أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - فاطمة ناعوت - أولى كيمياء/ هندسة القاهرة














المزيد.....

أولى كيمياء/ هندسة القاهرة


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2866 - 2009 / 12 / 23 - 11:40
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


كان نهارًا لا يُنسى! دعوةٌ كريمة من د. أحمد جابر، أستاذ مادة "الإنسانيات" بجامعة القاهرة، لإلقاء محاضرةٍ عنوانها: "العمارةُ أمُّ الفنون"، على طلاّب الصفِّ الأول، قسم الكيمياء، بكلية الهندسة. خلعتُ عنّي ثوبَ الشاعرة، وبحثتُ عن ثوب المعمارية، الذي نَضَوْتُه منذ سنوات، حيث الصحافةُ والعمارةُ، كلاهما ذو إباءٍ، لا يقبل الشريك، فوجدت الثوبَ زاهيًا لم يزل.
صَبيّةٌ صبوحٌ بين صبايا بلون الغدِ المشرق، استقبلنني عند باب سيارتي، بباقة وردٍ، هي الآنَ أمامي في مزهرية فوق مكتبي، وأظنُّها لن تذبلَ مدى العمر!
شبابٌ في عُمر الزهر الواعد بكثير الرجاء. يحملون ما يجعلنا نراهن عليهم أن يخرجوا بمصرَ من عثرتها. بادرتُهم بإعلاني حسدي إياهم على أستاذهم د. جابر، المثقف الموسوعيّ، الذي سرَّب لهم حبَّ الثقافة والقراءة والبحث والتأمل وشحذ الذهن. أساتذتُهم الآن أدركوا أن العلومَ الإنسانيةَ حتميةٌ لطلاّب الهندسة، فيما أنا من جيل فصلَ، بحدِّ السيف، بين العلميّ، والأدبيّ! فكنتُ أضطرُ إلى استعارة كتب الفلسفة وعلم النفس والتاريخ من زملاء القسم الأدبيّ. أقرأها خلسةً، بعيدًا عن عيون أمي الحاسمة، التي لم تسمح بأن أقرأ حرفًا خارج المنهج العلميّ الجامد بمعادلاته الرياضية وهندسته الفراغية وكيميائه وفيزيائه! في هندسة عين شمس، قبل عقدين، تعلمتُ أن العلومَ الإنسانية تخصُّ كليّات أخرى، مثل الآداب والحقوق والإعلام؛ فيما تسيرُ الهندسةُ في دربها الناشف! لكن العمارةَ أمُّ الفنون، فكيف لا نتعلّم كيف يشعرُ ويفكرُ ويحلمُ هذا الإنسان الذي سوف نبني له بيتًا؟!
خلال ساعتين، تكلمنا كثيرًا. تكلمنا عن المادة والصورة، الوظيفة والجمال، المضمون والشكل، منذ أفلاطون وحتى ما بعد الحداثة. مرورًا بأرسطو وفرانك لودرايت وميز فان ديرّو.
ناقشنا حتمية الفنّ في حياة الناس. وكيف انتبه الإغريقُ إلى نزعة غريزية لدى الإنسان تدفعه للفن، نُشدانًا للّذّة الروحية العُليا، حتى هتفَ أفلاطون: "علّموا أولادَكم الفنَّ، ثم أغلِقوا السجون!". ناقشنا عائلةَ الفنِّ السداسية: العمارةُ، النحتُ، التشكيلُ(العائلة المكانية، التي تعتمد النِّسَبَ والمسافة والأبعاد)، والمسرحُ، والشِّعرُ، والموسيقى(العائلة الزمانية، التي تعتمدُ التوقيعاتِ الزمنيةَ والإيقاع). وكيف حاول الفلاسفةُ مدَّ جسور بين العائلتين، بتحليل العمارة، مثلا، بدلالات الإيقاعات الموسيقية، الخ.
تكلمنا عن نظرية الجمال، وعن البساطة والتعقيد في الفن. عن العمارة وتطورها، منذ ابتنى الإنسانُ مأوًى من جذوع الشجر، ليحميَه من الضواري، والطبيعةَ القاسية، إلى أن اعتلى شواهقَ عالياتٍ يناطحُ بها السحابَ. مررنا على المدارس الفنية، بدءًا بالكلاسيكية، وعمارة العصور الوسطى، والباروك والروكوكو، والقوطية، والتفكيكية، والتكعيبية، والحداثية، وما بعد الحداثية، وصولاً إلى العمارة الخضراء، التي ظهرتْ مع خوف الإنسان من النفاد، الوشيك جدًّا، للطاقة والمياه والنفط. فرجع الإنسانُ، "بتأدّب"، ليصالح الطبيعة التي كمْ آذاها! ثم لينهل منها طاقةَ شمسها ورياحها وخُضرة أشجارها. رفضنا الحديثَ، ولو مرورًا عابرًا، عن العمارة الفرعونية التي أذهلت الوجود، خوفًا من الكلام عنها في عجالة لا تليق بِهَوْلِها. تلك العمارة التي استحقت مصرُ من أجلها أن تكون البلدَ الوحيد الذي نُحِتَ من أجله عِلْمٌ خاصٌّ مشتقٌّ من اسمه: المصريات، Egyptology.
تكلمنا عن حسن فتحي، شيخ المعماريين المصريين، صاحب "عمارة الفقراء"، وتكلمنا عن نبيل شحاته، المعماريّ المصري الموهوب، صاحب مشروع "بيت القاهرة" بمدينة الفسطاط، جوار بحيرة مجرى العيون بالقاهرة، ذاك الذي يمثّل نموذجًا رائعًا للعمارة الخضراء التي تهدف إلى ترشيد إنفاق المياه وتعتمدُ الطبيعةَ مصدرًا للطاقة والتكييف والإضاءة.
سألوني: هل مصرُ عربيةٌ؟ قلتُ: مصرُ ليستْ عربيةً، مصرُ مصريةٌ! هكذا أراها، ولستُ أدعوكم إلى رؤية ما أرى. لكنْ أدعوكم، بإصرار، أن تؤمنوا بأنكم أبناءُ سلالة من أرقى سلالات الدنيا، وعِرْقٍ من أرفع أعراق الأرض، أدعوكم أن تعلموا أنكم تحملون جيناتٍ حضاريةً علَّمتِ العالمين الفكرَ والعِلمَ والسياسة والفنَّ، وقتما كانتِ البشريةُ ترفلُ في الجهالة والهمجية. أحثّكم، كأبناء بلد عظيم اسمه "مصرُ"، أن تعلموا أنكم نتاجُ مجد عريق، وعليكم أن تعملوا على استحضار حجر الفلاسفة، الذي هو استرداد هذا المجد، الذي تستحقه مصرُ. وعليكم رِهانُنا.جريدة "المصري اليوم" 14/12/09





