعداد هذا البرنامج و صياغته، سواء تعلق الأمر بممثلي المتعلمين أو نساء و رجال التعليم أو من يمثلهم ...
- احتاج الأمر من الهيئة الوطنية للتعليم لتخصص بلاغا من صفحتين حول الامتحان المهني 2006 [بلاغ 28/10/2007]، و صفحة لبيان موقفها من معايير التنقيط [بيان 20/04/2007] تم فيه وصف الاقتراحات الرسمية التي تعتمد العناصر الخمسة لتنقيط و تقييم أداء الموظفين و كيفية أجرأتها بالكارثة الكبرى و المصيبة العظمى التي حلت بالمنظومة التعليمية، و صفحة لشرح طرحها حول النقطة الإدارية [بلاغ 4/2/2008]، و المساحة الأكبر من كل وثائقها للتطرق و بالتفصيل المتكرر لأدق ثنايا الملف المطلبي [ الترقية خاصة]، لكنها لم تحتاج سوى لجملة يتيمة لبيان موقفها من مخطط خطير يستهدف الشغيلة التعليمية و يجهز على كل حقوقها و يعدم مكتسباتها إنه البرنامج الاستعجالي، حيث جاء في بلاغ بتاريخ 10/12/2008 : "احتجاج نقابتنا على عدم إشراكها في إبداء رأيها في البرنامج الاستعجالي الذي تم إنزاله على الأسرة التعليمية" انتهى، لا أقل و لا أكثر، فهل هذا هو خط التنظيم الفكري الواضح و الصريح الذي سيعبد الطريق الصحيح المؤدي إلى بناء البديل النقابي الحقيقي الديمقراطي المستقل، كما جاء في بيان إلى الرأي العام بتاريخ 22/5/2006؟
أليس من أبجديات الدفاع عن المدرسة العمومية التشهير و توعية الشغيلة بالخطورة الكبيرة التي يشكلها هكذا برنامج على حقوقها و مكاسبها، و على التعليم كخدمة عمومية؟ أليس من المنطقي أن يتصدر مطلب إسقاط البرنامج الاستعجالي و من قبله الميثاق كل المطالب الأخرى؟ أليس من التضليل إغراق الشغيلة التعليمية في نقاش المطالب الجزئية بالسنتمتر و الملمتر و التغاضي عن هجوم محبوك على حقوقها و مكاسبها بالكيلومتر؟
د- الهيئة الوطنية للتعليم و خوصصة القطاع:
- معلوم أنه يتم تنفيذ أشكال مختلفة لخوصصة القطاع التعليمي العمومي، و الكثير من هذه السياسات يتم تغليفها في إطار ما يسمى " الاصلاح التعليمي" أو "تحديث" التعليم، و تكون لهذه السياسات انعكاسات عميقة على شروط تعلم التلاميذ، و على ظروف عمل المدرسين، و على تكافؤ الفرص، كما لها انعكاسات عميقة على طريقة التفكير في التعليم و على القيم المتضمنة فيه. فخوصصة التربية و التعليم بل تسليعها بتعبير أدق هو تحويلها من رسالة سامية إلى سلعة تجارية، و هي عملية تحول التربية و التعليم إلى بضاعة استهلاكية تخضع لقانون العرض و الطلب، حيث يستطيع البعض الحصول عليها بينما يعجز الآخرون عن ذلك، كما تتعرض في حالات كثيرة للغش كأي سلعة، لكون الهدف الأسمى للتربية و التعليم في هذه الحالة يصبح هو تحقيق الربح.
- كما سبقت الإشارة في تناول "الميثاق الوطني للتربية و التكوين" و البرنامج الاستعجالي، فإنهما يؤسسان لمنطق الاعتماد على القطاع الخاص بالدرجة الأولى، و من تم تفكيك قطاع التعليم كخدمة عمومية، و ما هذا الهجوم إلا تصريف محلي لإملاءات الدوائر المالية العالمية الداعية إلى الدفع بكل القطاعات الاجتماعية و المؤسسات العمومية نحو التفكيك فالخوصصة، بغية التخلص من عبء النفقات المالية لخدمة الديون، و توفير مجال للاستثمار المربح على حساب الأغلبية الساحقة من المواطنين.
- لا يمكن التخلص من عبء النفقات المالية للدولة في التعليم إلا عبر محورين:
* منح كل الامتيازات الممكنة للقطاع الخاص في التعليم لضمان ربحية استثماره، و إعمال الآلة الإعلامية لغسل أدمغة الناس عبر إلصاق كل المزايا الممكنة به لتوجيه العموم إليه.
* الهجوم التدريجي و الممنهج على المدرسة العمومية، من خلال الانقضاض على شروط عمل الشغيلة التعليمية من جهة، و على شروط تعلم التلاميذ من جهة ثانية.
- بدل أن تدعو الهيئة الوطنية للتعليم إلى تعميم التعليم العمومي عبر توفيره لكل قادر عليه ذهنيا و فكريا، و عدم رهنه بأية كوابح سواء من حيث الميزانية أو سوق العمل، و جعله عاملا من عوامل التحرر من الجهل المعرفي و الظلم الاجتماعي. و هذا الأمر لا يمكن أن يتم إلا بمراعاة الشرط الإنساني الذي يقتضي الوقوف ضد خوصصة التعليم، هذه الأخيرة التي تقضي على البعد الإنساني و تجهز عليه، و تجعل التعليم نخبويا و امتيازا لمن هو قادر على الدفع أكثر.
اكتفت فقط [الهيئة الوطنية للتعليم] بالدعوة إلى مراجعة الاتفاق الإطار الموقع بين الحكومة و ممثلي التعليم الخاص للتربية و التكوين المؤرخ ب 8/5/2007، و الذي للعلم أدمج بحذافيره و زيادة في البرنامج الاستعجالي؟؟

