|
الديكتاتور 25 (انتقام الزعيم)
ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2867 - 2009 / 12 / 24 - 01:37
المحور:
الادب والفن
المشهد الخامس والعشرون ( انتقام الزعيم) ( يقف كاسر قبالة باب الشقة ، يطرق الباب بعنف ) قمر ( تفتح باب الشقة ) : مَن هناك ؟. كاسر ( يدخل إلى الشقة ) : مساء الخير . قمر ( تتفرس ملامحه ) : ما بك ؟ كاسر ( يستلقي على كرسي الصالة ) : لا شي .. لا شيء . قمر ( تجلس بجانبه ) : أهلاً بك في شقتي ، أرجو أن تليق بمقامك ( تسكب له قدحاً من الويسكي ) . كاسر ( يرتشف بمرارة ) : لم يعد لي مقاماً بعد الآن . قمر ( تشعل سيجاراً ) : مهما يحصل ، تبقى الزعيم ابن الزعيم . كاسر ( يشعل سيجاراً ) : كان ذلك من الماضي ، أما الآن فلا أظن أني أصلح لأكون ابن حداد ، كيف أكون ابن الزعيم والزعيم لا يعترف بي ؟ . قمر (بخبث ) : لكنك ستبقى بالنسبة لي الصديق الوفي الذي لن أتنازل عن صداقته ما حييت . كاسر ( يرتشف بنهم ) : إن هذا المكان ، لهو خير مكان للنسيان ( يرفع كأسه ) . قمر : كفاك شرباً يا كاسر ، ألا تريد أن تخبرني ما الأمر؟ . كاسر ( مرتبكاً ) : أي أمر ؟. قمر ( ترمقه بحدة ) : أرجو أن لا تختبئ وراء كأسك . كاسر ( يرتشف ) : قلت لك لا شيء ، ألا تصدقيني ؟. قمر( تضم رأسه إلى صدرها ) : واضح أنك لا تشرب بنهم إلا عندما تريد نسيان موضوع ما يؤرقك ، أليس كذلك ؟. كاسر ( يرفع رأسه ) : أنت وحدك من يعرفني جيداً ، فلِمَ السؤال ؟. قمر : لأني أريد أن أعرف ما الذي يزعجك ؟. كاسر ( عابساً ) : ليت الأمر يقف عند حدود الإزعاج . قمر : أين يقف إذن ؟. كاسر ( بمرارة ) : لا أستطيع .. لا أستطيع ، إنه يجرحني في كبريائي . قمر ( تضمه إلى حضنها ) : ومن يجرؤ على خدشك ، أنسيت أنك كاسر الذي يكسر الشدائد دون أن ينكسر؟ . كاسر ( بانفعال شديد ) : لقد كسرني الزعيم وكسّر كل أحلامي . قمر ( مندهشة ) : ماذا قلت ؟ الزعيم ، لكنه والدك وأنت ولده ، فكيف له أن يجرحك ؟. كاسر ( حانقاً ) : إن الزعيم لا يفرق في جبروته بين أبيض وأسود . قمر : وهل بدر منك أي خطأ تجاهه ؟. كاسر ( يرتشف ) : لا أدري مَن مِنا على حق . قمر ( تطوق ذراعها حول رأسه ) : عزيزي كاسر ، ألا تثق برفيقة عمرك ؟. كاسر ( يرشف من كأسها ) : ومَن قال ذلك ، إني أثق فيك كما أثق بنفسي . قمر ( تسبل شعره بكفها ) : إذن دعني أضمد جراحك ما استطعت ، لأرى ما إذا كنت على حق أم لا . كاسر ( يعتدل في جلوسه ) : كل ما في الأمر ، أن خلافاً حاداً نشب بيني وبين الزعيم ، بسبب الموقف من رعد ورجاله . قمر ( تنفث دخاناً ) : أتقصد عمك رعد الذي قاد انقلاباً ضد أبيك ؟. كاسر (يومئ برأسه ) : أجل رعد الذي بدلاً من أن يكون ذراعاً لأبي ، بات سيفاً مصلتاً على رؤوسنا جميعاً . قمر ( تهمس في أذنه ) : إن الشعب يهمس في سره ، أن رعد هو مَن قتل أخاك صقر ، فما حقيقة ذلك ؟. كاسر : أجل ( محتداً ) ولهذا قررت أن أقدم رأسه لأبي . قمر ( بفزع شديد) : يا الهي ، أين هو الآن ؟. كاسر : إنه ورجاله خارج البلاد . قمر (بخبث ) : إذن كيف ستأتي برأسه ؟. كاسر ( عابساً ) : لا أدري ، ربما تسرعت كثيراً عندما أوفدت فريقاً أمنياً خاصاً لاغتياله ( بندم ) ليتني لم أفعل . قمر : وماذا حصل ؟. كاسر : ما حصل لم أكن أحسب لعواقبه الوخيمة أدنى حساب ، لكنتُ تجنبت غضب الزعيم . قمر : هذا