رشيد كرمة
الحوار المتمدن-العدد: 2864 - 2009 / 12 / 21 - 08:44
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
في البدء لابد من يقين أن الشيوعيين العراقيين أضافوا للنزاهة ألقها مذ شرعوا ببناء حزبهم في الثلاثينات من القرن العشرين, وفي البدء أيضاً وما يحمله اليقين من حُكمٍ قاطع أقول: أن ليس هناك ما يُخْجِلْ الشيوعيين بعد كل التجارب التي مروا بها , وعجبي من كَمٍ مُتأدبٍ هائل أضاف الحزب عليهم ولهم ثم هذبهم وهداهم لطريق الشعب كي يساهموا في بناء الإنسان العراقي وعند (الشِدَّة الأولى) والمنعطف الأول تنكروا له!! , كتب الراحل (هادي العلوي*) عن دوافع التأريخ إشتقاق من القمر , والقمر في الساميات يسمى ورخ, ويرخ ..أما القمر العربية فهي صفة تحولت الى إسم ومعناها [الأبيض الزاهر] . وأهمل الأسم الأصلي ,لكن بعد أن إشتقت العربية منه إسماً يدل على تسلسل الزمن _ التأريخ _ولعل البداية في الفعل وَرَخ المشتق مباشرة من الإسم الأصلي ورخ ,ثم أبدل الواو ألفا ًفقالوا أرخ ,ولعلهم قالوا ترخ ,بالتاء ,وهي الآن عند العراقيين ,ومنها إشتق المصدر تاريخ .
النسبة الى التاريخ : تاريخي , وعلى النسبة المذهبية :تاريخية ,وتقبل تاريخوية لإشباع المصطلح وتسويغ لفظه , ويقال تاريخانية للمذهب الذي يرى وجود قوانين ثابتة مطردة تحرك التاريخ مثل قوانين الطبيعة , وهو المذهب الذي يرجع ترسيسه"تأسيسه ر.كَ" إلى إبن خلدون ثم توسع فيه الأوربيون في القرن التاسع عشر , وتبنته الماركسية في فلسفتها للتأريخ
والتاريخانية فرقتان فرقة تقول بالجبرية والأخرى تقول بالحتمية , والجبرية هي التي ترادف بين قوانين التاريخ والقضاء والقدر فلا تبقي فسحة للإنسان يتحرك فيها بإرادته , والحتمية تقول بالقوانين المنظمة لحركة التاريخ , إنما القوانين التي تجري على يد الإنسان فيحركها وتحركه في تبادل ديالكتيكي يكون فيه ((الإنسان حاكم التاريخ والتاريخ حاكم على الإنسان , وهذا هو قول الماركسية الأم )) ومن هنا أعجب كيف يجيز البعض وهم بالواقع ليسوا البعض بل الأكثرية ؟ القفز على التأريخ. لمرات متتالية ظهر الشاعر(كريم العراقي) على الفضائيات المتنوعة الأهداف والمقاصد وقلبي يلهف نحوه قبل كلماته كرفيقٍٍ كادحٍ متطلعٍ قصدته صادقاً مُحباً إلى نادي التعارف وأماكن جميلة في بغداد السبعينات , وطربت كما غيري لما قاله عن (بهيجة **) وآلام العمال والفلاحين والأب والأم والفقراء والمعدمين والمرأة و(الحُلمْ),وافترقنا على إثر هجمة بربريةٍ قادها حجاجٌ عصري متفرعن,إنهزم ومَنْ معه مِنْ جلاوزةٍ وبلطجيةٍ وقتلة ،وأهدوا "سلموا"العراق وأهله وشطيه والجرف والمنحنى***لعتاة الإرهاب في العالم, من إسلاميين ودعاة حقوق البشر زيفاً.