6- الهيئة الوطنية للتعليم و النزعة الفئوية:

- إن تأسيس نقابة خاصة برجال و نساء التربية و التعليم أو فئة من فئاتهم من حيث المبدأ ليس عيبا، فمن حق أية فئة من فئات الشغيلة الانتظام في إطارات نقابية للدفاع عن مصالحها و حقوقها، لكن في نفس الوقت، إن تأسيس الإطار النقابي هذا ليس هدفا في حد ذاته، بل هو وسيلة فقط، خصوصا أمام ازدحام الساحة بكثرة الإطارات النقابية التي تدعي كلها تمثيل و تنظيم فئة بعينها، أليس من المنطقي و المجدي التساؤل عن دواعي تأسيس إطارات جديدة إن لم يكن للقيام بعمل أفضل مما تقوم به الإطارات الموجودة على الساحة؟
- تصلح الفئة كلبنة لبناء جسم الإطار النقابي، لكن من السطحية و الديماغوجية الدفع بإمكانية اكتفاء هذه الفئة بقوة نضالاتها فقط للوصول إلى تحقيق ملفها المطلبي، و ذلك راجع لاعتبارين:
* من الطبيعي وجود مطالب مشتركة عابرة للفئات، و هذه المطالب لا يمكن أن تتحقق بنضالات معزولة لفئة ما، و إنما بتظافر نضالات الجميع.
* الفئوية تتيح فرصة ذهبية للمشغل [الدولة] باللعب على التناقضات الطبيعية للفئات بغية التملص من مطالبها المشتركة أو للمداورة و ربح الوقت.
- مماسبق، و على اعتبار أن الهيئة الوطنية للتعليم نقابة فئوية بامتياز، فهل يمكن لها و بالاعتماد على برنامجها النضالي أن تحقق مطالب من قبيل الزيادة في الأجور أو الدفاع عن الحريات النقابية ...؟ أم أن هذه المطالب العابرة للفئات و القطاعات تقتضي نظرة شمولية لدينامية العمل النقابي، تستحضر مبادئ التنسيق و التضامن، و هو ما تفتقر إليه الهيئة الوطنية للتعليم، حيث حنطت الفعل النضالي و عزلته في بعض الفئات التعليمية.

