أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عرفة خليفة الجبلاوي - تساؤلات حول آي الكتاب المبين (4)















المزيد.....

تساؤلات حول آي الكتاب المبين (4)


عرفة خليفة الجبلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 2866 - 2009 / 12 / 23 - 12:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


سابعا: حروف النفي في القرآن
كنا في المرحلة الابتدائية نحفظ نصوصا قرآنية ضمن المناهج الدراسية، ومن بين النصوص التي لم يستطع عقلي استيعابها سورة (القيامة) وما بها من قسم منفي: لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2). وكنت أقنع نفسي وقتئذ بأن المؤمن لا يجوز له أن يقسم ويحلف إلا بالله، كما ورد في حديث ابن عمر: من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ، وفي الصحيح : من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت. لذلك فإن الله قال "لا أقسم". ولكن هذا التبرير الطفولي انهار عندما قرأت: فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ (المعارج 40)، فهنا الله لا يقسم بنفسه أيضا. وعندما سألت أستاذ اللغة العربية، قال لي "لا أقسم" بمعنى "أقسم" ولو كانت هذه الصيغة غير مألوفة في كلام العرب لاعترض المشركون الذين كانوا يتربصون بالدين الجديد. ورغم أن مساواة ومعادلة النفي بالإثبات هو منطق أعرج وفكر أعوج غير مقنع إلا أنني ابتلعته على مضض.
لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (القيامة 1-3). قال المفسرون أن حرف النفي في الجملتين زائد فهو إذاً لغو في كتاب حقه أن يكون منزهاً عن اللغو. أما ما يثير الدهشة والعجب معا هو أن الله أقسم ولم يأت بجواب القسم فصارت الآية تعاب بالزيادة في أولها وبالنقص في آخرها.
في القرآن ثمانية أقسام تبدأ بـ (لا أقسم) هي: فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (الواقعة 75). فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (الحاقة 38-39). فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ (المعارج 40). لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (القيامة 1) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (القيامة 2). فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (التكوير 15). فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (الانشقاق 16). لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (لبلد 1).
قال الطبري اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: "فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِع النُّجُومِ" فقال بعضهم: عُنِي بقوله: "فَلا أُقْسِمُ": أقسم. ذكر من قال ذلك ومنهم سعيد بن جبير. وقال بعض أهل العربية: معنى قوله: { فَلا } فليس الأمر كما تقولون ثم استأنف القسم بعد فقيل أُقسم.
إذا "لا أقسم" بمعنى "أقسم". وبذلك يكون القسم في الآية: وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (التين 3) معادلا لنفي القسم في الآية: لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (لبلد 1).
لكن هل ظاهرة النفي بمعنى الإثبات لا تظهر إلا في أقسام ـ جمع قسم أي حلف أو يمين ـ القرآن فقط؟ الإجابة لا بل هناك أمثلة عديدة في القرآن بأتي النفي فيها بمعنى الإثبات وأمثلة أخرى يأتي الإثبات فيها بمعنى النفي، ومن تلك الأمثلة:
(1) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ (الأعراف 12). والتقدير‏:‏ ما منعك أن تسجد ف (لا) زائدة ودليل ذلك ما ورد في الآية: قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ (ص 75) وقد خلت الآية من (لا) النافية الموجودة بالأعراف.
(2) فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (الحجر 92) يخالفها ـ ولا نقول يناقضها ـ ما ورد في سورة الرحمن: فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ (الرحمن 39). فهل سيسأل الله الناس في يوم القيامة أم لن يسألهم؟ إذا كان سيسألهم فيكون حرفا النفي (لا) في (الرحمن 39) زائدتين. أما إذا امتنع السؤال فسيتغير تركيب آية الحجر.
وبمنطق حيادي يحلل فخر الدين الرازي هذا الاختلاف بقوله: ولا معنى لقول من يقول أن السؤال إنما يكون عن الكفر أو عن الإيمان، بل السؤال واقع عنهما وعن جميع الأعمال، لأن اللفظ عام فيتناول الكل. فإن قيل: كيف الجمع بين قوله: { لَنَسْـئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } وبين قوله: فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْـئَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَانٌّ (الرحمن: 39) أجابوا عنه من وجوه:
الوجه الأول: قال ابن عباس رضي الله عنهما: لا يسئلون سؤال الاستفهام لأنه تعالى عالم بكل أعمالهم، وإنما يسئلون سؤال التقريع يقال لهم لم فعلتم كذا؟ ولقائل أن يقول: هذا الجواب ضعيف، لأنه لو كان المراد من قوله: { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْـئَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَانٌّ } سؤال الاستفهام لما كان في تخصيص هذا النفي بقوله يومئذ فائدة لأن مثل هذا السؤال على الله تعالى محال في كل الأوقات.
والوجه الثاني: في الجواب أن يصرف النفي إلى بعض الأوقات، والإثبات إلى وقت آخر، لأن يوم القيامة يوم طويل. ولقائل أن يقول: قوله؛ (فَيَوْمَئِذٍ) هذا تصريح بأنه لا يحصل السؤال في ذلك اليوم، فلو حصل السؤال في جزء من أجزاء ذلك اليوم لحصل التناقض.
والوجه الثالث: أن نقول: قوله: { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْـئَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَانٌّ } يفيد عموم النفي وقوله: { فَوَرَبّكَ لَنَسْـئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } عائد إلى المقتسمين وهذا خاص ولا شك أن الخاص مقدم على العام. (انتهى)
ولغويا هاتان الآيتان لا حل لهما بسبب التوكيد وعدم الاستثناء فيهما.
(3) فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (المؤمنون101) نفي لإثبات الآية: وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (الصافات 27). ومن نافلة القول: أن التساؤل يختلف عن السؤال.
(4) هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (المرسلات 35،36) الآية تنفي نطق الكافرين يوم القيامة ولكن الآية التالية تجعلهم ينطقون ويقولون: وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (الأنعام 27)
فهل في يوم القيامة سينطق الناس أم لا؟
(5) لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ (الحديد 29). (لا) زائدة في قوله (لئلا) والأصل (لأن)، فالمفسرين يزعمون أنه أراد أن يقول ليعلم أهل الكتاب الخ إلا أن هذه الزيادة عكست معنى الكلام وأحالته إلى ضد مراده.
(6) قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون (الأنعام 109)‏ لا زائدة‏.‏ والمعنى‏:‏ وما يشعركم أنها إذا جاءت يؤمنون.
(7) وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ (فاطر 22) لا زائدة والمعنى: وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ والْأَمْوَاتُ والدليل قوله في نفس السورة: وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (فاطر 19)
(8) وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (النحل 15) يعنـي: أن لا تـميد بكم. و(لا) محذوفة
(9) وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (الأعراف 172). وهذا إثبات المراد منه النفي فعبارة (أن تقولوا) المقصود منها (لئلا تقولوا). هنا أيضا (لا) محذوفة.
(10) أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (الزمر 22). وهذا أيضا إثبات المراد منه النفي فعبارة (مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ) يقصد بها (من ترك ذكر الله)، لأن القلوب لا تقسى بذكر الله بل بترك ذكره.
(11) يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (النساء 176). وهذا أيضا إثبات المراد منه النفي فعبارة (أَنْ تَضِلُّوا) يعني بها (أن لا تضلوا).
(12) غير المغضوب عليهم ولا الضالين ‏(الفاتحة 7). (لا) في قوله‏:‏ ولا الضالين زيادة وجاءت زيادتها لمجئ (غير) قبل الكلام وفيه معنى النفي‏.‏ ويقول السيوطي في (إعراب القرآن) ألا ترى أن التقدير‏:‏ لا مغضوباً عليهم ولا الضالين
(13) وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (الأنبياء 95) لا زائدة‏.‏ والتقدير‏:‏ وحرام على قرية أهلكناها رجوعها إلى الدنيا ف (لا) زائدة.
ما قولك بعد هذا الخلط بين النفي والإثبات؟ وكيف يفرق القرآن بين الحق والباطل، أو بين الصواب والخطأ. (أقسم) مثل (لا أقسم). في رأيي الخاص وبحتمل فيه الخطأ أن (لا) أصلها (ل) والكاتب اعتبر خطأ أن الفتحة ـ التي كان شكلها ألفا ـ هي حرف ألف وليست علامة تشكيل. لكن الموضوع له مشكلاته التي لم تحل، خاصة في أدوات النفي المحذوفة.

والموضوع متبوع




#عرفة_خليفة_الجبلاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تساؤلات حول آي الكتاب المبين (3)
- قول على قول: رد على مقال ... تساؤلات حول اّي الكتاب المبين 2
- تساؤلات حول آي الكتاب المبين (2)
- تساؤلات حول آي الكتاب المبين (1)


المزيد.....




- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن
- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف تحركات الاحتلال في موقعي المالكية ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي: جرائم الكراهية ضد اليهود تضاعفت ثل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عرفة خليفة الجبلاوي - تساؤلات حول آي الكتاب المبين (4)