أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كامل السعدون - التعليم الروحي في مدارس الدولة العراقية الوليدة - 2















المزيد.....

التعليم الروحي في مدارس الدولة العراقية الوليدة - 2


كامل السعدون

الحوار المتمدن-العدد: 870 - 2004 / 6 / 20 - 06:26
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


الإشكالية الأخرى التي لم تؤخذ في الحسبان أو غُيبت عمداً إبان نشوء الدولة الوطنية المستقلة سياسياً ( العربية كانت أو العراقية ) ، هو أن هذه الدولة لم ترسم بوضوح ملامح العلاقة بين طرفيها الرئيسين المشتركين في مشترك الدولة الوطنية ، نعني القصر والشارع أي ( مؤسسة الحكم والشعب المحكوم ) ، وبالتالي فالطرف الحاكم أو الذي يمسك بالخيوط الرئيسية الفاعلة في الدولة والمؤثرة على الطرف الثاني ( الشعب ) ، لم يعرف أو تعمد أن يحرفَ ما يعرف بشأن التزاماته تجاه الشعب …!
هل أن مؤسسة الحكم مسؤولة عن تأمين الحماية للحدود الجغرافية للدولة ، مضافاً لمهمات ضبط أوضاع الداخل وتأمين بعض الخدمات للناس والمحافظة على أي قدرٍ ممكن من السلام والوفاق الداخلي ، أم إن مهمتها هو حماية رأس الهرم وتأمين رفاهيته واستقرار عجيزته على كرسي العرش ولو على حساب حاجات الناس الملحة ومصالحهم ...( وبالتالي فهي تعتمد قمع الداخل وضبط أسوار الخارج وإعلائها إلى أبعد حدٍ ممكن ) .
للأسف الشديد ، الحكومة العربية ( أي حكومة ) مارست الخيانة بأحط أشكالها مع الشريك الآخر على طاولة الوطن ( أي الشعب ) ، من خلال تغييب دوره وتجهيله والتعتيم عليه وتشويه وعيه .
الحكومة العربية ( أي حكومة ) هي كائنٌ سلطوي جبان متردد خائف من التجربة وخائف من التغيير ، لأن أي تغيير معناه هزهزة أركان العرش واضطراب جلوس الحاكم عليه وهذا ما لا ينبغي أن يحصل ، ولهذا فإن البديل عن التغيير هو استقرار الحال على ما هو عليه مهما كان هشاً ركيكاً معتماً هذا الذي هو عليه .
لأن التغيير في عرف أهل الحكم طوفاناً قد يطيح بالمعبد ويغرق المتعبدين وخدم المعبد ، ولهذا كانت المدرسة أبرز أدوات مؤسسة الحكم لتلقين أصول التدجين والطاعة للقائم مقام الله في الرعية .
وكان الواعظ هو من يضع مناهج التعليم تحت نظر ومباركة حاجب الحاكم وجواريه وغلمانه .
لهذا فالمدرسة العربية ورثت بالكامل موروث المدرسة العثمانية وما قبل العثمانية ، ثم أضافت لها لاحقاً معطيات الفكر الشوفيني القومي الذي لا يقل عن النازية بشاعةٍ .
وبالتالي فنحن لا نندهش إذا ما وجدنا أن هناك مجتمعات تبدو على السطح مستقرةٍ كبحيرات بلا روافد ، وهو في الواقع الحالي استقرار المستنقعات التي تؤوي شعوباً ، أغلب أفرادها كائناتْ متشنجةٍ متصلبة المفاصل ثقيلة الجرم كريهة الرائحة جبانةٍ مترددةٍ عاجزةٍ عن الخطو بغير إسناد نصوص الواعظ وسوط الحاكم .
وبالنتيجة وإذ يبلغ العفن قمته تنفجر تلك المخلوقات في هبةٍ بشعةٍ كتلك التي يسمونها الصحوة الإسلامية وما هي إلا صحوة المحتضر الذي طال انتظاره الموت ، وعافه الموت بغير إشفاق …!
مجتمعات تبدو لك من الخارج آمنةٍ مأمونةٍ مسالمةْ ، وهي في واقع الحال ، عدوانيةٍ غاية العدوانية …!
تبدو لك ممتلئة ، وهي في واقع الحال خاويةٍ كل الخواء …!
فقيرةٍ في إنتاج القيم المادية ، فقيرة في أخلاقها ، فقيرة في تطلعاتها ، فقيرة في العلاقات الاجتماعية بين أفرادها ، استهلاكية … طفيلية …. فقيرة في الإنتاج الروحي والثقافي … ضعيفة في ميدان المشاركة الإنسانية في هموم العالم الفسيح … فقيرة في ما تنتجه من اختراعات أو إبداعات فكرية أو فنية أو فلسفية … والأدهى والأمرّ … أنها منتجة لشيء واحد ..هو الإرهاب …!
حسناً … ونعود إلى الشأن التعليمي العراقي …!
العراق الآن في تصوري ، هو مشروع دولة ، دولة لم تنشأ بعد ولم يوضع حتى حجر الأساس لها …!
دولة … تهدم كامل بنائها السابق مثل بيتٍ من الكرتون ، عصفت به رياح التغيير التي هبت من الداخل كما الخارج بذات الآن …!
وحيث أن هذا المشروع يحتاج لأحجار أساسٍ متينة قوية معافاة ، فإن المدرسة العراقية الجديدة التي تعتمد العقل والمنطق وروح العصر ، هو أبرز أحجار هذا البناء …!
والمدرسة ليست بناءٌ لامع الجدران مكيفُ الهواء ، ولا معلمين حسنوا الأخلاق مفعمون بالحب لتلاميذهم حسب ، بل قبل هذا وذاك منهاجٌ تعليميٌ راقٍ .
ومن أخطر تلك المناهج وأكثرها تأثيراً في الناشئة ، منهج التربية الدينية والذي أفضل تسميته التربية الروحية لأن التعبير أغنى وأجمل وأكثر إنسانية …!
أنا أرى أن نتعامل مع درس التربية الدينية بحزمٍ وشفافية بذات الآن وبأكبر قدرٍ من الديموقراطية والعقلانية :