7- الهيئة الوطنية للتعليم و الوحدة النقابية:

- تظل النقابات إحدى الأدوات الأساسية التي لا غنى عنها، حيث يأتلف الأجراء بغاية الوقوف بصورة ما على قدم المساواة مع المؤجر فيما يخص شروط عملهم، و هذا السبب هو الركيزة المنطقية في وجود النقابات، فهي تسعى إلى أن لا يكون الأجير تحت الضغط المباشر لبؤس خاص به مضطرا إلى الرضى بشروط عمل أدنى. و ينطبق الأمر على كل فئة من فئات الشغيلة.
لذا فكل السبل الهادفة للدفاع عن حقوق و مصالح الشغيلة تمر بالضرورة بالدعوة و العمل على وحدة الشغيلة، لكونها [الوحدة] الكفيلة بتحقيق مطالبها و صون مكتسباتها من خلال ترجيح ميزان القوى.
- لم يظهر أثر لمصطلح الوحدة النقابية في وثائق الهيئة الوطنية للتعليم إلا في المؤتمر الثاني للتنظيم، حيث انعقد هذا الأخير تحت شعار "الاستقلالية، الديمقراطية، الوحدة: ركيزة لتحديث الحركة النقابية"، و تمت فيه دعوة كل "ذوي النيات الصادقة" إلى المساهمة في بلورة و ترسيخ فعل نقابي مستقل ديمقراطي و وحدوي، يرمي إلى بناء نقابة مواطنة حداثية، تتوخى المصلحة العامة و ضمنها رد الاعتبار للمدرسة العمومية، كما أعلن استعداد التنظيم لفتح حوار و عقد ندوات للتداول من أجل خلخلة الحقل النقابي و جعله قادرا على إرجاع الثقة لعموم الشغيلة المغربية.
كما شددت الهيئة الوطنية للتعليم في نداء فاتح ماي 2009 على ضرورة وحدة الصف النقابي و جعله قاطرة للنهوض بالمجال الاجتماعي، و نادت بإحقاق الديمقراطية الحقة و تطبيق فصولها النبيلة على كل المستويات و الأصعدة: عموم الشغيلة و ضمنها الشغيلة التعليمية و مناضلات و مناضلي الهيئة الوطنية للتعليم.
- لكن بعيدا عن الشعارات البراقة و الخطب الإنشائية، إن الكلام على الوحدة النقابية يستدعي تصورا كأرضية و استراتيجية مفرغة في برنامج عمل كسبيل لتوحيد الإطارات النقابية العاملة على الساحة، و بالاستناد على وثائق الهيئة الوطنية للتعليم، فهي تصنف هذه الإطارات إلى صنفين:
* نقابات حزبية تقليدية، متواطئة في تدبير الأزمة الاجتماعية ضدا على مصالح الشغيلة، و مستغلة لها في تحقيق مصالح حزبية أو بيروقراطية.
* نقابات مستقلة، ظهرت كحركة تصحيحية لنهج نقابي فاسد.
لذا فالسؤال، مع من ستعمل الهيئة الوطنية للتعليم على توحيد الحقل النقابي؟ هل مع النقابات التقليدية و الحزبية رغم موقفها منها؟ أم مع النقابات "المستقلة"؟ و بالتالي الوصول إلى إنشاء مركزية نقابية جديدة تصطف إلى جانب مثيلاتها [ليست معصومة بالضرورة من التبقرط و الفساد].
لا جواب لهذا السؤال في أدبيات التنظيم، لأنه لم يجب عن سؤال مع من؟ و كيف؟

8- الهيئة الوطنية للتعليم و التنسيق النقابي:

- يعتبر التنسيق النقابي من بين الأدوات الممكن استعمالها لتجسيد وحدة الشغيلة، فالتعدد/التشتت النقابي الموجود على الساحة لا يمكن شطبه بجرة قلم أو بشعار كيفما كانت صدقيته، لكن يجب أن لا يتحول مصطلح التنسيق إلى شعار أجوف يرفع فقط لإبراء الذمة، أو لاستجداء غطاء ما حتى لا يفتضح فشل و انحطاط تنظيم ما، بل يجب أن يترسخ كنهج عمل نضالي يتوخى أولا و أخيرا الحفاظ على حقوق و مكاسب الشغيلة و يعمل على تحقيق مطالبها، و يجب أن يكون كذلك مؤطرا باتفاق مكتوب و معلن لعموم الشغيلة.
- التنسيق النقابي قد تختلف درجاته، لأنه يظل رهين بنسبة تقاطع الملفات المطلبية للتنظيمات المعتية به، و كذا بدرجة الإيمان بضرورته. لكن المثير للاستغراب عند قراءة الملفات المطلبية للتنظيمات النقابية التعليمية العاملة على الساحة هو درجة تشابهها، إن لم نقل تطابقها، فلما لا يقوم تنسيق نضالي بين هذه التنظيمات إن كان هدفها تحقيق هذه المطالب كما تزعم صباحا مساء.
- للهيئة الوطنية موقف غريب عجيب من قضية التنسيق النقابي، لا يمكن إجماله إلا في العبارة التالية: "الهيئة مستعدة للتنسيق فقط مع نفسها"، و لتوضيح هذه العبارة إليكم ما جاء في وثائقها:
* "استعداد الهيئة الوطنية للتعليم للتنسيق الميداني و العملي مع كافة الفاعلين، سواء على الصعيد المحلي أو الإقليمي أو الجهوي أو الوطني، للدفاع عن المطالب العادلة و المشروعة للأسرة التعليمية، و دفاعا عن المدرسة العمومية التي أصبحت تعيش وضعية مزرية، و إنقاذ فلذات أكبادنا" – تصريح صحفي 18 نونبر 2006-.
* " الهيئة الوطنية للتعليم على استعداد للتنسيق أو التحالف مع أي هيئة أو نقابة أو منظمة [ولو كانت حزبية] شريطة أن تتبنى مبادئ الهيئة و ملفها المطلبي العام" –تقرير اجتماع الكتابة الوطنية 15 أبريل 2006-.
* "رفض التحالف مع النقابات التعليمية الثلاث [الفيدرالية الديمقراطية للتعليم، المنظمة الديمقراطية للتعليم، الجامعة الديمقراطية لموظفي التعليم] لكونه سيعطل مسيرة الهيئة الوطنية للتعليم و لن يشكل لها أي قيمة مضافة" –بيان 20 أبريل 2007-.
* "مدها ليدها لكل الخيرين ببلدنا من أجل المساندة أو التضامن أو التنسيق مع أي طرف: حزبي أو نقابي أو جمعوي، و ذلك وفق خطها العام و قانونها الأساسي الذي يرتكز على أن نقابتنا هي: مركزية نقابية تعليمية مستقلة عن أي تنظيم حزبي أو عرقي أو ديني" –نداء فاتح ماي 2007-
* "دعوة كافة النقابات التعليمية للتنسيق القبلي حول الملف المطلبي و البرنامج النضالي المقبل، و ذلك عبر الأجهزة الوطنية، لوضع حد للنضال الموسمي للبعض و للتفكير في مصالح فلذات أكبادنا" –بلاغ 14 فبراير 2008-.
* "... إن الهيئة الوطنية للتعليم، كنقابة تعليمية مستقلة، تؤكد مرة أخرى، أن هذه التنسيقية أضحت ضرورة ملحة، تحتمها الظروف الاجتماعية المزرية، و فشل الحوار الاجتماعي، الذي أريد له، عن قصد أن يكون كذلك .... في انتظار مصادقة الهيئات التقريرية في الهيئة الوطنية للتعليم على الانضمام إلى هذه التنسيقية، فأننا لا يسعنا إلا أن نعرب عن موافقتنا المبدئية للانخراط في هذا العمل التنسيقي..." – مقتطف من كلمة الهيئة الوطنية للتعليم في الجمع العام التأسيسي للتنسيقية الوطنية للنقابات بالمغرب 17/1/2009-.
- مما سبق ذكره، و انطلاقا من محطة تأسيس التنظيم إلى محطة الانتخابات المهنية الأخيرة، يمكن طرح التساؤلات التالية: ألم تواتي التنظيم ولو فرصة واحدة للتنسيق مع أي طرف نقابي حول مطلب من المطالب على صعيد من الصعد المحلية أو الإقليمية أو الجهوية أو الوطنية؟ أليس وضع شرط تبني مبادئ الهيئة الوطنية للتعليم و ملفها المطلبي العام على كل تنظيم نقابي يرغب في التنسيق أو التحالف هو شرط لا منطقي و تعجريزي، و ينم عن فهم خاطئ و نرجسي لمفهوم التنسيق أو التحالف، لكونهما يؤسسان على تقاطع الملفات المطلبية و المسارات النضالية؟