#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المحطةُ الأخيرة
- هُنا الأقصر
- وتركنا العقلَ لأهله!
- لا شيءَ يشبهُني
- طيورُ الجنة تنقرُ طفولتنا
- المرأةُ، ذلك الكائنُ المدهش
- مصنعُ السعادة
- شباب اليوم يعاتبون:وطني حبيبي الوطن الأكبر
- سور في الرأس، سأسرق منه قطعةً
- التواطؤ على النفس
- حاجات حلوة، وحاجات لأ
- التخلُّص من آدم
- بلال فضل، وزلعةُ المِشّ
- الثالثُ -غير- المرفوع
- كريستينا التي نسيتُ أنْ أقبّلَها
- أعِرْني عينيكَ لأرى العالمَ أجملَ
- أنا عيناك أيها الكهلُ
- التردّد يا عزيزي أيْبَك!
- قطارُ الوجعِ الجميل
- بوابةُ العَدَم


المزيد.....




- ترامب: جامعة كولومبيا ارتكبت -خطأ فادحا- بإلغاء حضور الفصول ...
- عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف منفذي هجمات سيبرانية
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...
- رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن حزمة إصلاحات جديدة
- الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة ويشتبك مع فلسطينيين بالخليل
- تصاعد الاحتجاجات بجامعات أميركية للمطالبة بوقف العدوان على غ ...
- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - فاطمة ناعوت - أولى كيمياء/ هندسة القاهرة