أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف ليمود - من العيون في العيون 3















المزيد.....

من العيون في العيون 3


يوسف ليمود

الحوار المتمدن-العدد: 2866 - 2009 / 12 / 23 - 00:26
المحور: الادب والفن
    


عندما


عندما أولد مرة أخرى
انظرْ إليَّ في سكينة
أنت، يا من رأيتني في كل الحيوات
وتراني في هذه

في ذهول، وبعطف وحنان
امسك نوْماتي
كي لا أسقط من يديك كما تسقط كرة
تتدحرج في مدينة فولين إلى ميدان بالاكي
مرةً أخرى يجب أن أكون سعيداً

x x x

أوراق آذان الجدي تنبض

والنهر أيضا في الزمن
شجرة الدر تتلمس أسراب الغربان
لكن السماء معكوسة في البركة

سُحيبات خفيفة
تطير عليها
أشجار وصخور وتماثيل
أو
تماثيل وصخور وأشجار

تسبح تحتها
سحابة وردية لا نهائية
تخضبها سبعة أذيال ناصعة البياض
دقيقةً تبدو في الأفق
كبذور البتولا الفنلندية

الأجراس تدوّي وتتهادى إليك

إنها الظهيرة

على كل عود
على كل لوح في السور
على جلود النباتات كلها
والأشياء
وكل الكائنات



قصة

قصيدة
كما لو ندف جليد
تنقر عكازة أعمى

حدث
قبل ثلاثة آلاف سنة
أو أيضا ثلاثة آلاف يوم
أن
أمسك الجليد نارا
طار السحاب
في السماء الفولاذية المشبعة بالنجوم

بين كل تلك النجوم كانت واحدة
تحبّ هذه الأرض
نورها يلامس أطراف الكون الأسود
من النهر تأهّب الصَدَف
والريح دثّرت نفسها بلمعان نحاسي.
تحت قرميد السطوح
تضيء الشرفات جدرانا تعيسة
تحمي الأنفاس البشرية
حتى نهاية قرننا

ثمة هسيس خافت
إذ تنمو عروق المعادن في بطن الجرانيت
تتعرى الأحجار الجيرية خلف المدينة
يرنّ همسُ التماثيل الكؤوس الأجهزة
فجأة يهمس العفريت من الراديو:
ماذا إذاً؟ هل ستُجنّ؟
عدا ذلك
يغلّف الليلُ الشعرَ دائما
فقط هنا
وفي الكون هناك

عقارب ساعة البرج وقفت أمام زمن مجهول
في ميدان الشهداء
تلفّ الريح نصب الأسرى
آثار الأقدام تقود عبر الغابة إلى نهر ستكس

إنها مثل صباح في أثينا:
والفجر على جزيرة كامبا
أو صور في شارع هِلِْك

قصة هي خليط من ذكريات
من أنهار وأجنحة إيكاروس

لا حدثَ يقدر أن يطغى على هذه القصة
بخطافه يضرب الشعرُ فيها
لا بد أنه في مكانٍ ما هنا
لكن أين؟
يورِك وحده يعرف


من العيون في العيون


القصيدة تنظر إليّ من عيونها

أكتب إليك
عن وادي العلّيق
عن غابة البيلسان
عن سلسلة جبال العنب
عن تعاسة الطبول الزجاجية

العيون طاردتني
أفتح باب المصباح
أطفئ الشباك
الورقة تحترق
الغابة سلسلة التلال الباب

حذار
لا تقذف بنفسك في اللهب
الموسيقى تطعن كالرمح
مايسترو موزار يمرق خطفا
بمطرٍ وراء القلب