- ألا يدل مصادقة التنظيم على الانضمام إلى "التنسيقية الوطنية للنقابات المستقلة بالمغرب" بعد ظهور نتائج الانتخابات المهنية الأخيرة [15ماي2009] و ليس قبلها، على أن التنظيم لا يتوفر على رؤية واضحة لوظيفة و أهمية التنسيق النقابي، و أن هذا الانضمام عبارة عن انعكاس ميكانيكي لنتائج التنظيم في هذه الانتخابات و ليس نتاج إيمان و وعي بهكذا خطوة؟ إن لم نقل أنه نهج انتهازي استجدائي لصفة "الأكثر تمثيلية"، و ما يزكي هذا الطرح هو الوثيقة الصادرة عن التنظيم بعنوان "بيان للرأي العام الوطني و لعموم الشغيلة التعليمية" بتاريخ 31/5/2009 تضمنت مايلي:
* مناقشة الخيارات المتاحة لضمان تمثيلية مشرفة بعد الوقوف على حصيلة الهيئة الوطنية للتعليم في هذه الانتخابات.
* الانضمام إلى التنسيقية الوطنية للنقابات المستقلة بالمغرب.
* تشبث الهيئة الوطنية للتعليم و فرقائها في كتلة النقابات التعليمية المستقلة [نقابة مفتشي التعليم، النقابة المستقلة للتعليم الإبتدائي] بحقها في ما اصطلح عليه "بالأكثر تمثيلية"
- إن خطوة بناء تنسيقية نقابية تجمع يعضا من شتات الحقل النقابي خطوة ايجابية يجب أن تثمن على كل حال، لكن يجب ألا يكون سبب نشوئها تسول صفة "الأكثر تمثيلية" بغية الهرولة مع المهرولين للحوار العقيم مع الحكومة أو من يمثلها في القطاع، لأنه لا قيمة لصفة من الصفات إن لم يكن بمقدور هذه التنسيقية أن تترجمها على الأرض فعلا نضاليا مبنيا على تحصين حقوق و مكاسب الشغيلة و عاملا على تحسين أوضاعها، و هو ما لا يوجد له أثر على أرض الواقع فيبدو أنها تنسيقية على الأوراق فقط.
- في الرمق الأخير من سنة 2009، جرى تأسيس الجبهة الوطنية للنقابات التعليمية المستقلة [الممثلة في اللجان الثنائية]، و تضم كل من النقابة المستقلة للتعليم الابتدائي، الهيئة الوطنية للتعليم، الفدرالية الديمقراطية للتعليم و المنظمة الديمقراطية للتعليم.
خاضت [الجبهة] إضرابا وطنيا بقطاع التعليم المدرسي في 10 دجنبر 2009 مصحوبا بوقفة احتجاجية أمام مقر الوزارة [ خاضت مجموعة من النقابات الأخرى: "النقابة الوطنية للتعليم فدش، الجامعة الوطنية للتعليم، الجامعة الوطنية لموظفي التعليم، الجامعة الحرة للتعليم" إضرابا يومي 9و10 دجنبر 2009]، و مما سبق يحق لنا أن نتساءل:
* ما العلاقة بين "التنسيقية الوطنية للنقابات المستقلة بالمغرب" و "الجبهة الوطنية للنقابات التعليمية المستقلة" خصوصا و أن الهيئة الوطنية للتعليم إلى جانب النقابة المستقلة للتعليم الابتدائي عضوين في كلتيهما؟
* ما السر في عدم التحاق نقابة مفتشي التعليم بالجبهة الجديدة [ مستقلة، تعليمية، ممثلة في اللجان الثنائية] مع العلم أنها احتلت المرتبة الخامسة بقطاع التعليم المدرسي [52مقعد] متفوقة على تنظيمات الجبهة مجتمعة [12 + 12 + 1 + 1]، و هل عدم التحاقها مؤشر على انفراط عقد "التنسيقية الوطنية للنقابات المستقلة بالمغرب"؟
* ما موقع مصطلح "المستقلة" في الجبهة، لأنه من المعلوم تبعية أحد مكوناتها على الأقل لحزب سياسي معروف؟
* ما التبرير الذي يمكن أن تقدمه الهيئة الوطنية للتعليم في تراجعها عن موقفها المعلن في بيان 20/04/2007 بعدم التحالف مع الفدرالية الديمقراطية للتعليم و المنظمة الديمقراطية للتعليم بالإضافة إلى الجامعة الديمقراطية لموظفي التعليم بدعوى أن ذلك سيعطل مسيرة الهيئة و لن يشكل لها أي قيمة مضافة؟

