أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نجيب الخنيزي - كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء.. ميثلوجيا الحزن والثورة















المزيد.....

كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء.. ميثلوجيا الحزن والثورة


نجيب الخنيزي

الحوار المتمدن-العدد: 2863 - 2009 / 12 / 20 - 15:19
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



ليس مقصدي، ولست معنياً هنا لتناول المنحى السيو- ثقافي لطقوس شعبية (فلكلور) وشعائر ارتبطت بعاشوراء، واستشهاد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب ، أو باعتبارها ظاهرة اجتماعية - دينية ارتبطت تاريخياً بطائفة كبيرة (الشيعة) من المسلمين، وما انغرس في وجدانهم وذاكرتهم، من مصفوفات وإشارات ورموز وسلوك، بغض النظر عن مدى اقترابها أو اغترابها وابتعادها عن مضمون ثورة الحسين واستشهاده. ما أود أن أركز عليه هو جزئية محددة تتعلق بدلالات ومغزى واقعة كربلاء (الطف) وإسقاطاتها التاريخية ضمن الواقع المتعين الآن، وما يستنبطن ذلك من تناقضات وصراعات، يحفزها الواقع السياسي والاجتماعي المتشظي، ودور العامل الدولي والإقليمي والداخلي في ذلك، ما أدى إلى الانقسام والاحتراب الذي وصل إلى ذروة القتل، والانتقام الدموي، وإطلاق الغرائز والمشاعر في أدنى درجاتها، كما هو حاصل في العراق، في ظل الاحتلال الأميركي، والذي تلحظ ونتابع تداعياته بمستويات مختلفة في عموم المنطقة، ومن بينها بلدان الخليج العربية، من خلال التوظيف السياسي والأيديولوجي خدمة لمصالح محلية وإقليمية ودولية لها أجندتها واستهدافاتها الخاصة، حتى لو أدى ذلك إلى تفتيت الشعوب وتقسيم المجتمعات والأوطان.
من خلال تحوير وتشويه المسألة والقضية المركزية، وهي القضية الوطنية وما يتصل بها من مفاهيم ومبادئ أساسية، مثل الحرية، والديمقراطية، والعدالة، والمساواة، والتقدم الاجتماعي، والحداثة، والعقلانية، والتنمية، والأمن، والتي تفتقدها الشعوب والمجتمعات العربية، على اختلاف مكوناتها الاجتماعية والمذهبية والسياسية والفكرية بنسب ومستويات مختلفة ومتباينة، فالعودة إلى التاريخ لاستثارة عداوات وتناقضات وحروب، هو من الخطورة التي ينبغي على كل القوى الحية والحريصة على وحدة أوطانها ومجتمعاتها التصدي لها، وتفكيك خطابها التدميري أو الاستئصالي، على غرار بعض التصريحات غير المسؤولة التي أطلقت ، وتطالب بتهجير المواطنين من طائفة ومذهب معين، متناسين أن وجودهم على أرضهم وفي بلادهم عريق وقديم وممتد إلى (ما قبل ظهور الإسلام) آلاف السنين . نشير هنا إلى الصراعات التي نشأت منذ وفاة الرسول (ص) سواء التي تمت في مرحلة الخلافة الراشدة وما تلاها، مع تميز العهد الراشدي القائم على الشورى، والاحتكام إلى أهل الحل والعقد، أو العصبية والغلبة بالمفهوم الخلدوني، هي صراعات سياسية في المقام الأول، ثم ارتدت لباساً أيديولوجياً ومذهبياً في مراحل لاحقة (القرن الرابع الهجري) والمعروف أن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام مثلما أشار إلى ذلك آية الله كاشف الغطا في كتابه " أصل الشيعة وأصولها " و>>أثناء خلافة أبوبكر وعمر امتعض الإمام علي وغض النظر عما رآه حقاً له لأسباب عدة وقد وجد أن ما بذله الخليفتان ( أبوبكر وعمر) من جهود في نشر الإسلام والتوسع في الفتح يمنعه من أن يستأثر