أولاً : أنا أرى أن يعفى التلاميذ الصغار في المدارس الابتدائية من درس الدين وتفاصيله المملة المرعبة وغير المجدية ، وتملأ حصته بالبديل الذي سميته التربية الروحية والتي تهدف لتعريف التلميذ الصغير بأهم القيم الروحية والأخلاقية ذات الطابع العملي والواقعي والإنساني كحب الآخرين وحب الإنسانية جمعاء وعدم الاعتداء واحترام حقوق الناس وحدودهم والكلمة الطيبة والتكافل الاجتماعي مع الفقراء والأيتام والمرضى في كل أنحاء العالم وبصرف النظر عن دينهم ( كما هو حاصل في دروس الدين في المدرسة الوهابية العثمانية حيث كان الطلبة ( ولا زالوا في بعض الأنحاء ) يحرضون على لعن أهل الكتاب والدعاء للمجاهدين في الشيشان وسراييفو وأفغانستان وجمع التبرعات لهم ، وتلك وربي قمة العنصرية والعدوانية ).
ثم تناقش قيمة الديموقراطية ويتم التعريف بها والإسهاب في إيضاح منافعها السيكولوجية والتربوية والمادية بشكل مبسطٍ يمكن أن يفهمه الطفل الصغير ، وتعتمد أساليب التدريس الحديثة وبعض القديمة النافعة كالإنشاد والخطابة والغناء وإشراك الموسيقى واللوحة والصورة والألعاب الحرّة والتمثيل وغيرها في غرس المعلومة عن تلك القيمة في قلوب الناشئة وعقولهم .

