أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر حمّش - أبوابُ الجحيم














المزيد.....

أبوابُ الجحيم


عمر حمّش

الحوار المتمدن-العدد: 2864 - 2009 / 12 / 21 - 20:13
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة

خرج اليهود، فزحفنا إلى السرايَّ تحت الطبولِ الراجفة، ولقد رغبتُ دخولها خاليةً؛ فسبقتُ الناسَ إلى سورِِها المتعالي، رميتُها بدهشتي، فتمطّتْ مثل بغيٍّ فات زمانُها، وأوسعتْ، فدخلتُها فاتحا من غير سيفٍ، فعاودني الزمانُ - ذاتُ الزمان – فجمعتُ أنفاسي غيرُ هيابٍ، ثمَّ عبرتُها، لكنّ وجهَ حاكمها العبريِّ اعترضني في ساحتِها، وقد لوّح، ثمَّ صاح متجهما:
- أمسكوه!
فصحتُ:
- مََنْ يُمسكُ مَنْ؟
وتوغلتُ، فهاجمتني القيودُ في ممراتِها، وصفدتني، وعدتُ على أبوابِ الجحيمِ أُسحبُ من بابٍ إلى بابٍ؛ حتى وصلتُ بابَ مسلخِها؛ فشخصتُ فيهِ كما الذبيح، كانت الزنازين طابورين من ضباع، وتعلّق الصمتُ، ثمَّ تفجرّ، وتعبأ البهوُّ بالنواح، وجاءتني الصيحةُ
- ذاتُ الصيحةِ -:
- إلى الصنبور!
فبُح حلقي:
- وأين الصنبور؟
وفي عينيّ ركضَ الرجالُ عراةًَ، وتفتحَ اللحمُ، والدماءُ تدفقتْ، وسمعتَُ منا صياحَ رجالنا:
- الله، الله!
وعادوا يردون على صياحِنا بسبِّ ذاتِ الإله!
فأضحى الكونُ يصْفِرُ، وفي الخارجِِ رجفُ الطبلِ مات، وخطوتُ منصاعا في جوفِ العطَنِ إلى بابِ زنزانتي، فانفتح، فاستعرضَتْ إسمنتَ أرضِها، وبلاطة مرحاضها القاتلة، وفي الدهليزِ صَرّتْ على الأبوابِ كومةُُ المفاتيح، فشحبَ أصحابي، وتأرجحت أسناننا، عدنا انتفضنا للصريرِ، كمِ انتفضنا للصرير!
وانزاحَ بابٌ في الجوارِ كما الجبل، فجاءني همسُ الرفاق:
- من في الكيسِ يُسحبُ، ليعودَ أنينا في حطام؟
وقامتْ عينايّ إلى نقشِِ اسمي، فجاءني من الجدارِ كتفُ رفيقٍ، فعدتُ أصعدُه؛ لأسرقَ لمحةً من شمسِ اللهِ، وسقطتُ عن كوّتِها على وسخِ البلاط، فزحفتُها، ليتلقفني في زاويةٍ البهوِّ (أبو حديد)!
جردني أبو حديدٍ، ثمَّ وضعني تحت الصنبورِ كما عملني الله!
- لا تحرك رأسَك!
وبدأ الماءُ يدقُّ الدماغََ قطرةً، قطرة، ظلَّ يدقُّ كسهامٍ في ذاتِ النقطة، فصارت رأسي كتلةَ ثلجٍ، صارتْ ليست لي، ويعاودني أبو حديدٍ تحت الصنبورِ، ليلطمَ بالأنبوبِ موطن ذكورتي، لطمةً تتلوها الأخرى!
يبترُ لحمي، ويصيحُ:
- سأقطعُ نسلك!
يلاعبني أياما ثمَّ يسحبني بلا عينين؛ عينايّ في علمِ الغيب!
ويوقفني بلا يدين، يداي نسيتُهما في الأصفاد!
يصرخُ: - افتح.
يباعدُ ساقيّ بهراوتِه؛ لأصيرَ صنما كما الرقم ثمانية، وأصيرَ لوحا يسبحُ في الغيمِ!
ثمَّ يصرخُ على خصيتيّ كبطلٍ، ويرفسني مثل حمارٍ، فأشهقُ أنا على الأرض، أشهقُ، وأقولُ: مِتّ!


*******

من أقاصٍ بعيدة جاءتني الزغاريدُ والهتافاتُ، فراوغتُ البهوَّ كمبعوثٍ تحت رجفِ الطبلِ، ثمَّ فررتُ!
كانت ساحةُ السرايَّ تضجُّ بالآلاف حول منصةٍ عالية، فدرتُ كما الطريد!
وضجَّت الجموعُ:
- الزعيم، الزعيم!
ورأيتُه في لباسِه الخشن يأتي، وقد تعرّقتْ تحت كوفيته جبهته المتعبة، وخمنتُه قد رآني، فصحتُ متتبعا شارة إصبعيه:
- يا ريس!
قمتُ؛ لأجري، قلتُ: ألثمه. قلتّ: أحادثه. وقلتُ: سأكشفُ ما فعلَ اليهودُ!
وعبرتُ الزحام، وقد ضاع وزني، وحلّقتُ على غمام، وتمنيتُ لو كان لي مئةُ حلقٍ أهتفُ به، ولو لي ألفُ ذراع، وحملقتُ، فوصلتني أنفاسُ الزعيمِ لاهثة، وجمعتُ بقايايَّ، ونقّلتها، فصدمني على المنصةِ وجهٌ أعرفه، ثبتُُّ نظري، فتيقنتُ، فصرختُ:
- الحاكمُ!
وطارد صوتي في صدري كالحريق:
- يا ريس!
لكنّ الزعيم ظلَّ يهتفُ!
فصحتُ:
- يا إخوان!
فلم يسمعني حتى مجاوري، فدارتْ بي عفاريتُ، ثم رمتني في فراغٍ، وسمعتُ حلقي:
- يا ريس!
لكنَّ الحاكمَ العبريّ على المنصةِ قد خطا، ليظهرَ جوارَه أبو حديد، وأخذا يلوّحان، فشهقتُ تحت الأقدامِ، وغرقتُ في غيمةٍ صلصلت فيها القيودُ، وأبوابُ الزنازين عادتْ تصطفُ على عجلٍ!



#عمر_حمّش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دربُ الجنون / قصة قصيرة
- تفاح وعلقم / قصة قصيرة
- تفاحٌ زعلقم / قصة قصيرة
- عندما يرقصُ الشهيق / نصوص قصيرة جدا
- صباحٌ مشمس / قصة قصيرة جدا
- المتصابي / قصة قصيرة جدا
- عرضُ حال / ق ق جدا
- في حزيران قديم
- مصطفى الحمدني اللؤلؤة المغادرة
- همسُ الضُّحى
- بحر الليلِ/ قصة قصيرة
- في حضرة الأف 16
- السجين
- المتمرد
- حكاية جبري العابد
- محمود درويش لن يتبقى الا أنت!
- يوميات الحالم المتأمل
- لؤلؤة الزمان
- صغار القصص
- العودة الى مجدل عسقلان / قصة قصيرة


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر حمّش - أبوابُ الجحيم