أو يستبد من جهة، ومحافظة على وحدة الإسلام من أن تتفكك فتتفرق كلمة المسلمين>>، ومن هذا المنطلق رفض الإمام علي الخروج على الخليفتين أبوبكر وعمر ( رض )، وكذلك الخروج على الخليفة الثالث عثمان بن عفان ، على رغم انقسام المجتمع العربي/ الإسلامي إبان خلافة عثمان، وخروج جزء منه عليه، وإعلانه الثورة والتمرد على ما اعتبر محاباة وأثره من الخليفة عثمان بن عفان، خص بها بعض ذويه وأقاربه من الأمويين الذين اعتبروا في نظرهم فاسدين، وبالتالي أدى إلى تفجر أول فتنة في تاريخ الإسلام والتي بلغت ذروتها في مقتل عثمان بن عفان، على رغم أن علياً وأولاده كما تذكر كتب السيرة والتاريخ دافعوا ونافحوا عنه حتى اللحظة الأخيرة، كما يذكر التاريخ ملازمة علي بن أبي طالب لعمر بن الخطاب الذي كان يطلب منه الرأي والمشورة والحكم في القضايا المستعصية وفي ذلك يقول عمر في ما معناه لا جعلني الله أمام معضلة وليس أبو الحسن (يقصد علياً) موجوداً للحكم فيها>>، ومن جهته زوّج علي أحد بناته وقيل ابنتان للخليفة عمر. إذا لم يكن الخلاف والتباين، وحتى الشعور بالمرارة، مسموحاً له أن يصل إلى الاختلاف والتباعد والعداوة والاحتراب. فعلي بن أبي طالب المعروف بالشجاعة والبسالة والإقدام، كما أنه زوج بنت رسول الله وأقرب المقربين إليه، ولو وجد ما يستوجب شرعا منع الطاعة، ورفض البيعة لما سكت أو توانى وتردد، ولكان واجه الموقف بشجاعته المعروفة عنه، لكنه كان حكيماً ومتزناً، وعرف عنه الإيمان والتواضع والزهد في الدنيا، وقد نسب للرسول الأعظم قوله إن الحق يميل ما مال علي، وإن الحق مع علي وعلي مع الحق>>، غير أن مقتل عثمان وخشية البيت الأموي وفي مقدمتهم معاوية من ضياع وفقد امتيازاتهم (السلطة والثروة والقوة ) دفعته إلى الخروج على الإمام علي ورفض مبايعته، ثم خروج بعض الصحابة تحت عنوان المطالبة بدم عثمان وتسليم قتلته، وهو ما اعتبره علي ذريعة، وحجة، وتعجيز له، خصوصاً أن المتمردين والقتلة كانوا بالمئات وينتمون إلى قبائل ومناطق ممتدة تشمل مصر والعراق واليمن، وهكذا اندلعت ما سميت <>الفتنة الكبرى>> التي ذهب ضحيتها بعض من كبار رجال الصحابة وآلاف المسلمين من الجانبين، وعلى إثر مقتل واستشهاد الإمام علي على يد خارجي (ابن ملجم)، استفرد معاوية بن أبي سفيان بالخلافة، عن طريق القوة والسلطان والمال، وقد جاء في وصية معاوية لابنه يزيد قوله " وطأت لك الأمور وذللت لك الأعداء وأخضعت لك رقاب العرب وجمعت لك الأمور، وجمعت لك ما لم يجمعه أحد " ، وبذلك تجاوز معاوية ثم ابنه يزيد مفهوم الحكم في الإسلام، الذي سار عليه الخلفاء الراشدون (أبو بكر وعمر وعثمان وعلي) القائم على الشورى، مهما كانت ضيقة ومحدودة، وأقام حكماً استبدادياً وراثياً، وهو ما استوجب إنكار ورفض كثير من الصحابة، لكنهم اضطروا للبيعة خوفاً أو كرهاً للفتنة، خصوصاً حين لم يتردد يزيد (بعد استشهاد الحسين) من استباحة المدينة وضرب الكعبة (التي كان قد تحصن فيها عبدالله بن الزبير) بالمنجنيق. مأثرة الحسين أنه أقرن الفعل بالقول ورفض بيعة يزيد، وبلغت ملحمة البطولة ذروتها في استشهاده ومن معه (72 شخصاً) في معركة غير متكافئة مع جيش الأمويين الذي ضم آلاف الجنود بقيادة عمر بن سعد، ثم ما جرى من نحر رأس الحسين وسبي بنات رسول الله. لسان حال الحسين هو قول الرسول محمد بن عبدالله (ص) <>أفضل الجهاد عند الله كلمة صدق في وجه سلطان جائر>>. لقد انتصر يزيد بالقتل (السيف) ولكن الحسين انتصر بالشهادة (الدم)، وعكست تراجيدياً كربلاء الصراع الأزلي، بين الخير والشر، الظلم والعدل، الاستبداد والحرية، من هنا نفهم أن مقولة <>كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء>>، تتجسد في كل أرض وزمان.