ثانياً :في المرحلة المتوسطة يتم تعميق التربية الروحية بتدريس مادة ( الأديان العراقية ) ، وفي هذا الدرس يعرف الطالب بالأديان التي وجدت في العراق عبر كل العصور .
وهنا يجب التأكيد للطالب على أن الغرض من التدريس إعطاء فكرة عن التنوع الروحي في العراق ومنذ القدم وبأن هذا التنوع هو بحد ذاته قيمة عظمى وإن الغرض الثاني من التدريس هو شدّ اللحمة الوطنية بين أثنيات هذا الشعب وتوسيع مدارك الطلبة وتعزيز فكرة الديموقراطية واحترام الرأي الآخر .
مضافاً إلى القيمة التاريخية والعاطفية لمثل هذه الدراسة والتي ترنو في ما ترنو إليه إلى استقصاء تطورات العقل الإنساني ونمو وعي الإنسان عبر العصور .
وحبذا لو تنتخب من الكتب المقدسة المختلفة ومن الآثار البابلية والسومرية بعض النصوص الروحية الرقيقة السهلة الفهم والتي تؤكد على مفاهيم الحب والسلام والرفق بالحيوان ورعاية الطبيعة والامتناع عن إيذاء الآخرين ….الخ .
مثل هذا يمكن أن يغني روح وعقل وضمير الطالب العراقي في سن المراهقة أو…. وهو على أبوابها .

ثالثاً : في المرحلة الثانوية وفي سن السادسة عشر تقريباً ، ينبغي ( حسب قناعتي ) تدريس الأديان الإنسانية عامةٍ ، كالمسيحية والإسلام واليهودية والبوذية والهندوسية والكونفشيوسية ( وبشكل موجزٍ تنتقى فيه أجمل النصوص ذات الطابع الأخلاقي التربوي ) ، مضافاً إلى الفلسفات ذوات النسق المعرفي المتكامل كفلسفة أرسطو وديكارت وكانت ورسل وماركس وشوبنهاور وهيغل .
وبهذا يمكن للمدرسة العراقية أن تنشئ أجيالاً مسلحةٍ بالوعي الرحب والفكر الغني والخيال الخصب والروح العذبة الرقيقة المتسامحة …!



#كامل_السعدون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعليم الروحي في مدارس الدولة العراقية الوليدة - المقالة ال ...
- عن الإيمان والإصلاح ومستقبل هذه الأمة
- الإرهاب والحرمان العاطفي والجنسي
- آراء في المناهج التعليمية في العراق الديموقراطي المنتظر
- حقوق الكرد العراقيين وتدخلات السيستاني الفظة....!
- الحفرة - قصة قصيرة
- وجيهة الحويدر ... بصيصُ نورٍ من داخل الكهف ...!
- الذي لم أأتلف معه
- قراءة في حدثٍ إسلامي مجزرة الطائف وحنينْ وما تبعهما إلى يوم ...
- مجزرة الطائف وحنين وما تبعهما إلى يوم الدين ....! المقالة ال ...
- كيف تقرأ النصّ بشكلٍ سليم ...قراءة في مقال السيد شاكر النابل ...
- أجندتي وأجنداتى الآخرين ...ردّ على الأستاذ حمدي هرملاني ...!
- عيد ميلاد صاحبي ...الخمسيني ...!
- بعض فضائل الإسلام على أهله ...قيم العبيد ...!
- بلا ... لقد فشلت الأغلبية الشيعية في أختبار التصدي لمهمة قيا ...
- قصة قصيرة - المقابر
- الزرقاوي ... السيستاني ... وما بينهما ...!!
- المرجعية الشيعية في العراق وخطوطها الحمراء التي اخترقت
- قبسٌ من الرّب ... أطفاه السياسي ... محمد ...!!
- خرافات بيت النبوة وصبيانها المشعوذين …!!


المزيد.....




- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر
- جمعية مغربية تصدر بيانا غاضبا عن -جريمة شنيعة ارتكبت بحق حما ...
- حماس: الجانب الأمريكي منحاز لإسرائيل وغير جاد في الضغط على ن ...
- بوليانسكي: الولايات المتحدة بدت مثيرة للشفقة خلال تبريرها اس ...
- تونس.. رفض الإفراج عن قيادية بـ-الحزب الدستوري الحر- (صورة) ...
- روسيا ضمن المراكز الثلاثة الأولى عالميا في احتياطي الليثيوم ...
- كاسبرسكي تطور برنامج -المناعة السبرانية-
- بايدن: دافعنا عن إسرائيل وأحبطنا الهجوم الإيراني


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كامل السعدون - التعليم الروحي في مدارس الدولة العراقية الوليدة - 2