كيف للناس أن تصدق تبريرك: أن ليس من الشجاعة ان تشتم " رئيس"مجرم قاتل، و"دولة"منظمة عشائرية طائفية يغلب عليها السرية و"علم" لايمت بصلة إلى الوطن وأنت خارج (طوق الدكتاتوريةالبعثية)وأنت والكثير من العراقيين والعراقيات خارج قفص وسجن العراق الذي صُيرَ بإرادة وعنجهية ( المقبور صدام)! من كان المسبب الأرأس لكل مآسينا؟ألم يحز في نفسك ما آل أليه مصير الآلاف من الوطنيين والشيوعيين العراقيين؟ ألم تؤرقك عذاباتنا؟كيف للإنسان أن ينسى ممارسة البعثيين ومداحيهم ووعاظهم آنذاك؟!والأسئلة كثيرةٌ. والآن بعد أن ولى الدكتاتورإلى غير رجعة، هل ثمة مبرر للخوف؟ ولماذا القفز على سؤال مقدمة البرنامج(بروين حبيب) من فضائية دبي من أنك لم تعد شاعرالكلمة الملتزمة ولم تعد شاعر الشارع العراقي الذي لازال يبكي من آثار المقابر الجماعية وسم الثاليوم أوأنك لم تعد شاعر النخبة المثقفة بل إنسلخت بشكل لايقبل الشك عن واقع العراق بما عاناه من قسوة وتعذيب وقتل بالجملة في حلبجة والجنوب؟وأضحيتَ مع ( كاظم الساهر) "رومانسياً"ولم تعد تعبر عن معاناة الأغلبية.ولا ضير عندي في ذلك أن تكون رومانسياً فكلنا بحاجة لذلك. كم وددت أن لاتقفزعلى الحقائق,أقولها لأنني أحبك ,ورباطي بك أقوى من رباط(نانسي عجرم)بك كما أنني أحبها أيضاً !!.ويوم وطأت قدماك أرض السويد هاتفتك وكانت المناسبة ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي العراقي , قلت لك : (كرومي) الحمد لله على سلامتك ،كل عام وانت بخير أيها الحبيب , قلت لي :وانت كذلك. قٌلت لك: أتمنى عليك أيها الطيب أن تعالج التأريخ بالطريقة التي نفهمها نحن جياع الحرية , لا بالطريقة التي يفهمها المنتفعون.ولا أشك بذاكرتك، قلت لك هاتفياً: أظنك نسيتني ومعك العذر لكَمْ السنوات العجاف،ولكثرة الوجوه ولصعوبة الظروف فأنا: (رشيد كَرمة) كنا معاً في آخر لقاء لنا نهاية السبعينات في مقهى البتاويين في شارع السعدون مع كوكبة من شعراء ومسرحيين ومتأدبين ,بعضهم لازالوا أحياء، أجبتني :نعم كأنكم أمامي أعدكم واحدا ً واحدأ." نقلت هذا الحديث فوراً لرفيقي الأصيل (أبو صبا) فعلق خبثاً أنه شاعر! لك مني (كريم العراقي) قُبلة وتحية وتنبيهان,أولهما وربما نسيت من ذكر من تأثرت بهم في مقتبل العمر شاعراً ومكافحاُ عنيداً, وعلى سبيل المثال شاعر عراقيٌ شيوعيٌ أبيٍّ صرف إسمه (مظفر النواب) وثانيهما وهو الأهم أن لاشئ يُخْجِلْ الشيوعيين العراقيين فتأريخهم زاهر دون أدنى شك.
الهوامش :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* مقتبس من _محطات في التأريخ والتراث_ هادي العلوي
** قصيدة أكثر من رائعة لكريم العراقي ( فتاة الجسر ) وبهيجة أول شهيدة سقطت برصاص الشرطة العراقية إبان إنتفاضة الشعب ضد الإنتداب البريطاني وعملائهم.
*** سلام على هضبات العراق .... وشطيه والجرف والمنحنى _ من روائع شاعر العراق وصناجة العرب الجواهري
السويد رشيد كَرمـــــة 21 كانون الأول 2009
#رشيد_كرمة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