لقد أجج وحفز استشهاد الحسين الذات (الأنا والنحن) المقهورة والمقموعة والمستباحة، لقطاعات واسعة من المسلمين (الشيعة) للاعتزاز بذاتها، وجعلها تنكب لتتدثر بعاشوراء، وتعبر عنها بالشعائر والاحتفالات والطقوس الشعبية (الفلكلور)، من مأتم ومواكب عزاء وتشبيه (إعادة تمثيل واقعة كربلاء مسرحياً) غير أنه يصل أحياناً إلى ممارسات (مازوشية) تستلذ جلد الذات، وتعذيبها، للتكفير عن الضمير والذنب المقترف تاريخياً بحق الحسين أو التخاذل عن نصرته، والذي يصل إلى درجات غير مقبولة أو غير مستساغة دينياً وإنسانياً وحضارياً، مثل التطبير (ضرب الرؤوس بالسيوف والخناجر)، والزنجيل (ضرب الظهور بالسلاسل الحديدية) واللطم (الضرب القوي على الصدور) أو النواح (الاستغراق المبالغ فيه للبكاء والصياح). من الواضح إن تعرض أي مكون ( ديني ، مذهبي ، إثني ) من مكونات المجتمع إلى القمع والحصار يدفعها إلى التكور على ذاتها وتضخيم خصوصياتها ، وهو ما ينطبق على الشيعة ، ناهيك عن تلك الممارسات الدخيلة والمتأثرة بثقافات وطقوس مسيحية وبوذية وتركية وإيرانية قديمة ألتي إبتدعت في عهد ا الحكام الصفوين في إيران ، الذين تشيعوا لأسباب ودوافع ومصالح سياسية في المقام الأول ، وهو ما يتضح من ممارسات ممجوجة وغير عقلانية سواء أثناء مواكب العزاء الحسيني، أو في الاصطفاف والاحتقان الطائفي من الفرقاء كافة في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين، الذي منع وحظر تلك الممارسات وأجّج بسياساته وممارساته الديكتاتورية والاستبدادية العصبيات الطائفية والمذهبية، الذي طال الجميع ولم يستثن أحداً.
ينبغي استقراء التاريخ الإسلامي وتفكيك حوادثه، وقراءته من جديد، وكيف أن للحضارة العربية/ الإسلامية التي سادت وجهين وسمتين ، هناك الفتوحات وتشكل الأمبراطورية الإسلامية ، و ما رافقها من التقدم الحضاري والعلمي والاجتماعي من جهة، والاستبداد والعنف والفساد الذي ساد في فترات وعهود طويلة من جهة أخرى، وبالتالي اكتسب الصراع السياسي والرفض والتمرد والثورة بعداً أيديولوجياً ومذهبياً وفكرياً وفلسفياً في مراحل (بدءاً من القرن الرابع الهجري) معينة ساهمت في ظهور المذاهب المعروفة (والمستمرة) حتى الآن ومن بينهم السنة والشيعة، وكل ذلك كان أمراً مقبولاً ومعترفاً به عدا بعض المراحل والحقب التي تفجر فيها الصراع المذهبي . غير أن المسألة الأساسية اليوم تتمثل في خطر تنامي الاحتقان والهيجان الطائفي، والطائفي المضاد، سواء في العراق أو امتداداته في المنطقة على حد سواء.
من هنا تنبع الحاجة الملحة إلى التأكيد على تقديم وأولوية الهوية الوطنية، والابتعاد عن كل الممارسات (بالقول والعمل) الطائفية المقيتة، من الأطراف كافة، والتي من شأنها تفتيت وتقسيم المجتمعات العربية، وفقاً للهويات الدينية والطائفية والقبلية والإثنية الفرعية، وتعطي الفرصة لقوى التطرف والعنف والإرهاب، أن تتصدر، وتسهل تنفيذ أجندتها السياسية/ الأيديولوجية، كما تقدم المسوغات للتدخلات الإقليمية والدولية في المنطقة.



