أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - فراش حب (2) : بحر















المزيد.....

فراش حب (2) : بحر


لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان

(Lama Muhammad)


الحوار المتمدن-العدد: 2865 - 2009 / 12 / 22 - 07:59
المحور: الادب والفن
    


29-1-2004
تخيلتها و كتبتها كأسطورة :
(يحق لأيّ نهر أن يغيّر مصبه مرة واحدة في هذه الحياة ، عندها تمنحه الطبيعة مصبا جديدا في المحيط أو البحر الذي يختار ، و لو أنه اختار مصبه في بحيرة أو مستنقع لما منع ، لكن إن تأرجح ثانية إلى مسار آخر أو حلم بمصب ثالث ، يحكم عليه بالجفاف و يتحول طريقا ترابيا تتناوله جميع الأقدام ...)
تخيلتها أسطورة بصور متحركة كأفلام الأطفال إلى أن صرت بطلتها ...و أمست هي تدمغ صفحة عقلي بثباتها ، أو ربما هي حياتي التي آلت كلها صورا متحركة.

24-11-2002
اعتدت الهزائم ...تأقلمت مع غدر الأصدقاء ، مع خيانة الحياة ، لكنني مازلت أتألم ،و أسأل :
لم يقتل الاعتياد ألم كل شيء ، إلا ألم الذكريات ؟!
يبقى ألمها يقرع ذلك الجرس ، يذكرك بصوت أيام خلت ..عندما كنت تضج حياة ، عندما تخيلت حياتك مع من تحب ، عندما رسمت بيتا ، أثاثا ، أطفالا ، مشاكلا ..عندما نحتّ طموحا ، و افترضت مستقبلا .
تقف أمام نفسك في لحظة تأتي كل حياة مرة واحدة :
كم كنت أحمقا ، لم تركت أحلامي؟!
تشيخ ، تهرم ، و ما زلت شابا ..صدمات ، صدمات ..بأهلك و أخطائهم ، بأصدقائك و زيفهم ، بمن تحب و قد باعك .
تقف على ذلك المفترق ..تتذكر الأساطير :
إن نظرت للخلف تقضي...
و تضطر أن تمضي ، شيء ما انكسر ، تمزق .. يحتضر كل يوم ولا يموت .و تسأل نفسك مجددا :
ما بي؟!
قدرك ضعفك !! تتذكر من قويّت نفسك بهم يوما فقوّضوك ، و تندم على ما كان ، على كل ما كان .

29-11-2002
"بحر" .."بحر" الذي استقبل نهري الصغير ، نهري الذي أصبح أو أمسى رافدا له ..نهري الذي غيّر مصبه كرامة عينيه و تفاءل بأحضانه ..أحضانه التي ابتلعته ، و يا ليتها أغرقته .
ذات خريف ، شاحبة أنا و هزيلة ،أضناني ما اعتقدته حبي الأول ، مراهقة السنوات الأربع و العشرين التي فشلت في دور العاشقة البائسة ، اصطدم بصدفة تحمل على متنها "بحر".
شفافا يصخب رجولة ..شاب الثلاثين الذي أتقن دور العاشق المنفي من قبل الحكايا.
كان هذا أول موعد لي مع السعادة ، أول تاريخ يدوّن ليسخر مما أسميته عشقا ل "معد" .
أول يوم أحس فيه أنني عدت هنا ..أين هنا؟
في الحياة!!

24-12-2002
عندما تحس أنك تعرف أحدا من البعيد ...زرت و إياه جميع البلدان و غادرت به إلى السماء ، سخرت معه من الموت ،و دست بفضله على الفقر و الجوع ، فأنت حتما وقعت في ما يسمونه : الحب.
و بدأت قصتي معه رميت بألف عصفور ، و مئات النرجسات الصغيرات ، و عشرات الأحلام الهاربة ، و صيرته حقيقة واحدة في أكوام من مهملات حياتي .

1-4-2003
أعلم أنني نسيت الأوراق منذ زمن ، لأنني كنت ألتقيه كل يوم ، و أرجع البيت لأحفظ كلامه و أتذكر عينيه ...
أكتب اليوم لأتذكر كم سعيدة أنا الآن ، كم أحس أنني موجودة ، و متصالحة مع الحياة .
في طريقك إلى حلمك تتعثر كثيرا ، قد تقف أحيانا بقوة و صلابة ..لكنك غالبا ما تتخذ الزحف طريقا آمنا يغنيك عن السقوط مجددا ، و ما الذي فعله بحر ؟!
أنهضني ...
-الحياة وجدت لنعيشها ، لم نعتبرها كيانا مستقلا يمد لسانه ، أو يدير ظهره !
الحياة كيان في داخلنا ، و كأنما هي حالة فصام جماعي ، تسكننا جميعا ،فإن قضينا كلنا تقضي ، لكنها لن تنتحب مطلقا لفشل واحد أو عشرة أو ألف.
-أمتأقلم أنت معها ؟!أفشلت يوما ؟
-لست متأقلما ، لكني فشلت مرارا .الفشل مفهوم نسبي ، و جميعنا ستقف منا الحياة يوما موقف اللامبالاة و سنقع ، و لكننا بفضلها أيضا ننهض .