يعني أنك ترددت كثيراً ولم تنفذ ما كنت تنوي القيام به . كاسر : بل جرى تنفيذها ، ولكنها أخطأت الهدف ، وعندما علم الزعيم أمرها .. قمر ( مقاطعة ) : جرح كبرياءك ، أليس كذلك ؟. كاسر ( يقف ساخطاً ) : لقد جرح كبريائي وصفعني كما لو كنت طفلاً صغيراً. قمر ( تضع يدها على خده ) : ليتني مَن تلقَ تلك الصفعة اللعينة عنك ( تجلسه على الكرسي ) هدئ من روعك . كاسر ( يجلس متأففاً ) : وما يزيد الطين بلة ، أنه قرر عزلي من الزعامة . قمر ( تضع يدها على خده ) : ويلاه ، ولمن ستؤول الزعامة من بعده ؟. كاسر ( بأعلى صوته ) : للعفاريت الذين يتربصون بنا . قمر( تسبل شعره ) : والآن ماذا ستفعل ؟. كاسر ( مطرقاً برأسه ) قمر ( تحدق بكاسر ) :لا تقل إنك عازم على السفر . كاسر ( بتحد ) : أنا لم آتِ من أقصى بقاع المعمورة كي أعود إليها ثانية ، وكأنني قائد مهزوم من أرض المعركة ( محتداً ) سأبقى هنا وسأعتبر أنني هُزمت في أولى جولاتها ، ولابد من كسب الجولة التالية . قمر : وما عساك أن تفعل ؟ أنت أكثر مَن يعرف قوة الزعيم وشدة بأسه . كاسر ( يرشف ) : لا يهمني ذلك ، المهم إن أكسب في أخر المطاف . قمر ( مقاطعة ) : إنك الزعيم بلا منازع ، شاء من شاء وأبى من أبى . كاسر ( مغمضاً عيناه ) : أجل .. أجل ( يفتحهما ) وما عليّ سوى السير في الاتجاه الآخر . قمر : وكيف ذلك ؟. كاسر( يفتح زجاجة الويسكي ويسكبها في كوبه ) قمر : كفاك شرباً . كاسر ( يرشف بنهم ) : لا تنسي أن الزعيم طاعن في السن ولا يقوي على أي فعل سوى الكلام . قمر ( تستدير للخلف ) : أنت أدرى بوالدك ( ترفع يداها ) أنا لم أقل شيئاً . كاسر : ولِمَ الخوف ، أتخشين مني كما يخشى الناس رجال الأمن ؟ . قمر : الخوف في هذا البلد يسيطر على قلوب الناس جميعاً . كاسر : هذا كان من الماضي ، أما الآن ، فأنا الآمر الناهي . قمر : ولكن للجدران آذان تسمع . كاسر( يمسك بذراعها ) : أعدك أني لن أجعلها تسمع في بيتك هذا ، إذا ما بلغت مرادي . قمر : ومرادك في أن تصبح زعيماً . كاسر : أجل ( يمشي خطوتان ) ولكن ليس قبل أن أزيح الجبل الجاثم عن صدري . قمر : أتعني الزعيم ؟. كاسر ( يومئ برأسه ) : أجل ، كما أزاح خصومه في الماضي ، أرى أن أزيحه من طريقي إلى الزعامة . قمر : ولكنه والدك . كاسر ( محتداً ) : قلت لك كان والدي (يضرب الحائط بكفه ) إن الزعامة لا تعرف صديقاً أو عدواً . قمر : وما هي مصلحتك في إزاحة الزعيم ؟. كاسر : مصلحتي أن أصبح زعيماً اليوم قبل الغد ، ثم إن الزعيم أوصى بذلك ، وها هو يتراجع عن وصيته ، وسيدفع ثمن تراجعه ، ليس لأنه أقصاني من الزعامة ، بل لأنه جرح كبريائي أمام ألد أعدائي . قمر ( تصفع على خدها ) : عزيزي كاسر ، هل أنت بوعيك ، أم أن الخمر أفقدك الصواب ؟. كاسر ( يرفع كأسه ) : إنني بكامل قواي العقلية والبدنية وأعي ما أقول ، فليس أنا من يخضع لتأثير الخمر . قمر ( مرتعدة ) : يا إلهي ! لو تناهى كلامنا إلى مسامع الزعيم لقطع رؤوسنا بلا تردد . كاسر : ما تقولينه صحيح كل الصحة ، ولهذا يجب أن نبادر إلى قطع رأسه ( بتشف ) وها قد دنا أجله . قمر( تهلع ) : حتى الآن لم أفهم حقيقة نواياك . كاسر ( يضمها بحنان ) : عزيزتي قمر ، لولا ثقتي بك ، لما أتيتك شاكياً همومي . قمر ( تجلس بهدوء ) : أحقاً أنك مصمم على تصفية حسابك مع الزعيم ؟. كاسر ( يومئ برأسه ) : معه ومع كل