9- كبف تضامنت الهيئة الوطنية للتعليم مع غزة إبان العدوان الأخير عليها؟

في الوقت الذي دعت فيه العديد من الإطارات النقابية و الحزبية و الجمعوية إلى إضرابات و وقفات احتجاجية و أشكال أخرى تضامنية مع الشعب الفلسطيني إبان العدوان الصهيوني على غزة، خرجت الهيئة الوطنية للتعليم بموقف عجيب غريب، تجلى في إلغاء إضراب مقرر بتاريخ 6 يناير 2009 كخطوة تضامنية مع قطاع غزة، "إن الهيئة الوطنية للتعليم تقرر، بعد استشارة واسعة لأطرها و أعضاء مكاتبها و قواعدها و التي أجمعت و بأغلبية كبيرة على تعليق إضرابها الذي كان مقررا ليوم الثلاثاء 6 يناير 2009، و ذلك تماشيا مع ما عبر عنه الشعب المغربي من تضامن واسع مع إخواننا أبناء شعب فلسطين المرابط على الخطوط الأمامية للدفاع عن مصيرنا المشترك" – نداء عاجل 2 يناير 2009-.
إن هذا الموقف العجيب بالفعل يجسد الأسلوب الجديد للفعل النضالي للتنظيم على الساحة النقابية؟؟؟

رابعا: على سبيل الختم

سيظل العمل النقابي من الأمور التي تراهن عليها الشغيلة، فبفضله تبقى آملة في تحقيق مطالبها و صد التعديات على حقوقها و مكاسبها، فهي ملاذ الشغيلة في كل الأوقات و الظروف.
إن الملاحظات و الانتقادات المسجلة على الهيئة الوطنية للتعليم أعلاه لا تخص هذا التنظيم وحده، بل هي نقط ضوء على أمراض عديدة مزمنة تنخر جسم الإطارات النقابية العاملة على الساحة.
إن ما يفتقر له الحقل النقابي هو الفعل الواعي البناء، فالإبداع في زخرفة الكلمات و نقشها و تزيينها للألفاظ و وقعها لا يكفي إن كانت هناك قلة احترام للكلمة عبر إفراغها من محتواها و إساءة استخدامها و إبعادها عن ساحات العمل و التطبيق.
إن الوقوع في أسر الحاضر مع تجاهل رصيد خبرة التاريخ، و القعود عن التأهب للمستقبل هي أفعال انتهازية، أما القفز إلى المستقبل من دون وعي دقيق بالواقع المعيش، و فهم عميق لدروس الماضي فهي سلوكات انتحارية.





#محمد_شحموط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- النسخة الألكترونية من العدد 1793 من جريدة الشعب ليوم الخميس ...
- “حالًا استعلم” .. رابط الاستعلام عن وضعية منحة البطالة في ال ...
- مكافأة مع مع القبض لبعض الموظفين .. بشرى سارة.. مواعيد صرف م ...
- “زيادة فورية 20.000 دينار“ موعد صرف رواتب المتقاعدين 2024 با ...
- تبليسي.. طلاب الجامعات يتظاهرون ضد قانون العملاء الأجانب في ...
- غوغل تسرح 28 موظفا بعد اعتصامات احتجاجا على عقد مع إسرائيل
- “الوكالة الوطنية للتشغيل minha.anem.dz“ كيفية الاستعلام عن و ...
- نقابة الصحفيين بتونس تطعن في حكم بسجن الصحفي محمد بوغلاب
- HERE.. رابط تجديد منحة البطالة في الجزائر 2024 بالاسم وكلمة ...
- خبر حزين لبعض الموظفين.. مش هتقبض الـ6 آلاف جنيه لو أنت منهم ...


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - محمد شحموط - الهيئة الوطنية للتعليم: تساؤلات عن النشأة و المسار