كمنجات!
أعرني وترا
أكتف به نفسي

القصيدة تنظر إليّ في عيوني


مائدة بيضاء

إلى لودفيغ كونديرا

على زجاج أملس يجمع الكلمات
ويخلطها في البياض

ثم يكتب على قصاصات القماش من جديد
مائدة بيضاء

ثم يذهب يتمشى
يأخذ السخام أيضا معه
يسقط الظل من الصخرة على الكراسي

مثل مرةٍ في مدينة بيلسن
حين الجليد كان يسقط

لم يكن آنذاك الأبيض


أنا أكتب


الخاتم كأس النبيذ

والوادي الذي مسّده الصدأ

يقولون ذاتهم

أكتب: البرج

ومن الشباك ألمح

ما يعني البرج من داخل الغرفة

وميض نور يُعمي عينَ نومي

والقصيدة؟

دعها تقول ذاتها حين القراءة



في التاسع


البرق تلا تعاويذه

الشجرة احترقت

لا

لم يلحظ الموتَ أحد

الضعفاء بحثوا عن ملجأ

الأقوياء غاصوا في التأمل

لكن أحدا لم يفكر في مسح الدموع عن الأنقاض

ظلال النار تراجعت في الغسق

والظلام هبط سريعا

كان ذلك في أبريل

في التاسع من هذا العام



ظل


الظل الذي تركتُه على وجهك

عبَر النهر

لن أعبر أنا إلى الضفة الأخرى

بوجهي

أغوص عميقا في الحائط

الظل خلفي

يرقد

ولا ينام



اثنتا عشرة شمس


من حافة العالم

تشق طريقها مثل سفن

اثنتا عشرة شمس

في اتجاه الأبدية

الشمس الأولى من الطفولة

الشمس الثانية من الأمهات

الشمس الثالثة من الورود

الشمس الرابعة من القمر

الشمس الخامسة من الحمام

الشمس السادسة من الـ لا تنسني

الشمس السابعة من الخشخاش

الشمس الثامنة من الصيف

الشمس التاسعة من النبيذ

الشمس العاشرة من كواسر الطير

الشمس الحادية عشرة من حجارة الطباشير

الشمس الثانية عشرة من أجراس الشتاء

اثنتا عشرة شمس عددهم جميعا

الأبدية تبذّر الثواني حولها في بذخ

الغابة تفيض بالزمن

والأبديان يتناديان

حُبّني

حبني



ألوان


قصيدة خضراء ترفض أن تُكتب

دعك من الأخضر

قصيدة سوداء الأفضل لا تفكر

قصيدة ليلكية: حبني حتى القبر

قصيدة بيضاء: ملح على المائدة

أو كابتن سكوت على القطب الجنوبي

قصيدة وردية: مجنون يعرف كيف يضحك

من الشمال إلى اليمين والعكس

قصيدة ذهبية: استراديفاري مترع بكونياك جورجيا

قصيدة صفراء: أين فقدت كيس التبغ

قصيدة زرقاء: مِن أنا أحب إلى أنا لا أحب

ثانيتان فقط

قصيدة قرمزية: الشمعة تحترق وأنت نائم

بكتاب مفتوح

قصيدة بنية: منظر نادرا ما يُزار

قصيدة رمادية ترفض أن تُكتب



ما آخذه معي


التمثال في المدخل يرشح بالبلل حتى الجلد

أسماك كابتسامات الماء البللوري

شجرة الكستناء ـ لطف عينيك في الفروع

السد أسفل الطاحونة

كما لو تجاعيد شعر الرينيسانس تتموج على رقبتك

يخيفني كثيرا منظر تعلوه قلعة

يخيفني كبدلة زفافي

ولو كانت لمرة واحدة

وأنتم ستكونون عندي

وكذا العاشر من آيار سنة ألفين

مثل موظفي المستقبل

أغامر بتوقيع العقد معكم

وأنت أيها الزمن

قم بواجبك أيضا

تجاه كل موردي الأشياء الجوهرية والنجوم



قصيدة خضراء


تكتبُ بغزارة

كما لو ورقة على ورقة تسقط

من شجرة رسامِ بوهيمْيَا

من زمن وأنت تكتب لي

على صفحات الأسطح القوطية

الآن تفتح نافذتك

وتكتب على الندى

تكتب

كانسياب زمرد

على عنق رشيق

الندى يجمدني

وعيناي يمسكهما البرد

لطفك علي وإلا

أقذف بنفسي في الجهة الأخرى



طبيعة صامتة من زجاجات وأباريق


زاوية شباك حزينة

ومفتاح مهجور

ألغاز الكلمات المتقاطعة لبروكوفييف وشبيخت

وأدوية

تطرد السموم بالسموم

التوق بالتوق

ساعة الليل هذه لا قلب لها

مقطوعة من حجر ربما

مع ذلك

تسقط على الأرض والأوراق

حزن في العنق

حزن في الزجاجات والأباريق



صورة ذاتية


هنا أنا

لكن ليس الأمر بهذه البساطة