الذين حوله ( عابساً ) لا بأس إذا ما بدأت بالزعيم أولاً . قمر : لكن كيف ستبدأ ومن أين ؟. كاسر ( يمشي ثلاث خطوات ) : لا زال الطريق مسدوداً أمامي ، ولا أدري من أي طريق أسلك . قمر ( تقف أمامه ) : فلتسلك طريق المواجهة ، وجهاً لوجه . كاسر ( عابساً ) : ولكن هذا الطريق مليء بالأخطار ، ولا يمكن استخدامه مع الزعيم حتى لو كان على فراش الموت. قمر : وما رأيك بالقنص ؟. كاسر ( مرتبكاً ) : لا .. لا هذا الطريق وعر جداً ، وقد ينتبه الجميع في حال الفشل . قمر : إذن ، فليكن السم الوسيلة الناجعة لبلوغ مرادك . كاسر ( يمشي خطوتان وينظر بالمرآة ) : السم .. ( يهز رأسه) خطوة على الطريق الصحيح ( يحدق بقمر )ولكن من أين لي بالسم ؟. قمر : لا تقلق يا عزيزي ، أمره بسيط جداً . كاسر : وهل أنت مَن سيقوم بإعداده ؟. قمر ( ترشف ) : كلا .. سآتيك به حالاً ( تخرج ) . كاسر ( يشعل سيجاراً وينظر إلى نفسه في المرآة ) : لن أتراجع عما أنوي فعله ( يفرك يده ) لا بد مما ليس منه بد . ( تدخل قمر حاملة بيدها اليمنى كيساً صغيراً ) كاسر ( بفزع شديد ) : ما هذا ؟. قمر ( تعطيه الكيس ) : قليلاً من الزرنيخ القاتل . كاسر : وماذا أفعل به ؟. قمر : لو وضعته في حساء الزعيم ، حينها ستجد كل هذا البلد أصبح تحت أمر سيادتك . كاسر ( يمسك الكيس بيد مرتعشة ) : ومن أين لك بهذا السم الزعاف . قمر ( هازئة) : كنت استخدمه فيما مضى للقضاء على الفئران والقوارض . كاسر ( مضطرباً ) : وهل حياة الزعماء كحياة الفئران لتنتهي بهذا السم ؟. قمر ( مقهقهة ) : هه .. هه ، إن هذا السم الذي في يدك ، كالسيل الجارف ، يجرف في طريقه كل الأرواح بلا استثناء ( محذرة بيدها ) عليك أن تكون حذراً في استخدامه . كاسر ( متجهماً ) : حسناً ، ألقاك بخير ( يخرج ) . قمر : وداعاً ( توصد الباب خلفه ) . * * *
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قوننة الإسلام عن الهوى
-
الديكتاتور 24 (الغرور)
-
إصلاح العقل في الإسلام
-
الديكتاتور 23 (مغامرات الوريث)
-
هل الإرهاب ديدن الإسلام ؟
-
الديكتاتور 22 ( مومس الوريث )
-
الإصلاح وإشكالية الإسلام
-
الديكتاتور 21 ( التوريث )
-
الحوار المتمدن .. ورحلة البحث عن الحوار
-
الديكتاتور 20 ( النجل )
-
الإسلام والغرب : الترهيب المتبادل
-
الديكتاتور 19 ( الإعدام )
-
الديكتاتور 18 ( النفي )
-
الديكتاتور 17 ( فرمانات)
-
أهلة التطرف الإسلامي
-
الديكتاتور 16 ( الشاهد )
-
مأسسة الطائفية في سورية
-
شيوخ الإرهاب في دمشق
-
الديكتاتور 15 ( الحِداد )
-
الديكتاتور 14 ( الانقلاب )
المزيد.....
-
قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي
...
-
رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات
...
-
بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ
...
-
مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل
...
-
الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع
...
-
ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع
...
-
في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
-
-يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا
...
-
“أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن
...
-
“أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|