20- 10- 2003
سفره اقترب و أنا مازلت جبانة .
كيف سأقنع أهلي بشخص لا يحمل مواصفات صهرهم المفترضة ، كيف سيتمرد ضعفي على حقد قومي و طائفي تاريخي؟!
-أحبك يا جامعة العسل ، (كتير) عسل (بيحلى ع قلبي)
-ما الذي تقصده بجامعة العسل ؟
-أليس اسمك "كارمن" !

5-12-2003
اليوم دخلنا الدوامة ، جاء "بحر "بيتنا .
مازال طوقي في رقبتي، مازالت رقبتي مهددة بالمقصلة إن هي تجاوزت تقاليدا مقدسة .
بعد رحيله ، و بعد ساعة التوتر التي مرت على المنزل ،استدعاني والدي :
-لو أنه مسافر فقط كنّا سكتنا ، لكن هذه غربة قوميّة ..غربة طائفة ..و غربة دولة .لذلك فقد حسم الأمر و انتهت المهزلة .

إلهي كيف ننسى كل ما نادينا به عندما يقترب الموضوع من فكرة بالية أو تقليد رث كل فضله علينا ينبع من كونه يذكر بأب خالفناه ، و أم أهملناها .و يبقى اعتذارنا منهما أن نمسك ما ورثوه عن أجدادهم كمسلمات.

16-12-2003
لا أتخيل أنني لم أتصل معه بعدها ..لكنني اليوم استيقظت متمردة ، و قد آمنت بضرورة المحاولة مجددا .اتصلت به ، و ليتني لم أفعل .
عندما تحبوا يوما تذكروا أن من نحبهم قد يرحلون .لا لأنهم خونة ، و ليس لكوننا أبعدناهم ، بل لأن الحياة تدافع عن بشاعتها بتلك الطرق .هي ليست نظرة تشاؤمية بل تذكرة بجانب الحياة المظلم الذي يحوي فيما يحوي الموت ، الظلم ،المرض ،و الفراق .
الجانب الذي لا نذكره إلا عندما نقبع فيه ، بينما نحدق أبدا ،و نرنو دوما إلى الجانب الآخر .
سافر "بحر".. سافر إلى الدولة التي حاول إقناع والدي بجمال عيشنا فيها معا .
سافر دون أن يودعني ، تاركا جوّاله مع أخيه الذي أزفّ إليّ الخبر ، و أزاح عن كاهله غربة قوميتي ، و غربة ...
متمزقة يا أنا ...

25-12-2003
اليوم جاءنا "معد" - يحمل أسمى صفات البشر – الصفات التي لم يتصف بها يوما ، و يطلب السماح عن كونه كان مغفلا.
رباه هذه الحياة لا تكتفي بصفعك عندما تصدمك ، بل تعلنك عدوا ، و تقذف أمامك بكل ذكرى كرهتها ، بكل خيباتك ، كأنما هي تخبرك :
لن تكون فاجعتك الأخيرة ، كما لم تكن الأولى .

لماذا غادرت يا "بحر" ، لماذا لم تخطفني معك ؟
حلمت بك ، بيديك تمسكان بيديّ لنحطم معا أوثان الطوائف و أصنام القوميات .
حلمت بك لا عربيا و لا كرديا ، حلمت بك إنسانا يبحث عن سماء لوطن ، و يكره وطنا بلا سماء .
حلمت بك لا سنيا و لا علويا ، حلمت بك إنسانا تنتمي إلى الله ، إلى من لم يحتكر مذهبا أو دينا .
لا شيء سيعوّض ما فقدته بغيابك ، لم تعد السماء زرقاء في نظري ، كيف ستكسب المسكينة لونها دون بحر .
ضائعة يا أنا ...

29-1-2004
تخيلتها و كتبتها كأسطورة...



يتبع...

من مجموعتي القصصيّة : ما بقي من البحر ، صادرة عام 2006




#لمى_محمد (هاشتاغ)       Lama_Muhammad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فراش حب : (غدي)
- أسرار جنسيّة : (شرفكم وثنكم!)
- أسرار جنسيّة : (أطفال أنابيب!)
- مذكرات فراشة في بلاد العم سام (2)-حقوق الإنسان-
- مذكرات فراشة في بلاد العم سام (1)-دين الحب-
- مذكرات - قط - في بلد عربي(4)
- أسرار جنسيّة : للغيرة سلطان (2)
- مذكرات - قط - في بلد عربي(3)
- أسرار جنسيّة : للغيرة سلطان...
- مذكرات - قط - في بلد عربي(2)
- أسرار جنسيّة : قوس قزح
- مذكرات -قط-في بلد عربي
- أسرار جنسية: ثالوث
- أسرار جنسيّة : (وسواس جنسي)...
- أسرار جنسيّة :(حريم!!)
- أسرار جنسيّة :(صور ليست للذكرى!!)
- أسرار جنسية : سر (الحب والحزب الأول)
- أسرار جنسية: السر الرابع عشر (عماد)
- أسرار جنسية: السر الثالث عشر(رامي)
- سر الأسرار!!


المزيد.....




- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - فراش حب (2) : بحر