#نجيب_الخنيزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كارثة سيول جدة.. هل تكون محركا لاجتثاث الفساد ؟
- تقرير منظمة الشفافية العالمية عن الفساد
- مبادئ حقوق الإنسان.. بين النظرية والتطبيق
- التجديد الديني والإصلاح الوطني.. ضرورة الراهن ( 13 )
- التجديد والإصلاح الديني.. ضرورة الراهن ( 12 )
- دور الأنظمة العربية والغرب في إعادة بعث -الأصولوية الإسلاموي ...
- التكفير والعنف منهجان متلازمان ( 10 )
- - الأصولوية الإسلاموية -.. بين التقية والعنف ( 9 )
- نشوء -الأصولوية الإسلاموية- ( 8 )
- من الأصولية إلى الأصولوية الإسلاموية ( 7 )
- نشأة الأصولية الإسلامية المعاصرة.. العوامل والمقدمات ( 6 )
- لماذا انتكس مشروع التنوير؟ ( 5 )
- الرافد الثاني في مشروع النهضة ( 4 )
- الفكر الديني الشيعي والمشروع النهضوي ( 3 )
- فكر النهضة يقتحم الدوائر المحرمة ( 2 )
- الدين والفكر الديني.. الثابت والمتغير ( 1 )
- معوقات الإصلاح والتغيير في العالم العربي
- الخطاب الطائفي عامل تفتيت للمجتمعات العربية
- الانتخابات المقبلة ومتطلبات إعادة بناء الدولة العراقية
- أحمد الشملان.. مثال المثقف العضوي


المزيد.....




- فن الغرافيتي -يكتسح- مجمّعا مهجورا وسط لوس أنجلوس بأمريكا..ك ...
- إماراتي يوثق -وردة الموت- في سماء أبوظبي بمشهد مثير للإعجاب ...
- بعد التشويش بأنظمة تحديد المواقع.. رئيس -هيئة الاتصالات- الأ ...
- قبل ساعات من هجوم إسرائيل.. ماذا قال وزير خارجية إيران لـCNN ...
- قائد الجيش الإيراني يوضح حقيقة سبب الانفجارات في سماء أصفهان ...
- فيديو: في خان يونس... فلسطينيون ينبشون القبور المؤقتة أملًا ...
- ضريبة الإعجاب! السجن لمعجبة أمطرت هاري ستايلز بـ8 آلاف رسالة ...
- لافروف في مقابلة مع وسائل إعلام روسية يتحدث عن أولويات السيا ...
- بدعوى وجود حشرة في الطعام.. وافدان بالإمارات يطلبان 100 ألف ...
- إصابة جنديين إسرائيليين بجروح باشتباك مع فلسطينيين في مخيم ن ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نجيب الخنيزي - كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء.. ميثلوجيا الحزن والثورة