ينقص أن أصور نفسي مع حزمة ورد

والنمش

يجب أن يكون واضحا

والأخطاء

لخداع الأعين

والطفولة

الجائعة أبدا

كالقصائد

أيضا

وأنا على أريكة

برأس مسحه الشيب

لكني الآن أطير على الجناح الأيسر للنار

والليل في جناحها الأيمن



كمان الربيع


رسم من الأرغن

من النفخة الأخيرة

من آخر قشة ضوء

كصخرة فضية

خرجت من إطار النهار

كزهرة لوتس

انبثقت من كمنجات عارية

إلى خبراء هموم الربيع



كمان الصيف


أوه نعم يا أصدقائي

لقد استمعتم إلى موتسارت بين المطر

شرطة واحدة فقط زيادة

لكان المركب غرق

مركب ممتلئ بالكشمش

وبشاي الورد



كمان الخريف


الليل يجعل الشعر يفيض حول المصباح

كغاز يتدفق

لكن الموسيقى تمشط النار:

خيول ترعى حول الكمنجات

وفي الدم تسبح

زهريات وخريف ورافيل

أردتَ أن تقول: خيول

وقلت: خريف

في مرآة فينيسيا

ما تزال ظلال الجميلات

هكذا

كعاشقين

قُذف بهما إلى الدنيا



كمان الشتاء


عتمة بين الأوتار واستراديفاري

هكذا الحال في الموسيقى

هائلة كغابة

يضيئها الثلج

رقة الرقة:

سقوط الجليد

حلم في حلم

من الكنبة أريك

حفيف شجيرات الحسك المزهرة

أنت تنام

وعلى جنبيك بقايا جليد

كما لو نشرت غسيلا على أسلاك الحلم

وفي منتصف الليل تستيقظ

بلمبة مضاءة

أنت الذي لم تكن

لم تكن ولن تكون

احك هذا لخالتك



حرق قصيدة


الضوء الجليد يغمر البيت

والرأس في الممرات والسدود العاوية بالريح

أو في المطر

عود ثقاب يشتعل في القلب

الأوراق الغضبي تتأوه

والخطابات الممزقة

النار تزوجت

والماء تزوج

متأخرا جدا كان وصولكم

كل شيء انتهي



شمال وجنوب


في الجنوب:

تلال بلدتك

وياسمين ـ أو شجيرات الزعرور

في الشمال:

مد أخضر وإزهار

كأزهار الشر

في الجنوب:

منظر بثلاثة أقمار

ونصفي قمرين يرعيان الهموم والمطر

في الشمال:

تميل من الحلم كي

ترى الفتاة التي

تغني على الأرغن

في الجنوب:

باب من قصدير

ومرآة من ريش



هنا وهناك


من زاوية العين اليسرى لتمثال وسط مجموعة

من العين اليمنى ليتيم عالة على المجتمع

في الأذن اليمنى لمحاولة قصيدة

في الأذن اليسرى للريح العارية

في العين اليسرى العدد الصحيح للسنين

لكن في اليمنى آلاف السنوات

والقلب؟ في مكان ما في الوسط

المرآة تعكسني

لكن ذاك ليس أنا

.

القصائد للشاعر التشيكي يوسف هروبي

الترجمة عن الالمانية: يوسف ليمود

النهار البنانية

الكتاب يصدر قريب






#يوسف_ليمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نبي العربدة الحمراء هيرمان نيتش
- ستيلارك .. الجسد الناقص وامتداداته التكنولوجية
- قديسة الجسد الجديد أورلان .. خطوة في اللحم لا يحتملها العالم
- الجسد حقلا استكشافيا وكونا يحوي الكون
- مقاطع في حيز العابر 5
- -الخبز- بين خميرة الفن وشحّ الواقع في معرض بالقاهرة
- مقاطع في حيّز العابر (4)
- وجوه بالدم المتجمد لمارك كوين
- مقاطع في حيّز العابر (3)
- بعد أربعين عاما على غيابه، طيف رمسيس يونان يزور القاهرة في م ...
- ملاكمة بقفازات الفن
- القيامة في فوتوغرافيا اندرياس جورسكي ومعرضه من جناح طائرة
- مقاطع في حيّز العابر (2)
- Art | Basel | 40
- مخلوقات البيرتو جياكوميتي بين رؤيا الفناء والانتحار البطيء
- الفنان الألماني ميخائيل بوته .. بورتريه عن قرب
- مقاطع في حيّز العابر
- صلاح بطرس .. منحوتات تستنقذ ما يتلاشى من روح مصر
- ليذهب فان جوخ إلى الجحيم
- سحرية الصورة في أفريقيا، أوقيانوسيا، والفن الحديث


المزيد.....




- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف ليمود - من العيون في العيون 3